Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتباك بسوق الصرف في مصر مع بدء التعويم التدريجي للجنيه

واصل الارتفاع ليسجل أعلى مستوى في سنوات مع تحركات مكثفة للبنك المركزي

خفض قيمة الجنيه المصري يربك سوق الصرف والحكومة  تؤكد أن المفاوضات الجارية مع صندوق النقد "مطمئنة" ( أ ف ب)

كشف محللون وخبراء مصرفيون، أن البنك المركزي المصري بدأ بالفعل في تغيير سياساته في ما يتعلق بأداء الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، حيث تشير التراجعات المستمرة وإن كانت بشكل طفيف في قيمة الجنيه مقابل الدولار، إلى أنه بدأ بالفعل في تنفيذ سياسة التعويم التدريجي أو المدار للجنيه مقابل الدولار. وأعلنت البنوك المصرية خلال الساعات الماضية عن تخفيضات جديدة في قيمة الجنيه مقابل الدولار. ووفق بيانات البنك المركزي المصري، فقد بلغ سعر صرف الدولار مقابل 19.25 جنيه للبيع و19.18 جنيه للشراء، لتخسر العملة المصرية 5 قروش دفعة واحدة.

والسعر الجديد للدولار هو أدنى مستوى للجنيه منذ تحرير سعر الصرف وإعلان قرار تعويم الجنيه مقابل الدولار في أول نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، عندما بلغ الدولار 19.56 جنيه للدولار. وسجل سعر الدولار لدى معظم البنوك الخاصة 19.26 جنيه للبيع، و19.23 جنيه للشراء. وفقد الجنيه المصري أكثر من 21 في المئة من قيمته مقابل الدولار الأميركي منذ قرارات مارس (آذار) الماضي التي جاءت في اجتماع استثنائي حينما أعلن البنك المركزي المصري رفع سعر صرف الدولار من مستوى 15.64 جنيه إلى نحو 18 جنيهاً.

أزمة شح الدولار وتكدس البضائع بالموانئ

وتشهد سوق الصرف في مصر حالة من عدم الاستقرار منذ الإعلان عن مفاوضات مع صندوق النقد الدولي في شأن تمويل جديد ومطالبته الحكومة المصرية بضرورة ارتفاع سياسة صرف مرنة للجنيه مقابل الدولار. وكانت عدة بنوك دولية قد كشفت عن أن القيمة الحالية للجنيه المصري مبالغ فيها، وأنه يجري تداول العملة الأميركية بأقل من قيمتها الحقيقية في السوق المصرية.

ومنذ استقالة محافظ البنك المركزي المصري السابق، طارق عامر، يجري البنك المركزي المصري بقيادة حسن عبدالله، تحركات مكثفة، لاحتواء أكثر من أزمة، تتصدرها السلع المكدسة في الموانئ المصرية بسبب أزمة شح الدولار وعدم قدرة البنوك على توفير التمويل اللازم للمستوردين بإتمام عمليات الاستيراد.

وفي إطار الإجراءات الجديدة التي أعلنها البنك المركزي المصري، فقد تقرر رفع الحد الأقصى للمبلغ النقدي الذي يسمح للعملاء بسحبه من حساباتهم المصرفية وأزال القيود المفروضة على المبلغ الذي يمكنهم إيداعه. وأعلن محافظ البنك المعين حديثاً حسن عبدالله في منشور أنه سيسمح الآن بسحب ما يصل إلى 150 ألف جنيه (7800 دولار) ارتفاعاً من 50 ألفاً وفق القاعدة التي كان معمولاً بها منذ أبريل (نيسان) 2020.

وكان البنك المركزي قد فرض قيود السحب والإيداع في 2020 في إطار خطة للتخفيف من الآثار السلبية لجائحة فيروس كورونا، لكن مصرفيين يقولون إن هذه القيود ساعدت في تضييق الخناق على السوق السوداء في العملة الأجنبية من خلال تقليل كمية السيولة المتاحة.

التراجعات الطفيفة تشير إلى بدء التعويم التدريجي

يرى محمود شكري المدير التنفيذي لمجموعة "أيه أم سي" للاستثمار، أن التراجعات المستمرة في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، تشير إلى بدء سياسة التعويم التدريجي للجنيه، بخاصة أن الارتفاعات طفيفة، وهو ما يحدث في التعويم التدريجي.

وأشار في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، إلى أن الجنيه المصري ظل صامداً لسنوات بعد التعويم الأول في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، وأيضاً، يشهد حالة من الاستقرار منذ قرار التعويم الثاني في مارس (آذار) الماضي. وأوضح أنه على الرغم من وجود عدد من العوامل تؤثر بشكل مباشر على احتياطي النقد الأجنبي، لكن هذه العوامل تؤثر أيضاً في حركة العملة المصرية مقابل الدولار الأميركي. ومن بين هذه العوامل التزامات الدين الخارجي وفوائد الدين التي تتصاعد بنسب كبيرة، وفي المقابل، تلجأ الحكومة المصرية إلى العديد من الإجراءات لتحكم الطلب على العملة الصعبة حتى تتمكن من الوفاء بالالتزامات الخارجية.

وأوضح أن هناك عدة قرارات كانت صحيحة بنسبة كبيرة، بينها قيام الحكومة بوقف استراد السلع الترفيهية أو الاستفزازية بشكل مؤقت، وهو ما تسبب في تخفيف الطلب على الدولار، لكن في المقابل تواصل الحكومة تمويل استيراد السلع الاستراتيجية والغذائية، وهو ما يتطلب ضرورة البحث عن آليات لتوفير المزيد من العملة الصعبة لتمويل الفاتورة الضخمة للواردات.

وشدد على ضرورة تقديم دعم كامل للصناعات المساندة للمنتح المحلي، وتقديم الدعم اللوجيستي، حتى لو تطلب الأمر استيراد سلع مساندة، مع تسهيل الاعتمادات المستندية الخاصة بها، كما يجب التوسع في إطلاق مبادرات لدعم الصناعات المحلية البديلة للاستدامة وتخفيف الضغط على الدولار، ومن ثم يبدأ الجنيه المصري في التماسك.

ماذا تعرف عن التعويم التدريجي؟

البيانات تشير إلى أن التعويم الكامل هو ألا يتدخل البنك المركزي مطلقاً في تحديد سعر الصرف، بالتالي يبقى سعر الصرف خاضعاً لقواعد السوق.

أما التعويم المدار، فهو أن يتدخل البنك المركزي بصفة دورية كصانع لسوق الصرف، بالتالي يحدد البنك المركزي أسعار بيع وشراء العملة المحلية، ويتدخل في كثير من الأحيان في شراء وبيع العملة المحلية والعملات الأجنبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يعني ترك سعر الصرف يتحدد وفقاً للعرض والطلب مع لجوء المصرف المركزي إلى التدخل كلما دعت الحاجة إلى تعديل هذا السعر مقابل بقية العملات، وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات مثل مقدار الفجوة بين العرض والطلب في سوق الصرف، ومستويات أسعار الصرف الفورية والآجلة، والتطورات في أسواق سعر الصرف الموازية.

ويتبع هذا الشكل من التعويم في بعض البلدان الرأسمالية ومجموعة من البلدان النامية التي تربط سعر صرف عملتها بالدولار الأميركي أو الجنيه الاسترليني أو الفرنك الفرنسي (سابقاً) أو بسلة من العملات

وفي اقتصاد عالمي متكامل بشكل متزايد، تؤثر أسعار العملات على اقتصاد أي بلد من خلال الميزان التجاري. في هذا الجانب، تتم إدارة جميع العملات تقريباً حيث تتدخل البنوك المركزية أو الحكومات للتأثير على قيمة عملاتها. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، اعتباراً من عام 2014، استخدمت 82 دولة ومنطقة تعويماً مداراً، أو 43 في المئة من جميع البلدان، مما يشكل تعددية بين أنواع أنظمة أسعار الصرف.

وزير المالية يعلن بيانات إيجابية في شأن عجز الموازنة

كان وزير المالية المصري، قد توقع انخفاض العجز الكلي للميزانية إلى 5.6 في المئة في السنة المالية الحالية 2022-2023 من 6.1 في المئة في السنة المالية السابقة. وأوضح أنه من المتوقع انخفاض عجز الميزانية إلى خمسة في المئة في السنة المالية المقبلة 2023-2024.

وقال إن عجز الموازنة سجل 6.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الماضية التي انتهت في 30 يونيو (حزيران) 2022، مع تحقيق فائض أولي للعام الخامس على التوالي بلغ 1.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأضاف الوزير "نسبة دين أجهزة الموازنة العامة للدولة من الناتج المحلي الإجمالي بلغت 87.2 في المئة في السنة المالية الماضية ارتفاعاً من 84.6 في المئة في السنة المالية 2020-2021".

وتوقع انخفاض نسبة الدين إلى 82.5 في المئة في السنة المالية الجارية، مشيراً إلى أن النسبة كانت تتجه إلى تسجيل انخفاض في السنة المالية الماضية عن السنة المالية السابقة عليها، لكنها تأثرت بتراجع سعر صرف الجنيه هذا العام، مما رفعها بنحو أربعة في المئة.

وقال صندوق النقد في تقرير الشهر الماضي، إن الحكومة المصرية في حاجة لتحقيق "تقدم حاسم" في شأن الإصلاحات المالية والهيكلية. وأضاف أن الإصلاحات ينبغي أيضاً أن تدعم تطوير القطاع الخاص وتقلل دور الدولة في الاقتصاد.