Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زهور وأخواتها… شقيقات يمنيات تعرضن للاغتصاب بمساعدة زوجة الأب

سلطات الحوثي تعتم على القضية فيما ينتظرن مساعدتهن للعلاج والتأهيل النفسي

أثارت حادثة زهور وأخواتها سخط المجتمع اليمني الذي طالب بالقصاص من الجناة (مواقع التواصل الاجتماعي - تخضع لحقوق الملكية الفكرية)

لم تعلم زهور وأخواتها أن القحط والجفاف قد بلغ مداه في بلدهن إلى الحد الذي أجبرها وأخواتها الزهراوات على كل هذا الذبول المبكر في وديان توسمن فيهن أمل التفتح فانكسرت أغصانهن باكراً بنيران الاغتصاب الشنيع في البلد الغارق تحت نار الميليشيات وحربها.

زهور وليان وأميرة ثلاث طفلات شقيقات يتيمات الأم أكبرهن لم تكمل عامها الـ 11 بعد، وأصغرهن لم تزد على خمس سنوات، فرضت عليهن الحياة وظروفها القاسية الإقامة في كنف خالتهن، زوجة والدهن المغترب في الجارة السعودية عقب فقدانهن أمهن التي توفيت جراء فشل كلوي قبل سنوات، وببراءتهن وضعفهن لم يدركن أن الخالة التي جاء بها القدر لتغدو أمهن الجديدة كانت تخبئ لهن مصيراً مرعباً أصابهن، كما أصاب اليمنيين، بالصدمة والأسى والحزن غير المسبوق، إذ تعرضن لاغتصاب متكرر واستغلال جنسي بشع من قبل عدة رجال بالغين بمساعدة زوجة الأب التي استغلت سفر الأب للعمل بالخارج.

سنة من الخوف

ظل عشاق فاطمة (الخالة) يترددون عليها في بيتها، وكانت تجبر الطفلات على مشاهدة أفعالها المخلة ليتطور الأمر إلى إجبارهن بالقوة على الرضوخ لطلبات رجال عدة باغتصابهن على رغم صراخهن واستغاثتهن المدوية، بحسب حديث شقيقهن محمد ذي السنوات الست، الذي ظهر في فيديو مع أحد الناشطين اليمنيين يتحدث عن استغلال الخالة وعشاقها لهؤلاء الطفلات.

كانت زهور وأخواتها يكابدن مأساتهن كل يوم بدموع غزيرة وصراخ لم يحز في ضمائر زوجة والدهن وعشاقها ومن معها من بائعات الهوى، وتحت التهديد والضرب والوعيد من الخالة رضخت الصغيرات المذعورات وكتمن النار في جوفهن النحيل قرابة السنة الكاملة.

صرخة مدوية

ويكشف عم الطفلات فارع العلوي عن أن الخالة في عملية استباقية اتصلت بزوجها في السعودية تخبره أن زهور تعاني نزول الدورة في محاولة للتغطية على جرائمها، وعند عودة الأب ذهب لعرضها على الأطباء لتكتشف المأساة.

وأوضح خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن الطبية التي أجرت لهن الكشف الطبي صرخت بعد أن تفاجأت بمستوى المضاعفات والتقرحات والتهتك الدموي الذي وصلن إليه جراء اغتصابهن وبلغ حد التعفن.

وفي أحد التقارير الطبية ذكرت الطبيبة المعالجة أنه بعد إجراء الإسعافات الأولية للطفلة الكبرى زهور استخرجت من فتحة المهبل أكياس نايلون وقطع قماش وشاش وشعر وقطن، كما أفاد تقرير للطب الشرعي أن الطفلة نفسها تعاني ناسوراً مهبلياً وتمزقات دموية في غشاء البكارة والشرج.

سد جراحي

بعد أن يئست من المجتمع المرعب المحيط حاولت زهور أن تداري مأساتها بضعفها وحيلتها التي قدرت عليها يداها المرتعشتان عندما وجدت نفسها وأخواتها بلا أم وبلا أب أو عائل، عدا وحوش نهمة تتربص بأجسادهن الغضة كل يوم، فلجأت إلى معالجة جراحها الدامية ونزيفها المستمر بنفسها من خلال وضعها ما تيسر من قطع قماش وقطن وأكياس في قناة المهبل.

ووفقاً لأحد محاضر جمع الاستدلالات سأل المحقق زهور عن سبب وجود هذه الأكياس في رحمها فأجابت أنها اضطرت إلى فعل ذلك في محاولة منها لسد النزيف والالتهابات المتعفنة التي ظلت تعانيها نحو سنة كاملة. وذكر المحقق أنه اضطر إلى وقف التحقيق كون الطفلة كانت تعاني حالة نفسية سيئة للغاية.

الضحية في السجن

يقول عم الطفلات إنه يخشى على القضية من التلاعب فعقب الكشف عن الجريمة تقدم ببلاغ إلى الشرطة لطلب القبض على المعتدين، ولكن سلطات صنعاء لم تحرك ساكناً لمدة 10 أشهر، ولكن بعد ظهور القضية للرأي العام تفاجأ بقيام مسؤولي الأمن في منطقة الخميس (شمال العاصمة صنعاء) باحتجاز الطفلات مع الخالة وشبكة النساء التي معها في سجن واحد لعدة أيام على رغم بكائهن وضعفهن والدماء التي تنزف منهن جراء المضاعفات التي يعانينها، مما تسبب في استياء حالتهن الصحية، وهو ما ظهر من خلال الشحوب في وجه زهور وبياض شفتيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يؤكد "تفاجأنا بحبس الطفلات مع الجانيات، وتعرضن للتهديد والضغط من قبل خالتهن والنساء الخمس بعدم الكشف عن الجريمة، وهو ما سبب لهن خوفاً وذعراً منعهن من قول كل تفاصيل الجريمة في محاضر التحقيق".

يشير إلى أن الخالة وشبكة النساء التي معها يقبعن الآن في السجن مع اثنين من المعتدين، وهرب ثمانية آخرون وفقاً لأمر قضائي بالقبض على أربعة متهمين ذكور هاربين، منهم اثنان هما ابنا عاقل الحارة التي تسكن فيها زهور.

والمتهمون وفق بيان القضاء بصنعاء هم وسيم رزق علي الجبري وفيصل يحيى منصور الفقيه ويحيى علي العلكمي ومنير مثنى الأحمدي، وقد صدرت بحقهم أوامر "قبض قهري" في 22 فبراير (شباط) 2022.

وكشف العم عن أن المتهمين الثلاثة الهاربين يقيمون حالياً في السعودية.

مأساة مضاعفة

وأشار عم الطفلات فارع العلوي إلى معاناة الطفلات جراء الاعتداء الجنسي المتكرر وما تركه عليهن من آثار نفسية وجسدية، إذ أظهر الكشف الطبي عن ممارسات سادية ووحشية تعرضت لها الطفلات على رغم صغر سنهن وهزال أجسادهن. وأقرت الطفلات الثلاث بأن زوجة الأب وشركاءها مارسوا الجنس أمامهن مراراً وتكراراً، وأن الطفلة الكبرى زهور أجبرت على إعداد الشيشة (النارجيلة) للرجال الذين قضوا ليالي وأياماً في منزلهن بترتيب من زوجة الأب.

وأوضحن كيف تعرضن بشكل مستمر للاعتداء الجنسي بالأصابع والأعضاء الذكرية من قبل الجناة على رغم صراخهن من الألم الشديد.

منع ذويهن

يقول العم إنه تم نقل الطفلات إلى مركز تابع لوزارة الداخلية تترأسه ابتسام المتوكل غير أنه تفاجأ بمنعه وعمتهن من زيارتهن، والسبب ما زال يجهله حتى الآن.

وبعد السؤال عن المركز تبين أنه مركز شبه مهجور ولا يوجد به أي متخصصين نفسيين أو مستلزمات وإمكانات الرعاية الصحية التي تحتاج إليها الطفلات.

وبصوت حزين مبحوح يضيف "زهور تحتاج إلى عملية جراحية عاجلة لعلاج الناسور المهبلي الذي تعانيه لوقف المضاعفات الصحية الخطرة التي تنهش جسد طفلة صغيرة بلا أم ووالد مغترب يبحث عن لقمة العيش في بلد يعيش ظروفاً صعبة".

نافذون وتهديد

تفيد الناشطة والإعلامية اليمنية وضحى مرشد التي تبنت نشر القضية للرأي العام أن سلطات الحوثيين سلمت الطفلات لمؤسسة "جود الرحمن لرعاية وتأهيل اليتيمات"، ولكن هذه المؤسسة لم تكشف عن حالتهن الصحية والنفسية وما الذي تم تقديمه لهن حتى اللحظة.

وأضافت "الصادم في القضية أنه بعد انتهاك عرضهن ووضعهن الصحي السيئ وتهميش قضيتهن لمدة سنة تقريباً، نكتشف تدخل وساطات نافذة للضغط بالإفراج عن زوجة الأب وبعض المجرمين".

تساؤلات اللحظة

وخلال حديثها لـ"اندبندنت عربية" أوردت مرشد تساؤلات عدة مطالبة القائمين على المؤسسة بالإجابة عنها، وهي لماذا يوجد سجن انفرادي داخل مبنى المؤسسة لمعاقبة البنات في الدار، وكونها دار لرعاية اليتيمات بحسب التوصيف فلماذا تم احتجاز الطفلات المغتصبات فيها، ولماذا تم منع زيارة أهل الطفلات، بل ووضع مسلحين على البوابة وهل السبب الحقيقي للمنع التكتم على القضية لتورط نافذين؟

كما تساءلت عن الحالة الصحية الجسدية والنفسية للبنات المغتصبات. واختتمت "أتمنى من المؤسسة الإجابة عن الأسئلة، وما لم تجب فهي شريكة في الجريمة بالتواطؤ مثل مديرة إدارة رعاية الأسرة والطفل في وزارة الداخلية ابتسام المتوكل".

وأضافت "يجب أن ندعم قضية زهور وأخواتها بالنشر المتواصل لتظل قضية رأي عام للضغط على الجهات المعنية بالتحرك لأنه حتى اللحظة لم يتم فعل أي شيء، سواء في علاج الطفلات أو عودتهن لأسرتهن، ولا في القبض على الهاربين".

وكشفت عن أن والد الطفلات يتعرض للضغوط والتهديد من قبل أفراد العصابة.

لا تعليق

بدورنا تواصلنا مع مسؤولة حماية الأسرة التابعة لوزارة الداخلية بصنعاء ابتسام المتوكل التي رفضت التعليق على أسئلتنا واكتفت بوصف وسائل الإعلام التي تناولت القضية بأنها "غير مسؤولة"، كونها وفقاً لوجهة نظرها "تسيء إلى الطفلات وتلحق بهن أذى نفسياً مستقبلياً من المجتمع".

وخلال حديثي الذي تضمن تفهمي وجهة نظرها إن كان الأمر يتعلق بالمجتمع، فإنها رفضت الحديث عن سبب منع عمهن وعمتهن من زيارتهن ونشر مسلحين حول المبنى الذي يوجدن فيه، واكتفت بالقول "لا تعليق"، وهي الإجابة ذاتها التي كررتها عند طلبي التعليق على ما يتردد عن عدم تقديم الرعاية الصحية للطفلات حتى الآن وحالة التكتم والتحفظ على الطفلات الذي تبنته سلطات صنعاء.

الموت ألف مرة

وفي فيديو مؤثر ظهر والد الطفلات يناشد اليمنيين الضغط بشتى السبل لمعاقبة المغتصبين. وقال "بناتي بناتكم والشرف شرفكم، يشهد الله أني أموت في اليوم ألف مرة".

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع والد البنات وطالبوا تحت وسم #زهور_تذبل بالعدالة وسرعة معالجة الفتيات وإعادة تأهيلهن نفسياً.

تكفل حقوقي

ومع انتشار القضية أعلن المحامي والناشط الحقوقي وضاح قطيش أن قضية الطفلات الشقيقات منظورة حالياً لدى القاضي علي الوعل في المحكمة.

وذكر أن نيابة بني الحارث لم تنفذ قرارات المحكمة بالنشر عن المتهمين الفارين من وجه العدالة في قضية الاغتصاب كي يتسنى للمحكمة مواجهتهم وفقاً للقانون.

وتابع "القاضي الجنائي الجسيم في محكمة بني الحارث قرر في أكثر من جلسة إلزام النيابة النشر عن المتهمين لكن لم يتم تنفيذ القرارات حتى اليوم"، معلناً تكفله التوكيل والترافع والتطوع في القضية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات