Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تعول على السوق الليبية من أجل استعادة توازنها الاقتصادي

زيادة بنسبة 67 في المئة في المبادلات التجارية بين البلدين منذ بداية 2022

تراجعت الصادرات التونسية إلى ليبيا خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب إغلاق المعابر الحدودية (أ ف ب)

"الاجتماعات أزاحت السحب التي يمكن أن تكون موجودة"، هكذا وصف رئيس "حكومة الوحدة الوطنية" الليبية عبدالحميد الدبيبة اجتماعات وفد حكومته مع رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، إذ تمت صياغة جملة اتفاقات لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، في وقت تعول تونس على السوق الليبية من أجل استعادة توازنها الاقتصادي.

ووصل الدبيبة، الأربعاء 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلى تونس على رأس وفد يضم محافظ البنك المركزي الليبي الصديق الكبير ووزراء المالية والاقتصاد والتجارة والعمل والتأهيل والداخلية والمواصلات والعدل والإسكان والتعمير للقاء الرئيس التونسي قيس سعيد وبودن.

وأعلن الدبيبة رغبته في تطوير نسق التعاون بين البلدين لتبديد الصعوبات الإدارية التي تحول دون تنقل رؤوس الأموال وتحفيز الاستثمار وتسريع المعاملات التجارية والتنسيق لتعزيز عبور السلع التونسية إلى عمق بلدان أفريقيا جنوب الصحراء عن طريق ليبيا وحل الإشكاليات التي حالت دون ذلك في الأعوام الأخيرة ومنها تعثر تدفق السلع بسبب الخلفيات الأمنية.

وتناول الجانبان عدداً من المشاريع المؤجلة ومن أهمها منطقة التبادل التجاري الحر وزيادة نقاط العبور الحدودية، كما أعرب الدبيبة عن رغبة بلاده في الاستفادة من الخبرات التونسية في مجال المقاولات لتطوير بنيتها التحتية، في إشارة إلى ملف إعادة الإعمار.

يذكر أن الاضطرابات الأمنية التي شهدتها ليبيا في العقد الأخير أثرت سلباً في حجم التبادل التجاري بين البلدين الجارين، إلا أن تونس تعول على السوق الليبية من أجل استعادة توازناتها الاقتصادية.

وشهدت المبادلات التجارية بين البلدين زيادة بنسبة 67 في المئة خلال 11 شهراً من العام الحالي، مقارنة بزيادة 7 في المئة فقط ما بين عامي 2010 و2021، أي أن التحسن في العلاقات الاقتصادية بين البلدين في 11 شهراً بلغ أضعاف التحسن في 11 سنة.

وبلغ التبادل التجاري بين البلدين 2.5 مليار دينار (781 مليون دولار) منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول)، مقابل 1.5 مليار دينار (468 مليون دولار) في الفترة ذاتها من عام 2021 و1.4 مليار دولار (437 مليون دولار) عام 2010، وفق تصريح مدير مقاربة الأسواق في مركز النهوض بالصادرات عماد حفيظ إلى "اندبندنت عربية"، وبهذا تمثل ليبيا الشريك التجاري الثاني لتونس بعد الاتحاد الأوروبي. 

الديون الليبية وإعادة الإعمار

وتصدرت الملفات الاقتصادية محادثات الدبيبة وسعيد التي أتت بعد أسبوعين من زيارة وفد وزاري تونسي إلى طرابلس، ضم وزراء الطاقة والمناجم والتجارة والنقل ورئيسة المؤسسة التونسية لتكرير النفط.

ودعا الدبيبة شركات المقاولات التونسية إلى الاتجاه للسوق الليبية، مشيراً إلى أن 56 شركة تونسية تنشط في مجال المقاولات في ليبيا وأنه يرغب في "تطوير التعاون في هذا المجال والعمل على تعزيز إسهام تونس في عملية إعادة الإعمار في ليبيا، مما يتيح لها الفرصة للمساعدة في بناء الطرق والجسور والمدارس والبنية التحتية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكشف الدبيبة عن الاتفاق على سداد كل الديون التونسية المستحقة على ليبيا وهي ديون لمصلحة المؤسسات الصحية والنقل الجوي والكهرباء وغيرها من المؤسسات التونسية، كما أعلن الاتفاق على توحيد الإجراءات الجمركية واستكمال المنطقة الاقتصادية المشتركة في رأس جدير (البوابة الحدودية البرية) وإلغاء كل القيود على حركة السلع بين البلدين، مضيفاً أنه سيتم قريباً عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في طرابلس.

وأعلن وزير الاقتصاد والتجارة الليبي محمد الحويج أنه تم الاتفاق على تسهيل إجراءات عبور الأشخاص والسلع في الاتجاهين، إضافة إلى تطوير معبر رأس جدير بزيادة عدد البوابات، كما بحثت وسائل تسهيل انتقال رؤوس الأموال والاستثمار ورجال الأعمال وتدعيم التنسيق في مجالي الأمن الغذائي والدوائي وتعزيز الحركة التجارية، بخاصة تلك التي تستهدف أسواق أفريقيا جنوب الصحراء.

كما تطرق الجانبان إلى مشروع إنشاء خط نقل بحري يربط تونس بطرابلس ومصراتة.

الأوضاع الأمنية سببت التعثر

وعلى رغم أن ليبيا تعد الشريك الثاني لتونس، إلا أن هذا لم يمنع التذبذب الذي شهدته الحركة التجارية بين البلدين الجارين، بحيث تراجعت الصادرات التونسية خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب إغلاق المعابر الحدودية في فترات مختلفة على خلفية التوتر الأمني على الجانب الليبي، مما أضر بتنافسية المنتجات التونسية في مواجهة السلع التركية. كما تراجعت حركة سفر الأشخاص بين البلدين، مما كبد قطاع الخدمات في تونس خسائر جمة، بخاصة في قطاعي الصحة والسياحة بسبب غلق المجال الجوي عام 2014، ثم استئناف الرحلات المنتظمة لمدة قصيرة، ثم أزمة كورونا، علماً أن السوق الليبية تستقطب 70 في المئة من الصادرات التونسية وأهمها الخشب والنسيج والملابس والورق والحديد والصناعات الكيماوية والمنتوجات الزراعية والمعادن والصناعات المعدنية والصناعات الغذائية، وفق المعهد الوطني للإحصاء في تونس (حكومي).

وعود مكررة

ووصف المتخصص في الشأن الليبي غازي معلى الإجراءات المعلنة من قبل الجانب الليبي خلال الزيارة الحالية بـ"الوعود المكررة، لا سيما تلك المتعلقة تحديداً بسداد الديون التي لم يتم تنفيذها فعلياً، إذ تبلغ الديون المستحقة على الجانب الليبي تجاه المستشفيات التونسية 270 مليون دينار (84.3 مليون دولار) ولم يبد الجانب الليبي تعاوناً ملموساً في هذا الملف. أما بخصوص الإعفاءات الجمركية، فهي مفعلة منذ عقود بين البلدين لكنها لم تشمل الواردات الليبية التي تمر عبر التراب التونسي إلى ليبيا والتي يرغب رجال أعمال ليبيون في التمتع بالإعفاءات الجمركية الخاصة بها، كما لم يعلن تفعيل عدد من الاتفاقات ومن أهمها اتفاق المقاصة الخاص بالنفط الذي كان يمكن البلدين من استبدال واردات النفط من ليبيا بالسلع التونسية".

وترغب تونس في إحياء اتفاق المقاصة بعد توقفه إثر اندلاع الاضطرابات الليبية بالنظر إلى ما يحققه من توازنات مالية وطاقية لها وسط أزمة السيولة والعجز في مجال الطاقة.

وأشار معلى إلى "غياب اتفاقات ملموسة تسهل تدفق رؤوس الأموال ورقمنة المعاملات المالية وتسريعها"، لافتاً إلى "غياب محافظ البنك المركزي التونسي عن الاجتماعات المذكورة مما يثير نقاط استفهام".
وفي خصوص ملف إعادة اعمار ليبيا، أوضح أنه "لم يتم توقيع عقود ضخمة مع شركات مقاولات تونسية أثناء الزيارة، بخاصة تلك التي تتعلق بالبنية التحتية مثل الطرقات والمنشآت الحكومية، بحيث اقتصرت التواقيع على العقود في مجالات العقارات والصيانة وبعض الخدمات".

اقرأ المزيد