Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمم المتحدة تمهد لعملية سياسية جديدة لإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا

دعا عبدالله باثيلي "جميع القادة للاستعداد والدخول في حوار وطني والخروج بموقف واحد على كل المستويات"

 الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باثيلي (وسط) يصل العاصمة طرابلس في 5 نوفمبر (أ ف ب)

باشر المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا السنغالي عبدالله باثيلي مهمته الصعبة، قبل أسابيع قليلة، وسط تراجع ملحوظ في الاهتمام الدولي بملف الأزمة الليبية لصالح الحرب الروسية - الأوكرانية وتداعياتها على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية.

وتشير تصريحات باثيلي الأخيرة، التي تلت جولة مكوكية على كل القيادات السياسية لأطراف النزاع الليبي في الشرق والغرب، إلى رغبته في إطلاق خريطة طريق جديدة ومختصرة تؤدي إلى عملية انتخابية تفرز أجساماً جديدة بشرعية لا خلاف عليها، مستمدة من صناديق الاقتراع وإرادة الناخبين.

حوار وطني جديد

ودعا المبعوث الدولي إلى ليبيا في آخر تصريح له "جميع القادة الليبيين للاستعداد والدخول في حوار وطني والخروج بموقف واحد على كل المستويات". وقال باتيلي، ضمن مشاركته في إطلاق عملية افتراضية لمحاكاة انتخابية في العاصمة طرابلس، إن "الأوان قد حان لوضع نهاية للمرحلة الانتقالية القائمة من خلال إجراء الانتخابات، مطلب جميع الليبيين". أضاف أن "ليبيا ما زالت في مرحلة انتقالية منذ 10 سنوات، وجميع القادة من الغرب والشرق أعربوا عن رغبتهم في المضي بإجراء الانتخابات، وهذه هي تطلعات الشعب الليبي". ونوه بأن "الشعب الليبي بصورة عامة يريد انتخابات حرة ونزيهة، كما أنه يريد اختيار قادة يهتمون باحتياجاته من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية".

حكومة جديدة

وبالتزامن مع تصريحات باثيلي وزياراته للقيادات السياسية في البلاد، بدأت تتسرب معلومات من أطراف رسمية عن وجود خطة لإعادة هيكلة كثير من الأجسام السياسية، التي شكلت بموجب اتفاق جنيف عام 2020، الذي بات منتهياً بشكل رسمي منذ الفشل في تحقيق هدفه المركزي وهو الانتخابات التي كانت مقررة في نهاية عام 2021.

وتشمل التغييرات المحتملة، بحسب هذه التسريبات، المجلس الرئاسي الذي يقوده محمد المنفي، والسلطة التنفيذية المنشطرة حالياً بين حكومتين، حكومة الوحدة بقيادة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس، والحكومة التي شكلها البرلمان أخيراً برئاسة فتحي باشاغا في بنغازي.

في السياق، لمح عضو مجلس النواب الليبي عبدالمنعم العرفي لوجود تحرك دولي لإقناع الأطراف الليبية بضرورة إجراء هذه التغييرات لحل خلافاتها الحالية، قائلاً "أعتقد أن هناك مخططاً لتشكيل حكومة ثالثة مصغرة لتوحيد السلطة التنفيذية مع تشكيل مجلس رئاسي جديد، تسير بالبلاد إلى الانتخابات، وذلك لحل جميع الخلافات السياسية الحالية".

وأكدت تصريحات مشابهة للنائب كمال شلبي، صحة هذه المعلومات، قال فيها إن "السيناريو الأقرب في الفترة المقبلة هو اختيار حكومة جديدة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات".

تغير موقف البرلمان

ولفت شلبي إلى أن "مجلس النواب قد يتراجع عن موقفه المتشدد المتمسك بشرعية حكومة باشاغا، التي شكلها في مارس (آذار) الماضي، لتجنب الانقسام السياسي في البلاد، لأن هذه الحكومة انحسر نطاق سيطرتها وتحركاتها بصورة كبيرة بسبب عدم امتلاكها التمويل الكافي لتأمين حاجات المواطنين وتحسين أوضاعهم المعيشية". ورأى أن "الأزمة لم تتوقف عند استمرار اعتراف المجتمع الدولي بحكومة الدبيبة، أو تعثر دخول حكومة باشاغا إلى العاصمة، وانحسار نطاق سيطرتها وتحركاتها الميدانية ببعض المناطق، بل امتد الأمر أيضاً لضعف قدراتها". وأوضح أن "مصرف ليبيا المركزي في طرابلس لم يوفر ما اعتمد لحكومة باشاغا من موازنة، وما تحصلت عليه من فرع المصرف في بنغازي يعد مبلغاً بسيطاً مقارنة باتساع نطاق عملها بكامل الشرق والجنوب الليبيين". واعتبر شلبي أن "عدم الاعتراف الدولي بحكومة باشاغا يرجع إلى تعاظم نفوذ الدول المتدخلة في الشأن الليبي، وتأثيرها في غالبية القرارات المهمة في الساحة الدولية".

المعضلة المركزية

والمعضلة الرئيسة التي يجب على المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا مواجهتها، في الطريق إلى الانتخابات، بحسب رأي المستشار السابق في مجلس الدولة صلاح البكوش، هي أن "المؤسسات المناط بها إصدار القاعدة الدستورية والقوانين الانتخابية وتحديد موعد الانتخابات، لا تريد الانتخابات". وقال البكوش إن "مجلسي الدولة والنواب، وهما المسؤولان عن قوانين الانتخابات، يرفضان إصدار قوانين انتخابية تخرجهما من المشهد، وهو سبب عدم إجراء انتخابات في ليبيا بالمطلق منذ عام 2014". ونوه بوجوب التعامل مع هذه المعضلة أولاً، معتبراً أن "المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي يحاول التوصل إلى توافق بين مجلسي النواب والدولة للذهاب إلى انتخابات، وهو ما لن يحدث، تماماً كما لم يحدث طيلة السنوات الثماني الماضية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وخلص إلى أن ما يعقد مهمة المبعوث الأممي هو أن "الموقف الدولي غير موحد أساساً إزاء الانتخابات الليبية، ولا سيما بالنسبة إلى الدول الخمس المتحكمة بالقرار الدولي، وهو ما برز في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، إذ طالب البعض بالذهاب إلى انتخابات، فيما دعا آخرون إلى الاستفتاء على الدستور أولاً، والذهاب إلى حكومة انتقالية ثالثة قبل الانتخابات".

تهيئة الظروف المناسبة

في المقابل، دعم الصحافي الليبي حسين المسلاتي فكرة البدء بتوحيد السلطة التنفيذية كإجراء ضروري للتجهيز للانتخابات العامة قائلاً إن "الانتخابات في ليبيا لن تكون أمراً واقعياً قبل تهيئة الظروف لها بشكل جيد، من خلال حكومة وحدة وطنية حقيقية تحقق الاستقرار الوطني أمنياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً، إضافة إلى إنهاء سيطرة شخصيات بعينها على المناصب السيادية، وإنتاج قاعدة دستورية توافقية للانتخابات بعيداً من فكر الإقصاء الذي لن يسهم في جعل الانتخابات واقعاً أبداً".

أما المحلل السياسي عبدالعظيم البشتي فرأى أن "الوضع الحالي يستوجب تقديم التنازلات المتبادلة الضرورية مهما كانت عدم الرغبة في ذلك لتفادي سيناريو تجدد الصراع المسلح". أضاف أن "الوصول إلى تفاهمات لن يكون إلا عبر الحلول الوسطى، وهذا يحتاج إلى تنازلات متبادلة".

في انتظار الربيع المحلل السياسي محمد قشوط كان له طرح مختلف في شأن خطط الرئيس الجديد للبعثة الدولية في ليبيا والقوى الدولية التي تدعمه وتحركه. واعتبر أن "المجتمع الدولي يريد تجميد الوضع السياسي في ليبيا حتى انتهاء فصل الشتاء من أجل التفرغ لتداعيات انقطاع الغاز الروسي ومواجهة صعوبات فصل الصقيع". وأشار قشوط إلى أن "المبعوثة الأممية السابقة في ليبيا ستيفاني ويليامز صرحت، قبل مدة، أن ليبيا لم تعد أولوية على طاولة المجتمع الدولي، وبالنظر إلى واقع الحرب الأوكرانية وفصل الشتاء المنتظر أن يكون صعباً على الغرب، كل ذلك يؤكد أنهم يبحثون عن أي وسيلة لمنع التصعيد للحفاظ على الوضع مجمداً حتى حلول الربيع، ثم ندخل متاهة الحوار السياسي من جديد". أضاف قشوط أن "الاستعراضات الأخيرة للقوات المسلحة في الجنوب وخطابات المشير خليفة حفتر، خصوصاً من مدينة الجفرة حيث لوح بحرب جديدة، زادتا من حجم الضغوط على المجتمع الدولي".

المزيد من العالم العربي