Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تتوسع الاحتجاجات في الصين وكيف ستتعامل بكين معها؟

أحد المتظاهرين: الحل الواقعي الوحيد هو تغيير في النظام وسيكون ذلك نضالاً صعباً

انتشرت الشرطة بكامل عتادها في أنحاء الصين يوم الإثنين بعد حصول حركات احتجاجية لم تشهدها البلاد منذ ميدان تيان أنمين قبل أكثر من ثلاثة عقود.

وأقامت السلطات في شنغهاي حواجز في أحد الشوارع حيث تجمع المتظاهرون، بينما تجتاح البلاد احتجاجات على سياسة "صفر كوفيد" الوحشية.

لم يعد الاستياء الشعبي يتعلق فقط بالقيود المرتبطة بالجائحة - التي تبدو غير فاعلة وقمعية مع وصول عدد الحالات إلى 40052، وهو الرقم القياسي اليومي الخامس على التوالي - ولكنه الآن يمثل تحدياً مفتوحاً لنظام شي جينبينغ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهتف المتظاهرون "يسقط الحزب الشيوعي الصيني" و"على ’شي‘ الرحيل"، وكانت هناك دعوات إلى إنهاء الاستبداد، وإلى مستقبل ديمقراطي جديد.

جاء ذلك في وقت دانت بريطانيا الاعتقال "الصادم وغير المقبول" لصحافي "بي بي سي" في شنغهاي، بينما تحدث رئيس الوزراء ريشي سوناك عن التحدي الذي يمثله السلوك "الاستبدادي" المتزايد للصين.

كان رد فعل بكين على الاحتجاجات محاولة قمعها وفرض الرقابة. وسعت وسائل الإعلام الحكومية إلى حد كبير إلى تجاهل الاحتجاجات أو الادعاء بأن القوى الغربية تحاول تخريب إجراءات "كوفيد" التقييدية، وإثارة الفتنة.

ويتهم التلفزيون الحكومي بتحرير مشاهد البث من كأس العالم لمنع المشاهدين من رؤية حشود ضخمة في الملاعب مع قليل من أقنعة الوجه الواقية. وكانت وسائل التواصل الاجتماعي غارقة في مشاعر الريبة في شأن القيود المفروضة في الصين مقارنة بالمشاهد من قطر. "تم افتتاح كأس العالم، ولم نر المشجعين يرتدون أقنعة هناك، ولم نسمع تقارير تفيد بأنه يتعين عليهم تقديم نتائج اختبار ’بي سي أر‘ (PCR) السلبية، ألا يعيشون على كوكبنا نفسه؟ ألا يؤذيهم فيروس كورونا؟" يسأل المدون تشانغان كيتانغ، مردداً ما يقوله آخرون، قبل أن تبدأ الصور [المشاهدين بالملاعب] بالاختفاء تماماً.

ويقول بعض المتظاهرين إن الأخطاء التي ارتكبت في شأن إجراءات "كوفيد" هي نتيجة مباشرة لنظام استبدادي. قالت يان يا، محللة تكنولوجيا المعلومات البالغة من العمر 29 سنة في شنغهاي "عندما يفلت المسؤولون مراراً وتكراراً من فعل أشياء خاطئة، مما يتسبب في معاناة الناس، سيقول الناس في مرحلة ما، ’لقد طفح الكيل‘. قد يكونون قادرين على قمع [الاحتجاجات] لفترة قصيرة، لكن الحل الواقعي الوحيد هو تغيير النظام، سيكون ذلك نضالاً صعباً".

وأضافت صديقتها وزميلتها، إيان فين، "الحياة تدمر بسبب عمليات الإغلاق هذه وهي لا تؤدي إلى نتيجة. على السلطات أن تتعلم من بقية العالم، لكن بدلاً من ذلك ماذا يقترحون؟ يحاولون حجب صور الجماهير في كأس العالم، هذا يدل على [طريقة] تفكير هؤلاء الناس".

كان عدد من المتظاهرين يمسكون بأوراق فارغة لتسليط الضوء على الرقابة وانعدام حرية التعبير. مع غياب تحركاتهم عن تغطية وسائل الإعلام الصينية، قام بعضهم بشرح مشكلاتهم الأوسع إلى وسائل الإعلام الأجنبية. قال ليمار، وهو طالب في الملاكمة التدريبية يبلغ من العمر 20 سنة في بكين، "جئنا إلى هنا لمعارضة إجراءات الوقاية من الوباء. نحن نعيش في عالم استبدادي وما نأمل أن نراه أكثر هو أن تتمتع الصين بالديمقراطية والحرية".

وأدى تسليط الأضواء الدولية على السخط الداخلي إلى استهداف وسائل الإعلام الأجنبية، إذ تعرض إد لورنس، الصحافي في "بي بي سي"، للاعتداء والاعتقال في شنغهاي. وأصدر نادي المراسلين الأجانب في الصين بياناً قال فيه إنه "منزعج للغاية" من معاملة المراسلين الذين يغطون الاحتجاجات، مشيراَ إلى أن الصحافيين الأجانب "لهم حق الوصول غير المقيد إلى التقارير الصحافية في الصين" بموجب القانون الصيني. وبدلاً من ذلك، "تعرض صحافيون من منافذ عدة للمضايقات الجسدية من قبل الشرطة أثناء تغطيتهم الاضطرابات، وتم احتجاز صحافيين اثنين في الأقل"، بحسب البيان.

الاندلاع الحالي للغضب العام لم يكن مفاجئاً. قبل شهرين، تحطمت حافلة تقل أشخاصاً إلى مركز للحجر الصحي في مقاطعة قويتشو، مما أسفر عن مقتل 27 شخصاً في مقاطعة سجلت الوفيات المرتبطة بـ"كوفيد" منذ بدء الوباء شخصين فقط.

في الشهر الماضي، اشتبك آلاف العمال في مصنع شركة "أبل" لهواتف "آيفون" في مدينة تشنغتشو مع شرطة مكافحة الشغب وهدموا حواجز "كوفيد". واندلعت أعمال عنف أخرى بعد ورود تقارير عن مزيد من الوفيات بسبب الإغلاق، بما في ذلك طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات وطفل رضيع.

في الأسبوع الماضي، توفي 10 من سكان مدينة أورومتشي، في مقاطعة شينجيانغ، إثر حريق في مبنى سكني كان تحت الإغلاق [بسبب "كوفيد"] لمدة 100 يوم. وبدا أن المسؤولين يلومون السكان على عدم القيام بما يكفي للسيطرة على الحريق.

وأطلقت هذه الحادثة [الحريق] موجة الاحتجاجات الحالية في المدينة يوم الجمعة، حيث غنى الناس، "قوموا يا من يرفضون أن يكونوا عبيداً" - كلمات من النشيد الوطني.

في اليوم التالي، انتقلت التظاهرات إلى طريق أورومتشي الأوسط في شنغهاي. إضافة إلى المطالبة بتخفيف إجراءات "كوفيد"، كانت هناك دعوات للرئيس شي إلى التنحي. على مدى الـ24 ساعة التالية، امتدت الاحتجاجات إلى بكين وشنغهاي مرة أخرى وتشنغدو ووهان ولانتشو ونانجينغ.

وبدأت قوات الأمن في شنغهاي ومدن أخرى بنشر الحواجز في أعقاب الاحتجاجات. بدأ النظام أيضاً حملة قمع على وسائل التواصل الاجتماعي. وجد قسم "المراقبة في بي بي سي" BBC Monitoring أن عشرات الملايين من التعليقات والمنشورات الإلكترونية تمت تصفيتها أو فلترتها من نتائج البحث. يمكن الآن رؤية حوالى 900 تعليق فقط تتضمن الإشارة إلى "شنغهاي"، جميعها من حسابات حكومية. من بين 40 مليون مشاركة كانت تظهر سابقاً لـبحث بعنوان "طريق أورومتشي"، والآن هناك فقط أربع نتائج معروضة.

السؤال الآن هو كيف سيتصرف النظام الصيني. يمكن أن يزيل معظم قيود "كوفيد"، لكن هذا سيكون بمثابة اعتراف بالهزيمة. يمكن أن يقوم بحملة قمع واسعة النطاق شبيهة بتلك التي لجأ إليها لسحق الحركة الديمقراطية في هونغ كونغ، لكن هذا من شأنه أن يؤدي إلى عنف واسع النطاق وخلق عداوة مع قطاع كبير من السكان. أو قد يكرر ما فعله في أزمات سابقة ويلقي باللوم على بعض المسؤولين.

عندما بدأت الجائحة بالانتشار للمرة الأولى، هددت بكين وأرهبت الأفراد والدول الذين قالوا إنه ربما تكون قد بدأت في الصين، ثم دعت إلى إجراء تحقيق. من المثير للسخرية أنه بعد مرور ثلاث سنوات، تمزق البلاد الآن اتهامات بالتستر والأسرار والأكاذيب من قبل شعبها حول "كوفيد" نفسه.

© The Independent

المزيد من دوليات