Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صندوق النقد: إيرادات غير متوقعة للخليج وسط احتياطيات متراكمة

دعا البلدان المصدرة للنفط إلى تعظيم منافع عائدات الخام ببناء هوامش مالية وقائية وتنفيذ خطط التنويع

قال الصندوق إن التحدي الأكثر إلحاحاً لدى جميع البلدان يكمن في التصدي لارتفاع كلفة المعيشة (أ ف ب)

قال صندوق النقد الدولي إنه على رغم الآثار السلبية للحرب الروسية على أوكرانيا والتي جاءت أقل حدة من المتوقع حتى الآن في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فإن الارتباط القوي بين روسيا والمنطقة يفرض أخطاراً هائلة على الآفاق الاقتصادية لبلدان الشرق الأوسط.

وأضاف الصندوق أن التحدي الأكثر إلحاحاً على صعيد السياسات في جميع البلدان يكمن في التصدي لأزمة كلفة المعيشة من طريق استعادة استقرار الأسعار، وحماية الفئات الضعيفة من خلال الدعم الموجه للمستحقين وضمان تحقيق الأمن الغذائي.

وقال الصندوق إن البلدان المصدرة للنفط في المنطقة أمامها فرصة لتعظيم المنافع المتحققة من عائدات النفط الاستثنائية ببناء هوامش مالية وقائية والمضي قدماً نحو تنفيذ خطط التنويع الاقتصادي. 

وأشار الصندوق إلى أنه وفي ظل استمرار تدهور الأوضاع العالمية تعاني اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من مجموعة صدمات متزامنة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتقلبها وتشديد الأوضاع المالية بأسرع وأقوى من المتوقع، إضافة إلى أخطار التشتت.

محنة الأسواق الصاعدة

وأشار الصندوق إلى تضرر اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات متوسطة الدخل والبلدان منخفضة الدخل في المنطقة بشدة، إذ يواجه عدد كبير منها قيوداً على النفاذ إلى أسواق التمويل، بينما تتمتع البلدان المصدرة للنفط بهوامش مالية وقائية بفضل استمرار ارتفاع أسعار الطاقة.  

وأطلق الصندوق تقريره للمرة الثانية والذي حمل عنوان "آفاق الاقتصاد الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا" لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، لكن هذه المرة خلال مؤتمر صحافي عقد في مركز دبي المالي العالمي، إذ أطلقه للمرة الأولى خلال الاجتماعات السنوية للصندوق في واشنطن منتصف أكتوبر، وسلط الضوء هذه المرة على ما سماه "التحديات المتصاعدة والفترة الحاسمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، بحضور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، ووزير المالية الأردني محمد العسعس، وكبيرة الاقتصاديين ورئيسة قسم الأبحاث في بنك "الإمارات دبي الوطني" خديجة حق، بينما أدارت جلسة النقاش رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال" مينا العريبي.

ووصف أزعور النشاط الاقتصادي في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بـ "المرن حتى الآن"، لكنه قال إن التضخم استمر في مفاجأة الاتجاه الصعودي وأصبح واسع النطاق وسط شكوك استثنائية وأخطار الهبوط.

وأضاف، "لا يزال النشاط في البلدان المصدرة للنفط يستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة، في حين أن وتيرة التوسع في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان ذات الدخل المتوسط ​​تتأثر بصدمة عميقة في شروط التبادل التجاري وانتشار سيادي أعلى وتآكل في الوصول إلى الأسواق".

وتحدث أزعور عن مواجهة البلدان منخفضة الدخل تحديات كبيرة ناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي، والتقدم المحدود في إطلاق اللقاحات وأوجه الهشاشة والصراع الخاصة بكل بلد. 

خريطة التضخم

وقال أزعور إن الظروف العالمية المتدهورة تلقي بثقلها على آفاق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مضيفاً أنه من المتوقع أن ينمو إجمال الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.0 في المئة عام 2022، من 4.1 في المئة عام 2021، ولكن من المتوقع أن يتباطأ إلى 3.6 في المئة عام 2023.

وفي الوقت نفسه فمن المتوقع أن يظل التضخم الرئيس في خانة العشرات حتى العام 2023 للعام الرابع على التوالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه إلى أن تأثير الحرب في أوكرانيا على القوقاز وآسيا الوسطى كان أكثر اعتدالاً حتى الآن مما كان متصوراً خلال أبريل (نيسان)، مع بعض التداعيات الإيجابية غير المتوقعة.

وأشار إلى أن "التضخم استمر في الارتفاع في عدد من بلدان منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، وبالنسبة إلى توقعاتنا لشهر أبريل فتمت ترقية النمو بمقدار 1.2 نقطة مئوية إلى 3.8 في المئة عام 2022، وهو لا يزال منخفضاً عن النمو القوي بنسبة 5.6 في المئة الذي شهدناه عام 2021.

ولكن مع استمرار الرياح المعاكسة من الحرب في أوكرانيا والتباطؤ العالمي فمن المرجح أن يتباطأ النمو إلى 3.5 في المئة على المدى المتوسط ​​، أي ما يقرب من نصف متوسط ​​معدل النمو التاريخي للتقييم القُطري المشترك البالغ سبعة في المئة تقريباً خلال العقدين السابقين لأزمة الوباء".

وحول ما يتعلق بميزان الأخطار قال أزعور إنها "مرجحة بشكل كبير على الجانب السلبي، إذ يؤدي استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساس وتفشي النقص في الغذاء إلى زيادة أخطار انعدام الأمن الغذائي والاضطرابات الاجتماعية والضغوط المالية".

وحذر أزعور من أن الظروف المالية الأشد القائمة اليوم من يمكن أن تؤجج أزمة تمويل في اقتصادات الأسواق الناشئة وذات الدخل المتوسط، ​​ويمكن أن تقلب الميزان نحو عدم الاستقرار المالي وضائقة الديون في البلدان ذات الأساسات الأضعف.

كما أشار إلى أن توسيع نطاق التضخم يشكل أيضاً مصدر قلق لأنه قد يتطلب سياسات أعمق للحد من التضخم قد تكون أكثر كلفة مما كان متوقعاً. 

ويرى أزعور أن الركود العالمي يؤثر في دول المنطقة بطرق مختلفة لأنه يترافق مع ارتفاع أسعار النفط والسلع، وأن الدول المصدرة تعوض عن تأثير الزيادة في أسعار الفائدة وكذلك التباطؤ الذي نراه عالمياً.

وكان أزعور قال خلال مؤتمر صحافي على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق في منتصف أكتوبر، إن "دول مجلس التعاون الخليجي تمكنت من الحفاظ على مستويات تضخم منخفضة، كما حافظت البلدان الخليجية على برامج الإصلاح التي بدأتها وساعدتها في تنويع مصادر إيراداتها وعدم الخوض في سياسات المقاضاة، وقد ساعد ذلك في زيادة احتياطات دول الخليج وتقوية حساباتهم الجارية والحسابات المالية وتقليل أي ضغط على الأسواق، مشيراً إلى أن بعض البلدان لديها بالفعل مستوى احتياطات متراكمة، وبالتالي ستكون أقل حاجة إلى الاقتراض في المستقبل".

أخطار زيادة الفقر

وتطرق الصندوق في تقريره إلى الحرب في أوكرانيا وأخطار زيادة الفقر وعدم المساواة في القوقاز وآسيا الوسطى، وأشار إلى أنه بناء على عمليات محاكاة أجريت باستخدام بيانات جزئية من مسوح موازنة الأسرة، فقد تفضي الحرب في أوكرانيا إلى زيادة الفقر بنحو نقطة مئوية واحدة وعدم المساواة بنحو واحد في المئة، وانخفاض استهلاك الأسر الحقيقي بنحو نقطتين مئويتين في المتوسط.

وتوقع أن تتحمل أفقر بلدان المنطقة العبء الأكبر من التأثير على الفقر الذي من شأنه أن يزداد بما يقرب من ضعف المتوسط على مستوى المنطقة.

وتحدث الصندوق عن الضغوط المتزايدة على المالية العامة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تنشأ عن ارتفاع الأسعار العالمية للغذاء والوقود، في وقت تعاني بلدان المنطقة من تشديد الأوضاع المالية العالمية وحال عدم اليقين غير المسبوقة، بينما تراجع الحيز المالي المتاح من خلال السياسات بسبب الجائحة.

وأضاف الصندوق "في الماضي استجاب صناع السياسات سريعاً لنوبات ارتفاع أسعار السلع الأولية للتخفيف من تداعياتها، غير أن استجابتهم لم تقترن في الغالب بآليات استهداف واضحة أو خطط مسبقة، مما أدى إلى تداعيات سلبية على المالية العامة وتوزيع الدخل، بما في ذلك التراخي الشديد والمستمر في تطبيق سياسة المالية العامة وزيادة جمود الموازنة والانتقاص من عدالتها، فضلاً عن غياب تدابير الضبط المالي اللازمة لموازنة هذه التداعيات".

ونتيجة لهذه الاستجابات يرى الصندوق أن الأخطار التي تهدد استدامة القدرة على تحمل الدين في البلدان المستوردة للنفط قد تفاقمت، وطبقت البلدان المصدرة للنفط سياسات مالية مسايرة للاتجاهات الدورية أعقبها تصحيح مالي حاد بسبب هبوط أسعار النفط، منوهاً إلى استجابة معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجدداً من خلال تطبيق سياسات مماثلة لما شهدناه في السابق، لا سيما الدعم المعمم للأسعار، ولكن على نطاق أضيق بسبب استمرار تقلص الحيز المالي وما تم إحرازه من تقدم منقوص نحو إصلاح نظام الدعم.

اقرأ المزيد