Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضعف الجنيه الاسترليني أمام الدولار يوقع وزير الخزانة البريطاني في مأزق

إن هذا الوضع سيجعل الأمور صعبة جداً بالنسبة إلى وزير الخزانة الجديد يوم إعلانه الموازنة الطارئة يوم الجمعة المقبل، لكن الأهم بالطبع، بالنسبة إلينا جميعاً خلال هذا الشتاء

لا أعتقد أن هذه الحكومة تدرك تماماً مدى ضراوة البيئة الاقتصادية التي تواجهها (غيتي)

تراجع للجنيه الاسترليني أم صعود للدولار؟ لطالما اختلفت النظرة إلى العالم من واشنطن عن تلك التي من لندن، لكن الاختلاف هذا الأسبوع سيكون الأكبر على الإطلاق. حلّ الرئيس الأميركي ضيفاً على المملكة المتحدة لحضور الجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية، على غرار غالب زعماء العالم الآخرين، لكن وبالرغم من ذلك يبقى السؤال الرئيس هنا لهذا الأسبوع: ما الذي سيفعله الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في شأن معدلات الفائدة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشكل بريطانيا أهمية كبيرة من الناحية الثقافية، كما وتلعب الملكية دوراً رئيساً في "القوة الناعمة" التي تتمتع بها البلاد، هذا التعبير الذي صاغه الأكاديمي الأميركي جوزيف ناي لإظهار كيف وسعت الصورة والثقافة نطاق الولايات المتحدة العالمي إلى مجالات أبعد من قوتها العسكرية. وهذا مهم، لكن من منظور اقتصادي أو مالي، تبدو المملكة المتحدة معزولة في أحد المقاعد الخلفية.

بوسع المرء أن يلاحظ ذلك مع غياب أي استجابة هنا في الولايات المتحدة لانخفاض الجنيه الاسترليني الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ "الأربعاء الأسود" قبل 30 عاماً، عندما أخرج الاسترليني من آلية أسعار الصرف الأوروبية.

ولأن هذا الحدث كان مسؤولاً عن تدمير سمعة حكومة جون ميجور حينها وتمهيد الطريق للحكم أمام حزب العمال بزعامة توني بلير، تحمل أحداث الأسبوع الماضي تحذيراً ينذر بالسوء لرئيسة الوزراء ليز تراس، لكن في الولايات المتحدة لا يبدو أن أحداً يبدي اهتماماً بالأمر، ما يهم هو مقدار الزيادة التي سيقررها مجلس الاحتياطي الفيدرالي في معدلات الفائدة هذا الأربعاء. هل ستبلغ 0.75 نقطة مئوية، وفق التوقعات السائدة، أو ربما نقطة مئوية كاملة؟ تتوقع الأسواق الآن أن تصل ذروة معدل المجلس إلى أربعة في المئة، وقد بلغت معدلات الرهن العقاري بالفعل ستة في المئة.

يجعل احتمال ارتفاع معدلات الفائدة من الدولار العملة الأكثر جاذبية في العالم. أو بتعبير أكثر دقة، العملة الأقل تنفيراً، على اعتبار أن الولايات المتحدة تبدو وكأنها ستواجه ركوداً العام المقبل، وهذا يقلق الأسواق، لكن البلاد لن تواجه نقصاً في الطاقة هذا الشتاء، كما هي الحال في جزء كبير من أوروبا، وهي لا تعاني مشكلات الإنتاجية البعيدة الأجل التي تمر بها المملكة المتحدة.

فضلاً عن ذلك، على رغم استعداد بنك إنجلترا والمصرف المركزي الأوروبي لإعلان زيادة على معدلات الفائدة الأسبوع المقبل، يبدو مجلس الاحتياطي الفيدرالي وكأنه يدفع الفائدة بمعدلات أكبر.

لذلك يبدو إلى حد كبير أن الدولار سيستمر في الارتفاع طيلة فصل الشتاء، بالتالي سيضيف ضعف الجنيه مزيداً من المشكلات إلى تلك التي يواجهها وزير الخزانة الجديد في المملكة المتحدة، كواسي كوارتنغ، مع ميزانيته الطارئة التي سيعلنها الجمعة المقبل. ولا أعتقد أن هذه الحكومة تدرك تماماً مدى ضراوة البيئة الاقتصادية التي تواجهها.

وبقدر ما يهتم مديرو المال الأميركيون بالمملكة المتحدة، وهو ليس اهتماماً كبيراً، هم يشككون في قدرة الحكومة على تدبر الأمور. هي قادرة على الاقتراض أكثر بقليل، وهذا من شأنه في الظروف العادية أن يدعم الاقتصاد، وهناك حجة قوية لصالح القيام بهذا في ضوء الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة، لكن إذا قيض لمعدلات الفائدة أن ترتفع بسرعة أكبر وفي شكل أكثر حدة لحماية الجنيه، من شأن هذا أن يبطل أي نتيجة إيجابية للاقتراض.

فكروا في الأمر كما يلي. إن الأموال الإضافية التي تنفقها عائلة ما لدفع فواتير الطاقة المرتفعة هي أموال مأخوذة من مخصصات الإنفاق على شراء بضائع وخدمات أخرى، لذلك تشكل الحزمة المخصصة لدعم فواتير الطاقة عاملاً مساعداً في هذا السياق، لكن إذا كانت النتيجة الصافية رهوناً عقارية أكثر كلفة، ستدفع العائلات هذه الأموال مجدداً لتسديد فوائد الرهن العقاري وهو ما سيعيدها إلى المربع الأول.

قد يكون الوضع قاتماً للغاية. إلا أنني معجب بطريقة ميل التعليقات الصحافية في الولايات المتحدة إلى توقع ركود العام المقبل. هنا في واشنطن، حذر البنك الدولي الأسبوع الماضي من ركود عالمي لأن المصارف المركزية في كل مكان تزيد معدلات الفائدة في الوقت نفسه. وكان الأسبوع الماضي الأسوأ منذ يونيو (حزيران) الماضي للأسهم الأميركية مقاسة بالمؤشرين الأكثر أهمية وهما "ستاندرد أند بورز 500" و"ناسداك". وينقسم خبراء الاقتصاد كما هو الحال دوماً بين متفائلين ومتشائمين، لكن إن هوت سوق الأوراق المالية سيظهر أي من الجانبين على حق. المراهنون هم من يديرون الأمور الآن!

وهناك مفارقة. يرتفع الدولار وتنخفض أسعار الأسهم. وكلا الأمرين مدفوع بتوقعات رفع كبير لمعدلات الفائدة. هل تذكرون القول المأثور "عندما تعطس أميركا، يصاب العالم بالبرد"؟

يؤدي احتمال رفع معدلات الفائدة بالفعل إلى احتقان في الأنوف هنا في الولايات المتحدة. وعندما يغادر زعماء العالم لندن بعد الجنازة، ستترك المملكة المتحدة في مواجهة احتمال برد بغيض.

إذاً – هل يقوى الدولار أم يضعف الجنيه؟ الإجابة هي الأمران معاً، وأن هذا المزيج هو ما سيجعل الحياة صعبة جداً لوزير المالية الجديد الجمعة – والأهم، بالطبع، لنا جميعاً هذا الشتاء.

© The Independent

المزيد من آراء