Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أصحاب الملايين المستفيد الوحيد من موازنة الحكومة البريطانية؟

باستثناء أنها لا تتضمن كثيراً من الأشياء "المصغرة" – ولتسديد كلفها، اقترض وزير المالية للتو أكبر قرض قريب الأجل في التاريخ

ملأ ازدراء الطبقة العاملة البيان الذي تلاه وزير المالية تحت أنظار تراس التي حدقت بشكل يذكر بالملكة الشريرة في قصة "بياض الثلج" (غيتي / رويترز)

لنكف جميعاً عن التظاهر ولنسم إعلان الموازنة المصغرة الجمعة الفائتة باسمها الحقيقي، ممكن؟ هي موازنة مصغرة بقيمة 45 مليار جنيه استرليني (49 مليار دولار) مخصصة لأصحاب الملايين. هذا باستثناء أنها لا تتضمن كثيراً من الأمور "المصغرة". وفي سبيل تسديد نفقاتها وتكاليفها، سارع وزير المالية كواسي كوارتنغ إلى المتجر المحلي المخصص لصرف الشيكات ليقترض أكبر قرض قريب الأجل في التاريخ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد ذلك، سيجتمع مع المصرفيين وأقطاب الأعمال الذين أثراهم [بقراراته الأخيرة] من خلال إلغاء المعدل الضريبي الأعلى البالغ 45 بنساً لكل جنيه والسماح لهم بالحصول على مكافآت غير محدودة. وسيسارعون إلى الكازينو ليرموا النرد على طاولة الكرابس وربما يلعبون بعض الروليت في هذه الأثناء.

أستطيع أن أتخيل هذا الآن، ماذا عنكم؟ "إليكم أيها الشبان مزيد من المال، ومن ثم ناولوني النرد. إذا خسرت وطلب مني الحراس المغادرة، سأجعل البريطانيين يدفعون. سيكونون موجودين لتحمل الكلف في حين ستشربون أنتم الأنخاب الفاخرة بفضل مكافآتكم غير المسبوقة! تذكروا أنكم وعدتم بعدم تبديل محل تسجيلكم الضريبي والسفر جواً إلى موناكو مع منهوباتكم. انتظروا... هل تقولون لي الآن إنكم لم تعدوا بذلك؟"

قد يكون دعم أسعار الطاقة الذي تعرضه الحكومة، بكلفة تقدر بـ60 مليار جنيه أو ربما أكثر، معيباً. وربما يكون "رفاهاً للطبقة المتوسطة"، على حد تعبير معهد الشؤون الاقتصادية. لكن رئيسة الوزراء ليز تراس وزملاءها كانوا مضطرين إلى الاستجابة للأزمة. سيشكل الدعم ضربة واحدة للشؤون المالية العامة، على افتراض انخفاض أسعار الجملة. لكن ماذا عن بقية الموازنة؟

هي ليست مجرد "مناسبة مالية عامة" كما أعلن عنها. إنها بمثابة اصطدام كويكب على صعيد المالية العامة. ولا عجب أن مكتب مسؤولية الموازنة حرم من المشاركة في العمل البرلماني ذي الصلة. ولا بد من أن موظفيه يراقبون بذعر. كان بعض الموازنة خاضعاً للمتابعة، لكن ماذا عن إلغاء معدل الـ45 بنساً لكل جنيه، خفض ضريبي بملايين كثيرة جداً ومخصص لأصحاب المليارات؟ جاء ذلك على حين غرة.

لم يكن أرنباً سحب من القبعة بقدر ما كان أفعى من تلك "الأفاعي المتحولة" المتعددة الألوان المكلفة بشكل مدمر التي يحبها ذلك المجتمع الصغير الذي يربي الزواحف.

في حين تحتضن الحكومة الأثرياء وتجعلهم أكثر ثراء، تضغط في الوقت ذاته على الفقراء، إذ بات 120 ألف مستفيد من الائتمان الشامل مهددين بتخفيضات في منافعهم الهزيلة إذا لم يعملوا لساعات إضافية. وهؤلاء الأشخاص الذين سيعانون لتجاوز الشتاء، هم كما يفترض "أسوأ الكسالى في العالم" الذين حددتهم تراس وكوارتنغ في "بريطانيا المنطلقة" سيئة السمعة الآن التي وضعا اسميهما عليها.

من بين العقبات الرئيسة التي تحول دون تحقيق النمو الذي يريده كل من كوارتنغ وتراس، وهما في حاجة ماسة إليه ليتمكنا من دفع كلف السيولة النقدية التي يصبانها في الاقتصاد، هو الافتقار إلى اليد العاملة.

ليس ضرب الفقراء بعصا كبيرة هو السبيل إلى العثور على هؤلاء العاملين. وليس كذلك بالضغط على حقوقهم في العمل من خلال ضرب النقابات. كان من بين أكثر الأمور إثارة للدهشة في هذه "المناسبة" مدى الوضوح في النظرة الدونية التي أظهرتها حكومة المحافظين المجددة تجاه العاملين. ملأ الازدراء الذي يكنانه لهم البيان الذي تلاه وزير المالية تحت أنظار تراس التي حدقت بشكل يذكر قليلاً بالملكة الشريرة في قصة "بياض الثلج".

أما المشكلة الأخرى التي تواجه أولئك الأشخاص الذين يتحكمون باقتصاد المملكة المتحدة فهي المستوى المخيب للآمال لاستثمار الشركات. ظلت هذه البلاد لأعوام تشهد أدنى معدل رئيس لضريبة الشركات في مجموعة الدول السبع، لكن أيضاً أدنى مستوى لاستثمار الشركات، وهي نقطة أثارتها بقوة راشيل ريفز، القيادية في حزب العمال، رداً على القرار القاضي بوقف العمل بالزيادة الضريبية التي خطط لها وزير المالية السابق ريشي سوناك.

تشكل المناطق الاستثمارية الخاصة الـ40، ذات المعدلات المنخفضة للاستثمارات المؤهلة، جزءاً من إجابة كوارتنغ عن ذلك. لا شك في أن المناطق، إذا شجعت المال الجديد على الدخول إلى حيث يجري إعدادها، سيكون ذلك محل ترحيب. بل ربما يمكن للمرء أن يطلق على ذلك "تحقيقاً للمساواة"، وهي عبارة تبدو وكأنها تختفي من مفردات الحكومة.

لكن إن لم يحدث ذلك، وإن لم يؤدّ ذلك سوى إلى تحويل الاستثمارات المخطط لها بالفعل من جزء من البلاد إلى آخر، من شأن ذلك أن يمثل خطأ إضافياً آخر.

في الواقع وفر كوارتنغ وتراس بعض البنسات لمصلحة البريطانيين الأقل ثراء: لقد أوقفا العمل بزيادة المساهمات في التأمين الوطني كما كان متوقعاً، وخفضا المعدل الأساسي للضرائب بمقدار بنس واحد بدءاً من عام 2023 وألغيا ضريبة شراء المنازل [للمشترين الجدد بقيمة 425 ألف جنيه وغيرهم بقيمة 250 ألف جنيه] .

تتمثل المشكلة بالنسبة إلى هذا الثنائي، وهي مشكلة سياسية، فضلاً عن كونها مشكلة اقتصادية، في أن أي منافع تعود من هذه التخفيضات من المتوقع أن تبطلها معدلات أعلى للفائدة (في حال التخفيض الأول)، وكذلك الأسعار الأعلى للبيوت التي سيحفزها التخفيض الأخير.

سيكون لزاماً على بنك إنجلترا الذي أكد كوارتنغ من جديد استقلاله في الأقل، أن يستجيب إلى هذه الحزمة التضخمية بحزم. لقد حاول تجنب رفع لمعدل الفائدة يساوي 0.75 في المئة في آخر اجتماع له، إذ فضل التصويت المؤيد بهامش ضيق على زيادة قدرها 0.5 نقطة مئوية بدلاً من ذلك. لكن ينبغي لنا ألا نخدع أنفسنا.

ربما حول وزير المالية بعض المفكرين الأكثر اعتدالاً في لجنة السياسة النقدية إلى صقور، ولو على مضض، لكن معدلات فائدة أعلى بكثير هي على الطريق.

لقد أضاف كوارتنغ لتوه إلى ذروة المعدلات التي قد تصل إلى خمسة في المئة وترتفع أكثر. سيضحك أصحاب الملايين من هذا، فهم بإمكانهم تحمل المعدلات المرتفعة للفائدة. لكن ما يزعم كوارتنغ أنه يعطيه إلينا نحن الآخرين، سيضطر بنك إنجلترا إلى انتزاعه منا للوفاء بتفويضه المتمثل في السيطرة على التضخم.

ملاحظة: ماذا عن القرض القريب الأجل الذي ذكرته؟ هو يأتي من كلف متزايدة للاقتراض الحكومي. بطبيعة الحال، لن يصل مستوى الكلف إلى ذلك الذي يفرضه الموقع الإلكتروني الخاص بالقروض الشخصية wonga.com. لكن نسبياً، سيبدو المستوى مرتفعاً.

في نهاية المطاف سنكون نحن جميعاً من سيدفع الغرامة المالية لهذا العمل المتهور وغير المسؤول الذي يتمثل في موازنة تراهن على النمو وذلك حين يقع الانكماش ويكون علينا أن نسدد الكلف.

© The Independent