Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توفير وظائف مضمونة لجميع المتقدمين ضمن تجربة فريدة

أحد الأشخاص كان قد تقدم بـ 600 طلب عمل على مدى ثلاث سنوات ولم يوفق في أي منها والآن لديه وظيفة

تشمل الوظائف الممنوحة للمشاركين في البرنامج العمل في النجارة والترميم والبستنة ورعاية المسنين وإدارة المكاتب (غيتي)

أدت التجربة الأولى من نوعها في العالم والتي تقوم بتوفير وظائف مضمونة لسكان بلدة نمساوية إلى "القضاء" على البطالة طويلة الأمد هناك.

والتجربة كانت عبارة عن برنامج تجريبي وضعه خبراء اقتصاديون بجامعة أكسفورد وجرى إطلاقه في بلدية مارينتال بالنمسا عام 2020، إذ قدم لسكان البلدة وظائف من دون شروط وبأجر جيد على مدى أكثر من 12 شهراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتظهر النتائج الجديدة التي اطلعت عليها "اندبندنت" أن سياسة توفير وظائف مضمونة جعلت الجميع أكثر سعادة وأكثر أماناً من الناحية المالية وأكثر تفاعلاً ضمن مجتمعهم، إضافة إلى القضاء على البطالة في هذه البلدة التي طالما عانت في الماضي من ذلك.

وذكر سفين هيرغوفيتش، رئيس دائرة التوظيف العامة النمساوية في الولاية التي تولت إدارة برنامج التوظيف، "كنت أعلق آمالاً كبيرة عندما أطلقنا البرنامج، ولكن هذه النتائج الإيجابية فاقت توقعاتي".

وكان واضعو السياسات في جميع أنحاء العالم يترقبون نتائج الدراسة عن كثب وسط اهتمام دولي متزايد بنهج الوظيفة المضمونة.

وتضم قائمة مؤيدي البرنامج المرشح الرئاسي الأميركي الأسبق بيرني ساندرز، بينما اقترح مؤتمر النقابات العمالية في المملكة المتحدة أنه يمكن لمثل هذه البرامج تسهيل مهمة التعافي الاقتصادي بعد جائحة "كوفيد-19".

اختيار مارينتال كموقع للدراسة جاء لكون استخدام البلدة كموقع لدراسة بحثية اجتماعية رائدة خلال ثلاثينيات القرن الماضي حول دور البطالة الجماعية في إحداث التفكك الاجتماعي وإلحاق الضرر بالحياة المدنية

وفي إطار التجربة التي أجريت في بلدة مارينتال، جرى دعوة الأشخاص هناك ممن ظلوا عاطلين من العمل لمدة عام أو أكثر للمشاركة، وحصلوا على دورة مدة شهرين تتضمن التدريب الفردي (one-to-one)، إضافة إلى الحصول على خدمات المشورة والدعم الطبي.

وضمت الوظائف التي قدمها البرنامج النجارة والترميم والبستنة ورعاية المسنين والإدارة المكتبية.

وكانت بعض الوظائف المقدمة لأكثر من 150 عاطلاً من العمل في البلدة عبارة عن وظائف متاحة ويجب شغلها، ولكن جرى أيضاً توفير وظائف أخرى.

وقد صممت هذه الوظائف، حيثما أمكن، لدعم الخدمات العامة بما في ذلك المدارس المحلية ورياض الأطفال، وكانت المشاركة طوعية ولم تكن هناك عقوبات على عدم المشاركة.

فيرنر في البالغ من العمر 60 عاماً وأحد المشاركين في البرنامج ذكر "تقدمت بأكثر من 600 طلب عمل على مدى ثلاث سنوات وأصبحت أشعر باليأس من إيجاد وظيفة، وقد واجهت عقبات كثيرة وكانت أسباب الرفض تتراوح بين كبير في السن ومكلف للغاية، فالوظيفة لا تناسب مؤهلاتي العالية وما من أفق طويل الأمد في العمل بسبب عمري، ولأني أكاديمي حاصل على درجات متعددة فيبدو أن ذلك جعل وظائف الخدمة غير مناسبة ولا تليق بمؤهلاتي العالية".

وأضاف، "أثبت برنامج الوظيفة المضمونة أنه قيم للغاية ومفيد بالنسبة إليّ، وبالتعاون مع البلدية والمتحف المحلي فإن وظيفتي الجديدة تقوم على أرشفة وتوثيق القيمة الثقافية والعلمية والاقتصادية للموقع التاريخي لمارينتال".

وكان اختيار مارينتال كموقع للدراسة فيه كثير من الإشارات، إذ كانت البلدة خلال ثلاثينيات القرن الماضي موقعاً لدراسة بحثية اجتماعية رائدة حول تسبب البطالة الجماعية الناجمة عن إغلاق مصنع النسيج المحلي في التفكك الاجتماعي وإلحاق الضرر بالحياة المدنية.

وأثبت الباحثون في ذلك الوقت أن تأثير فقدان الوظيفة تجاوز كثيراً المصاعب المالية، وبأن آثاره قد تكون لها تداعيات نفسية عميقة على الشخص المعني، ويترك عواقب أوسع نطاقاً في محيط مجتمعه.

المنطقة المحيطة بمارينتال عانت منذ فترة طويلة البطالة الهيكلية طويلة الأجل والتي تفاقمت منذ الثمانينيات.

وفي أغسطس (آب) 2020 بلغت نسبة الباحثين عن وظيفة لأكثر من عام في ولاية النمسا السفلى حيث تقع البلدة، واحداً من أصل كل خمسة عاطلين من العمل.

التجربة قامت بتوفير المال أيضاً، إذ إن كل عام من البطالة في النمسا يكلف حوالى 30 ألف يورو (26 ألف جنيه استرليني) لكل فرد بينما يكلف المشروع 29841 يورو لكل مشارك سنوياً.

وقامت دائرة التوظيف العامة في ولاية النمسا السفلى بتمويل المشروع بمبلغ 7.4 مليون يورو، إذ من المتوقع أن تولد أنشطة التوظيف دخلاً بقيمة 383000 يورو، ومنذ انطلاق البرنامج شارك فيه أكثر من 100 شخص.

ماكسيميليان كاسي، البروفيسور في جامعة أكسفورد ومؤلف الدراسة ذكر أنه "من المذهل أن نرى الفرق الذي أحدثه البرنامج. صحيح تحسنت أحوال الأفراد مادياً لكن التأثيرات الإيجابية تجاوزت المنفعة الاقتصادية، إذ شعر المشاركون بسعادة أكبر وانتماء أكبر للمجتمع، وبقدرة أعلى على التحكم بحياتهم من جديد".

وأضاف لوكاس لينر، أحد مؤلفي الدراسة والخبير الاقتصادي في معهد "الفكر الاقتصادي الجديد" New Economic Thinking في مدرسة أكسفورد مارتن، "البطالة طويلة الأجل تؤذي حياة المجتمعات وتضر بأفرادها، ومع ذلك يبدو أن برنامج الوظيفة المضمونة المطبق في بلدة مارينتال أظهر القدرة على القضاء فعلياً على هذا الضرر من خلال سياسة اجتماعية مبتكرة وميسورة الكلفة، إذ يريد الناس وظيفة ذات مغزى بأجر عادل، ومساعدتهم في الحصول عليها يعود بفائدة علينا جميعاً".

وفي المملكة المتحدة ذكر مسؤولون في البرنامج الجديد للوظائف الذي وضعه المؤتمر الوطني لنقابات العمال وتم إصداره في مايو (أيار) 2020، أن الحكومة "يجب أن توفر التمويل لتقديم وظائف مضمونة" من شأنها "توفير وظيفة لمدة ستة أشهر على الأقل مع تدريب معتمد، ودفع أجر المعيشة الحقيقي على الأقل أو الأجر الذي تفاوضت حوله النقابة".

وقال المسؤولون إن البرنامج يجب أن يمنح الأولوية لكل موظف يبلغ من العمر 25 عاماً أو أقل، ويكون عاطلاً من العمل لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر.

© The Independent