Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رغم نجاحها في مجالات عدة... المرأة التونسية تواجه عقبات في بيتها

تمضي التونسيات 8 ساعات يومياً في ممارسة الأعمال المنزلية مقابل 45 دقيقة للرجل

احتلت المرأة التونسية المرتبة الأولى ضمن قائمة الأونيسكو، بين الأفريقيات والعربيات الرائدات في مجال البحث العلمي (اندبندنت عربية)

على الرغم مما وصلت إليه المرأة التونسية من مكانة مرموقة في مجتمعها وترسانة القوانين التي تحفظ حقوقها، إلا أنها لا تزال تعاني من عقلية المجتمع التقليدي داخل أسوار بيتها، حيث كشفت دراسة أجرتها منظمة "أوكسفام" في تونس بالتعاون مع "مركز الدراسات والتوثيق حول المرأة"، أن التونسيات يقضين ما يعادل 8 ساعات يومياً في ممارسة الأنشطة المتعلقة بحياتهن الأسرية كالأعمال المنزلية، والطهي، والتسوق، وتعليم الأطفال والعناية بهم، مقارنةً بـ 45 دقيقة فقط يخصصها الرجل لتلك النشاطات.
وتمتد هذه الساعات الثماني إلى 12 ساعة في المناطق الريفية. ويُضاف إلى هذه الأشغال، العمل مدفوع الأجر الذي تقوم به المرأة العاملة.
وخلصت الدراسة إلى أن هذه الأعمال غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها المرأة، تقف أمام طموحاتها على الصعيد المهني.
وتقول مرام (32 سنة) وهي مهندسة تعمل في إحدى الشركات الخاصة في تونس، "على الرغم من أنني أدير قرابة الأربعين فنياً من الرجال، إلا أنني فشلت في فرض رأيي داخل بيتي". وأضافت "أقضي 8 ساعات في العمل ثم أعود إلى البيت لأقوم بكل أشغال المنزل بمفردي من طهي وغسيل والاهتمام بطفلَي، وكأن هذه المهمات مفروضة على المرأة ولا يمكن للرجل القيام بها".
وتعتقد مرام أن "المساواة الحقيقية تكمن عندما تتغير العقلية المجتمعية والقضاء تماماً على العقلية الذكورية السائدة التي تقف عائقاً أمام تحقيق المرأة طموحاتها المهنية والاقتصادية".

رائدات

 ومع هذه الصعوبات التي تواجه معظم التونسيات، فإن تصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" لعام 2020، يعكس ما أحرزته المرأة التونسية من إبداع وتميز، وتموقع جيد في مجتمعها، حيث احتلت المرتبة الأولى ضمن قائمة الأفريقيات والعربيات الرائدات في مجال البحث العلمي، باعتبار أن 55.1 في المئة من الباحثين التونسيين هم من النساء، وتعد هذه النسبة الأكبر في أفريقيا والعالم العربي.
كما أن 65 في المئة من التونسيين الحاصلين على درجة الثانوية العامة و69 في المئة من حمَلة الدكتوراه هم من النساء، حسب تقرير منفصل لـ"اليونسكو" في العام الماضي. كما أن 60 في المئة من الطلَبة في الجامعات التونسية وثلثَي المتخرجين هم أيضاً من النساء، و70 في المئة منهن متخرجات في جامعة الطب. وتصدرت تونس قائمة الدول العربية في مجال البحث العلمي والابتكار بنسبة 55 في المئة مقابل متوسط 39 في المئة للمنطقة العربية، وذلك في إطار مقاربة تأخذ بعين الاعتبار النوع الاجتماعي، حول حصة المرأة في مجال البحوث العلمية مقارنةً مع الرجل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا الوضع الجيد الذي وصلت إليه التونسيات على المستوى العلمي لم يمنعهن من مزيد المطالبة بتطبيق ترسانة القوانين التي تخدم نظرية المساواة بين الجنسين. إذ إن نجاح المرأة التونسية في تقلد أعلى المراتب في الدولة، لا ينعكس في نواحٍ أخرى من الحياة، إذ لا تزال تعيش أوضاعاً صعبة وهشة في مستويات اجتماعية أخرى، على غرار العاملات في المنازل والمزارعات والأمهات العازبات وغيرهن من النساء اللواتي لم يتمكن من افتكاك حقوقهن الاجتماعية والمادية.
في السياق، دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة الاحتفال بـ"اليوم العالمي للمرأة"، النساء العاملات عموماً والمزارعات خصوصاً، إلى الخروج إلى الشارع والمطالبة بحقوقهن المادية وسط استغلال كبار الفلاحين لهن.

في السياق، ترى الناشطة في المجتمع المدني كلثوم برك الله أن "وضع المرأة في تراجع وتقلص منذ عام 2011، بسبب الأنظمة الرجعية التي حكمت تونس بعد الثورة". وأضافت أن "حقوق النساء ومكاسبهن كانت مهدَدة خلال العشرية الأخيرة، إذ حاول بعض الرجعيين ضرب هذه الحريات".

مستقبل مستدام

وتحيي تونس والمجتمع الدولي في 8 مارس (آذار) الحالي، "اليوم العالمي للمرأة"، الذي ينتظم هذه السنة تحت شعار "المساواة اليوم من أجل مستقبل مستدام". وقالت وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أمال بلحاج موسى، "إيماناً بدور التمكين الاقتصادي للمرأة وأهميته في تغيير واقعها ودعم استقلاليتها وتيسير مرورها إلى دور الريادة، اختارت تونس رسم منوال تنموي يعتمد على إرساء آليات التمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء عامةً ولذوات الأولوية منهن خاصة". وأضافت بلحاج موسى "حرصت تونس على مأسسة النوع الاجتماعي وإدراج مقاربته في التخطيط والبرمجة والميزانيات، إضافة إلى إرساء آليات الرقابة والحوكمة لمختلف البرامج الموجهة للمرأة ووضع المجلس الوطني للنظراء وتكافؤ الفرص بين المرأة والرجل".
وصادقت الحكومة التونسية بإشراف رئيس الجمهورية قيس سعيد، يوم الخميس 3 مارس، على مشروع الأمر الرئاسي المتعلق بإنشاء وحدة تصرف حسب الأهداف لإنجاز البرنامج الوطني لريادة الأعمال النسائية والاستثمار المُراعي للنوع الاجتماعي "رائدات".
ويهدف هذا الأمر الذي تقدمت به وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، إلى حوكمة التصرف في البرنامج الوطني الجديد "رائدات" وتعزيز برامج وآليات التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية، حيث سيسمح بإحداث 3000 مشروع نسائي، باعتمادات تُقدر بحوالى 20 مليون دولار.

المزيد من العالم العربي