Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روسيا تعاني "وجع العقوبات" وأغنياؤها يتحملون "فاتورة العلاج"

غرامات وأحكام محتملة بالسجن لرجال الأعمال الرافضين لأوامر الجيش وضغوط لتوفير السلع بأسعار زهيدة

تظهر الأرقام الأخيرة أن الوضع ساء بشكل كبير منذ الصيف عندما بدا الاقتصاد الروسي مدعوماً بعائدات الطاقة (أ ف ب)

من المرجح أن تصبح التوقعات لأداء الاقتصاد الروسي أكثر سوءاً مع دخول الحظر على مبيعات النفط الروسي حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر (كانون الأول)، في حين قد يكلف الحد الأقصى للسعر المتوقع الذي سيفرض على جميع مبيعات النفط الروسي خارج الاتحاد الأوروبي، ما لا يقل عن 120 مليون دولار من العائدات المفقودة يومياً، بحسب بيتروف، وهو مصرفي روسي كبير سابق له صلات بالدولة الروسية فضل ذكر اسمه الأول فقط، مما سيدفع الحكومة لزيادة الميزانية الروسية بنهاية هذا العام.

وقال نيكولاي بيتروف، باحث أول في روسيا وأوراسيا بـ"تشاتام هاوس لندن"، إن الحكومة الروسية تستعد لتعبئة أوسع للاقتصاد الروسي لإمداد الجيش وسط نقص مزمن في السلع الأساسية مثل الطعام والزي الرسمي، كما كشف عن استعداد روسيا لفرض قوانين جديدة تقضى بفرض غرامات باهظة على رجال الأعمال الذين يرفضون تنفيذ أوامر للجيش الروسي، إضافة إلى عقوبات محتملة بالسجن، مما يمهد الطريق أمام ضغوط على رواد الأعمال لتوفير السلع بأسعار زهيدة، ويضع مزيداً من الضغط على الشركات الروسية بعد مغادرة آلاف الشركات الأجنبية البلاد منذ بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا. 

ويبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما أطلق الشهر الماضي مجلساً جديداً لتنسيق الإمدادات للجيش الروسي، بدا أنه يدرك حجم المشكلات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وكان إحساسه بالإلحاح واضحاً. 

وقال بوتين، "علينا أن نكون أسرع في البت بالمسائل المتعلقة بتزويد العملية العسكرية الخاصة ومواجهة القيود المفروضة على الاقتصاد والتي، من دون أي مبالغة، غير مسبوقة بالفعل". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولأشهر عدة، ادعى بوتين أن "الحرب الخاطفة الاقتصادية" ضد روسيا قد فشلت، لكن العقوبات الغربية المفروضة بعد هجومه على أوكرانيا تتعمق أكثر في الاقتصاد الروسي، مما أدى إلى تفاقم نقص المعدات لجيشها وإعاقة قدرته على شن أي هجوم بري جديد، في وقت قال فيه الاقتصاديون ورجال الأعمال الروس إنهم يصنعون صواريخ جديدة. 

وتظهر الأرقام الأخيرة أن الوضع ساء بشكل كبير منذ الصيف عندما بدا الاقتصاد الروسي مستقراً ومدعوماً بالتدفق المستمر لعائدات النفط والغاز، كما تظهر الأرقام الصادرة عن وزارة المالية الأسبوع الماضي أن مؤشراً اقتصادياً رئيساً هو الإيرادات الضريبية من القطاع غير النفطي والغاز انخفض بنسبة 20 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالعام السابق، في حين ذكرت وكالة الإحصاء الحكومية الروسية "روستات" أن مبيعات التجزئة انخفضت بنسبة 10 في المئة على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول)، كما انخفضت مبيعات البضائع بنسبة سبعة في المئة. 

وقال نائب وزير الطاقة الروسي الأسبق فلاديمير ميلوف الذي أصبح الآن معارضاً بارزاً في المنفى لـ"وول ستريت جورنال"، "تظهر جميع المؤشرات الموضوعية أن هناك انخفاضاً شديداً في النشاط الاقتصادي". وأضاف، "الدوامة تتصاعد ولا يوجد مخرج منها". 

ماذا عن واردات التكنولوجيا؟ 

بحسب الاقتصاديين، يؤثر الحظر الغربي على واردات التكنولوجيا على معظم قطاعات الاقتصاد، في حين أن التعبئة الإجبارية لـ"الكرملين" لأكثر من 300 ألف من المجندين الروس للخدمة في أوكرانيا، جنباً إلى جنب مع رحيل ما لا يقل عن عديد من الأجانب الفارين من التجنيد العسكري، قد وجه ضربة أخرى للبلاد، إضافة إلى ذلك، أدت القيود التي فرضها بوتين على إمدادات الغاز إلى أوروبا، متبوعة بانفجار غير مبرر لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم" إلى انخفاض حاد في إنتاج الغاز بلغ 20 في المئة في أكتوبر مقارنة بالعام السابق.

في غضون ذلك، تنخفض مبيعات النفط إلى أوروبا قبل حظر الاتحاد الأوروبي المتوقع فرضه في الخامس من ديسمبر. 

وكان "الكرملين" قد أعلن عن انخفاض أقل من المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي الذي توقعه صندوق النقد الدولي عند 3.5 في المئة فقط هذا العام كدليل على أن الاقتصاد الروسي يمكنه تحمل مجموعة العقوبات الصارمة. 

وقال ميلوف الذي كتب تقريراً يشرح الوضع لمركز "ويلفريد مارتنز" للدراسات الأوروبية نشر هذا الشهر، إن "أرقام الناتج المحلي الإجمالي الرئيسة لا تعكس الوضع الحقيقي للاقتصاد الروسي، لأن الحكومة الروسية أنهت فعلياً قابلية تحويل الروبل منذ فرض العقوبات".

مشكلات أعمق في المصارف 

كما كانت هناك مشكلات أعمق كامنة في القطاع المصرفي الروسي، حيث تم تصنيف معظم المحاسبة. وأفاد البنك المركزي الروسي هذا الأسبوع أنه تم سحب 14.7 مليار دولار من العملة الصعبة من النظام المصرفي الروسي في أكتوبر (تشرين الأول)، وسط قلق متزايد في شأن التعبئة وحال الاقتصاد. 

مع ذلك، حذر تقرير صادر عن البنك المركزي في نوفمبر (تشرين الثاني) من أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا سيواجه انكماشاً أكثر حدة بنسبة 7.1 في المئة في الربع الرابع من 2022، بعد انخفاضه بنسبة 4.1 في المئة وأربعة في المئة مقارنة بالعام الماضي في الربعين السابقين.

وفي الأسبوع الماضي، مع دخول الاقتصاد الروسي رسمياً في حال ركود، قالت رئيسة البنك المركزي إلفيرا نابيولينا للمشرعين إن الوضع قد يزداد قتامة في العام المقبل، مضيفة، "نحن في حاجة حقاً للنظر إلى الوضع برصانة شديدة وأعيننا مفتوحة. قد تسوء الأمور، ونحن نتفهم ذلك". 

غرق الشركات في الحرب

وكان إعلان بوتين في سبتمبر (أيلول) عن تعبئة جزئية للقوات بمثابة ضربة هائلة لمعنويات الأعمال. وقالت جانيس كلوج الزميلة البارزة في المعهد الألماني للأمن والشؤون الدولية، "بالنسبة لعديد من الشركات الروسية فقد غرقت حقيقة في الحرب الدائرة، وأصبح من الواضح أن هذا سيستمر لفترة طويلة. والآن التوقعات أسوأ بكثير مما كانت عليه خلال الصيف". 

وقال متخصصون في الشأن الاقتصادي ومحللون إن إنشاء بوتين مجلس التنسيق برئاسة رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، كان علامة على انزعاجه من التأثير المتزايد للعقوبات. وأوضح سيرجي جورييف عميد معهد العلوم في فرنسا أن بوتين "يشعر بالقلق من أنه يحتاج إلى التدخل للتأكد من توفر الإمدادات، كما أنه يشعر بالقلق من أن العقوبات قد أضرت حقاً بالقدرة على إنتاج السلع". 

وقال رجل أعمال في موسكو له صلات بقطاع الدفاع للصحيفة، إن التعبئة الهادئة للاقتصاد الروسي كانت جارية بالفعل منذ فترة طويلة، حيث أجبر عديد من رواد الأعمال على إنتاج إمدادات للجيش الروسي، لكنهم يخشون التحدث علانية ضد الأوامر الصادرة بخفض الأسعار. 

وأضاف رجل الأعمال الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته خوفاً من الانتقام، "أصبح هذا ضرورياً منذ البداية عندما بدأت الحرب". وتابع، "الكتلة الرئيسة للأعمال صامتة. إذا قلت إنك تصنع إمدادات أو أسلحة للدولة الروسية فقد تواجه مشكلات في الخارج". 

الحظر على مبيعات النفط

تشير الأدلة التي تناقلتها الصحافة الروسية إلى مشكلات هائلة في تزويد المجندين الجدد في روسيا بالمعدات. وأكد تقرير متعمق لصحيفة "كوميرسانت" الروسية اليومية في أكتوبر النقص الهائل في الذخيرة والزي الرسمي للمجندين، حيث أشار المصنعون إلى صعوبات في تأمين المواد اللازمة بسبب العقوبات. 

وقال مسؤولون تنفيذيون روسيون آخرون إن الكارثة العسكرية الروسية في أوكرانيا كشفت عن أوجه القصور الهائلة والفساد في المجمع الصناعي العسكري الروسي. وقال بيتروف، "هناك أسئلة ضخمة حول المكان الذي أنفقت فيه تريليونات الروبلات في العقد الماضي". 

وقال بيتروف إنه إذا فشل المجلس الاقتصادي الجديد في تنسيق إنتاج الإمدادات والأسلحة بشكل أفضل، فقد يؤثر ذلك على قدرة روسيا على شن هجمات جديدة في أوكرانيا. وأضاف، "المشكلة الرئيسة أمام (الكرملين) هي مسألة متى سيكون الجيش جاهزاً لبدء عمل عسكري جديد في أوكرانيا، وما أعداد الأسلحة والذخيرة المطلوبة".