Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجنيه المصري يواصل النزف أمام الدولار فمتى يصل إلى قيمته العادلة؟

محللون يؤكدون أنها تتراوح بين 21 و24 جنيهاً ومخاوف من تأثر الواردات

تراجع الجنيه المصري إلى مستوى قياسي جديد في مقابل الدولار الأميركي (أ ف ب)

في وقت يراقب المصريون الشاشات الخاصة بأسعار صرف الدولار في مقابل الجنيه المصري، من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة حسم ملف التمويل الذي تتفاوض الحكومة المصرية في شأنه مع صندوق النقد الدولي منذ مارس (آذار) الماضي.

وخلال الساعات الماضية ومع اقترب المفاوضات من نهايتها، شهد الجنيه المصري خسائر كبيرة، إذ تراجع إلى مستوى قياسي جديد في مقابل الدولار الأميركي، ليسجل لدى البنك المركزي المصري مستوى 19.57 جنيهاً للشراء، و19.69 جنيهاً للبيع، وهو أعلى مستوى لسعر صرف الدولار على الإطلاق.

وبينما يواصل الجنيه الهبوط في مقابل الدولار الأميركي، فإن محللين وشركات وبنوك استثمار يرون أن القيمة العادلة للجنيه تتراوح بين 21 و24 جنيهاً للدولار، لكن في تقارير سابقة أكد كل من "دويتشه بنك" و"غولدمان ساكس" أن العملة المصرية مقومة بأعلى من قيمتها بنسبة 10 في المئة، لكن "سيتي غروب" لديه تقدير أقل بنسبة خمسة في المئة، فيما خفض محللو "بلومبيرغ" تقييم الجنيه المصري بنسبة 23 في المئة، وذلك كضرورة للنهوض بالاقتصاد وتقليص فجوة التمويل.

أدنى مستوى

أما في سوق الصرف فقد تراجع الجنيه المصري إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار، وانخفض سعر الصرف بمقدار 10 قروش خلال تداولات جلسة الإثنين، قبل أن يغلق عند مستوى 19.6683 أمام الدولار، ليسجل مستوى قياسياً جديداً له أمام العملة الأميركية المرتفعة.

ومنذ بداية العام الحالي فقد الجنيه المصري نحو 24.8 في المئة، بما في ذلك الانخفاض المفاجئ الذي تم الإعلان عنه بعد اجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري في الـ 19 من مارس (آذار) الماضي بنسبة 15.9 في المئة، مع استمرار الخفض التدريجي الذي سمح به البنك المركزي منذ ذلك الوقت.

وسجل الجنيه المصري أدنى مستوى له على الإطلاق أمام الدولار خلال تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى 19.5605 والذي سجله قبل خمسة أعوام على خلفية التعويم التاريخي في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتوقع استطلاع حديث أجرته نشرة "إنتربرايز" أن ينخفض سعر صرف الجنيه المصري إلى مستوى 22.12 في المتوسط، فيما يتوقع بنك "غولدمان ساكس" استقرار سعر صرف الدولار بين 22 و24 جنيهاً، فيما رجح بنك "بي إن بي باريبا"، ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستوى يتراوح بين 22 و23 جنيهاً بنهاية العام الحالي.

وأدت دورة التشديد النقدي من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي والاتجاه للابتعاد من المخاطرة في الأسواق العالمية إلى ارتفاع الدولار بقوة خلال الأسابيع والأشهر الأخيرة، فيما تتزايد التكهنات بأن البنوك المركزية الرئيسة يمكن أن تبدأ إجراءات منسقة للدفاع عن عملاتها في مقابل الدولار الذي ارتفع إلى أعلى مستوياته خلال عقدين خلال هذا العام.

ووفق أحدث استطلاع أجرته مؤسسة "إم أم أي في+"، يتوقع ما يقرب من 45 في المئة من المشاركين في الاستطلاع والبالغ عددهم 795 خبيراً ومحللاً إضافة إلى رؤساء تنفيذيين، أن تبدأ الدول في العمل معاً لمواجهة ارتفاع الدولار الذي يصنع ضغوطاً متزايدة على الاقتصادات الأضعف، وعلى مستوردي السلع الأساس الذين تضرروا من التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا.

مستويات السيولة

ويرى المدير التنفيذي لمجموعة "إيه أم سي" للاستثمار محمود شكري أنه في ظل حال عدم اليقين الاقتصادي واستمرار الحرب الروسية في أوكرانيا التي ألقت بظلالها على أسعار النفط لتزيد وتيرة تسارع التضخم المتفاقم من الأساس، يأتي دور السياسة النقدية لتتدخل في ضبط مستويات السيولة في الأسواق وتقليصها لوقف موجة التضخم المرتفع.

وأضاف شكري لـ "اندبندنت عربية" أنه يجب على البنك المركزي المصري في الوقت الحالي إعادة ترتيب الأوراق، مشيراً إلى أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وجه أخيراً بضرورة صياغة مبادرة جادة لجذب الاستثمارات الأجنبية ضمن محاولات توفير العملة الصعبة ودعم احتياط البلاد من النقد الأجنبي.

وتابع أن هناك عدداً من المبادرات التي أطلقتها مصر خلال الفترة الماضية، ومنها مبادرة دعم الصادرات التي تزيح كل العقبات التي يواجهها المصدرون، مع الاستعانة بمبادرات أخرى لدعم المنتج المحلي والتحول التدريجي نحو المحتوي المحلي وتحجيم الاستيراد.

وواصل، "هناك أيضاً مبادرات لدعم الدولار بالتعاون مع وزارة الهجرة والمصريين بالخارج، وسبل زيادة التحويلات الدولارية وربطها بودائع يستفيد منها كل من الدولة والمواطن المصري المقيم في الخارج والذي يعتبر مورداً مهماً للدولار، ولعل مقترح ربط وديعة لكل مصري مقيم في الخارج بالدولار خلال الفترة الحالية، طرح للحوار وكان ينتظر موافقات البنك المركزي المصري، ومن المتوقع أن يشهد هذا الملف صدور قرار خلال الأيام المقبلة".

وأشار إلى أن ضرورة إطلاق مبادرات تدعم توفير مستلزمات الإنتاج، بخاصة أنها العمود الفقري للصناعات المحلية، على أن تتسم كل مبادرة جديدة بالمرونة وتتناسب مع أوضاع السوق المصرية حتى لا تواجه الأسواق المحلية ضغوطاً جديدة.

تداعيات سلبية

وكانت شركة "برايم" لتداول الأوراق المالية أكدت في مذكرة بحثية حديثة ضرورة أن يتخلى البنك المركزي المصري عن السيطرة الصارمة على الجنيه، وأن يسمح بدلاً من ذلك بتعويمه أمام الدولار.

وأشارت إلى أن السماح للجنيه بالانخفاض إلى مستوى 20 جنيهاً للدولار أو أكثر من ذلك سيكون له تأثير سلبي في فاتورة الواردات وستسجل البلاد تضخماً، لكنه سيكون أمراً بالغ الأهمية لزيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة للبلاد.

وأشارت إلى أنه إذا سمح البنك المركزي المصري للجنيه بالانخفاض فمن المحتمل أن يتزامن ذلك مع الحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي أو تلقي ودائع أو استثمارات إضافية من دول الخليج، لمنح المؤسسة بعض المرونة لضخ السيولة وسط السوق في حال التجاوز، مثلما حدث في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016.

ويرى مراقبو السوق، بما في ذلك البنوك الاستثمارية المحلية والعالمية وبيوت الأبحاث، أن القيمة العادلة للجنيه تتراوح بين 21 و24 جنيهاً للدولار.

وفي حديثه إلى "اندبندنت عربية"، كشف الخبير الاقتصادي الدكتور هاني جنينة عن أن صناع السياسة بحاجة إلى تحرير سعر الصرف تدريجياً خلال السنوات القليلة المقبلة حتى يصل احتياط البلاد من العملات الأجنبية إلى 100 مليار دولار، وبعد ذلك يمكن ربط سعر الصرف مرة أخرى.

وأضاف، "يستغرق ذلك 10 سنوات وينفذ على مرحلتين، الأولى تشهد تحرير سعر الصرف مع تدخل مرن إلى أن تتمكن الدولة من زيادة الصادرات وجذب استثمارات أجنبية مباشرة مما يعزز الاحتياط الأجنبي، ومن ثم يمكن تثبيت سعر الصرف".

وفي مذكرة بحثية حديثة كشفت "كابيتال إيكونوميكس" عن أن جميع الإجراءات بما فيها خفض قيمة الجنيه بنسبة تتجاوز الـ 24 في المئة خلال الفترة الأخيرة، فشلت في إقناع المستثمرين بالعودة للسوق المصرية، وأصبح من الواضح على نحو متزايد أن هناك توترات بين صناع السياسة النقدية في مصر حول الطريقة الأمثل للمضي قدماً.