Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإجهاض في تونس حق يعوقه نقص الدواء

منذ العام 1973 العملية متاحة للمرأة المتزوجة والعزباء

التجربة التونسية في مجال تحديد النسل أو الخدمات الإنجابية متقدمة جداً (أ ف ب)

تعد تونس أول دولة عربية وإسلامية تمكن النساء من الإجهاض منذ عام 1973، فالمرأة التونسية إن كانت متزوجة أو عزباء لها الحق قي اتخاذ قرار الإجهاض، لكن بشروط، وأهمها أن لا تزيد مدة الحمل على ثلاثة أشهر، لكن بعد نحو 50 عاماً من إصدار قانون حق الإجهاض، أصبح نقص الدواء عائقاً لتطبيق هذا الحق. 

تقول هاجر، سيدة ثلاثينية وأم لطفل في عامه الأول، "أجريت عملية إجهاض عن طريق تناول الدواء، لكن بعد واسطة"، مضيفة "عندما ذهبت إلى مركز الصحة الإنجابية في المنطقة التي أسكن فيها في باردو بالعاصمة قيل لي إن الدواء غير موجود، لكن يمكن القيام بعملية بسيطة للإجهاض"، إلا أن هاجرت رفضت واضطرت إلى اللجوء لأحد أقاربها الذي يعمل في مجال الصحة، مما مكنها من أخذ الدواء وإبطال الحمل في شهره الثاني. 

الوضع المادي سبب الإجهاض

تشرح هاجر أنها لا تستطيع الإنجاب مجدداً بسبب غلاء المعيشة، وأنها تحبذ تربية ابنها في ظروف جيدة بدلاً من أن تنجب طفلاً آخر ويصبح وضعها المادي صعباً. 

إلا أن منية لم تكن محظوظة كهاجر، واضطرت إلى القيام بعملية لإجهاض الحمل، وهذا الأمر ترك أثره النفسي عليها، فتقول "أجريت سابقاً عملية إجهاض عبر تناول الدواء، لكن هذه المرة الدواء غير متوفر، وخوفاً من تطور الحمل اضطررت إلى إجراء عملية". وبخصوص لجوء منية إلى الإجهاض تقول "الوضع المادي لا يسمح لنا أنا وزوجي بإنجاب طفل ثالث". 

 

آخر الإحصائيات الرسمية التي حصلت عليها "اندبندنت عربية" من الديوان الوطني للعمران البشري، بلغ عدد حالات الإجهاض عام 2019 بمراكز الصحة الإنجابية، وهي مراكز عمومية، نحو 16580 حالة، إلا أن العدد انخفض إلى 15950 حالة عام 2020، وذلك بسبب انتشار وباء كورونا، أما عام 2021 فارتفع عدد عمليات الإجهاض في المراكز العمومية إلى 17650 عملية، وهذا من دون احتساب عمليات الإجهاض بمراكز صحية خاصة. 

وتفيد الطبيبة في الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري فاطمة التميمي بأن الإجهاض إحدى وسائل منع الحمل، وأن النساء اللاتي يقبلن على الإجهاض في المراكز العمومية من كل فئات المجتمع متزوجات وعازبات.

وتضيف "وسائل منع الحمل المعتمدة في تنظيم الأسرة هي توجه وقائي اختياري يعتمده الفرد والأزواج لتقرير المصير الإنجابي بكل حرية ومسؤولية، وذلك باختيار فترة الحمل وعدد الولادات والفواصل الزمنية بينها بحسب الظروف الصحية والاجتماعية والاقتصادية".

توجه وقائي واختياري 

وتقول التميمي إن هذا التوجه يتطلب معرفة أولية بمختلف الوسائل المتوفرة لمنع الحمل وخصائصها وطرق استعمالها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتبين أن "الإجهاض إرادي واختياري ويجرى عبر طريقتين، الأولى الإجهاض الجراحي، ويجرى تحت تخدير موضعي أو كامل من طرف طبيب بحسب القواعد الجراحية، وبعد فحص طبي وتحاليل مخبرية، وذلك بحسب القانون التونسي". وتشدد التميمي على أنه "لا بد من توفر 3 شروط أساسية لإجراء الإجهاض الإرادي، وهي أن يكون خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل، وأن يقوم به طبيب ويجري في هيكل استشفائي".

وتؤكد التميمي أن "الإجهاض المتكرر لا ينصح به نظراً لانعكاساته السلبية على صحة المرأة، لذلك يجب عدم استعماله كإحدى طرق منع الحمل".

أما الطريقة الثانية، وهي الإجهاض الدوائي، فبدأ الشروع فيه بداية عام 2002، بحسب التميمي، بعد ثبوت سلامته ونجاعته من خلال التجارب والبحوث التي جرت في المراكز النموذجية للصحة الإنجابية التابعة للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.

وتواصل التميمي في السياق نفسه أن الإجهاض الدوائي يعد مكسباً صحياً كبيراً لأنه يمكن المرأة التي قررت الإجهاض، لأسباب صحية أو طبية، من تفادي غرفة العمليات والتخدير وانعكاساته، غير أن اللجوء إلى هذه الوسيلة الجديدة للإجهاض، وعكس ما يعتقده البعض، بحسب ما تؤكده التميمي، لا يتم بصفة ذاتية، بل لا يمكن القيام بالإجهاض الدوائي إلا في الوسط الاستشفائي وتحت الرقابة الطبية. 

وأقرت التميمي بالصعوبات التي تواجهها مراكز الصحة الإنجابية بخصوص نقص الدواء المخصص للإجهاض في بعض الأحيان، وذلك في إطار نقص الأدوية بسبب الأزمة الاقتصادية، مما جعلهم يلجأون في بعض الأحيان إلى الإجهاض بعمليات الشفط الهوائي، مؤكدة أنها آمنة لصحة المرأة. 

حرية الإجهاض 

ممثلة جمعية النساء الديمقراطيات في تونس أحلام بلحاج تقول إنه على الرغم من أن القانون التونسي ينص على حرية الإجهاض منذ عام 1973، وعلى رغم أن التجربة التونسية في مجال تحديد النسل أو الخدمات الإنجابية متقدمة جداً، فإنه ومنذ سنوات أصبح الإجهاض الدوائي محدوداً بسبب عدم توفر الأدوية، وهذا يهدد مكسب حق المرأة في إجهاض آمن، بحسب تعبيرها.

وتواصل أنه على رغم أن الإجهاض حق للمرأة المتزوجة وغير المتزوجة، فإن الأمهات العازبات يلقين ما وصفته بـ "وصم اجتماعي وتعامل فيه نوع من الدونية". 

وتعد تونس رائدة في أفريقيا والشرق الأوسط في خدمات الصحة الإنجابية، بما فيها حق الإجهاض، ولهذا جددت منظمة الصحة العالمية ثقتها في مركز التدريب الدولي والبحث في الصحة الإنجابية والسكان التابع للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، باختياره، ولمرحلة رابعة، مركزاً متعاوناً معها في مجالات الصحة الإنجابية والسكان، وذلك للفترة الممتدة من يوليو (تموز) 2021 إلى يوليو 2025.

وسيواصل المركز خلال هذه السنوات تعاونه مع منظمة الصحة العالمية من خلال تنمية المهارات والمعارف وإنجاز البحوث الطبية والسكانية وتطوير صيغ تسيير البرامج المتعلقة بميادين تنظيم الأسرة والصحة الجنسية والإنجابية على الصعيدين الوطني والإقليمي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير