هرعت والدة طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات إلى مستشفى بريطاني بعد أسبوع من إصابته بعدوى "كوفيد"، في أربع مناسبات مختلفة. وأعربت عن خشيتها من حدوث طفرة جديدة من الفيروس "المخيف"، على حد تعبيرها، خلال فصل الشتاء، بعدما تسبب المرض أيضاً بمعاناة ابنها من الربو وحالة جلدية نادرة.
وتقول كيري ديغ التي تبلغ من العمر 45 سنة إنها تخشى من ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس هذا الشتاء، بعدما جاءت نتائج اختبار ابنها إليوت في آخر أربع مرات إيجابية لجهة إصابته بـ"كوفيد"، وتم إدخاله إلى "مستشفى نورث ستافس الجامعي" University Hospital of North Staffs في مقاطعة ستافوردشير وسط إنجلترا، بعد أسبوع من إصابته بالفيروس.
تم تشخيص الطفل للمرة الأولى في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2020 حين اضطر المسعفون إلى إنعاش إليوت عند أعلى درج منزل العائلة في بلدة نيوكاسل أندر لايم، بعدما أصيب بازرقاق في الوجه وتعرض لتشنجات وارتفاع في درجات الحرارة وخروج رغوة من فمه.
وتتذكر كيري كيف وصل المسعفون إلى منزلها وهم يرتدون بزات واقية أشبه بـ"شخصيات أفلام الرعب"، لكن أحدهم "مزق ثيابه" كي يتمكن من صعود الدرج إلى حيث كان ابنها لإنقاذه.
وأضافت "صرخت لتنبيهه بأننا ربما مصابون بعدوى ’كوفيد‘، لكنه قال إنه لا يكترث. كان كل شيء مفاجئاً في ذلك الوقت الذي كانوا يحاولون فيه مساعدة إليوت".
بعد التقاط الطفل الفيروس، أصبح الآن مصاباً بمرض الربو، وعندما أدخل للمرة الثالثة إلى المستشفى، أصيب باضطراب جلدي يعرف بـ"كتوبية الجلد" Dermographism بحيث يظهر طفح جلدي مزعج أحمر اللون على الجلد عند لمس المريض.
إليوت، الابن الوحيد لكيري التي تعمل في غرفة التحكم التابعة لدائرة الشرطة وزوجها المهندس تيم البالغ من العمر 49 سنة، اعتبر عند ولادته "طفلاً معجزة"، فقد وضعته عندما كانت في الـ42 من عمرها وذلك بعد أعوام من محاولة الزوجين إنجاح الحمل من دون جدوى عندما كانا في الثلاثينيات.
وتبذل الأسرة في الوقت الراهن جهوداً كبيرة لحماية كل من إليوت وتيم الوالد، المعرض للخطر هو الآخر بعد إصابته بنوبتين قلبيتين في أبريل (نيسان) عام 2017.
وتقول كيري "بتنا نخشى أي نتيجة اختبار سواء كانت إيجابية أو سلبية، لأنها تجعلنا نشعر بحال من التأهب من احتمال اضطرارنا إلى إدخال إليوت إلى المستشفى مرة أخرى".
لكنها تستدرك "أصبحت الآن أقل خوفاً، لأن في كل زيارة للمستشفى تكون الأمور أقل حدة. نحن نعيش حالاً من عدم اليقين نتيجة كل ذلك، ونأمل في أن يحصل على تطعيم قريباً".
تجدر الإشارة إلى أن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS، لا تقدم في الوقت الراهن لقاحات للأطفال الذين هم ما دون سن الخامسة، لكن كيري قالت إنه في كل مرة كان يصاب فيها ابنها بالفيروس، كان يعاني تبعات سلبية تظهر بعد نحو أسبوع.
وأضافت "ما يثير الاستغراب هو أنه يمرض بشدة بعد أسبوع من إصابته بـ’كوفيد‘، مع أنه يبدو في حال جيدة في البداية. وعندما تأتي نتيجة اختباره سلبية بعد انقضاء أسبوع، ندرك أن علينا إدخاله إلى المستشفى، وهذا غريب للغاية. المفارقة أنه لا يمرض خلال فترة العدوى بل بعد انقضائها. لذا، ينتابنا خوف من مرحلة الشتاء المقبل مع ارتفاع أعداد الإصابات بالمرض".
وتابعت "نحرص على البقاء بعيداً من جديه المصابين بـ’كوفيد‘ في الوقت الراهن نتيجة هذا الذعر".
باتت أسرة إليوت مستعدة لمواجهة أي مضاعفات مستقبلية بعد الإصابة بفيروس "كوفيد"، لأن لديها الآن في المنزل أجهزة مراقبة الأوكسجين ودرجة الحرارة، لمتابعة وضع ابنها عندما يمرض. وبحسب ما تقول والدته فقد كان دائماً "يتمتع بصحة جيدة"، إلى حين أصيب بالفيروس للمرة الأولى في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2020.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعود كيري بالذاكرة لتصف تلك المحطة بالقول "كان فاقداً للوعي وأصيب بازرقاق، فيما رأينا رغوة تخرج من فمه. كان على المسعفين الطبيين أن يسارعوا إلى إنعاشه عند أعلى درج المنزل، قبل أن يقوموا بنقله إلى المستشفى".
وتعتبر أن "ما من شيء آخر يمكن أن يكون سيئاً إلى هذا الحد، قائلة "لذا قررنا ألا ندع شيئاً يقف في طريقه. فطالما أن اضطرابه الجلدي والربو لا يتسببان له بالأذى، لن نسمح لهما بعرقلة حياته لأنني لا أعتقد بأن هناك شيئاً أسوأ من تلك التجربة التي مررنا بها (عند أعلى درج المنزل)".
في كل مرة كان يصاب فيها إليوت بعدوى "كوفيد"، كان يجد صعوبات في التنفس، وهو يعاني الآن الربو. لكن بعد دخوله للمرة الثالثة إلى المستشفى، لاحظ الأطباء للمرة الأولى وجود علامات تخطيط الجلد عليه. وتوضح والدته ذلك بالقول: "لفت انتباه الطبيب ظهور علامات على وجهه، في كل مرة كان يضع فيها قناع الأوكسجين عليه. وقد سئلت عما إذا كان يعاني حساسية ما ضد مادة اللاتيكس. وانتاب الفريق الطبي ذعر لدى رؤيتهم خطوطاً في مختلف أنحاء وجهه حيث كان القناع".
وأضافت "في كل مرة كان يلمسه أحد، كانت تبدو عليه علامات مخططة. وكان من الواضح أنها لم تكن بسيطة. لقد كانت تظهر بعد كل لمسة. فعندما تضع يدك بالمعنى الحرفي على صدره، فإنك تترك لا محالة بصمة على جلده. كان الأمر معقداً إلى هذه الدرجة في بداية الأمر عندما كان في المستشفى".
تجدر الإشارة إلى أن دراسة أميركية أجراها باحثون في "جامعة فلوريدا" عام 2021، ونشرت في "المجلة الطبية البريطانية" British Medical Journal، أكدت أن اضطراب "كتوبية الجلد" ربما يكون أحد العوارض الإضافية لعدوى "كوفيد".
وتظهر على جلد الطفل إليوت الآن علامات، حتى بعد مجرد القيام بحضنه قليلاً. وتقول والدته "تشعر بذلك بمقدار ما يشعر به هو. فبالكاد تكون قد لمسته حتى ترى بصمات يديك على جسمه. وإذا ما رفعته تحت ذراعيه من حوض الاستحمام على سبيل المثال، فإن بصمات يديك ستظهر واضحة على جسمه".
وتضيف "عندما ترى بصمات يديك على بشرة طفلك الذي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، تخال للوهلة الأولى أنك ربما ضغطت عليه بشدة في لحظة ما. في بداية الأمر، لا تجرؤ على لمسه، وإذا قمت باحتضانه، تظهر عليه تلك الخطوط في كل مكان. هذا الأمر جعلنا نشعر بذعر شديد".
إليوت نفسه الذي يستمتع بالادعاء أنه "سبايدرمان"، بطل التشويق المفضل لديه، لا يهمه إطلاقاً وجود تلك العلامات على بشرته. وتقول والدته: "لا يبدو منزعجاً منها... ربما شعر ببعض الحكاك منها في أحد الأيام، (لكنه) لا يدرك شيئاً ولا يلاحظ حتى أنها موجودة. نحن فقط من ينتابنا الخوف منها".
وتتابع كيري قائلة "نشعر بخوف أكبر إذا أصيب بخدش ما أو شعر بانزعاج كبير وهو أمر نادر الحدوث. فعندما يبكي تغطي الخطوط الحمراء جسده بالكامل. يبدو أن البكاء يسرع من ذلك لسبب ما".
بعد تجربة سلسلة من الأدوية، ساعد عقار "سيتيريزين"Cetirizine المضاد للهيستامين في تخفيف حدة ظهور تلك الخطوط على جلد الطفل.
وتضيف والدته "على رغم أنه ليس علاجاً إلا أنه خفف من أعراضه بنسبة 80 في المئة. وعندما لا يتناول الدواء، تبدو عليه الخطوط واضحة للغاية. وفي حال نسينا إعطاءه إياه مرة واحدة في الصباح، وقام بالتدحرج على الأرض، تظهر علامة كبيرة على وجهه".
ويؤكد والدا إليوت أن على رغم التجارب التي واجهها ابنهما، فهو "طفل هنيء" ولا يتضايق من وجوده في المستشفى.
وتختم كيري بالقول "حاولنا أن نتجاهل الأمر كي لا يلاحظ أي فرق. أعتقد بأننا كنا سنواجه بعض المعاناة لو كان طفلاً متعباً يبكي دائماً، مما يمكن أن يجعل من الصعب علينا التعامل مع الوضع. فليست هناك طريقة لمعرفة ما إذا كان الأمر سيئاً حقا، لأنه في الحقيقة يبدو دائماً سيئاً".