Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مجموعة العشرين تواجه تحديات اقتصادية غير مسبوقة

ينتظر أن تسعى القمة إلى معالجة الوضع المتأزم نتيجة الحرب في أوكرانيا واحتواء المعدلات غير المسبوقة للتضخم

تعزيزات أمنية في جزيرة بالي استعداداً لقمة مجموعة العشرين (أ ب)

يتوافد القادة إلى جزيرة بالي الإندونيسية لعقد قمة العشرين وسط أزمات عالمية ألقت بظلالها على سكان الكوكب نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية التي اندلعت في فبراير (شباط) الماضي. وتواجه إندونيسيا، رئيس مجموعة العشرين لهذا العام، تحدياً كبيراً في خروج القمة بقرارات يمكنها أن تعالج الأزمات الاقتصادية التي عرقلت جهود التعافي الاقتصادي من آثار جائحة كورونا، وتهدد أمن الطاقة والغذاء على المستوى العالمي. وتطالب المنظمات الدولية دول العشرين بأن يكون لها الدور الفاعل في الوضع الاقتصادي الحالي المتأزم، بخاصة بالنسبة إلى الدول الفقيرة والحد من الإجراءات الحمائية التي تمارسها مجموعة من البلدان بما يؤثر على الأمن الغذائي العالمي. 
 
"نتعافى معاً... نتعافى أقوى"

تنقسم الملفات المطروحة على طاولة قمة العشرين المقبلة إلى القضايا الرئيسة التي أقرتها إندونيسيا مع رئاستها المجموعة، وقضايا مستحدثة فرضتها أحداث العام الحالي. وتشمل القضايا الرئيسة المحددة مسبقاً الأولويات الثلاث التي وضعتها جاكرتا، وهي النظام الصحي العالمي والتحول الرقمي للاقتصاد العالمي وقضايا تحول الطاقة. وتعد هذه القضايا المحرك الرئيس لاجتماعات مجموعات العمل المختلفة على مدار العام الحالي.

وتحمل القمة شعار "نتعافى معاً... نتعافى أقوى" في إشارة إلى التعافي الاقتصادي من "كوفيد-19". ووضعت الرئاسة الإندونيسية معالجة الحاجة إلى نظام صحي عالمي والعدالة في توزيع لقاحات كورونا من بين القضايا الأساسية للمجموعة، إلى جانب التعافي الاقتصادي الشامل والمستدام والاستثمارات المرنة لمكافحة تغير المناخ. 

ولعل مشروع صندوق الوساطة المالية للوقاية والاستعداد والاستجابة للجائحة كان أبرز نجاحات الرئاسة الإندونيسية. ويعمل الصندوق المالي على جمع تمويلات من الدول الأكثر ثراءً للدول متوسطة ومنخفضة الدخل استعداداً لأي جائحة مستقبلية. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي أعلن وزراء المالية والصحة لدول العشرين في بيانهم الختامي عن دعم صندوق الوساطة المالية، وأعلن رسمياً عن تأسيس الصندوق في سبتمبر (أيلول) من العام الحاري. 

ونجح صندوق الوساطة المالية خلال الاجتماع الأخير لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول المجموعة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من جمع تمويل وصل إلى 1.4 مليار دولار من الدول المانحة كما تعهد الأعضاء ضخ مزيد من التمويل مستقبلاً لتوفير نظام صحي عالمي لزيادة العمل التعاوني بين دول العالم للاستجابة والوقاية من الأمراض والأوبئة.

ملفات طارئة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتمت الحرب الروسية - الأوكرانية، التي اندلعت في فبراير الماضي، إضافة عدة قضايا وملفات على طاولة مجموعة العشرين إلى جانب موضوعاتها الرئيسة. وتسببت الحرب بأزمة الطاقة في عدد من بلدان دول العالم على رأسها دول أوروبا التي اعتمدت على إمدادات الغاز والنفط الروسي، ثم انقطعت نتيجة للعقوبات المفروضة على موسكو من الدول الغربية. وإلى جانب أزمة الطاقة تبرز أزمات أخرى، وهي ارتفاع معدلات التضخم عالمياً، وأزمة الغذاء في عدد من دول العالم. كما نجم عن الحرب الروسية - الأوكرانية تباطؤ معدلات النمو، مما يؤثر على كلفة المعيشة لملايين الأشخاص حول العالم، بخاصة الطبقات الفقيرة التي يصعب عليها تحمل غلاء المعيشة.

وفي إطار سعي إندونيسيا إلى ترسيخ صورتها كدولة تحافظ على الدبلوماسية الحرة والمحايدة، أجرى رئيس البلاد جوكو ويدودو جهوداً لمحاولة إقامة حوار بين الجانبين الروسي والأوكراني، من خلال زيارة رسمية للرئيس الإندونيسي إلى البلدين في يوليو (تموز) الماضي لإحياء جهود السلام. كما أرسلت إندونيسيا دعوة رسمية للرئيس الأوكراني للمشاركة في قمة العشرين المقررة في بالي، وحضر ممثلو أوكرانيا عدداً من الاجتماعات على المستوى الوزاري.

وتحاول دول العشرين معالجة القضايا الطارئة بحلول فعالة اقتصادياً. وخلال اجتماع وزراء المالية لدول العشرين في بالي يوليو الماضي، على رغم غياب صدور بيان ختامي مشترك تتفق عليه جميع الأطراف بسبب اختلاف وجهات النظر حول الحرب الروسية - الأوكرانية، أعلنت المجموعة عن الاستنكار الشديد للحرب في أوكرانيا، والقلق المستمر من ازدياد أسعار الغذاء والطاقة. كما اتفقت دول المجموعة على أن التعافي الاقتصادي عقب جائحة كورونا تعرقل بسبب الحرب.

وفي اجتماعهم خلال أكتوبر الماضي أكدت الدول العشرون الالتزام بسياسات مالية مخططة جيداً لدعم التعافي المستدام والتأقلم مع آثار الحرب الاقتصادية، إلى جانب تبني سياسات مالية مرنة والاستجابة لضغوطات التضخم التي عصفت بغالبية دول العالم، مع الإشارة لضرورة تطبيق سياسات التعاون المصغرة لتحقيق الاستقرار المالي والاستدامة المالية طويلة المدى. وأجمع أكبر 20 اقتصاداً في العالم على أن يضع في اعتباره كل الأدوات الضرورية للتعامل مع أزمات الغذاء والطاقة وكلف المعيشة. كما تحاول دول العشرين إيجاد توازن إمدادات الأغذية بين الدول بطرق شفافة ومتاحة ومنفتحة.

على جانب آخر يرى متخصصون أن أزمة الطاقة الناجمة عن نقص إمدادات الغاز والبترول يمكنها أن تكون باباً لحث دول العشرين على اللجوء إلى مصادر الطاقة البديلة، وتسريع التحول نحو الطاقة النظيفة خلال السنوات المقبلة. 

التضخم العائق الأكبر

بحسب بيانات المنتدى الاقتصادي العالمي يمثل التضخم أكبر المخاوف والتهديدات بالنسبة للشركات والأعمال في دول العشرين خلال العامين المقبلين. ووصل التضخم في عدد من دول العشرين إلى معدلات غير مسبوقة منذ عقود، حيث وصل إلى 8.2 في المئة خلال شهر سبتمبر في الولايات المتحدة، و10 في المئة في المملكة المتحدة، 5.6 في المئة في فرنسا، و10.7 في المئة في الهند، و5.9 في المئة في إندونيسيا. 

لهذا يتوقع مراقبون أن تعمل دول العشرين وقادتها على دعم السياسات الاقتصادية التي يمكنها أن تخفف من حدة آثار الحرب الروسية - الأوكرانية على الاقتصاد العالمي والتضخم بشكل خاص. ويشير صندوق النقد الدولي للحاجة إلى تعاون عالمي مثمر تقوده دول المجموعة، وذلك لتجنب الأزمات المحتملة، وتعزيز النمو والإنتاجية وتخفيف حدة ارتفاع تكلفة المعيشة التي تدفع 71 مليون شخص نحو الفقر الشديدة بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويطالب صندوق النقد الدول الغنية أن تمنح مساعدات عاجلة للدول المحتاجة من خلال التمويل الثنائي أو المتعدد عن طريق برنامج الأغذية العالمي.

وينتظر أن تسعى القمة المقبلة لمعالجة الوضع الاقتصادي المتأزم نتيجة للحرب الروسية - الأوكرانية، واحتواء المعدلات غير المسبوقة للتضخم في معظم الدول الأعضاء إلى جانب محاولة إحياء جهود التعافي التي عرقلتها الحرب. وعلى رغم ما يخيم على أجواء القمة من أجواء تشي بالانقسام بين أعضائها، فما زال نتاج قمة القادة محط أنظار العالم أجمع لما لها من تأثير على الاقتصاد العالمي.

اقرأ المزيد