Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستواجه القارة العجوز فصول الشتاء في المستقبل؟ 

تحتاج إلى 30 مليار متر مكعب غاز في 2023 و"وكالة الطاقة" تحثها على اعتماد البدائل 

وصفت شركات أوروبية متخصصة في الطاقة مفاوضات توقيع عقود الغاز الطبيعي المسال بأنها معقدة (رويترز)

لن يحمي مخزون الغاز الطبيعي دول القارة العجوز من الشتاء البارد في السنوات المقبلة، رغم تفادي دول الاتحاد الأوروبي أزمة الشتاء الحالي بالحصول على ما يكفيها للتدفئة وتشغيل مصانعها بنسبة لا تقل عن 95 في المئة، فإنها قد تواجه صعوبات لتأمين حاجتها من الطاقة والغاز بعد انقضاء شتاء 2022-2023، في ظل توقعات تُشير إلى النقص الحاد في تأمين الغاز، في ظل استمرار قطع الإمدادات من روسيا مع استمرار الحرب في أوكرانيا إضافة إلى تزايد المنافسة العالمية على الشحنات المحدودة من الغاز الطبيعي المسال. 

ويقول باحثون ومسؤولون، إن القارة ستحتاج إلى مزيد من الغاز لسنوات مقبلة، فيما حذرت الوكالة الدولية للطاقة، أوروبا من مخاطر نقص الغاز الذي قد يصل إلى 30 مليار متر مكعب في صيف 2023.

عقود الغاز معقدة

ووصفت شركات أوروبية متخصصة في الطاقة مفاوضات توقيع عقود الغاز الطبيعي المسال بأنها "معقدة" بعدما وقعت عقوداً لشراء الغاز الطبيعي الأميركي عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا. 

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال" تقول تلك الشركات إن "المفاوضات تشير إلى مخاوف متزايدة في شأن أمن الطاقة لكنها معقدة، إذ إنه في وقت تسعى دول أوروبية للحصول على الغاز لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة، فإن في المقابل، بعض مسؤولي الشركات والحكومات يترددون في توقيع عقود توريد طويلة الأجل". 

من جهة أخرى، وضعت ألمانيا أكبر اقتصاد في أوروبا ودول أخرى أهدافاً طموحة لتقليل استهلاك الوقود الأحفوري بشكل كبير، فيما تشعر الشركات بالقلق من أنها قد تكون في مأزق بسبب الغاز الذي لم تعد برلين بحاجة إليه. 

في غضون ذلك، تبحث شركتي "بي إيه أس أف" أكبر منتج للكيماويات في العالم و"يونيبير" للطاقة عن طرق للحصول على مزيد من الغاز الطبيعي، بما في ذلك الغاز المسال.

مسؤولية الشركات  

وقال مطلعون على المناقشات، إن مسؤولي الحكومة الألمانية يراقبون المناقشات حول إمدادات الغاز بما في ذلك محادثات منفصلة مع شركة النفط والغاز النرويجية "إيكيونور إيه أس إيه"، ويقترحون في بعض الأحيان على الشركات التي يجب على المصدرين الاتصال بها، بينما حملت وزارة الاقتصاد والمناخ الألمانية مسؤولية شراء الغاز على الشركات. 

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "إيكيونور"، في مقابلة أجريت معه، أخيراً، "نحن نعمل عن كثب مع الصناعة الألمانية لإيجاد أرضية مشتركة للاستثمارات المستقبلية المحتملة في النفط والغاز وكذلك الطاقة منخفضة الكربون". 

في تلك الأثناء، تشعر بعض الشركات في ألمانيا، بالقلق تجاه امتلاك طاقة كافية للجزء الأخير من العقد، إذ أجرت الشركات الألمانية بما في ذلك شركة إنتاج المواد الكيماوية "بي إيه أس أف"  والمرفق الخدمي "يونيبير أس إيه"، محادثات في الأسابيع الأخيرة مع مصدري الغاز الطبيعي المسال الأميركيين وآخرين حول صفقات إمدادات الغاز المحتملة التي من المُحتمل أن تبدأ بعد منتصف العقد وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات.  

مفاوضات مشتركة  

في غضون ذلك، اقترح مسؤولو الاتحاد الأوروبي تشكيل مجموعة من الشركات الأوروبية لتنسيق محادثات صفقة الغاز والشراء المشترك للوقود لتجنب المزايدة ضد بعضها البعض على نفس الغاز" وهو ما أيده وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما شكك بعض المسؤولين التنفيذيين في الشركات والمسؤولين الحكوميين بنجاح مثل هذا البرنامج بسبب تعقيدات سوق الغاز والاحتياجات المختلفة بين البلدان، ولأن بعض الشركات تسير بمفردها في المفاوضات". 

من جانبها، قالت متحدثة باسم الشركة الألمانية "آر دبليو إيه إيه جي" بعد توقيع غير ملزم لمدة 15 عاماً مع مُصدر الغاز الطبيعي المسال الأميركي "سيمبرا إنفستركتشيور"، إننا "لسنا مقتنعين تماماً بالمزايا التي يمكن تحقيقها من خلال تجميع مشتريات الغاز على المستوى الأوروبي". وحثت المتحدثة المسؤولين الحكوميين على دعم عقود الغاز طويلة الأجل. 

بُشار إلى أن ألمانيا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تسعى إلى تأمين الغاز إذ تواجه فرنسا والمملكة المتحدة أيضاً تهديدات بنقص الطاقة. وكانت شركة تابعة لشركة الكيماويات البريطانية "إنيوس غروب إيه جي"، وقعت في وقت سابق من العام الحالي اتفاقية توريد غير ملزمة مع "سيمبرا" الأميركية. 

من جهة أخرى، قال متحدث باسم حكومة المملكة المتحدة إنها "تعمل مع الموردين المحليين والدوليين لاستكشاف العقود التي يُمكن أن تزيد من أمن إمدادات الطاقة". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


معضلة الطاقة والمناخ  

أزمة نقص الغاز ليست المعضلة الوحيدة التي تواجه القارة الباردة، إذ خلق التوتر بين احتياجات الطاقة الفورية في أوروبا والتطلعات المناخية طويلة الأجل، سوقاً مُعقدة للمشترين الأوروبيين وكذلك البائعين الأميركيين في وقت يحتاج فيه مطورو مشروعات الغاز الطبيعي المسال إلى توقيع عقود طويلة الأجل مع العملاء لتمويل مصانع بمليارات الدولارات لتحويل الغاز إلى سائل للتصدير، علاوةً على المعارضة السياسية القائمة في بعض زوايا صفقات الغاز طويلة الأجل التي يقول البعض إنها قد تُعرقل الأهداف المناخية الهادفة إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ولذلك قال المدير التنفيذي لأوروبا في صندوق الدفاع البيئي غير الربحي، غيل دوغان، إنه "من الصعب رؤية مدى توافق تلك الصفقات طويلة الأجل مع خطط إزالة الكربون".
في تلك الاثناء، توقع مسؤولون ألمان سابقون أن يبلغ الطلب على الغاز الطبيعي في البلاد ذروته بحلول عام 2030، ثم يفسح المجال تدريجاً لمزيد من الطاقة المتجددة.

صفقات طويلة الأمد 

ويبحث بعض الأوروبيين عن طرق لإرضاء المصدرين مع الحفاظ على الأهداف المناخية، وأحد الخيارات التي يجري النظر فيها بحسب "وول ستريت جورنال"، وهو توقيع صفقات طويلة الأجل وإعادة بيع جزء من الغاز في الأسواق الخارجية في السنوات اللاحقة، وهو ما تسمح به معظم عقود الغاز الطبيعي المسال الأميركية. 

لكن ثمة خياراً آخر، تتم مناقشته حالياً، وهو أن يستثمر المشترون مباشرة في مشاريع الغاز الطبيعي المسال ويوقعون عقود توريد قصيرة الأجل، مما يسمح لهم بتفريغ حصة الأسهم في وقت لاحق ، كما قال بعض الأشخاص، وفقاً لمسؤولين تنفيذيين في الشركات ومصرفيين وغيرهم ممن تم إطلاعهم على المحادثات.
في غضون ذلك، قال أشخاص مشاركون في محادثات الصفقات إنه "لا تزال هناك فجوات أخرى بين المشترين والبائعين إذ يريد المشترون الأوروبيون أسعاراً أقل من البائعين الأميركيين بحجة أنهم قد استفادوا بالفعل من أزمة الطاقة في أوروبا".
في المقابل، يرى بائعون أميركيون أن "المشترين لا يقدرون التضخم وتكاليف النقل والمخاطر المالية التي تتحملها الشركات"، مشيرين إلى أنه "من المتوقع أن ترتفع الأسعار مرة أخرى في الأشهر والسنوات المقبلة". 

وتُطور شركة "كومنولث" للغاز الطبيعي المسال، مصنعاً جديداً للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة في جنوب ولاية لويزيانا بعقد لمدة 10 سنوات وبسعر أعلى مقارنة بصفقة مدتها 20 عاماً.

وصرح فاريلو بأن "الشركات التي يمكنها تقديم مرونة في مدة العقد والتسعير ستوقع صفقات مع الأوروبيين". 
من ناحية ثانية، قال مسؤولون ألمان، أخيراً، في مناقشات خاصة، إنهم يشعرون بضغط أقل للتوصل إلى صفقات إمدادات الغاز قبل نهاية العام، مستشهدين بأسعار أقل وحجم تخزين أفضل من المتوقع وفق الأشخاص مطلعين على المناقشات، فيما "يشعر بعض رجال الأعمال التنفيذيين الأوروبيين بالقلق من أن الوسادة مؤقتة فقط، وأن الافتقار إلى الإرادة السياسية يخلق مخاطر لفصول الشتاء في المستقبل".

30 مليار متر مكعب نقصاً محتملاً 

من جانبها، حذرت وكالة الطاقة الدولية ومقرها باريس هذا الشهر من أن "أوروبا تخاطر بعدم القدرة على تلبية احتياجاتها من الطاقة العام المقبل"، وحثتها على بذل مزيد من الجهد للحفاظ على الغاز لديها والتحول إلى مصادر أخرى للطاقة المتجددة. وتوقعت الوكالة الدولية أن يصل نقص الغاز الطبيعي في أوروبا في صيف 2023 إلى 30 مليار متر مكعب.

وقال مدير وكالة الطاقة الدولية لأسواق الطاقة والأمن كيسوكي ساداموري، إن "أوروبا تحتاج في المقام الأول للقيام بكل ما في وسعها".

المزيد من البترول والغاز