Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أفرزت كرة القدم السعودية منتخبا قهر الأرجنتين؟

تضافرت عوامل النجاح لخلق حلقة جديدة في سلسلة تفوق تشمل الأندية ومنتخبات المراحل السنية المختلفة

يعد فوز المنتخب السعودي على الأرجنتين حلقة جديدة في سلسلة النجاحات المتتالية للكرة السعودية في الآونة الأخيرة (أ ف ب)

فجر المنتخب السعودي لكرة القدم مفاجأة مدوية، الثلاثاء 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، بالفوز على المنتخب الأرجنتيني، بطل أميركا الجنوبية، بنتيجة (2-1) في المباراة التي استضافها استاد لوسيل، في افتتاح مباريات المجموعة الثالثة بدور المجموعات ببطولة كأس العالم التي تستضيفها قطر بين 20 نوفمبر و18 ديسمبر (كانون الأول).

الفوز التاريخي للصقور الخضراء على حساب أسطورة كرة القدم ليونيل ميسي ورفاقه جعل المنتخب السعودي في صدارة مجموعته برصيد ثلاث نقاط، متفوقاً على بولندا والمكسيك بعد تعادلهما معاً وحصول كل منهما على نقطة واحدة، فيما تحتل الأرجنتين المركز الأخير بلا نقاط.

انتصار ضمن سياق

ولا يمكن النظر إلى الفوز التاريخي للمنتخب السعودي على الأرجنتين المتوجة في صيف 2021 بلقب "كوبا أميركا" على أنه حدث منفصل عن سياق تطور كرة القدم السعودية وتحولها إلى الاحتراف الكامل المشمول بدعم مباشر من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبعمل إدارة رياضية حكيمة ومتطورة تضع أهدافاً استراتيجية مستمرة.

ويعد الفوز التاريخي للمنتخب السعودي الأول على الأرجنتين حلقة جديدة في سلسلة النجاحات المتتالية للكرة السعودية في الآونة الأخيرة، بداية من تتويج فريق الهلال بطلاً لدوري أبطال آسيا في 2021، وتحقيقه المركز الرابع في كأس العالم للأندية بالإمارات في فبراير (شباط) الماضي.

وفي 19 يونيو (حزيران) توج منتخب السعودية بلقب كأس آسيا تحت 23 سنة، بعد فوزه على منتخب أوزبكستان، ليحقق الفريق الأخضر اللقب الآسيوي الأول في تاريخه بهذه المرحلة السنية من المنافسات، كما كان فوزه مرصعاً بعدد من الأرقام غير المسبوقة، كأول منتخب يظفر باللقب بشباك نظيفة ومن دون تلقي أي هزيمة.

وقبل أيام قليلة من انطلاق نهائيات كأس العالم، نجح المنتخب السعودي تحت 23 سنة في الفوز بلقب بطولة غرب آسيا بالفوز على قطر بنتيجة (3-1) في استاد الجوهرة المشعة بمدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة.

بلا ضغوط

ولا يمكن إغفال الحالة الإيجابية التي سيطرت على المنتخب السعودي خلال المباراة نظراً إلى دخول الفريق الأخضر إلى الملعب من دون ضغوط أو حد أدنى للتوقعات، بينما كان المنتخب الأرجنتيني يتحمل تلك الضغوط وحيداً في ظل اعتباره أحد أبرز المرشحين للفوز بلقب البطولة هذا العام، ويبدو أن الملايين من جماهيره في الأرجنتين والآلاف منهم ممن حضروا إلى الدوحة لمؤازرة اللاعبين لن يرضوا بأقل من حمل ميسي للكأس التاريخية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان الأمير محمد بن سلمان صاحب الفضل في إزالة الضغط عن كاهل لاعبي المنتخب والجهاز الفني والإداري، حين استقبلهم في مكتبه بمدينة جدة يوم 23 أكتوبر بحضور الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة، ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل، لتقديم الدعم لهم قبل بدء المعسكر التحضيري للمونديال.

وأظهر فيديو المقابلة الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية، تهنئة الأمير محمد بن سلمان للفريق بمناسبة التأهل لكأس العالم "الذي أصبح شيئاً لازماً بالنسبة لنا كسعوديين وكمنتخب سعودي".

وطالب الأمير محمد بن سلمان اللاعبين بأن يستمتعوا بهذه المباريات الثلاث، وأن يؤدوا مباريات المجموعة من دون ضغوط نفسية يمكن أن تؤثر على أدائهم الطبيعي، مشيراً إلى صعوبة المجموعة في كأس العالم، وأنه ليس متوقعاً من المنتخب تحقيق نتائج كبيرة لكن الدعوات معهم، والجميع يتابعون أولاً بأول.

الاحتراف في الداخل

وما يزيد من صعوبة وروعة الانتصار السعودي على الأرجنتين أن المنتخب الأخضر يخوض غمار مونديال قطر بقائمة لاعبين يلعبون جميعهم في الدوري السعودي للمحترفين، ويبلغ مجموع قيمتها التسويقية 25.2 مليون يورو.

ويتشارك منتخبا السعودية وقطر فقط في أنهما يشاركان في البطولة بقائمة كاملة من اللاعبين المحترفين داخلياً، ثم يأتي من بعدهم المنتخب الإنجليزي الذي تضم قائمته محترفاً واحداً من بين 26 لاعباً، هو لاعب الوسط الشاب جود بيلينغهام المحترف في صفوف بوروسيا دورتموند الألماني.

وعلى الجهة الأخرى دخل المنتخب الأرجنتيني المباراة بقائمة 96 في المئة من قوامها من المحترفين خارجياً في أكبر دوريات العالم، وبقيمة تسويقية إجمالية تتجاوز 645 مليون يورو.

ووقع اختيار المدير الفني الفرنسي هيرفي رينارد على 26 لاعباً لتمثيل السعودية في المونديال، يلعبون جميعهم في أندية الهلال والأهلي والنصر والشباب والاتحاد وأبها والفتح، وهو ما خلق حالة من التجانس والتفاهم بين الجميع بسبب خبراتهم الموحدة واحتكاكهم الدائم ببعضهم البعض.

ويعد الدوري السعودي للمحترفين أعلى دوريات كرة القدم العربية قيمة بإجمالي 344 مليون يورو، وهو الأقوى والأعلى تنافسية خلال السنوات الأخيرة، ويمكن النظر إليه كمثال للدوري الإنجليزي الممتاز لكن في منطقة الشرق الأوسط، بخاصة بعد أن أصبح جاذباً لأهم نجوم اللعبة من كل القارات.

خلال الموسم الحالي 2022-2023 تضم أندية الدوري السعودي للمحترفين 137 لاعباً أجنبياً من بين 570 لاعباً هم القوام الكامل للأندية، وتتنوع جنسيات اللاعبين الوافدين على الدوري السعودي ما بين دول أميركا الجنوبية وأوروبا وأفريقيا وآسيا، مما يضفي على المسابقة تنوعاً في مدارس اللعب والأفكار ويصب في مصلحة اللاعبين السعوديين المحترفين داخلياً.

ويفتخر الدوري السعودي بأعلى معدلات الحضور الجماهيري المنتظم بين الدوريات العربية، بإجمالي يقترب من مليون زائر لمدرجات الأندية خلال الموسم الماضي 2021-2022، وهما ما ساعد لاعبي المنتخب السعودي على تحمل ضغط اللعب أمام عشرات الآلاف من الجماهير التي حضرت لمؤازرتهم أو لمؤازرة منافسهم الأرجنتيني في استاد لوسيل.

واعتاد لاعبو الدوري السعودي على العدالة التامة في التنافس من أجل تحقيق البطولات أو حتى البقاء بين الكبار وهو ما اتضح تماماً في ليلة 29 يونيو الماضي، حينما ودع نادي أهلي جدة الملقب بقلعة الكؤوس، دوري المحترفين كي يهبط للدرجة الأدنى بعد احتلاله المركز الـ15 (قبل الأخير) في ترتيب المسابقة لموسم 2021-2022.

هبوط الأهلي الذي كان حتى تلك اللحظة أحد الكبار الأربعة في الكرة السعودية الذين لم يتذوقوا طعم الهبوط مع الهلال والنصر اتحاد جدة، كما كان له وقع درامي على الكرة السعودية لكنه أظهر مدى العدالة والتنافسية التي تعيشها الأندية وبالتبعية جميع اللاعبين.

مدرب عالمي

كل ما سبق يقودنا إلى مايسترو الانتصار التاريخي على الأرجنتين وهو المدير الفني الفرنسي هارفي رينارد (54 سنة)، الذي قرر الاتحاد السعودي لكرة القدم التعاقد معه في يوليو (تموز) 2019 ضمن مشروع طموح لإعادة بناء قائمة الصقور استعداداً للتأهل والمنافسة في مونديال 2022، وهي المهمة التي أثبت الفرنسي نجاحه فيها بامتياز حتى الآن.

ويمتلك رينارد خبرات متنوعة من خلال قيادته عدداً من المنتخبات الأفريقية مثل زامبيا وأنغولا وكوت ديفوار وناديي سوشو وليل الفرنسيين وخبرة عربية من تدريب منتخب المغرب.

وسبق لرينارد أن كتب اسمه بين كبار مدربي اللعبة عالمياً حينما قاد منتخب زامبيا لمفاجأة اقتناص لقب بطولة الأمم الأفريقية عام 2012، ثم لقب كأس كوسافا لدول جنوب أفريقيا، وفي 2015 قاد منتخب كوت ديفوار للفوز بكأس الأمم الأفريقية.

وتعرض رينارد لانتقادات شديدة خلال الفترة الأخيرة بسبب اختيار لاعبين في قائمة المنتخب السعودي ينظر إلى بعضهم كلاعبين احتياطيين في أنديتهم وبعضهم الآخر عاد للتو من إصابات طويلة، لكنه دافع عن اختياراته وقبل التحدي.

ويعرف رينارد جيداً كيف يستفيد من حالة الابتعاد عن الضغوط التي يعيشها المنتخب السعودي. وقال في مؤتمر صحافي في المركز الإعلامي للبطولة، "يناسبنا أن نلعب بثوب المنتخب غير المرشح لأن ذلك يخفف من الضغوط على كاهلنا، لكننا نشارك من أجل مخالفة التوقعات، في كل نسخة من كأس العالم تحدث مفاجآت كثيرة ونأمل أن نحقق واحدة".

فكرة مجنونة

ولجأ رينارد لفكرة مجنونة في مواجهة الأرجنتين حينما قرر اللعب بدفاع متقدم وتقريب المسافات بين خطوط لاعبيه طولاً وعرضاً لخنق منتخب التانغو وإفساد أسلوبه الذي يعتمد على التمريرات القصيرة والبينية ووضع أهم لاعبيه ليونيل ميسي في سجن مكون من لاعبي الأخضر المحيطين به.

وعلى الرغم من تسجيل الأرجنتين أولاً ثم زيارتها شباك السعودية لأكثر من مرة بأهداف ألغيت بداعي التسلل تمسك رينارد بفكرته التي أتت بثمارها في الشوط الثاني وخصوصاً بعد العودة في النتيجة وتسجيل هدف التقدم.

وأدى التكتيك الخانق الذي اتبعه رينارد إلى توتر لاعبي الأرجنتين وفشلهم في الوصول بفرص مؤكدة إلى الحارس المتألق محمد العويس.

سيناريوهات التأهل إلى دور الـ16

وبعد تحقيق الفوز الإعجازي على الأرجنتين أصبح من حق المنتخب السعودي النظر بعيداً نحو مراحل خروج المغلوب، ومن المنتظر أن يخوض ثاني مبارياته في المجموعة أمام بولندا السبت 26 نوفمبر، قبل أن يصطدم بالمكسيك في الجولة الأخيرة، الأربعاء 30 نوفمبر.

وتحتاج الصقور الخضراء لتحقيق فوز واحد آخر لضمان بلوغ دور الـ16 من دون الالتفات إلى نتائج المنافسين.

وفي حالة التعادل مع بولندا سيحتاج المنتخب السعودي إلى الفوز على المكسيك أو التعادل معها للحاق بالدور التالي.

أما في حالة الهزيمة من المنتخب البولندي بقيادة هداف برشلونة الإسباني روبرت ليفاندوفسكي، ستصبح كتيبة المدرب رينارد مطالبة بالفوز على المكسيك أو التعادل معها مع انتظار نتائج المنتخبين الآخرين.

اقرأ المزيد

المزيد من رياضة