Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انقسام داخل مجلس القضاء الأعلى على خلفية تحقيقات تفجير مرفأ بيروت

سابقة خطيرة وأهالي الموقوفين في القضية يتحركون احتجاجاً

أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت يواصلون تحركاتهم طلباً لتحقيق العدالة (أ ف ب)

إلى الثلاثاء المقبل 27 سبتمبر (أيلول)، رحل قرار البت بتعيين قاض رديف للمحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار، المتوقف قسراً عن متابعة التحقيقات منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، نتيجة 24 دعوى رد في حقه، ولم يتمكن مجلس القضاء الأعلى في اجتماعه الثالث المخصص للاتفاق على اسم القاضي البديل من حسم قراره، بعد نقاش حاد عكس تبايناً في الآراء في صفوف أعضاء المجلس الستة، إذ انقسموا بين أربعة أعضاء لتسمية القاضية سمرندا نصار المقترحة من وزير العدل هنري خوري والمعروفة بعلاقتها الوثيقة برئيس الجمهورية ميشال عون و"التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل (صهر رئيس الجمهورية)، وهم الأعضاء المسيحيون والشيعة، في مقابل رفض رئيس المجلس القاضي سهيل عبود ومعه القاضي عفيف حكيم الدرزي تعيين القاضية نصار، وبحسب مصادر قضائية فإن القاضي عبود رفض طرح الموضوع على التصويت في مقابل إصرار القضاة الأربعة المؤيدين للقاضية نصار على التصويت، واحتدم السجال بعد تلويح عبود بالاستقالة ومغادرة الاجتماع قبل أن يتم الاتفاق على تحديد الـ 27 من سبتمبر موعداً لاتخاذ القرار النهائي.

ووصف مصدر قضائي ما حصل في اجتماع مجلس القضاء الأعلى بالسابقة الخطيرة، مع انقسام المجلس للمرة الأولى في تاريخه، وكشف عن أن القاضي عبود يراهن على استمالة أحد أعضاء المجلس قبل موعد الاجتماع المقبل بحيث تصبح نتيجة التصويت ثلاثة أعضاء لنصار في مقابل ثلاثة ضدها فيكون صوت الرئيس عبود هو المرجح. وكشفت مصادر مقربة من عبود عن أنه وانطلاقاً من أسباب إنسانية تتعلق بضرورة بت مصير الموقوفين منذ حصول الانفجار، فهو لا يعترض على مبدأ تعيين قاض بديل، كما أنه لا يريد أن يتحمل مسؤولية أي مكروه قد يحصل لأي موقوف، إنما اعتراضه هو على حصر الخيار من قبل وزير العدل بالقاضية سمرندا نصار المعروفة بتوجهاتها السياسية غير المستقلة، علماً أن مصادر وزير العدل تؤكد في المقابل أن أحداً من القضاة الذين اقترحهم لم يوافق على هذه المهمة وأن نصار كانت الوحيدة التي رضيت بأن تكون القاضية البديلة وبمهمة محددة هي النظر بملفات إخلاء سبيل الموقوفين.

أهالي الضحايا يعترضون

بالتزامن مع اجتماع مجلس القضاء الأعلى نفذ عدد من أهالي الموقوفين في قضية الانفجار تحركاً احتجاجياً أمام قصر العدل في بيروت، ولوح وكلاؤهم بالتصعيد وطالبوا بمحقق عدلي رديف للبت بملفات الموقوفين لأن لا حل آخر. في المقابل سجل تحرك اعتراضي معاكس لأهالي ضحايا المرفأ على خط وزارة العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى، في سبيل الضغط لفك يد القاضي بيطار عبر البت بمرسوم التشكيلات القضائية الجزئية والمعلق بين وزارتي المال والعدل. وكشف مقرر مكتب الادعاء في نقابة المحامين المحامي شكري حداد، وهو من نقابة المحامين المكلف بالدفاع عن الضحايا والمتضررين، عن مجموعة كتب ومراسلات يتم تحضيرها للاعتراض بالسبل القانونية على قرار تعيين قاض بديل، معتبراً أنه غير قانوني، وأكد حداد أن لا سلطة للموافقة على مبدأ التعيين لأن القاضي بيطار متوقف عن العمل وليس متعذراً، وكشف عن ثلاثة قرارات رد لطلبات نقل بيطار صدرت الثلاثاء، ما يعزز الرأي بأن طلبات توقيفه عن استكمال التحقيقات غير محقة وتعسفية وتهدف إلى عرقلة التحقيق. ولفت المحامي حداد إلى كتاب أرسله مكتب المحامين إلى مجلس القضاء الأعلى منذ اللحظة الأولى التي بدأ الحديث فيها عن القاضي الرديف، وقد تضمن الكتاب ملاحظات عديدة تشرح عدم قانونية تعيين قاض بديل عن البيطار، مع المطالبة بعدم الأخذ بكتاب وزير العدل وتعيين قاض بديل.

وأرسل مكتب الدفاع عن الضحايا والمتضررين كتاباً جديداً إلى مجلس القضاء الأعلى بالتزامن مع انعقاد الاجتماع، أشار فيه إلى موانع قانونية تمنع مشاركة عضوين من الأعضاء الستة لمجلس القضاء الأعلى، بالتالي فقدان النصاب، والعضوان المعنيان هما القاضي غسان عويدات لوجود علاقة قربة بينه وبين أحد المتهمين وهو النائب غازي زعيتر، وهو سبق وتنحى عن هذه القضية، والقاضي حبيب مزهر لوجود دعوى مخاصمة بينه وبين أهالي الضحايا، بعد أن أخذ قراراً بضم ملف طلب رد على طلب رد آخر بشكل مخالف للقانون، ما اعتبرته محكمة الاستئناف قراراً منعدم الوجود. وأكد المحامي حداد أنهم بصدد التصدي لقرار تعيين قاض بديل رافضاً الكشف عن الإجراءات أو الخطوات التي سيتخذونها لتحقيق هذا الهدف.

الخلط بين الأسباب الإنسانية والسياسية

ويتهم أهالي ضحايا المرفأ وزير العدل هنري خوري بتنفيذ مطالب السلطة السياسية بحجة العامل الإنساني، لا سيما رئيس الجمهورية ميشال عون الذي، بحسب ما يقولون، قرر الإطاحة بالقوانين والنصوص لأنه التزم مع المدير العام السابق للجمارك بدري ضاهر وهو أحد الموقوفين في المرفأ، لإخلاء سبيله قبل مغادرة قصر بعبدا، علماً أن ضاهر كان سرب مراراً عبر الإعلام امتلاكه معلومات من شأنها فضح الجميع. ويقول المحامي والخبير الدستوري سعيد مالك أن العامل الإنساني موجود وأن عقوبة الموقوفين من موظفين في الإدارات العامة قد لا تتخطى ستة أشهر أو عاماً ربما، لكن إخلاء سبيلهم لا يتم بهذه الطريقة، فإما نحن في دولة قانون أو في مزرعة، وبحسب الخبير الدستوري مالك هناك من يتلطى وراء المفاهيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية للذهاب إلى إطلاق موقوفين في قضية تفجير المرفأ، علماً أن القانون لا يعرف هذه المبادئ، بل ينص على قواعد يقتضي احترامها ولا يمكن مخالفتها، وأهمها الالتزام بالنص القانوني لا سيما إذا كان هذا النص صريحاً وواضحاً ولا يحمل أي تفسير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعود المحامي مالك إلى المادة 360 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تنص على أنه يتولى التحقيق قاض يعينه وزير العدل بناء على موافقة مجلس القضاء الأعلى ليخلص إلى القول "إن ابتداع نظرية القاضي الرديف ما هي إلا بدعة هدفها إطلاق موقوفين محسوبين بغالبيتهم على فرقاء السلطة". ويعتبر مالك أنه كان الأجدى على من يحبك المخارج أن يذهب إلى فك أسر كامل التحقيق وعدم الاكتفاء فقط بإخلاءات سبيل على ضفة القضية الأهم.

الحل في تحرير مرسوم التشكيلات القضائية

ويدخل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار شهره العاشر بعيداً من القضية بفعل الدعاوى المقدمة ضده، والمعلوم أن تأجيل البت بدعاوى الرد ومخاصمة الدولة يعود إلى الشغور في الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي لا يزال مرسوم تشكيلها يتنقل بين أدراج وزارتي المال والعدل. والمعلوم أن مرسوم التشكيلات القضائية الجزئية قد عاد منذ أسبوع مجدداً إلى وزارة العدل بانتظار تعديله وإرساله إلى وزارة المال.

وسبق لوزير المال يوسف خليل المحسوب على "الثنائي الشيعي" (حركة أمل وحزب الله) أن رد المرسوم ثلاث مرات ولحجج ثلاث، أولاً لغياب الميثاقية بين المسيحيين والمسلمين في توزيع رؤساء المحاكم، وثانياً لأن أحد أعضاء الهيئة العامة سيحال إلى التقاعد خلال أسابيع، والمرة الثالثة كان بحجة وجود مرسوم يقضي بتوزيع الغرف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين ومن ضمنهم رئيس مجلس القضاء الأعلى، في وقت كان الرأي الآخر يدعو إلى استثناء رئيس المجلس الذي هو من الطائفة المارونية.

وما حصل أن مجلس القضاء الأعلى أصر على التشكيلات للمرة الثالثة كما وضعها، وهو أرسل مجدداً المرسوم منذ أسبوع إلى وزير العدل الذي، بحسب ما يقول المحامي سعيد مالك، لم يعد أمامه سوى توقيعه وإحالته حتى يصار إلى تحرير القاضي البيطار وتمكينه من استكمال التحقيقات في المرفأ، ليصار بعدها إلى معالجة الناحية الإنسانية المتمثلة في إخلاء سبيل الموقوفين في القضية.

فضيحة قضائية

لا يخفي مالك خوفه من فضيحة قضائية قد تحصل بعد تعيين القاضية سمرندا نصار، بحيث إنها ستقوم فور تعيينها بإخلاء سبيل موقوفين خلافاً للمادة ١١٥ من أصول المحاكمات الجزائية. فالمادة ٣٦٠ من القانون نفسه تقول إن المحقق العدلي يطبق إجراءات قاضي التحقيق، وعندما يبت أي قرار إخلاء سبيل يجب أن يبلغ الأفرقاء كافة المعنيين بالقضية، ويتوقع مالك ألا تلتزم نصار بهذه المادة، وأن تصدر قرارات إخلاء سبيل من دون أي تبليغ، وليعترض من يريد أن يعترض.

المزيد من تقارير