Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإجهاض في العراق أسباب اجتماعية تبقى طي الكتمان

ارتفع عدد تلك العمليات خارج المؤسسات الصحية بسبب زيادة حالات الحمل غير القانوني

لا أرقام رسمية من قبل المؤسسات الصحية حول عدد حالات الإجهاض في العراق (أ ف ب)

"كان عمري 40 سنة عندما حدث حملي الرابع وكنت في وقتها أعاني من آلام شديدة في المفاصل، ولم يكن الحمل مناسباً لي صحياً، ما دفعني إلى إجراء عملية إجهاض في إحدى الدول المحيطة التي تجيز إجراء الإجهاض شرط موافقة الزوج". هذا ما تذكره لنا لمى الدايني التي ترفض اللجوء إلى الإجهاض، لكنها في الوقت ذاته توضح بأن هناك نساء تضطرهن الظروف للجوء لهذا الإجراء حفاظاً على صحتهن التي قد تتدهور بسبب الحمل، وتكمل "لم يوافق زوجي على إجراء العملية لكن الطبيب تفهم حالتي الصحية، وأعطاني أدوية معنية ساعدت على تسريع الإجهاض".

لم يختلف رأي مريفت صباح كثيراً عن الرأي السابق، إذ أشارت إلى أن كل سيدة تتمنى أن تشعر بالأمومة، وهذا الشعور لن يتجسد إلا بوجود طفل تحمله بين ذراعيها، "لكن الظروف تضطر النساء لاتخاذ هكذا قرار".

وتتابع صباح "تزامن حملي مع لحظة حصولي على وظيفة مهمة تحقق كل طموحي، فقررت أن أتمسك بالحلم على حساب الجنين، حينها لجأت إلى القابلة المأذونة التي أعطتني علاجاً لم يكن نافعاً".

حاولت صباح دخول أحد المستشفيات في العراق لإجراء عملية الإجهاض، لكن القانون لايسمح باستقبال النساء في هذه الحالة من دون وجود حالة صحية تتطلب ذلك، فكان من الصعب إيجاد مؤسسة صحية تقوم بهذه المهمة "ذهبت لعيادة خاصة بعد نصيحة إحدى الصديقات التي أرشدتني لطبيبة كانت تقوم بعمليات الإجهاض، وكانت تطلب مبالغ خيالية، طلبت الطبيبة المتخصصة موافقة الزوج لإجراء العملية واستفسرت عن الأسباب التي دفعتني لهذا القرار، وفي النهاية أجريت عملية الإجهاض ببنج غير كامل وتحملت آلاماً شديدة".

القانون العراقي ومواد الإجهاض

لم يغفل القانون العراقي عن تحديد عقوبات الإجهاض، إذ ضم قانون العقوبات ووفقاً للمادة 417، عقوبات بين السجن والغرامة والعقوبة المشددة، فقد عاقب القانون العراقي السجن لمدة عام وغرامة مالية لكل امرأة ارتكبت الإجهاض عمداً وبعلم واع منها، كما تصل العقوبة المشددة في القانون العراقي إلى السجن لمدة سبع سنوات في حالة ارتكاب الإجهاض العمد بحق امرأة وأدى ذلك إلى وفاتها، ووفقاً للمادة 418 من قانون العقوبات العراقي، تصل عقوبة إجهاض امرأة هي غير راضية عن إجهاض جنينها إلى السجن لمدة 10 سنوات، وتصل العقوبة إلى السجن لمدة 15 سنة إذا أفضى الإجهاض إلى وفاتها.

عقوبات مشددة

وضمن القانون العراقي توجه عقوبة مشددة لكل شخص كان في سلطة تؤول إليه الأمور الطبية مثل الطبيب أو الممرض أو المعاون، لما لديهم من سلطة في هذا الأمر، لا سيما وأنهم يملكون العلم والمعدات التي تسهل ذلك، هؤلاء بسحب القانون، معرضون لمنعهم من مزاولة المهنة لمدة ثلاثة أعوام.

وفي هذا السياق، توضح اختصاصية الأمراض النسائية والتوليد بشرى جواد الموسوي، أنه "لا يحق للطبيب العراقي أن يقوم بالإجهاض المتعمد مهما كانت الظروف، وهناك حالات استثناء يحق للطبيب أن يجري فيها عملية مماثلة، ذلك في حال كان الطفل يعاني من تشوهات خلقية وتم إثبات ذلك عبر جهاز السونار، وهناك لجنة خاصة من ثلاثة أطباء تقرر السماح بإجراء عملية الإجهاض، كما أن الموافقة على هذا القرار لا تشمل كل حالات التشوهات الخلقية".

كما تشير الاختصاصية النسائية والتوليد ومديرة أحد مراكز الخصوبة وأطفال الأنابيب بشرى رشيد العزاوي، إلى أن السماح بالإجهاض يتم في حالات استثنائية، "تشوهات خلقية في الرأس وتشوه الجهاز العصبي، وفي حال تعرض الأم للإشعاع في الأسابيع الأولى للحمل أو في حال إصابة الأم بأمراض سرطانية وخضوعها للعلاج الإشعاعي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما يقف عامل التلوث البيئي كأحد الأسباب التي أدت لزيادة حالات الإجهاض، كما هي الحال في محافظة كركوك، فبسبب الغاز السائل المنبعث من حقول النفط، فتكثر حالات "الإجهاض المنسي" (هي حالة يموت فيها الجنين داخل الرحم أو تفشل فيها البويضة المخصبة من تكوين جنين بنجاح).

الإجهاض والأسباب الاجتماعية 

وبالعودة إلى مريفت صباح، فهي تعتبر أن مجتمعنا لا يغفر للمرأة التي تعرضت للاغتصاب، بالتالي فهو يسهم بدفع النساء اللواتي تعرضن لتعد جنسي أو من كانت لديها علاقة خارج إطار الزواج، لإجراء عملية إجهاض، وتماشياً مع أعراف المجتمع، عاقب القانون العراقي الإجهاض الأم أو الأقارب ومن لهم سلطة على المرأة، في حالة عدم الزواج والحمل غير القانوني بعقوبات مخففة، لكنه في الوقت ذاته أبقى على العقوبة المشددة للفريق الطبي.

وفي هذا السياق، توضح العزاوي أن حالات الإجهاض زادت بسبب الحمل غير القانوني والعلاقات خارج إطار الزواج، كما زادت أيضاً رغبة النساء المتزوجات في إجراء مثل هذه العمليات بدوافع اقتصادية وعدم القدرة على تحمل صعوبات المعيشة، وتقول "لأن القانون يحاسب الطبيب على إنزال جنين من دون وجود دوافع وأسباب صحية تسمح بذلك، تلجأ المرأة لتناول أدوية معينة، وبالغالب تذهب إلى القابلة المأذونة لإجراء عملية الإجهاض". وتذكر العزاوي أن الإجهاض القسري غالباً ما يعرض المرأة لمخاطر قد تؤدي إلى الموت أو رفع الرحم بعد تضرره"، ومن الحالات التي عالجتها العزاوي وتذكرها كأحد أخطر مضاعفات الإجهاض القسري، كانت لامرأة لجأت إلى قابلة مأذونة، ووصلت للمستشفى بعد حدوث مضاعفات شديدة تتمثل بحصول ثقب بالرحم والأمعاء، ما اضطر الفريق الطبي المعالج لها للاستعانة بمختص بالجراحة الباطنية لمعالجتها.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير