Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كلفة الاقتراض وارتفاع الدولار يوجهان ضربة للأسواق الناشئة

من المقرر أن يخفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام المقبل

قالت غورغييفا "نحن نشهد تحولاً أساسياً في الاقتصاد العالمي" (أ ف ب)

قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن ارتفاع الدولار وارتفاع كلفة الاقتراض وتدفقات رأس المال إلى الخارج تتسبب في توجيه ضربة ثلاثية لعديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، مشيرة إلى ارتفاع احتمال تدفقات المحافظ الخارجة من الأسواق الناشئة خلال الأرباع الثلاثة المقبلة إلى 40 في المئة، ومحذرة من إمكان أن يشكل ذلك تحدياً كبيراً للبلدان ذات الحاجات التمويلية الخارجية الكبيرة.

تحذيرات غورغييفا جاءت خلال محاضرة ألقتها في قاعة "جاستين هول" بالحرم الجامعي الرئيس لجامعة "جورج تاون" في واشنطن قبيل انطلاق الاجتماع السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين، الثلاثاء 11 أكتوبر (تشرين الأول)، في واشنطن، حيث من المقرر أن تهيمن مناقشات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة والتداعيات الاقتصادية لحرب أوكرانيا على جدول المناقشات، ومن المتوقع أن يخفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي للعام المقبل في أحدث توقعاته الاقتصادية العالمية.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي إن الحفاظ على مرونة سعر الصرف من شأنه المساعدة، مشيرة إلى أن البلدان قد تستفيد من اتباع نهج أكثر استباقية ومن اتخاذ خطوات احترازية قبل ظهور الأزمة، ومضيفة أنه يمكن لإطار السياسة المتكامل للصندوق أن يساعد في معايرة أفضل مزيج ممكن من السياسات، ويمكن أن تساعد أدوات الإقراض الوقائي للصندوق في دعمها على حد قول غورغييفا التي أضافت أنه، في هذه البيئة، تحتاج بلدان عدة إلى المساعدة في التعامل مع الديون التي تم دفعها بسبب أزمة كورونا، ما يمثل تحدياً خاصاً للعالم النامي على حد قولها، مشيرة إلى أن أكثر من ربع الاقتصادات الناشئة إما تخلفت عن سداد ديونها وإما تداولت السندات عند مستويات متعثرة، وأكثر من 60 في المئة من البلدان منخفضة الدخل تقع أو معرضة لخطر كبير لضائقة الديون، مما يزيد من مخاطر تفاقم أزمة الديون في هذه البلدان ويضر بشعوبها، فضلاً عن النمو العالمي والاستقرار المالي.

وللحد من مخاطر أزمات الديون قالت إن كبار الدائنين مثل الصين والقطاع الخاص يتحملون مسؤولية التصرف، مشيرة إلى أنه تم وضع الإطار المشترك لمجموعة العشرين لدعم تسوية ديون البلدان منخفضة الدخل. ودعت إلى ضرورة أن تصبح هذه العملية أسرع وأكثر قابلية للتنبؤ بها. وقالت غورغييفا "في أقل من ثلاث سنوات، عشنا الصدمة، بعد الصدمة، بعد الصدمة. أولاً، كورونا، ثم هجوم روسيا على أوكرانيا، وكوارث مناخية في كل القارات. وتسببت هذه الصدمات في إلحاق ضرر لا يحصى بحياة الناس، في حين يؤدي تأثيرها المشترك لارتفاع عالمي في الأسعار، لا سيما أسعار الغذاء والطاقة، مما يتسبب في أزمة كلفة المعيشة"، واعترفت بأن التعامل مع هذه المشكلات يزداد صعوبة بسبب التشرذم الجيوسياسي.

وتابعت غورغييفا "نحن نشهد تحولاً أساسياً في الاقتصاد العالمي"، فمن عالم يتسم بإمكانية التنبؤ النسبي، بإطار عمل قائم على القواعد للتعاون الاقتصادي الدولي، وأسعار فائدة منخفضة، وتضخم منخفض إلى عالم أكثر هشاشة وقدر أكبر من عدم اليقين وتقلبات اقتصادية أعلى ومواجهات جيوسياسية وكوارث طبيعية أكثر تواتراً ومدمرة وعالم يمكن أن ينحرف فيه أي بلد عن مساره بسهولة أكبر وفي كثير من الأحيان، داعية إلى ضرورة تحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي من خلال مواجهة التحديات الأكثر إلحاحاً. وشددت على ضرورة تنشيط التعاون العالمي وتحويل اقتصادنا لبناء المرونة في مواجهة صدمات المستقبل "ولهذا السبب، نحن في صندوق النقد الدولي ندعو إلى اتخاذ إجراءات مبكرة ومشتركة لإعادة التجميع وإعادة التفكير. كيف يمكننا تبني عقلية احترازية أكثر استباقية مما كانت عليه في الماضي؟ ومزيد من الاستعداد للعمل الآن والعمل معاً. وسيكون هذا محور اجتماعاتنا السنوية هذا الأسبوع مع 190 دولة عضو".

تنشيط وتحويل

ورأت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن هذه الإجراءات الفورية ضرورية، لكنها لن تكون كافية لتنشيط الاقتصاد العالمي وبناء المرونة في أوقات الهشاشة المتزايدة. وقالت "نحن بحاجة إلى إصلاحات تحويلية، ودعم أعضائنا في هذه الجهود هو محور تركيز رئيس لعمل الصندوق". واستعانت بنموذج المالية العامة. وقالت إنه يمكن للبلدان استخدام أطر المالية العامة متوسطة الأجل لجعل مواردها المالية أكثر استدامة وخلق مساحة أكبر في ميزانياتها. ويمكن بعد ذلك استخدام هذا الحيز المالي للاستثمار في الناس والاقتصادات الأكثر إنتاجية، في الصحة والتعليم وشبكات أمان أقوى. وكذلك البنية التحتية الرقمية لفتح الأبواب للابتكار ولخدمات حكومية رقمية أكثر شفافية وكفاءة. ودعت غورغييفا إلى التفكير في كيفية استخدام السياسات الذكية التي عمل عليها الصندوق، مثل التدريب أو تمكين قوة عاملة جاهزة رقمياً، لمساعدة الأشخاص على الانضمام إلى القوى العاملة والبقاء فيها، بخاصة النساء والشباب، وهو درس إيجابي يمكن استخلاصه من الوباء لخلق فرص دائمة يمكن أن تقلل من عدم المساواة، وتعزز نمواً أكثر استدامة على المدى الطويل.

انعدام الأمن الغذائي

واعترفت بأنه لا يمكن معالجة الأسباب العميقة لهشاشة العالم إلا من خلال عمل البلدان معاً، وهذا يعني، على حد قولها، مواجهة الآثار المخيفة للتفتت، وسردت غورغييفا بعض الأمثلة في المجالات التي يكون فيها التعاون الدولي الأقوى أمراً بالغ الأهمية، وعلى رأسها تكثيف الجهود لمواجهة انعدام الأمن الغذائي الحاد، الذي يؤثر الآن على 345 مليون إنسان، مشيرة إلى المساعدة التي يقدمها صندوق النقد الدولي عبر "نافذة صدمة غذائية" جديدة كجزء من تمويله الطارئ، والذي يهدف إلى مساعدة البلدان الأكثر تضرراً بصدمات شروط التبادل التجاري.

التغير المناخي

أما المجال المهم الذي يحتاج إلى تضافر الجهود عالمياً وتعاون أقوى لمواجهة التهديد الوجودي للبشرية فهو تغير المناخ. وقالت غورغييفا إنه يمكننا أن ننجو من التضخم وتجاوز الركود، لكن لا نستطيع أن ننجو من أزمة مناخ لا هوادة فيها. وحثت على ضرورة الاستفادة من مؤتمر المناخ الدولي "كوب 27" الذي ستستضيفه مصر، الشهر المقبل، لاتخاذ إجراءات أكثر حسماً.

اقتصاد أكثر استدامة

وللمساعدة في الانتقال إلى اقتصادات أكثر اخضراراً واستدامة، قالت غورغييفا إننا أنشأنا أول أداة إقراض طويلة الأجل لدينا صندوق المرونة والاستدامة، ولقد حصلنا بالفعل على تعهدات بمبلغ 40 مليار دولار، ونهدف إلى الاستفادة من مضاعفة ذلك في الاستثمار الخاص، وهو أمر بالغ الأهمية لتوفير تريليونات الدولارات اللازمة للتكيف والتخفيف. وأضافت أنه من خلال مشورتنا المتعلقة بالسياسة، يساعد صندوق النقد الدولي أعضاءنا في العثور على الاستجابات الصحيحة للأزمات المتعددة. وقالت إنه من خلال جهودنا لتنمية القدرات، قمنا بدعم 174 دولة على مدى السنوات الثلاث الماضية في المجالات الرئيسة، من تعبئة الإيرادات المحلية، إلى المساعدة في القدرة على تحمل الديون وإدارة الاستثمار العام.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتحدثت غورغييفا عن الدعم المالي للصندوق قائلة "قمنا بتقديم الدعم المالي، ونساعد البلدان في الحفاظ على إمكانية الوصول إلى السيولة. ومنذ أن بدأ الوباء، قدمنا ​​258 مليار دولار إلى 93 دولة. ومنذ الهجوم الروسي على أوكرانيا، قمنا بدعم 16 دولة بما يقرب من 90 مليار دولار، هذا إضافة إلى التخصيص التاريخي لحقوق السحب الخاصة، في العام الماضي، بقيمة 650 مليار دولار".

كوارتنغ في مواجهة الصندوق

ومن المقرر أن يلتقي وزير المالية البريطاني كواسي كوارتنغ، هذا الأسبوع، وزراء مالية دوليين آخرين للمرة الأولى في الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي وبعد أن انتقدت المؤسسة المالية ميزانيته المصغرة. وبالنسبة لبريطانيا، سيوفر الحدث فرصة لكوارتنغ للسعي إلى طمأنة نظرائه بعد أن حذر الصندوق الحكومة في شأن خططها المالية غير الممولة.

وكان كوارتنغ قد ألغى، الأسبوع الماضي، خططاً حول معدل ضريبة الدخل لأصحاب الدخل المرتفع.

وقالت غورغييفا، الأسبوع الماضي، إنها ستخفض توقعاتها للنمو، إذ من المقرر أن يقع ثلث الدول في ركود، مضيفة أن التعافي العالمي من الوباء عانى "نكسة هائلة" من شأنها أن تمحو أربعة تريليونات دولار من الناتج العالمي حتى عام 2026.

وخفض الصندوق توقعات النمو ثلاث مرات في العام الماضي، وتقدر أحدث توقعاته نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3.2 في المئة لهذا العام و2.9 في المئة لعام 2023.

أميركا ودفاع عن قوة الدولار  

ومن المرجح أن تدافع الولايات المتحدة عن أي مخاوف من نظرائها في شأن القوى الكامنة وراء قيمة الدولار، والتي ارتفعت بقوة مع قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بقوة. وقالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لصحيفة "فايننشال تايمز" إن "الارتفاع الكبير في قيمة الدولار [كان] مدفوعاً بشكل أساس بالاختلافات في الأساسات الكلية عبر البلدان".