Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القاهرة تحتفي بإدوارد تودا "الدبلوماسي المتيم" بالآثار المصرية

متحف الحضارة أقام معرضاً يضم أرشيفه الذي يوثق رحلات التفتيش جنوب مصر في القرن الـ19

إدوارد تودا داخل أحد المقابر الفرعونية في زي المومياء

في تعاون بين مصر وإسبانيا يستضيف متحف الحضارة بالقاهرة معرضاً للصور الأرشيفية بعنوان "رحلات التفتيش على المواقع الأثرية في صعيد مصر وأرشيف إدوارد تودا".

الصور المعروضة من مقتنيات مكتبة متحف فيكتور بالاجيه في برشلونة، وتعد من أقدم الوثائق التي توضح طبيعة عمل مصلحة الآثار المصرية خلال القرن الـ19.

ويضم المعرض مجموعة من تصوير إدوارد تودا ومجموعات من مقتنياته لمصورين آخرين لأماكن متفرقة في كل أنحاء مصر، إضافة إلى رسوم توضح تفاصيل بعض الأماكن الأثرية في المناطق التي زارها مع حملات التفتيش.

افتتح المعرض أحمد غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، وألفارو إيرانزو سفير إسبانيا بالقاهرة، وعلى هامشه تم تنظيم ندوة علمية مشتركة بين مجموعة من علماء الآثار المصريين والإسبان حول تاريخ أعمال البعثات الأثرية الإسبانية في صعيد مصر وأهم الاكتشافات التي تمت خلالها.

 

وأوضح غنيم أن المعرض يضم عدداً من الصور من مجموعة إدوارد تودا إي جويل الذي شغل منصب نائب القنصل الإسباني في القاهرة خلال الفترة ما بين عامي 1884 و1886، لافتاً إلى أن هذه الصور تعد توثيقاً لعمل مصلحة الآثار المصرية خلال القرن الـ19.

وأضاف أن إقامة هذا المعرض يعد أحد أوجه التعاون القائمة بين المتحف ودولة إسبانيا، مشيراً إلى ضرورة استثمار هذا التعاون الثقافي والمعرفي بين الجانبين وتبادل الخبرات في جميع المجالات بما يليق بتاريخ وتراث البلدين.

من بين أهم الصور المعروضة في المعرض صورة لإدوارد تودا نفسه داخل أحد المقابر الفرعونية مرتدياً زي المومياء، ومجموعة الصور التي توثق مقبرة سن نجم التي شارك تودا في فتحها للمرة الأولى ووثق مقتنياتها بالصور، إضافة إلى صور لأهرام الجيزة وأبو الهول خلال تلك الفترة، وبعض الصور التي توضح قناة السويس والسفن المارة فيها.

من هو إدوارد تودا؟

ولد إدوارد تودا في التاسع من يناير (كانون الثاني) عام 1855 في مدينة ريوس عاصمة تارجونا بإقليم كتالونيا الإسباني، ودرس الحقوق وحصل على ليسانس في القانون المدني من جامعة مدريد عام 1873، وفي ذلك العام التحق بالسلك الدبلوماسي الإسباني ليبعث في عام 1876 قنصلاً لإسبانيا في الصين ويمضي فيها ست سنوات، ثم في عام 1884 تم تعيينه قنصلاً إسبانياً في مصر وكان عمره وقتها يناهز 29 سنة.

 

كان إدوارد تودا هاوياً للتصوير فاصطحب كاميرته في جولاته المتعددة داخل مصر ليوثق كثيراً من الأماكن التي تعكس طبيعة الحياة في البلاد، كما صور الآثار المصرية المختلفة في رحلته التي طاف فيها مصر من الشمال للجنوب، ويرتكز المعرض على رحلاته إلى الجنوب، وبالتحديد التي رافق فيها حملات التفتيش على المواقع الأثرية.

اهتمام بعلم المصريات

كان ولع إدوارد تودا شديداً بالآثار المصرية وعلم المصريات، فهو يعد من رواده في إسبانيا، وأتاحت له علاقته مع عالم المصريات جاستن ماسبيرو مرافقته في كثير من الجولات بمواقع أثرية متنوعة في مصر، كما رافقه أثناء كشف مقبرة سي نجم وألف عنها كتاباً يعد من أهم المراجع التي كتبت عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أسفرت رحلات إدوارد تودا في مصر واهتمامه بعلم المصريات عن عدد كبير من الصور التي توثق هذه الحقبة التاريخية في مصر، إضافة إلى تأليفه خمسة كتب ترجمت إلى عديد من اللغات، وهي سيزوستريس عام 1886، والموت في مصر القديمة عام 1887، وسن نجم في طيبة قائمة بمحتويات مقبرة مصرية من الأسرة الـ20 عام 1887، والمومياوات الملكية عام 1887، وأخيراً عبر وادي النيل في عام 1889.

وافقت فترة إقامة إدوارد تودا في مصر حكم الخديوي توفيق وقد أتاح له منصبه كدبلوماسي الفرصة لحضور مختلف المناسبات الرسمية في البلاط الخديوي، وكذلك مشاهدة الاحتفالات الشعبية التي كتب عنها كثيراً من المقالات للصحف الإسبانية، ليجعل القارئ الإسباني على علم بها مثل خروج قافلة المحمل إلى مكة حاملة كسوة الكعبة واحتفالات عاشوراء، وأجواء شهر رمضان وما يصاحبها من طقوس، وكان اهتمامه بالآثار الإسلامية كبيراً أيضاً، إذ زار كثيراً من المساجد والآثار الإسلامية وكتب عنها.

رحلة إدوارد تودا عبر وادي النيل

يعد كتاب "عبر وادي النيل" من أهم مؤلفات إدوارد تودا، وهو يضم 30 فصلاً وثق فيها واقع المدن المصرية بدءاً من وصوله إلى مصر من ميناء الإسكندرية مروراً بمحافظات الدلتا المختلفة في رحلته إلى القاهرة التي أقام فيها وباشر عمله، وانطلق منها عبر وادي النيل حتى وصل إلى طيبة جنوب الصعيد.

وأشار في كتابه إلى ما يميز كل منطقة من حيث المعالم والآثار والتركيبة السكانية السائدة فيها في هذا التوقيت، وحتى العادات الشعبية للمصريين وغيرهم من الجاليات المقيمة في مصر خلال هذه الفترة.

 

قال إدوارد تودا في كتابه عن لحظة وصولة إلى القاهرة للمرة الأولى "أذكر أنني دخلت القاهرة أول مرة في العاشرة مساء واستقبلني عند محطة السكة الحديدية عربة خيل يجرها حصانان وحملتني عبر شوارع جميلة تحفها الأشجار، وتضاء جيداً بمصابيح الغاز الكثيرة إلى بهو فندق أوروبي الطراز، وتساءلت بذهول هل هذه العاصمة المصرية؟ إن المدينة الشرقية التي في خيالي ذات شوارع ضيقة ومنحنية ومآذن عالية ترى بها جماعات العرب في الشوارع ونساءها معصومات خلف المشربيات، فهل غيرت مكانها بالمصادفة؟ أم هل أقلني مركب شارد وأخطأت الطريق ونزلت بإحدى عواصم أوروبا الهائلة واعتقدت بالخطأ أنني بأرض مصر؟

وقد أفرد في هذا الكتاب فصلاً عن نهر النيل وكل ما يتعلق به مثل الفيضان والاحتفالات والمعتقدات الشعبية، وآخر عن أهرام الجيزة باعتبارها من أهم المواقع الأثرية في مصر، كما أشار إلى طبيعة الأوضاع السياسية التي كانت سائدة خلال هذه الحقبة في مصر وانعكاساتها على الناس.

المزيد من منوعات