كل عام، أدعو وأكرر، كما الأسطوانة المشروخة، إلى ضرورة وضع حد لعدم المساواة بين الجنسين بموجب القانون. وبصفتي محامية مرافعة، أرى عن كثب كيف تترجم الأعراف الذكورية في القانون، والمشكلات التي تواجهها المرأة في تحقيق العدالة.
هذا العام، أحيي حملة "16 يوماً من النشاط" 16 Days of Activism [حملة عالمية مناهضة للعنف ضد الإناث] من خلال إطلاق منظمة راديكالية [ثورية أو جذرية التغيير] جديدة، اسمها "الحق في المساواة" Right to Equality، ستناضل من أجل تغيير القانون لصالح جميع النساء والفتيات. وبالشراكة مع مؤسسة "مشروع القانون العادل" [غود لو بروجكت] Good Law Project، نعتقد أن القانون يمكن أن يخلق مجتمعاً أفضل وأكثر عدلاً ومساواة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الواقع، يملك القانون تأثيراً رمزياً قوياً في تغيير السلوكيات والمواقف تجاه العنف الجنساني. ولكن أولاً، نحن بحاجة إلى العمل واتخاذ إجراءات ملموسة. نحن بحاجة إلى دعوة للاستنفار والقتال. نحن بحاجة إلى أفعال لا أقوال.
لقد سارت التغييرات على القانون بوتيرة بطيئة للغاية، وقد سئمت من ذلك. لم يتم تعريف الاغتصاب قانونياً للمرة الأولى إلا في عام 1956، ولم يكن الاغتصاب الزوجي جريمة قبل عام 1992، وحتى عام 1982، كان يحق للرجل قانونياً أن يرفض خدمة النساء في الحانات البريطانية. وقد مضى القانون قدماً، وكذلك المجتمع.
لكن في عام 2022، لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي ونسمح بتجريم النساء في بريطانيا بسبب الإجهاض، أو إلغاء تجريم الاغتصاب وهو أبشع الجرائم ضد النساء.
دخلت في مجال القانون لمحاربة التمييز ضد المرأة، لكن سرعان ما أصبت بخيبة أمل من النظام القانوني عندما رأيت المعاملة القاسية والقمعية للضحايا وهم في أمس الحاجة إلى القانون لحمايتهم
وفي ذلك الإطار، بصفتها مستشارة في منظمة "الحق في المساواة"، ترى الأستاذة كاثرين ماكينون المناصرة المتشددة للنسوية، أن السلطة في البرلمان والنظام القانوني تتركز في أيدي الرجال البيض ذوي الامتيازات، الذين تنعكس تجاربهم على القانون الموجود، مما يؤدي إلى معاناة النساء والفتيات بشكل خفي في تشريعاتنا القانونية ونظمنا الأساسية. هناك ثلاثة رجال بيض يدعون ديفيد يجلسون في المحكمة العليا، في مقابل امرأة واحدة لا غير، ولم ينل أي شخص من ذوي البشرة الملونة أي منصب هناك.
يقول لي الناس (محامون في أغلب الأحيان): "لا يمكنك أن تكوني محامية وناشطة مناضلة في الوقت نفسه". لم لا؟ والأهم من ذلك، وفقاً لمن؟ دخلت في مجال القانون لمحاربة التمييز ضد المرأة، لكن سرعان ما أصبت بخيبة أمل من النظام القانوني عندما رأيت المعاملة القاسية والقمعية للضحايا وهم في أمس الحاجة إلى القانون لحمايتهم.
وعلى مدى السنوات العشر الماضية، عملت جنباً إلى جنب مع جمعيات خيرية ومحامين لإحداث تغيير قانوني بنجاح. لقد جرمنا الزواج القسري، وقمنا بسن قوانين للحماية من تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية Female genital mutilation ، وجرمنا كذلك اختبار العذرية، وترميم غشاء البكارة، وزواج الأطفال، ورفعنا سن الزواج من 16 إلى 18 سنة في إنجلترا وويلز. في الواقع، هذه تغييرات هائلة وفرت الحماية للنساء والفتيات بموجب القانون.
لكنني لم أقم بتحقيق هذا التغيير القانوني من خلال البرلمان وحسب. فعلى غرار مؤسسة "مشروع القانون العادل" Good Law Project بقضاياها البارزة ضد قرارات الحكومة، نجحت في تحدي الظلم نيابة عن الضحايا من خلال المحاكم. لقد مثلت النائب كيت غريفيث في قضية تاريخية سمحت لها بالتحدث علناً عن تعرضها للاغتصاب والاعتداء من قبل زوجها السابق. لقد فازت كيت حينها بقضية مهمة إذ قامت بتقديم قرينة قوية ضد اضطرار ضحية الاغتصاب إلى المساهمة في التكاليف المالية المترتبة على تواصل المغتصب مع طفله.
واحدة من كل أربع شابات تكافح لشراء منتجات الدورة الشهرية في المملكة المتحدة. حان الوقت لاتباع خطى اسكتلندا وإتاحة تلك المنتجات مجاناً
واستطراداً، ربحت ست دعاوى استئناف، بعد أن خذلت محاكم الأسرة الجهات المدعية في قضايا العنف المنزلي من خلال جعلهن يدلين بشهاداتهن من دون اتخاذ تدابير خاصة، مثل إخفاء هوية المتحدث. في إحدى الحالات، خضعت الضحية في المحكمة إلى إعادة استجواب من قبل المعتدي عليها، وفي رأيي، يعتبر ذلك إساءة معاملة في مرحلة ما بعد الانفصال تجري داخل المحكمة. واستكمالاً، تشرفت بتمثيل امرأة شجاعة في إحدى القضايا الأولى التي عرفت "التلاعب بالعقول" “gaslighting” على أنه عنف أسري.
جنباً إلى جنب مع النائب جيس فيليبس، ومفوضة الضحايا في لندن كلير واكسمان الحائزة رتبة الإمبراطورية البريطانية OBE، حاولنا تغيير القوانين لمنع الكشف عن أماكن اللجوء السرية [الملاجئ التي تسكن فيها ضحايا العنف الأسري أو الاغتصاب...]. وفي حين أننا لم ننجح في ذلك في البرلمان، أنا أمثل ملاجئ النساء في رفع قضية رائدة أمام المحكمة العليا [بعد أن أفصحت المحاكم عن أماكن الضحايا في عدة حالات على رغم سرية هذه المعلومات].
إذن، ما الذي ستفعله منظمة "الحق في المساواة"؟ نحن نعمل على تغيير القانون في خمسة مجالات رئيسة. سوف نضغط على الحكومة، ونجمع البحوث وأهم الإحصاءات، ونشارك قصص الناجيات، وسندعم التقاضي الاستراتيجي في محاكمنا Strategic Litigation. إضافة إلى ذلك، نستضيف أيضاً بودكاست، مع مجموعة من المتحدثين الضيوف والخبراء في السياسات النسوية العصرية.
1. عدم تجريم الإجهاض. لا يمكن أن تكون هناك "معاملة متساوية" بموجب القانون عندما تجرم القوانين النساء المهمشات. في الواقع، يمكن أن يحكم على النساء والفتيات اللاتي يحاولن إجراء عمليات الإجهاض بأنفسهن في بريطانيا بالسجن مدى الحياة بموجب تشريع يعود إلى عام 1861، خلال العصر الفيكتوري [نسبة إلى الملكة فيكتوريا التي حكمت بين عامي 1837 و1901].
عندما تم سن هذا القانون، لم يكن للمرأة الحق في التصويت ولم يكن المصباح الكهربائي قد اخترع بعد، ولكن في عام 2022، لا يزال يتعين علينا، أنا وأنت، الالتزام بهذا القانون الذكوري الذي عفا عليه الزمن. حاضراً، هناك أم تبلغ من العمر 25 سنة تحاكم في أكسفورد لارتكاب هذه الجريمة بالذات. وتجدر الإشارة إلى أن الإجهاض بناء على الطلب لا تنزع الصفة الجرمية عنه إلا جزئياً، ويخضع لشروط صارمة مثل الحاجة إلى إنهاء الحمل بسبب خطر إلحاق ضرر دائم بصحة المرأة النفسية.
إذاً، لا يمكن للمرأة أن تختار الإجهاض بحرية: يجب عليها أولاً أن تدعي بأن حالتها مرضية. إذاً، تتمثل مهمة "الحق في المساواة" في إلغاء تجريم الإجهاض حتى يتمكن الجميع من الوصول إلى الرعاية الصحية الإنجابية، التي سيتم تنظيمها مثل أي إجراء طبي آخر.
2. تجريم التحرش الجنسي في مكان عام. هل لاحظتم كيف أن العنف الجنساني في المجتمع لا يتجسد في قوانيننا؟ تعرضت 68 في المئة من النساء البالغات للتحرش الجنسي في مرحلة ما منذ سن الـ15، وعلى رغم ذلك فإن التحرش الجنسي في الأماكن العامة ليس جريمة محددة، والفتيات اللاتي يبلغن الشرطة عن ذلك، غالباً ما يطلب منهن الانصراف [الشرطة لا تعطي أهمية لشكواهن]. وتسمح قوانيننا بتحرش الرجال بالنساء والفتيات جنسياً من دون عقاب. لذا، بالشراكة مع منظمة "بلان يو كي" Plan UK وحركة "شوارعنا الآن" Our Streets Now، نظمنا حملة لتجريم التحرش الجنسي العام ولن نتوقف إلى أن يتم اعتباره جريمة.
3. إنهاء فقر الدورة الشهرية. واحدة من كل أربع شابات تكافح لشراء منتجات الدورة الشهرية في المملكة المتحدة. حان الوقت لاتباع خطى اسكتلندا وإتاحة تلك المنتجات مجاناً. لو كان الرجال ينزفون كل شهر، لكانت تلك المنتجات متوافرة بالتأكيد في كل مكان وفي أي مكان. لماذا علينا أن ندفع في مقابل النزف بكرامة؟ انضموا إلينا وإلى مؤسسة "بلادي غود بيريود" [دورة شهرية صحية] Bloody Good Period من أجل تغيير القانون بشكل نهائي.
4. إعادة تعريف الاغتصاب. تتعرض أكثر من 600 ألف امرأة للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي كل عام، فيما يدان أقل من 2000 مغتصب فقط بارتكاب هذه الجريمة. من خلال العمل مع "حزب المساواة النسائي" Women’s Equality Party، نقوم بالبحث عن تعريفات أخرى للقبول [أي الرضا بممارسة الجنس] والاغتصاب في القانون. أدخلت السويد مفهوم "القبول الواضح" على ممارسة الجنس [أو ما يعرف بالموافقة الإيجابية والمؤكدة]، مما أدى إلى زيادة بنسبة 75 في المئة في الإدانات بالاغتصاب. يعني "القبول الواضح" أنه ينبغي أن تكون هناك موافقة صريحة ومستنيرة وطوعية للمشاركة في ممارسة الجنس.
5. محاكم الأسرة. في محكمة الأسرة، ندعم بقوة فكرة عدم السماح بأي تواصل بين الأهل المسيئين والطفل، إذ نعتقد أن التواصل مع الأهل المسيئين يمكن أن يسبب ضرراً جسيماً للبالغين والأطفال الناجين من الاغتصاب.
لقد سلطت الضوء على عدد قليل من الحملات القانونية، ولكن بصراحة، سنحتاج إلى شرعة حقوق المرأة Women’s Bill of Rights لإحداث إصلاح جذري لحقوقنا الاجتماعية والسياسية والقانونية. في ما يلي بعض المشكلات التي تجعل دمي يغلي: يمنع نادي غاريك Garrick Club (وهو من نوادي الرجال) عضوية النساء فيه، وتدفع المشتكيات من الاغتصاب تسويات الطلاق المالي لمغتصبيهن (دفعت كيت غريفيث عضوة البرلمان لزوجها السابق 11 ألف جنيه استرليني لتتحرر منه)، في المقابل يمكن للزوج المسيء الذي يقود زوجته إلى الانتحار أن يرث ممتلكاتها.
وتأمر المحاكم الأمهات اللاتي يخطفن أطفالهن ويأخذنهم إلى الخارج للابتعاد عن شركائهن المسيئين بالعودة لبلدانهن الأصلية، في كثير من الأحيان خوفاً على حياتهن، ويمكن لمحاكم الأسرة أن ترفض السماح للطفل الذي يكشف عن تعرضه لاعتداء جنسي بالحصول على العلاج إلى أن تتضح الحقائق، كما يمكن لمحاكم الأسرة أن تأمر بالكشف عن سجلات الضحية الطبية لمن ارتكب الجريمة في حقها، كذلك، لا يوجد تعريف للاغتصاب أو القبول في قانون الأسرة، والاستغلال الجنسي في مقابل "دفع الإيجار" ليس جريمة محددة، وبغض النساء لا يعتبر جريمة كراهية، علاوة على ذلك، يبقى بإمكان المغتصب أن يتحمل مسؤوليته كوالد للطفل الذي حملت الأم به جراء اغتصاب، وبطريقة موازية لا يزال زواج الأطفال في سن الـ16 قانونياً في اسكتلندا، والقائمة طويلة جداً.
أنا أدرك التوتر المصاحب لتغيير القانون ومنح مزيد من السلطة على حياة النساء والفتيات للشرطة، وهي مؤسسة يمكن أن تكون عنصرية وكارهة للنساء. لذا، تعتبر الحركات النسائية المناهضة للسجن [التي تحارب حبس النساء المعرضات للعنف الجنسي والمنزلي] محقة في توخي الحذر. ولكن من دون حدوث ثورة، ليس لدينا خيار سوى إصلاح نظامنا المعطل وتدريب المتخصصين لدينا. انضموا إلينا في تحدي القانون وتغييره لصالح جميع النساء والفتيات.
الدكتورة شارلوت براودمان محامية مرافعة حائزة على جوائز عدة
© The Independent