Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

للمرة الأولى... هواتف عمومية في معتقلات الأطفال الفلسطينيين في إسرائيل

علمت "اندبندنت عربية" أن التركيب يبدأ في قسم الأطفال يليه النساء ثم المرضى وبعد ذلك العزل الانفرادي

مشهد تمثيلي لحياة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية (أحمد حسب الله)

 

"مرحبًا يا أمي... أنا بحكي معك من داخل السجن، مشتاقلك كثير، ونفسي ضمّك بين إيدي، ما بعرف متى راح أكلمك من ثاني، لكن صار في الزنزانة هاتف".

أم هاني لم تتمالك أعصابها لدى سماع هذه العبارات من ابنها، الفتى الأسير في الزنازين الإسرائيلية، وذرفت الدموع فلم تجد كلمات لترد عليه سوى بالدعاء له بأنّ يُفرّج الله همّه ويخرجه من السجن.

فهبة، أم هاني، محرومة من زيارة ابنها منذ بداية عام 2017، بعدما أوقف الجانب الإسرائيلي زيارة أهالي أسرى غزة للسجون، ولم تعرف أخباره سوى من بعض المكالمات المسرّبة التي يجريها هاني مع ذويه على فترات متقطعة بعيدة، خوفاً من أن يكشف السجّان الهاتف الموجود بالزنزانة، ويفرض عليهم المزيد من العقوبات.

مطلب لكنه جريمة

فوجود هاتف محمول لدى الأسرى الفلسطينيين يعد جريمة في نظر إدارة المعتقلات الإسرائيلية، وعند ضبطه تفرض مصلحة السجون على الزنزانة كلّها عقوبات إضافية، وبذلك على اعتبار أن بقية السجناء لم يبلغوا المعنيين بالأمر.

وعادة ما يلجأ المعتقلون لذلك بسبب رفض إسرائيل الالتزام بقوانينها وبالاتفاقات الدولية، التي تُشرّع وجود هاتف عمومي داخل أقسام المعتقلات.

ولكن تمكن هاني برفقة نحو عشرة أسرى أطفال من إجراء سلسلة اتصالات مع ذويهم، وبعض القيادات الفلسطينية الأسيرة في السجون الإسرائيلية، بعدما شرعت مصلحة السجون في تركيب وتشغيل أجهزة الهواتف العمومية داخل معتقلات الأسرى الفلسطينيين.

وتعد خطوة تركيب الهواتف العمومية في أقسام السجون، أحد المطالب الأساسيّة التي خاض من أجلها الأسرى إضراباً مفتوحاً عن الطعام في معركة "الكرامة الثانية"، وأنهي الإضراب بعد ثمانية أيام، عقب اتفاقٍ بين قيادة "الحركة الأسيرة" وإدارات السجون الإسرائيلية، يقضي بتلبية عدد من مطالبهم مقابل وقف خطواتهم التصعيدية ضد مصلحة السجون.

أربعة هواتف في كل قسم

وعلمت "اندبندنت عربية" من قيادة "الحركة الأسيرة"، أن مصلحة السجون ستعمل على تركيب أربعة هواتف عمومية في كل قسم، وتأتي بشكل تدريجي، وتبدأ من أقسام الأطفال، ثم المرضى، ويليه الفتيات والنساء، وبعد ذلك المعزولين، ويستمر التركيب والتشغيل التدريجي حتى تركب الهواتف في كل الأقسام والسجون الإسرائيلية.

وبالفعل عملت إسرائيل على تطبيق ذلك وبدأت من قسم (4) في سجن الدامون المخصص للأطفال، والذي يقبع فيه حوالى 40 أسيراً، من بينهم 35 قاصراً وخمسة بالغين، وكذلك جرى تشغيل الهواتف في بعض أقسام سجن ريمون.

ووفقاً للناطق باسم مكتب إعلام الأسرى علي المغربي، فإن تركيب الهاتف يعمل على الحل الجزئي للقيود التي تضعها إسرائيل في وجه أهالي أسرى غزة، ويزيد عددهم على 300 معتقل، وقد يقرب المسافة بين الأسرى وذويهم، خصوصاً أنهم ممنوعون من زيارة السجون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تخفيف من المعاناة

ويوضح المغربي أن هذه المرة الأولى التي تسمح فيها إسرائيل بتركيب خط هاتف عمومي داخل السجون، ويعد ذلك انتصاراً لمطالب الأسرى بأحقيتهم في تطبيق القوانين الدولية عليهم، خصوصاً أنهم محرومون من أبسط حقوقهم، وتثبيت هذا الحق ولو بالحد الأدنى من الشروط، ويعد تأكيداً على حقوقهم المكفولة.

وبالأصل، فإن وجود هاتف عمومي داخل السجون منصوص عليه في القوانين الإسرائيلية، وفي اتفاقية جنيف الثالثة والرابعة، بما يتناسب مع واقع المعتقلين وظروف المنطقة. وكذلك تعمل إسرائيل على تطبيق قوانينها في السجون الخاصة بالمعتقلين اليهود، ولا تعمل على تطبيق معاهدة جنيف الدولية على الأسرى الفلسطينيين، فهم محرومون من استخدام الهواتف العمومية.

وبحسب مكتب إعلام الأسرى (منظمة غير حكومية)، فإن إسرائيل تمنع تركيب أو استخدام الهواتف لدواعٍ وحجج أمنية، وخوفاً من إجراء اتصالات مع قيادات فلسطينية قد تدفعهم إلى ارتكاب أفعال إرهابية داخل الزنازين أو تحرضهم ضد إدارة السجون.

ويعد تركيب هواتف عمومية في السجون للأسرى الفلسطينيين مطلباً مهماً ينادي به المعتقلون منذ عام 1992، لكن إسرائيل ترفض ذلك، ولذلك كان يلجأ الأسرى لاستخدام هواتف محمولة صغيرة، يقومون بشرائها بأثمانٍ باهظة وطرقٍ سرية، للاتصال بأهلهم وذويهم.

تضارب إسرائيلي وتدخل أمني

يقول مصدر من قيادة "الحركة الأسيرة" في السجون الإسرائيلية لـ "اندبندنت عربية"، إن موضوع تركيب هواتف عمومية كان موافقاً عليه من إدارة السجون، ولكن يلقى رفضاً من المرجعيات الأمنية في إسرائيل، واستمر ذلك حتى بداية عام 2019.

ويضيف المصدر "لكن بعد خوض إضراب الكرامة الثاني، انقلبت الآية، فرفضت إدارة السجون الفكرة، في حين وافقت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على مطلب الأسرى بتركيب وتشغيل هواتف عمومية، لذلك أوكل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الملف كلّه إلى جهاز الشاباك، الذي أصدر تعليمات ببدء تنفيذ المشروع، على الرغم من رفض الجهات التنفيذية (مصلحة السجون)".

وكشف المصدر أن الاتفاق الذي جرى بين قيادة "الحركة الأسيرة" والجانب الإسرائيلي، يقضي بالسماح لكل أسير باستخدام الهاتف العمومي ثلاث مرات أسبوعياً، ومدة كل اتصال 20 دقيقة فقط، ويكون مع ذوي القربى من الدرجة الأولى والثانية فقط.

وتشير إحصاءات هيئة الأسرى والمحررين (تتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية) إلى "أن القوات الإسرائيلية تعتقل نحو سبعة آلاف أسير، منهم 4600 من الضفة و490 أسيراً من القدس و90 من الأراضي المحتلة عام 1948 و325 أسيراً من قطاع غزة". ومن بين العدد الإجمالي، يوجد 350 فتى لم تتجاوز أعمارهم الـ18، من بينهم 42 ولداً تقل أعمارهم عن 16 سنة، إضافة إلى 55 أسيرة، وستة نواب من أعضاء المجلس التشريعي.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط