Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حزب الله" يكشف مطلبه: رئيس شبيه بعون ولحود

احتدام الصراع الأميركي الإيراني على النفوذ في لبنان وكتلة جنبلاط لن تنحاز إلى فرنجية

يرى البعض استحالة تكرار تجربة تعطيل الرئاسة حين حمل "حزب الله" لبنان الفراغ الرئاسي لمدة طويلة (دالاتي ونهرا)

يخشى قطب سياسي لبناني له دور محوري في انتخابات الرئاسة اللبنانية من أن استمرار الانسداد الحاصل في اختيار الرئيس الجديد، بعد مضي أسبوعين على نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، وبعد عقد البرلمان خمس جلسات من دون أن يتمكن أي من المعسكرين العريضين اللذين تتشكل منهما الكتل النيابية من ضمان نجاح أي مرشح يفضله كل منهما، مما يضع البلد أمام احتمال إطالة الفراغ الرئاسي المدمر، في ظل الأزمة الاقتصادية المالية التي تنعكس في شكل مأساوي على الوضع المعيشي.

ويوحي المشهد السياسي اللبناني بوجود آمال معلقة على تدخل، أو تسوية تأتي من الخارج على اسم الرئيس العتيد المنال، في ظل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، يبقى لبنان ساحة صراع وتبادل للضغوط يكون الفراغ الرئاسي أحد مظاهرها، كما ظهر من الهجوم الذي شنه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله على ما وصفه "تدخلات السفارة الأميركية" في لبنان، واشتراطه رئيساً للجمهورية شبيهاً بالرئيس عون وبالرئيس الأسبق إميل لحود (1998-2007) اللذين كانا حليفين لصيقين للحزب ومع خياراته الإقليمية إلى جانب المحور الإيراني - السوري، وهو لذلك يرتاح إلى ضمان نجاح مرشحه سليمان فرنجية.

الوسط السياسي يرى استحالة تكرار تجربة تعطيل الرئاسة حين حمل "حزب الله" لبنان الفراغ الرئاسي لمدة طويلة كما حصل عام 2014 (استمر الفراغ أكثر من سنتين وخمسة أشهر) قبل انتخاب حليفه عون للرئاسة. ففي حينها لم يكن الاقتصاد قد انهار وكان وضع العملة اللبنانية سليماً. لكن التمنيات بأن يكون الوضع الاقتصادي الراهن ضاغطاً على الفرقاء كي يسرعوا انتخاب الرئيس قد خابت، وبات المتابعون من كثب لجلسات البرلمان الخمس التي انعقدت حتى الآن يرون أن الفراغ سيستمر أشهراً وليس أسابيع. في الأقل هذا ما يتخوفون منه.

الاتفاق مع صندوق النقد والحاجة إلى توقيع الرئيس

يقول القطب السياسي إياه إنه لا يعرف إلى أي مدى يمكن أن يستمر الفراغ، في وقت يحتاج لبنان إلى خطوات سريعة من أجل إطلاق التعافي الاقتصادي باتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي من دونه لا يمكن توقع ضخ مساعدات مالية في الاقتصاد الذي يفتقد إلى العملة الصعبة في مصرفه المركزي، بعد تراجع احتياطيه منها إلى زهاء تسعة مليارات دولار كما يردد الخبراء الاقتصاديون.

ويشير مصدر نيابي إلى أن القوانين الملحة التي نص على إقرارها الاتفاق الأولي مع صندوق النقد في 7 أبريل (نيسان) الماضي، قبل إقرار هذا الاتفاق من قبل مجلس إدارة الصندوق هي أربعة، أقر البرلمان اثنين منها هما موازنة عام 2022 وتعديل قانون السرية المصرفية لتسهيل الكشف عن الحسابات والتدقيق بالفساد المالي. لكن قانوني ضبط السحوبات والتحويلات المالية (كابيتال كونترول)، وإعادة هيكلة المصارف اللبنانية، لم يصدرا بعد، وما زالا قيد البحث في اللجان النيابية المختصة، وسط خلافات عليهما، بينما هناك سجال نيابي في شأن حق البرلمان في التشريع، فيما الدستور ينص على أنه حين يحصل شغور في الرئاسة على المجلس النيابي أن ينعقد فوراً لانتخاب رئيس، وفي هذه الحال لا يقوم بأي عمل آخر حتى انتخاب الرئيس.

ومع أن رئيس البرلمان نبيه بري يعتبر أن المقصود أنه لا يمكنه التشريع في الجلسة التي تخصص للانتخاب، وبالتالي بإمكانه الدعوة إلى جلسات تشريعية، فإن افتراض مناقشة القانونين المذكورين وإقرارهما حتى لو أزيلت الخلافات التي حالت حتى الآن دون إنجازهما يحتاج إلى رئيس للجمهورية من أجل توقيعهما وإصدارهما كقانونين نافذين، بحسب ما ينص الدستور. هذه الحالة وحدها تشكل عنصراً ضاغطاً على القوى السياسية لإخراج جلسات البرلمان من الجمود الذي يحول دون انتخاب الرئيس. وكان صندوق النقد اشترط ثماني خطوات من لبنان قبل اعتبار الاتفاق معه نافذاً، ثم عاد فتساهل ووافق على حصر الشروط بالقوانين الأربعة.

تعطيل انتخاب معوض وانتظار تبدلات لمصلحة فرنجية

الاستحقاق الرئاسي اللبناني ما زال عالقاً بين مرشح للقوى السيادية وبعض التغييريين والمستقلين، الذين دعموا النائب السابق ميشال معوض الذي حصل في الجلسة الأخيرة على 44 صوتاً (من أصل 128) مقابل 47 ورقة بيضاء التي دأب على استخدامها نواب "الثنائي الشيعي" أي حركة "أمل" و"حزب الله" وحلفاؤهما، إضافة إلى نواب "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، فيما أصوات بعض التغييريين والمستقلين الآخرين وبعض النواب السنة والشماليين تائهة لمصلحة مرشحين لا حظوظ لهم، أو لمصلحة إسقاط شعارات بدل أسماء في صندوق الاقتراع.

اتفاق "الثنائي الشيعي" مع "التيار الوطني الحر" هو تعويض عن رفض الأخير دعم المرشح المعروف لـ"الثنائي"، رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، سهل على "حزب الله" الاتفاق أيضاً مع باسيل على تعطيل نصاب الثلثين لاستمرار التئام البرلمان بالانسحاب بعد التصويت في الدورة الأولى من الاقتراع، في انتظار تبدل في خريطة مواقف الكتل، و"التيار" في مقدمها، لمصلحة فرنجية، فيما يعتقد خصوم "حزب الله" أنه بالورقة البيضاء ثم تعطيل نصاب الجلسات يعطل أي احتمال لرفع أصوات معوض، وصولاً إلى ضمان أكثرية النصف زائداً واحداً في الدورة الثانية من الاقتراع. فهو يعتبره مرشح "تحد" بسبب موقفه السلبي من سلاح "المقاومة" وانتقاده التحاق الحزب بالمحور الإيراني. فضلاً عن أنه يعتبره مدعوماً من الجانب الأميركي كما يقول بعض نوابه. ويرى خصوم الحزب أن تعطيل حسم الاستحقاق الرئاسي يرمي إلى استدراج الدول المعنية بلبنان (الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وفرنسا) إلى عقد صفقة مع إيران تقايض فيها الرئاسة بمكاسب أخرى منها رفع العقوبات، التي عادت واشنطن إلى التشدد في تطبيقها في المجال النفطي، وإلى فرض مزيد منها ضد قمع طهران الاحتجاجات الشعبية في المدن الإيرانية.

نواب جنبلاط لن يتجاوبوا مع مراهنة الحزب

وفي رأي مصادر نيابية تتابع اتصالات قيادة الحزب مع حليفه باسيل لإقناعه بدعم حليفه الآخر فرنجية، أن هناك مراهنة على التوصل إلى تسوية بينهما يحصل فيها باسيل على وعود من رئيس تيار "المردة" بالتزامه الوقوف إلى جانبه خلال رئاسته، للحصول على حق التعيين في مناصب مسيحية مهمة في الإدارة والقضاء والعسكر ووزارة الخارجية. ومع أن انضمام "التيار الوطني الحر" إلى خيار فرنجية في هذه الحال لا يضمن الأكثرية لمصلحته، فإن المراهنة هي على اجتذاب بضعة أصوات من المعسكر الآخر الذي يدعم النائب معوض، بسبب امتناع بعض التغيريين عن التصويت له. وفيما توجه الحزب هو إقناع رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط بالانحياز لفرنجية بدل التصويت لمعوض، تؤكد مصادر مقربة من جنبلاط لـ"اندبندنت عربية" أنه ليس في هذا الوارد، فكتلته النيابية تفضل أن تبتعد عن التركيبة السياسية التي تأتي بفرنجية في حال حصلت تسوية لمصلحته، وتجلس في مقاعد المتفرجين، على رغم أن فرنجية ليس إلغائياً مثل عون، لكنه ينفذ كل ما يطلبه منه "حزب الله".

وفي تقديرات هؤلاء النواب على رغم ذلك أن لدى الحزب مراهنة على آخرين لاستدراجهم نحو تأييد فرنجية من بعض نواب الشمال والسنة، إذا لم تحل ضغوط مراجعهم السياسية دون نجاح هذه المراهنة.

تلاشي الضغوط الخارجية وتنافس إيران وأميركا

توالت التسريبات عن مخارج من المأزق الراهن الذي يؤخر انتخاب الرئيس، وحول اقتراح هذه الجهة أو تلك، من الخارج أو من الداخل لأسماء يمكن أن تكون حلاً وسطاً بين معوض وفرنجية. وبين هذه الجهات فرنسا والبطريركية المارونية وغيرهما، لكن أياً من الفرقاء الفاعلين لم يؤكد التسريبات في شأن هذه الأسماء أو تعاطى معها بجدية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكثرت التكهنات والمراهنات حول سبل إحداث اختراق في الجمود في انتخاب الرئيس اللبناني، ومنها تعليق الآمال على نجاح الضغوط الخارجية لتسريع إنهاء الفراغ، في وقت يعتقد القطب السياسي الذي تحدثت إليه "اندبندنت عربية" أن هذه الضغوط ستتلاشى بعد بضعة أسابيع، لأن الدول الغربية والعربية المقصودة بممارسة هذه الضغوط لديها أولوياتها الأكثر أهمية من لبنان، وبالتالي هي ستترك اللبنانيين يقلعون شوكهم بأيديهم إذا امتد الفراغ إلى ما بعد نهاية السنة. وهذا ما يدفع إلى توقع إطالة أمد الفراغ، فضلاً عن أن "حزب الله" يواجه هذه الضغوط بمزيد من التشدد.

وتلفت أوساط نيابية إلى تصاعد التنافس على النفوذ في البلد بين أميركا وإيران على تأكيد الحضور الطويل النفس في ساحته. فالجانب الأميركي يعمل على رفع نسبة المساعدات الإنسانية للمجتمع اللبناني في المناطق غير الخاضعة لنفوذ "حزب الله" من أجل رفدها ببعض إمكانات الصمود، مقابل تولي الحزب تقديم المساعدات الإيرانية في مناطقه.

ينظر بعض المراقبين إلى زيارة المديرة العامة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (U.S.AID) في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) التي استمرت ثلاثة أيام جالت على المسؤولين وأعلنت خلالها عن تقديم مساعدة إضافية للبنان بقيمة 70 مليون دولار، 50 مليوناً منها لدعم التعليم العالي، و8.5 مليون لـ22 مشروعاً لتزويد محطات ضخ المياه بالطاقة الشمسية، والمبالغ الأخرى لقطاعات أمنية وحياتية. وكانت واشنطن منحت مساعدات بزهاء 170 مليون دولار خلال هذه السنة. وجاءت الزيارة والتقديمات التي أعلنتها باور، بعد أن تبلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من الجانب الأميركي أن هبة الفيول الإيراني لمعامل إنتاج الكهرباء والتي تكفيه إنتاج الطاقة الكهربائية لمدة أربعة إلى خمسة أشهر، وكان "حزب الله" سعى إليها مع طهران، تخضع للعقوبات الأميركية على تصدير النفط الإيراني.

باربرا ليف ونصر الله

تزامنت الزيارة مع تحذير مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من أن لبنان "مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة، معتبرة أن اللبنانيين سيضطرون على الأرجح إلى تحمل مزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة"، في سياق حديثها عن الاستحقاق الرئاسي. وشددت على أنه "ليس عمل الدبلوماسيين الأجانب الذهاب إلى مجلس النواب والضغط على النواب لانتخاب رئيس"، معتقدة أنه "يجب أن تسوء الأمور أكثر قبل أن يصبح هناك ضغط شعبي يشعر به النواب". وأشارت إلى أن "طروحات تقول إن انهيار لبنان سيمكن بطريقة ما إعادة بنائه من تحت الرماد، متحرراً من اللعنة التي يمثلها حزب الله، لكن شعب لبنان، وجيرانه الأردن وإسرائيل والشعب السوري سيتحملون العبء الأكبر لانهيار الدولة". واعتبرت أن "حزب الله يشكل تهديداً لنا ولجيران لبنان، وللبنانيين أنفسهم، ونحن مستمرون في فرض عقوبات وحصار شبكاته في المنطقة وغيرها". ووصفت شحنات النفط الإيرانية "التي تسمى إنقاذية" بأنها "تهرب ولا تدخل إلى شبكة الطاقة".

ولم يلبث الأمين العام لـ"حزب الله" أن رد على كلام المسؤولة الأميركية في خطاب له في 11 نوفمبر، فقال إن "المقاومة هي التي خلصت لبنان من لعنة الاحتلال الإسرائيلي التي صنعتها الولايات المتحدة"، وأعلن أن "الولايات المتحدة تمنع أي دولة من مساعدة لبنان وإذا كان لدى دولة الشجاعة بالخروج عن الحصار الأميركي لمساعدة لبنان تقوم الولايات المتحدة بمنع الحكومة من قبولها وسمعنا أن روسيا تريد منح لبنان هبة قمح وفيول، فهل سيقبل لبنان أو سيجرؤ؟ هذا ما حصل معنا بخصوص الفيول الإيراني".

وأشار إلى أن السفارة الأميركية "تتدخل في أصغر التفاصيل الحكومية والوزارية في لبنان. الولايات المتحدة تعلن دعم الجيش اللبناني لاعتبارها إياه مؤهلاً للوقوف في وجه المقاومة ولكن الجيش بقياداته كافة وضباطه يرفض هذه الفكرة من السابقين والحاليين". أضاف "المقاومة هي من أهم عناصر القوة في لبنان وهي مستهدفة لا سيما من قبل الأميركيين الذين ما زالوا يسعون للفوضى. يجب الحفاظ على عناصر القوة في لبنان ورئاسة الجمهورية أهمها ولها علاقة بالأمن القومي لبلدنا".

وعلى رغم أنه قال إن لا أحد يريد الفراغ الرئاسي رأى أن "رئاسة الجمهورية مفصل حساس ومصيري في لبنان وستترك آثارها على مدى السنوات الست وما بعدها، لكن ذلك لا يعني ملء هذا الفراغ بأي كان".

واعتبر أن "المقاومة ليست بحاجة إلى غطاء أو حماية، وما نريده رئيساً لا يطعنها في ظهرها ولا يبيعها وهذا من الحد الأدنى لمواصفات رئيس الجمهورية"، معتبراً أنه في عهد الرئيس عون "كانت المقاومة آمنة الظهر لأنه كان في بعبدا رجل شجاع".

أضاف "المقاومة التي صنعت التحرير عام 2000 والتي قاتلت بالسياسة والعسكر في الـ2006 كانت مطمئنة في ظهرها، لأن الرئيس العماد إميل لحود لم يطعنها أو يتركها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير