Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تستعجل التوقيع على الاتفاق مع لبنان قبل الانتخابات

"إنجاز تاريخي من شأنه تقوية أمن تل أبيب وسيدخل مليارات الدولارات للاقتصاد الوطني ويضمن الاستقرار عند الحدود الشمالية"

استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد احتدام النقاش المعارض لاتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان وغرد على حسابه في "توتير" معلناً التوصل إلى اتفاق مع لبنان وصفه بـ"الاتفاق التاريخي الذي يضمن أمن إسرائيل"، ودعا المجلس الوزاري الأمني المصغر إلى اجتماع، الأربعاء 12 أكتوبر (تشرين الأول)، تليه جلسة حكومية خاصة واستثنائية للمصادقة على الاتفاق.

ووفق مخطط لبيد سيعرض الاتفاق على الكنيست بعد مصادقة الحكومة عليه على أن تعقد جلسة بين طرفي الصراع في رأس الناقورة للتوقيع عليه في غرفتين منفصلتين بكفالة أميركية تضمن التزام الطرفين تنفيذ جميع بنوده.

وفي ذروة الانتقادات ضد مواقفه المترددة حول الاتفاق قبل التعديلات الأخيرة وبعدها حرص لبيد على القول إن المسودة التي تم التعديل عليها تلبي جميع المطالب التي عرضتها إسرائيل في المجالين الأمني والاقتصادي وتابع "إنه إنجاز تاريخي من شأنه تقوية أمن إسرائيل وسيدخل مليارات الدولارات للاقتصاد الإسرائيلي ويضمن الاستقرار عند الحدود الشمالية".

حولاتا: إسرائيل حصلت على جميع مطالبها

رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا لم ينتظر نتائج بحث التعديلات من الطرف اللبناني واستبق قرار لبنان وتصريح لبيد ليعلن التوصل "إلى اتفاق تاريخي لحل الخلاف المستمر منذ فترة طويلة في شأن ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بعدما لبى اتفاق أعدته الولايات المتحدة جميع مطالب إسرائيل"، فيما لم يتطرق إلى دور فرنسا التي تدخلت إلى جانب واشنطن لوضع تعديلات تتوافق ورغبة طرفي النزاع.

وحاول حولاتا تخفيف عبء المهمة على لبيد الذي تحول إلى محط انتقادات انعكست بشكل كبير على وضعيته في الانتخابات وقال "لقد تمت تلبية جميع مطالبنا وفق التعديلات التي قدمناها وحافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية. نحن في الطريق إلى اتفاق تاريخي".

غانتس في قيادة الشمال

من جهته وصل وزير الأمن بيني غانتس فور إعلان لبنان موافقته على الاتفاق وعشية عرضه على الحكومة للمصادقة عليه وعقد جلسة تقييم للوضع الأمني في المنطقة الحدودية بمشاركة رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي وقيادة الشمال في الجيش الإسرائيلي.

"لم ولن نتنازل عن مليمتر واحد من أمن إسرائيل. إننا نتقدم نحو التوقيع النهائي على الاتفاق، على رغم تهديد حزب الله الذي حاول عرقلة الاتفاق ومنعه"، وفق غانتس في نهاية جلسة التقييم.

ورحب غانتس بإعلان الرئيس اللبناني ميشال عون قبول الاتفاق قائلاً "إسرائيل معنية بلبنان كجار مستقر ومزدهر والاتفاق الذي نتقدم من أجل التوقيع عليه قريباً مرض للطرفين"، مشدداً على أن جهاز الأمن رافق عن كثب المفاوضات مع لبنان من الجانب الأمني وأكد "أصرينا على أن يضمن الاتفاق مصالح إسرائيل الأمنية وسنواصل الوقوف على حاجاتنا الأمنية في كل سيناريو والحرص على ضمان أمن مواطني إسرائيل".

وتابع غانتس "سنتأكد، الأربعاء، من أن الاتفاق يشمل أيضاً الحقوق الاقتصادية لإسرائيل وسنعرضه بشفافية ووضوح أمام الجمهور".

لبنان تراجع عن تعديلات جوهرية

توقع إسرائيليون أنه سيكون من الصعب الكشف عن خفايا بنود الاتفاق وصيغتها، خصوصاً أن كل طرف يؤكد عدم التراجع عن الشروط التي طرحها، سواء لبنان الذي يقول إنه حصل على كل مطالبه وإسرائيل التي تؤكد ليس فقط إجراء تعديلات حول جميع مطالبها، إنما أيضاً تكرر عبر كل مسؤول أنها ضمنت مصالحها الأمنية.

ولكن في تل أبيب وفي خضم المعركة الانتخابية والخلافات بين لبيد ووزراء في حكومته وحتى مع مطلعين على مسودة الاتفاق وتعديلاتها والمفاوضات مع واشنطن وباريس، تم تسريب معلومات قد تثير أيضاً حفيظة المعارضين اللبنانيين للاتفاق مما يمكن أن يعرقل التوقيع عليه.

مسؤول إسرائيلي مطلع رفض الكشف عن اسمه صرح للإعلام الإسرائيلي بأن "لبنان تراجع عن التعديلات الجوهرية التي رفضتها إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية"، وأوضح أن تلك التعديلات التي سبق ووصفها لبيد بـ"الخط الأحمر" الذي لا يمكن لإسرائيل التنازل عنها لها علاقة بترسيم الحدود التي سبق وهدد لبيد أنه في حال لم يتراجع اللبنانيون عن تعديلاتهم، فإن تل أبيب ستباشر العمل في استخراج الغاز من حقل "كاريش" في اللحظة التي يتم إنجاز التحضيرات لاستخراجه وفي حال تعرض حقل الغاز أو أهداف إسرائيلية لضربات من "حزب الله"، فستتوقف المفاوضات كلياً وسترد إسرائيل بما يضمن أمنها وأمن مواطنيها".

هذا التصريح السابق يستغله المقربون من لبيد ليعتبروا الاتفاق الجديد والمعدل هو إنجاز له ولـ"موقفه الثابت من أجل ضمان مصالح أمن إسرائيل"، موضحين أن التعديلات التي سبق ووضعها لبنان تتعلق بالخط الذي سيتم اعتباره خط حدود (خط العوامات) ويعتبره الإسرائيليون موضوعاً أمنياً لا يمكن التخلي عنه.

وكانت إسرائيل، وفق تقرير نشر عند رفضها التعديلات السابقة التي وضعها لبنان قبل أكثر من أسبوع، طالبت بخط حدودي من جانب واحد "خط العوامة" على شاطئ رأس الناقورة بعد الانسحاب من لبنان عام 2000، ويبدأ الخط من الشاطئ في المنطقة الحدودية في رأس الناقورة ويمتد غرباً بنحو خمسة كيلومترات داخل البحر الأبيض المتوسط. وبحسب الإسرائيليين، في حال تحرك "الخط العائم" جنوباً مما هو عليه اليوم، فإن هذا سيسمح بخط رؤية ومراقبة من الجانب اللبناني باتجاه ساحل شمال إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الهرار: إصرارنا أثبت نفسه   

وفي سياق الترحيب الإسرائيلي بـ"إنجاز تعديل المسودة الأخيرة"، رأت وزيرة الطاقة كارين الهرار أن قبول لبنان بالمطالب الإسرائيلية إنجاز للجهود الإسرائيلية" معتبرة أن "التمسك بمواقفنا أثبت نفسه. وتمت تلبية جميع مطالبنا. سيكون هناك اعتراف بالخط العائم ومصادقة الحكومة على الاتفاق هي خطوة أولى".

وكانت إسرائيل بدأت، الأحد الماضي، عمليات الضخ التجريبي من الساحل باتجاه منصة استخراج الغاز من حقل "كاريش" لفحص جاهزية شبكة الأنابيب والإمدادات، بحسب ما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية.

نتنياهو في مقدمة المعارضة

وفور إعلان لبيد التوصل إلى اتفاق مع لبنان، صعد زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو الذي تعطيه استطلاعات الرأي الاحتمال الأكبر لتشكيل حكومة وحصوله على أكثر من 62 نائباً حملته ضد الاتفاق، معلناً أنه لن يحترم الاتفاق فور تسلمه رئاسة الحكومة وأن حزبه "الليكود" سيقدم التماساً إلى العليا لمنع التوقيع عليه من دون مصادقة الكنيست.

وحظي نتنياهو بدعم يميني واسع وانضمت جمعيات إلى الالتماس ضد الاتفاق، في وقت بقيت مسألة شرعية التوقيع على الاتفاق من دون الكنيست وحسم المستشارة القضائية للحكومة بعدم ضرورة مصادقة الكنيست مصدر نقاش قانوني وسياسي، علماً أن الحكومة ستبحث المسألة في جلستها، الأربعاء، لتقرر إذا كانت ستطرح الاتفاق على الكنيست للمصادقة عليه أو أنها ستطرحه خلال الأسبوعين المقبلين، أي قبل أيام قليلة من الانتخابات البرلمانية.

ونقل عن مسؤول سياسي أن الحكومة ستبذل كل جهد لمنع تأجيل التوقيع أو جعل المصادقة الأخيرة عليه متعلقة بالكنيست، وقال "إسرائيل معنية بلبنان كجار مستقر ومزدهر ولا يشكل منصة لإرهاب حزب الله وليس أداة طيعة بأيدي إيران. وجهاز الأمن كله يؤيد الاتفاق ويؤكد أهميته من أجل الاستقرار الأمني".

من جهتها خصصت "هآرتس" تقارير داعمة للاتفاق وبحسب ما ورد فيها فإنه "على رغم ارتفاع حدة التوتر بعد رفض إسرائيل التعديلات اللبنانية على مسودة الاتفاق وتهديد وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس بإيعازه للجيش برفع حال التأهب مقابل حزب الله، إلا أن حزب الله يحافظ على نبرة منخفضة نسبياً ولا يطلق تهديدات كثيرة ضد إسرائيل"، وفق أحد التقارير الذي أضاف "يعود صمت إيران التي على رغم دعمها لحزب الله وتدخلها الكبير بما يحدث في لبنان، إلى الأوضاع الداخلية فيها، خصوصاً الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب مقتل الشابة مهسا أميني بعد أن أوقفتها شرطة الأخلاق الإيرانية".

من جانبه أعلن جهاز الأمن الإسرائيلي أنه يتابع "بتأهب التطورات الداخلية في إيران" واعتبر أن جهوده حققت إنجازاً في "عرقلة تقدم التأثير الإيراني في سوريا، بما في ذلك انتشار ميليشيات موالية لإيران في سوريا التي أقامها القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني".

وإزاء هذه التقارير الأمنية حذر أمنيون سابقون وسياسيون من عودة تدخل إيران في تنفيذ الاتفاق ودعا مسؤولون الجهات الإسرائيلية المسؤولة كافة إلى "تطبيق الاتفاق بضمان تنفيذ كل بند بحذافيره"، وفق ما نقل عن مسؤول إسرائيلي.

كيف تحسب الحدود البحرية؟

لقد خرجت تقارير إسرائيلية متناقضة حول كل ما يتعلق بالحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إذ إن الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي جنرال احتياط غيورا أيلاند شدد على أن "الحدود الرسمية تستوجب موافقة الطرفين. على سبيل المثال الخط الذي انسحبت إليه إسرائيل من لبنان عام 2000 ليس حدوداً، وذلك لأن لبنان لا يعترف به".

ويقول أيلاند إن هناك ثلاث طرق معروفة لتحديد الحدود البحرية

- وضع خط عمودي (90 درجة) على خط الشاطئ. ويضيف "عام 2000، بعد أن اتفقت إسرائيل مع الأمم المتحدة على خط الانسحاب البري، تبنينا من طرف واحد هذه الطريقة، وعليه فإن الخط الذي يحد المياه الإقليمية (عند رأس الناقورة) هو في اتجاه الشمال – الغربي بدرجة 291. وتبنت الأمم المتحدة التي مثلت الموقف اللبناني، طريقة ثانية وهي تواصل خط الحدود البرية، كون مقطع الخط البري الأكثر ميلاً إلى الغرب يكون 270 درجة باتجاه الغرب، وبالتالي نشأ مثلث عدم توافق كبير بين إسرائيل والأمم المتحدة، لكننا اتفقنا على ألا نتفق، أوضحنا أن سلاح البحرية الإسرائيلي سيحمي الخط الذي تبنيناه، بل رسمنا الكيلومترات الأولى من هذا الخط بدءاً من رأس الناقورة والشمال الغربي، بمؤشرات تحمل لون الطوافات الصفراء. قبل نحو عقد وافقت الولايات المتحدة على أن تتوسط بين إسرائيل ولبنان، واقترحت الاستناد إلى طريقة ثالثة في الترسيم التي تسمى (طريقة التوسط). لهذه الطريقة المفضلة بحسب القانون الدولي، يوجد قيد واحد: حتى لو تم الاتفاق على خط ما مبدئياً، فإنه يمكن قياس الخط بطرق مختلفة قليلاً. وهكذا نشأ الخلاف المعروف اليوم بين القياس الإسرائيلي لموقع هذا الخط وبين القياس اللبناني. مثلث الخلاف الحالي هو أصغر بكثير من ذاك الذي كان عام 2000، إذ إن الطرفين اتفقا قبل سنوات على تبني طريقة (التوسط)".

ما بين المياه الإقليمية والاقتصادية

ويرى أيلاند أن الأهم في مسألة الحدود يتعلق بالفرق بين المياه الإقليمية والمياه الاقتصادية ويقول "المياه الإقليمية تم تحديدها بخط في مدى 12 ميلاً عن الشاطئ التي هي نحو 22 كيلومتراً. هذه المياه هي أراضي الدولة من كل ناحية كانت. أما المياه الاقتصادية فهي المياه التي من هذا الخط حتى مدى أقصى يصل إلى 200 ميل. المسألة المهمة بالنسبة إلى الاتفاق الحالي هي هل تتخلى إسرائيل أيضاً عن مياه إقليمية؟ والجواب هو أن إسرائيل تصر على أن تكون الحدود البحرية مثلما رسمناها عام 2000، لكن فقط لمدى خمسة كيلومترات وليس لمدى 22 كيلومتراً. بعد خمسة كيلومترات يوجد ’انكسار‘ للخط جنوباً. المعنى هو أننا نتخلى عن أرض في شكل هندسي من نحو 250 كيلومتراً مربعاً من المياه الإقليمية التي هي أرض سيادية بكل معنى الكلمة. يمكن أن نحل هذه المشكلة، إذا ما اتفقنا على أن الحدود المعترف بها ستكون فقط في مجال المياه الاقتصادية (من نقطة الـ 22 كيلومتراً وما بعدها غرباً) ولكن عندها نكون أبقينا ثغرة عالقة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات