انتقلت التوترات بين إيران والولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي هذه المرة من مرحلة التحرّكات والحشد العسكري، التي تزامنت معها حوادث إرهابية وهجمات على ناقلات النفط، إلى شكلٍ آخر من التصعيد، مرتبط بالضغوط الإيرانية والتهديد بالتخلي عن بعض البنود بالاتفاق النووي.
وأعلنت إيران هذا الأسبوع أنها تجاوزت 300 كيلوغرام من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 3.67٪، التي يُسمح لها بتخزينها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015 (JCPOA). وهنا نطرح السؤال: هل إيران وباقي الأطراف جادون في التخلي عن الاتفاق؟ وإلى ماذا ستؤول تلك التحرّكات؟
من جانب طهران، تأتي تلك الخطوة بسبب تراجع الولايات المتحدة عن الصفقة النووية وإعادة تطبيق العقوبات، إلى جانب عجز الأوروبيين عن تأمين معاملات مالية للالتفاف عليها، لذا فإنها ستتخذ مثل هذه الخطوة فيما يتعلق بحدود المخزونات كخطوة أولى، وذلك حسب قرار المجلس الأعلى للأمن القومي (SNSC) بتخفيض التزاماته النووية.
بالطبع، إن زيادة المخزون في حد ذاته لا توفر المواد اللازمة لإنتاج سلاح نووي، لكنها إشارة إلى أن إيران تتحرك لاستعادة مخزونها الكبير، الذي كانت تخلّت عنه بموجب الاتفاق النووي عام 2015.
لم تكتف إيران بتلك الخطوة، بل أعلنت أنها ستسعى إلى زيادة الضغط في مواجهتها المتصاعدة مع الولايات المتحدة.
معروف أن الرئيس الأميركي أعاد فرض عقوبات على إيران فيما يتعلق بالمواد النووية، وبالتالي فرض عقوبات على الدول التي تشتري اليورانيوم منخفض التخصيب من إيران، وكانت روسيا بعد إتمام الاتفاق النووي تشتري تلك المواد منها، لكن إعادة فرض العقوبات تعني تعرّض روسيا هي الأخرى. مما زاد من كمية المخزون لدى إيران.
إيران استغلت تلك الخطوة، وهي كانت معروفة مسبقاً، لتأكيد جديتها في تخفيض التزاماتها المنصوص عليها بالاتفاق. وتستهدف من وراء ذلك الحصول على ميزة دبلوماسية لأي مفاوضات مستقبلية، والضغط لإجبار الدول الأوروبية على المساعدة في تعويضها عن آثار العقوبات الأميركية، ففي الداخل الإيراني يوجّه اللوم إلى الأوروبيين الذين فشلوا في الوفاء بوعودهم بحماية مصالح إيران عن طريق تعويض مليارات الدولارات كخسائر للاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن جهة الرئيس الأميركي حدد أخيراً الخطوط الحمراء، التي لن يسمح لإيران بتجاوزها، وهي أن أي فعل من جانب إيران للتسابق في صنع قنبلة قد يدفعه إلى القيام بعمل عسكري، وأنه لن يسمح لها بالحصول على ما يكفي من الوقود لإنتاج سلاح نووي خلال عام واحد.
الآن، هي مرحلة الضغط من جانب إيران بالتهديد، كما أن ترمب أظهر أن خياراته إما توجيه ضربات عسكرية، وإما التراجع عن سياسة (الأقصى ضغطاً) من أجل التفاوض.
وفي ظل ما سبق من جولات تصعيد بين إيران والولايات المتحدة أعلنت طهران رفض أي مفاوضات مع واشنطن، قبل رفع العقوبات. لذا على ما يبدو تصل الأمور بين الطرفين إلى نقطة خلاف أو ما يسمى بـDeadlock.
ما يعني ربما العودة من جانب الإيرانيين إلى الرد بتكثيف الأعمال العدائية في المنطقة إذا استمرت الولايات المتحدة في خنقها اقتصادياً، وربما تستمر في تخفيض التزاماتها بالاتفاق وصولاً إلى الخروج منه، لكن حينها ستعود العقوبات من جنب الأطراف الأوروبية والأمم المتحدة، فضلاً اعتبارها خارجة عن الشرعية الدولية، وهو ما لا تريده إيران التي تريد تحقيق طموحاتها الإقليمية باعتراف دولي.