استعدوا. بفضل كواسي كوارتنغ، يبدو وكأن المصرفيين سيعاودون الحصول على مكافآت، وسيحصل كازينو لندن المالي على الإذن بإعادة فتح أبوابه، حتى يتمكن المستفيدون من المكافآت من المراهنة بأموالنا.
يبدو أن وزير المالية الجديد نسي – أو تجاهل عمداً – جانباً من أهم جوانب وظيفته، ألا وهو ضرورة أن يطرح على نفسه، حتى قبل أن ينهض من سريره صباحاً، السؤال المهم التالي: هل ستؤدي خططي إلى زيادة احتمالات انحراف أحد المصارف الكبرى وإطلاقه تفاعلاً متسلسلاً كارثياً أو إلى التقليل من هذه الاحتمالات؟
هذا السؤال ضروري أن يطرحه على نفسه كل وزير للمالية، وكل مسؤول في هيئة للرقابة، وكل مسؤول في مصرف مركزي ممن يستحقون مناصبهم قبل أن يشربوا أول فنجان قهوة في الصباح كل يوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذا كانت الإجابة أن "الخطط ستزيد على الأرجح الاحتمالات"، يجب وقف العمل بالخطط. ويجب الانتقال إلى خطط أخرى. إذا كانت الإجابة أن "الخطط ربما ستزيد الاحتمالات"؟ يجب وقف العمل بالخطط. ويجب الانتقال إلى خطط أخرى. ويجب عدم تخصيص أي وقت إضافي للتفكير في الخطط. ويجب وضع الخطط في سلة المهملات إلى جانب الرسائل الواردة من "مجموعة باو" ومعهد الشؤون الاقتصادية و"جمعية الأرض المسطحة".
هل لا تزال الخطط مغرية لأن الخطط قد تزيد الاحتمالات ولن تزيدها بالتأكيد ولأن المخاطرة تأتي بمكافآت؟ يا للهول. حسناً، فليطلبوا من مساعد الإتيان بمقتطفات صحافية تعود إلى زمن الأزمة المالية؟ هل يذكرونها؟ يبدو أنها نسيت بعد حلول جائحة كورونا والحرب على أوكرانيا وأزمة الطاقة وأزمة كلفة المعيشة. وهذا خطأ جسيم.
تكاد الأزمة المالية تدمر اقتصاد العالم. وفي أسوأ مراحلها، دارت قصص عن مديرين لصناديق تحوط يشترون قطعاناً من الخراف لأنهم اعتقدوا بأننا سنعود إلى أيام المقايضة. ولفترة من الوقت، كنا على شفير الكارثة. هل تتذكرون سبب ذلك؟
في الفترة التي سبقت الأزمة المالية، ارتكب الشبان الذين كانوا يحصلون على المكافآت (كانوا جميعاً تقريباً من الشبان، والمعنى في قلب الشاعر) حماقات. وارتكب قطاع الخدمات المالية كله حماقات، كانت كلها بغرض السعي إلى ما يكفي من النقود لملء عدة أساطيل من شاحنات نقل النقود، بصحبة مرافقين يمتطون دراجات نارية وربما شرطي مسلح مجاز تابع لشرطة العاصمة يراقب ما يجري بحذر عن بعد.
ولعبوا بمالنا ألعاباً لا حصر لها من الروليت والكرابس والبلاك جاك. وجمعوا حزماً من الرهن العقاري القذر ودفعوا بها إلى مؤسسات مالية أخرى، وصناديق تقاعدية، ومجالس محلية – ومؤسسات أخرى. كان الأمر مكافئاً لنشر كورونا مالي في أنحاء العالم كله.
ولعبوا بمالنا ألعاباً لا حصر لها من الروليت والكرابس والبلاك جاك. وجمعوا حزماً من الرهن العقاري القذر ودفعوا بها إلى مؤسسات مالية أخرى، وصناديق تقاعدية، ومجالس محلية – ومؤسسات أخرى. كان الأمر مكافئاً لنشر كورونا مالي في أنحاء العالم كله.
وفي غضون ذلك، كان تجار آخرون يتلاعبون بمعدلات الفائدة، وأسواق العملة، وحتى أسعار الذهب والفضة، وكل ما يمكنهم أن يتلاعبوا به، وهذا كله بهدف الحصول على مكافأة دسمة في نهاية العام. ولا نزال لا نعرف حقاً إلا بعضاً من خططهم.
وعندما خسروا الرهان حولت إلى إنقاذ المصارف مليارات الجنيهات الاسترلينية التي كان من الممكن إنفاقها بدلاً من ذلك على بناء المدارس والمستشفيات، ودفع أجور لائقة إلى العاملين فيها. اقرأ هذه المقتطفات الصحافية يا كواسي كوارتنغ.
لا ينبغي أن يكون ما حصل مفاجئاً. إذا حفز الأشخاص لخوض مخاطر غبية وللقيام بأعمال سيئة، سيخوضون مخاطر غبية ويقومون بأعمال سيئة.
لقد وضع حد للمكافآت نتيجة للجهود الرامية إلى إضفاء بعض التعقل على الموقف. لقد احتج بنك إنجلترا. وكذلك فعل [وزير المالية آنذاك] جورج أوزبورن ووزارة المالية. قالوا إنها فكرة سيئة. رأوا أنها ستحرم المصارف من المرونة اللازمة لخفض المكافآت لمسؤوليها الكبار حين تعاني ضغوط وتحتاج إلى الحفاظ على رأس مالها. هذه الحجة موضع شك إلى حد كبير لأن المصارف تعودت على حماية المكافآت حتى حين تعاني مع رمال متحركات، خشية أن تفقد موظفيها الذين يحققون لها الأرباح إذا لم تفعل.
إضافة إلى تدابير أخرى للحد من السلوك السيئ، كان السقف في نهاية المطاف سبباً في عودة بعض المنطق إلى قطاع خلا من المنطق. وفي أسوأ أعوام القطاع، بلغت قيمة الغرامات في بريطانيا وحدها نحو 1.5 مليار جنيه (1.73 مليار دولار).
لماذا يريد أي شخص العودة لذلك الوضع؟ حسناً، يعتقد كوارتنغ بوضوح أنه ابتكر ميزة، بعد أن كبل القلب التجاري للندن كمركز مالي عالمي من خلال إخراجه عن السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي، لكن من سيستفيد من هذه الميزة؟
لنفترض أنه على حق، وأن بعض الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بالحياة الفاخرة في المراكز المالية الأوروبية، مثل باريس أو أمستردام أو دبلن أو فرانكفورت (هل هناك حياة فاخرة يمكن عيشها في فرانكفورت؟) سيعودون إلى القلب التجاري للندن. من يستفيد حقاً من ذلك؟ هل تستحق حقاً إمكانية تحصيل بعض العوائد الضريبية الإضافية من الأفراد الذين يتقاضون أجوراً عالية المجازفة المترتبة على ارتكاب الشبان الذين يحصلون على المكافآت كارثة وتحميل دافعي الضرائب فاتورة الكارثة؟
ثم هناك الرأي العام. لا ينبغي لنا أن ننسى الرأي العام، فعلى رغم أن بعض المعلقين الماليين سيتجاهلونه، فإنه شديد الأهمية هنا وهو في وضع سيئ في شكل مطلق. إن بريطانيا بلد لا يحصل فيه أشخاص على الأغذية، ويعد الطلب على مراكز توزيع الطعام كبيراً إلى حد يجعل هذه المؤسسات الراقية تخسر مخزوناتها منه. ويبدو أن السيد كوارتنغ لم يلحظ ذلك.
والأسوأ من ذلك أنه يبدو وكأنه يريد أن يحول هيئات الرقابة إلى مشجعين للمصرفيين، تتلخص وظيفتهم في تحقيق مزيد من هذه الأعمال، بدلاً من مراقبة الأشخاص الذين إذا حصلوا على قليل من الحرية اعتبروا ذلك رخصة ليتأنقوا ويجلسوا إلى طاولات القمار.
ويبدو أنه يريد أن يعطي الحيتان أكبر حرية يرغبون فيها للتصرف بأموالنا، الأموال التي من الأفضل أن تنفق على إطعام الناس، وهذا كله على أمل أن يحقق ذلك بعض الخيال الجامح لدى مؤيدي "بريكست". هل هو حريق للتكفير عن الخطايا؟ هو حريق مجنون يمكن أن يحرقنا جميعاً.
وعلى هذا، يا كواسي كوارتنغ، ضع الفكرة في سلة المهملات حيث يجب أن تكون. ومن ثم إذا كان هناك شخص في وزارة المالية لا يزال يدخن وفق الموضة القديمة، استعر ولاعته وأضرم النار في المقترحات هناك قبل أن تلتهمنا جميعاً النيران.
© The Independent