Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إقرار البرلمان الليبي موازنة حكومة باشاغا يواجه معضلة التمويل

الضغوط تتكثف على محافظ المصرف المركزي والدبيبة يرفض التسليم

جانب من اجتماع مجلس النواب الليبي في سرت لاقرار الموازنة (المركز الإعلامي لرئيس البرلمان الليبي)

أقر البرلمان الليبي أخيراً، الموازنة العامة للحكومة الجديدة، برئاسة فتحي باشاغا، بقيمة إجمالية تجاوزت 98 مليار دينار ليبي، ما يعادل 19 مليار دولار، بعد مداولات طويلة امتدت لأكثر من شهر ونصف الشهر.

وعلى الرغم من أن الموافقة على مشروع الموازنة تمثل دفعة قوية لباشاغا وحكومته، فإنها رفعت مستويات الترقب في المشهد الليبي، وسط تساؤلات كثيرة عن موقف المصرف المركزي من تمويل الموازنة المقرة، وهل يمثل هذا المتغير الجديد نهاية للأزمة الحكومية في ليبيا، أم هو بداية لفصل جديد منها، يشهد مشاركة أطراف جديدة في النزاع؟

بإجماع من حضر

وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق إن "المجلس أقر موازنة 2022 المقدمة من الحكومة الليبية بقيادة فتحي باشاغا، بقيمة إجمالية بلغت قرابة 90 مليار دينار، بعد إنجاز كل ملاحظات النواب بإجماع 103 نواب، من بينهم 5 أصوات إلكترونية لأعضاء في البرلمان، البالغ عددهم حالياً 163 نائباً".

وأوضح بليحق، خلال مؤتمر صحافي عقده بمدينة سرت، أن "إقرار الموازنة جاء بعد سلسلة اجتماعات مع لجنة المالية ولجنة تنفيذ مخرجات اجتماع سرت ومصرف ليبيا المركزي والجهات الرقابية التابعة للبرلمان ووزارة المالية".
وعلق بليحق، على التهم الموجهة إلى البرلمان بإقرار الموازنة من دون وجود نصاب قانوني، قائلاً إن "الجلسة توفر فيها النصاب القانوني بحضور أعضاء مجلس النواب بنسبة 60 في المئة أي 98 نائباً"، مشيراً إلى أن البرلمان "سيتخذ إجراءات خلال الأيام المقبلة من أجل توفير الموازنة المحددة للحكومة الليبية لتمارس عملها بشكل قانوني".

نصف الموازنة للمرتبات

وبحسب ما ورد في مشروع الموازنة المقدمة من الحكومة الليبية المكلفة، تسبب التضخم الكبير في نفقات بعض الأبواب، بتوسع الموازنة لتصبح الأكبر في تاريخ البلاد، وأبرز هذه الأبواب هو الباب الأول المخصص للمرتبات العامة الذي سيستنزف نصف القيمة الإجمالية، بتخصيص 43 مليار دينار ليبي له (8 مليارات دولار)، وخصصت الحكومة للدعم 18 مليار دينار (3.75 مليار دولار) و15 مليار دينار للباب الخاص بمشروعات الأعمال الجديدة، و11 مليار دينار للباب الثاني المتعلق بنفقات التسيير والتجهيز والتشغيل.

واعتبر باشاغا، خلال كلمة مسجلة بثت بعد اعتماد مجلس النواب، الموازنة المقدمة من حكومته، أن "المال العام أصبح مصوناً بقوة القانون بعد اعتماد الموازنة العامة للدولة، وهذا الأمر يسهم في توحيد المؤسسات المالية للدولة، ويسهل على الجهات الرقابية أداء وجباتها القانونية". وأضاف أن "اعتماد الموازنة يرفع حملاً ثقيلاً عن المصرف ليبيا المركزي باعتباره المتضرر الأكبر من عدم اعتمادها من مجلس النواب خلال السنوات الماضية".
وقال باشاغا، إن "مشروع الموازنة كان نتاج عمل جماعي بين اللجنة المالية البرلمانية وأعضاء مجلس الدولة ومصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة والرقابة الإدارية ومكافحة الفساد ونخبة من الخبراء".
وأشار إلى "أهمية إلغاء الحكومة بند الطوارئ لما يشكله من فساد وتحايل على القانون، وكذلك تخفيض الباب الثالث المتعلق بالمصاريف التسييرية بما يتماشى مع أولويات الدولة".

معضلة التمويل

وبمجرد الإعلان عن الموافقة البرلمانية على الموازنة المقترحة من حكومة باشاغا، تركزت التساؤلات على موقف المصرف المركزي، بقيادة الصديق الكبير، من تنفيذها، ومدى إمكانية توقفه عن إمداد "حكومة الوحدة" المؤقتة في طرابلس، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالأموال في ظل نقص الموارد.
واعتمد مشروع الموازنة الحكومي الجديد بشكل كامل على الموارد السيادية التي تصب في المصرف المركزي لتغطية قيمته، حيث رجح أن يبلغ صافي إيرادات الموارد النفطية التي يتوقع تحقيقها 90 مليار دينار.

ومن الإيرادات السيادية ورسوم الخدمات التي ستغطي النفقات، الضرائب المباشرة وغير المباشرة بقيمة مليار ونصف المليار دينار، وإيرادات الرسوم الجمركية 750 مليون دينار، وإيرادات الاتصالات 450 مليون دينار، وحصة الخزانة العامة من بيع المحروقات بالسوق المحلية 350 مليون دينار، وأخيراً الإيرادات ورسوم الخدمات العامة 326 مليون دينار، بإجمالي يصل إلى قرابة 5 مليارات دينار، لتبلغ الإيرادات النفطية والسيادية المتوقع تحصيلها مجتمعة، 95 مليار دينار بفائض قيمته 5 مليارات دينار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحذير للمصرف المركزي

في السياق، دعا النائب عبد المنعم العرفي، "الأجهزة الرقابية والمالية في البلاد للانصياع والعمل مع الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، وتسييل القيمة المالية المخصصة لها".
وطالب العرفي، "محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، بالامتثال لقرار البرلمان وصرف الموازنة للحكومة حتى لا يخالف قانونياً".
أما النائب سعيد امغيب، فرأى أن "المصرف المركزي لن يكون قادراً على رفض تمويل الموازنة المعتمدة، بخاصة أن الحكومة الجديدة جاءت باتفاق بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة".

اختبار حقيقي

ويضع إقرار الموازنة العامة للدولة الليبية من قبل البرلمان، مؤسسات الدولة التنفيذية والرقابية أمام اختبار حقيقي، بحسب الباحث السياسي سليمان الشحومي.

وأوضح الشحومي أن "إقرار الميزانية يضع المؤسسات التنفيذية مثل البنك المركزي والرقابية مثل ديوان المحاسبة والرقابة الإدارية والمنظومة العدلية أمام اختبار حقيقي لمشروعية تحصيل وإنفاق المال العام والرقابة عليه". وأضاف، "لا اجتهاد مع النص القانوني، واستمرار وجود حكومة من دون شرعية محلية وقرب انتهاء المشروعية الدولية، ووجود حكومة تحظى بالشرعية البرلمانية، سيكون اختباراً حقيقياً للمجتمع الدولي، وهنا قد يجد خيار اللجنة الدولية لإدارة الإيرادات النفطية الليبية التي تروج لها واشنطن بقوة، سبيله إلى التنفيذ".

قفزة في الهواء

إلا أن المحلل السياسي عصام الزبير كان له رأي آخر، إذ شدد على أن "محافظ بنك ليبيا المركزي سيكون قادراً على رفض تمويل موازنة حكومة باشاغا، لأن الأشخاص الذين يسيطرون على الأجهزة السيادية الموجودة في طرابلس لم يتفاعلوا مع الحكومة التي يقودها باشاغا، ولا مع مجلس النواب الذي جاء بهذه الحكومة، ولهم موقف مسبق من البرلمان حتى قبل موضوع الموازنة، حيث سبق وطالب مجلس النواب بتغييرهم وبعدم الاعتراف بهم". ورأى الزبير أن "الجميع أيقنوا أن حكومة باشاغا لن تمثل شيئاً، خصوصاً أنها لم تحظَ بالدعم الدولي والمادي".
وتابع قائلاً، إن "حكومة باشاغا موجودة في سرت ولا تملك شيئاً، والاجتماع الذي عقد، الثلاثاء الماضي، بين رئيس حكومة الوحدة في طرابلس عبد الحميد الدبيبة ومحافظ البنك المركزي ورئيس ديوان المحاسبة ورئيس الرقابة الإدارية، هو بمثابة ضربة استباقية لاجتماع مجلس النواب والحكومة من أجل إقرار الموازنة، ودلالات هذه الخطوة واضحة جداً".

موقف الدبيبة

وفي تصريح أكد من جديد عدم وجود أي نية من الدبيبة، للاستسلام في معركته مع البرلمان وتسليم سلطاته للحكومة الجديدة، قال الدبيبة إن حكومته قادرة على الصمود، في ظل إغلاق معظم حقول النفط وإيقاف الإنتاج لأجل غير معلوم.
وقلل الدبيبة في مقابلة مع مجلة "جون أفريك" الفرنسية، من "الانعكاسات السلبية لإيقاف الإنتاج النفطي بسبب العدد القليل نسبياً لسكان ليبيا، إضافة إلى احتفاظ المصرف المركزي بنحو 50 مليار دولار من الاحتياطات، مع استمرار إنتاج الغاز. ولذلك يعتقد أن السلطات في طرابلس متماسكة ويمكنها الصمود لفترات طويلة".

المزيد من العالم العربي