Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسواق ترد على ليز تراس بالتخلص من الاسترليني وسندات الدين

تصريحات رئيسة الحكومة البريطانية بأنها مستمرة في سياستها تعقد مهمة وزير خزانتها الجديد

كانت الحكومة أعلنت من قبل إلغاء قرار خفض الضرائب على الأغنياء بعد أن هوى الاسترليني (أ ف ب)

بعد تحسن طفيف في الأسواق، الجمعة الـ14 من أكتوبر (تشرين الأول)، إثر قرار رئيسة الوزراء الريطانية ليز تراس إقالة وزير الخزانة كواسي كوارتنغ، عاد التراجع بقوة قبل نهاية تعاملات آخر أيام الأسبوع.

وجاء رد الفعل السلبي للسوق بعد المؤتمر الصحافي القصير لتراس عقب قرار إقالة كوارتنغ وتعيين منافسها السابق على زعامة الحزب الحاكم جيريمي هنت وزيراً للخزانة. وتراجع تراس عن بند آخر من بنود الميزانية التكميلية التي أعلنها وزير الخزانة المقال نهاية الشهر الماضي، والتي تضمنت خفضاً للضرائب على الأغنياء والشركات يمول بالاقتراض.

وكانت الحكومة قد أعلنت من قبل إلغاء قرار خفض الضرائب على الأغنياء، بعد أن هوى الاسترليني وارتفع العائد على سندات الدين البريطاني بشكل كبير قبل أسبوعين، وفقد المستثمرون حول العالم الثقة في الاقتصاد البريطاني.

وأعلنت تراس، الجمعة، أن حكومتها لن تلغي الزيادة المقررة في ضرائب الشركات كما جاء في الميزانية التي أعلنها كوارتنغ، لكنها رفضت الاعتذار عن أي أخطاء من جانب حكومتها، وألقت باللوم في التدهور على "رد فعل الأسواق"، مؤكدة استمرار سياستها الهادفة إلى "تشجيع النمو الاقتصادي" وليس مواجهة التضخم وارتفاع الأسعار.

أدى ذلك إلى عودة الأسواق والمستثمرين حول العالم إلى بيع العملة البريطانية، ليفقد الجنيه الاسترليني، مساء الجمعة 1.3 في المئة أخرى من قيمته ويهبط إلى سعر صرف 1.1 دولار للجنيه، كما شهدت سندات الخزانة البريطانية عمليات بيع مكثفة في أسواق السندات أدت إلى ارتفاع العائد على سندات الدين البريطاني طويل الأجل لمدة 30 عاماً مقترباً من نسبة خمسة في المئة (4.8 في المئة، مساء الجمعة).

ويعني ارتفاع العائد الذي يتناسب عكسياً مع سعر السند ارتفاع كلفة اقتراض الحكومة التي تضطر إلى دفع فوائد أعلى كي تقنع المستثمرين بشراء سندات الخزانة التي تصدرها لتمويل الإنفاق.

السوق وتراس

أدى المؤتمر الصحافي المقتضب لرئيسة الحكومة إلى تعقيد مهمة وزير خزانتها الجديد حتى قبل أن تبدأ. وحاول جيريمي هنت عبر تصريحات سريعة ومقابلات مع وسائل الإعلام البريطانية طمأنة الأسواق بتحذير البريطانيين من "قرارت صعبة قادمة" تتعلق باحتمالات زيادة الضرائب على المواطنين وتقليص الإنفاق العام في إطار تقشف حكومي، لكن تأكيد تراس، الجمعة، على أن "الإطار العام" لسياسة حكومتها الاقتصادية والمالية يظل كما هو أفقد تصريحات هنت تأثيرها، حتى الآن على الأقل. وتنتظر الأسواق ما سيعلن عنه وزير الخزانة الجديد من سياسات مالية واقتصادية بنهاية هذا الشهر على الأكثر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكتب كبير مستشاري شركة "أليانز" محمد العريان مشيراً إلى أن رد فعل السوق يعتمد على ما ستعلنه حكومة تراس من "إعادة ضبط السياسة" المالية والاقتصادية، لكنه حذر من أنه "ليس كل الضرر المالي والاقتصادي الذي وقع في الأسابيع الثلاثة الأخيرة" قابلاً للإصلاح. وأضاف أن الأمر "سيحتاج إلى مزيد من الوقت وتطبيق السياسات بكفاءة تؤدي إلى نتائج على صعيد النمو والاستقرار المالي".

ونقلت صحيفة "الغارديان"، السبت، عن اللورد أونيل، الوزير السابق في حكومات حزب "المحافظين" وكبير اقتصاديي "غولدمان ساكس" حالياً، قوله إن تصرف ليز تراس "أعطى أهمية كبرى للاستجابة إلى تحركات الأسواق المالية ما يجعلها بالفعل تعتمد (في مستقبلها) على الأسواق". وأضاف "ليس النمو الاقتصادي من الأمور التي تحققها بالسحر". وقال إنه يعطي جيريمي هنت وقته ليتصرف بشكل مختلف، لكنه أكد أن وزير الخزانة الجديد "لا يمسك بعصا سحرية".

وانتقد اللورد أونيل تأكيد تراس في مؤتمرها الصحافي، الجمعة، على استمرار الإطار العام لسياسة حكومتها متعجباً "كيف سيصدق العالم أن بريطانيا ستحقق فجأة نمواً اقتصادياً بنسبة 2.5 في المئة؟ ننتظر الإجابة، وأنا حقاً مدهوش من أن الأسواق لم ترد بشكل سلبي أكبر من هذا".

انتظار قلق

وصفت صحيفة "الغارديان" رهن مستقبل حكومة ليز تراس يتطورات السوق بأنه يعكس وهم الحديث عن أن الخروج من أوروبا (بريكست) سيجعل بريطانيا "سيدة قرارها". وعلق المحرر الاقتصادي لشبكة "سكاي نيوز إد كونواي" على مناورات ليز تراس بإقالة كواسي كوارتنغ وتعيين جيريمي هنت لتخفيف المعارضة لها داخل حزبها بأنها لا تنفي حقيقة أن مستقبل حكومتها غير مضمون. وأضاف أن "السوق التي أطاحت وزير الخزانة يمكن أن تطيح رئيسة الوزراء".

تظل الأنظار مسلطة على الاضطراب السياسي، بخاصة مع تجدد الدعوات داخل صفوف نواب حزب "المحافظين" الحاكم بإقالة ليز تراس ولو حتى بإقناع بوريس جونسون بالعودة إلى قيادة الحزب والحكومة. ويرى كثيرون في الحزب أن جونسون هو الوحيد القادر على تجنيب الحزب هزيمة مدوية في الانتخابات العامة المقبلة، لكن الأسواق والمستثمرين ينتظرون بقلق شديد ما سيعلن عنه وزير الخزانة الجديد جيريمي هنت، وإن كان ذلك كافياً لإقناع السوق بأن حكومة ليز تراس عدلت تماماً توجهها فيما يتعلق بالسياسة المالية والاقتصادية، بخاصة أن التراجع عن بعض بنود الميزانية التكميلية ليس كافياً لاستعادة ثقة الأسواق.

وسبق أن تعهدت ليز تراس أمام البرلمان قبل يومين أنها لن تخفض الاتفاق العام لتمويل خفض الضرائب في الميزانية الجديدة، وهو عكس ما بدا من تصريحات وزير خزانتها الجديد الأولية. وقدر مركز دراسات المسؤولية المالي البريطاني أنه في كل الأحوال ليس أمام الحكومة سوى تدبير ما يقارب 70 مليار دولار (62 مليار جنيه استرليني) لخفض أو حتى الحفاظ على توازن مستوى الدين العام، وأن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بزيادة الضرائب أو خفض الإنفاق الحكومي، أو الاثنين معاً.

اقرأ المزيد