Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أناقة الملكة إليزابيث زاهية في كل الفصول

كانت تستخدم حقيبتها لإرسال إشارات إلى موظفيها في المناسبات العامة تمكنها من الخروج من اللقاءات عند شعورها بالملل أو الإرهاق

لطالما حيّرت الملكة إليزابيث الثانية متابعيها الراغبين بمعرفة أي الألوان تفضل (أ ف ب)

تركت الملكة إليزابيث الثانية طوال مدة حكمها التي استمرت 70 عاماً وسبعة أشهر انطباعاً بصرياً نابضاً بالألوان، وعكست صورة ذكية وواضحة يعتقد أن الملكة كانت تقصدها وتعمل عليها بشكل دقيق مع فريقها، فقد نجحت الملكة كل مرة في جذب أنظار العالم إليها، فكانت إطلالاتها محببة وقريبة تعكس في النفس أحاسيس البهجة.

فمن فساتين الخمسينيات إلى مجموعات الثمانينيات المزركشة والمعاطف الصوفية الملونة ارتدت الملكة الشابة ملابس عملية غير جريئة، ولكن أنيقة في الوقت ذاته. فمنذ سنواتها الأولى على العرش أي في العشرينيات والثلاثينيات من عمرها إلى تبلور نظرتها للأناقة في سنواتها اللاحقة، وصولاً إلى ما نعرفه الآن، ارتدت الملكة بزات ذات ألوان زاهية شاملة حرفياً كل ألوان قوس قزح، ولم تفشل على الإطلاق في أن تقدم صورة عصرية جريئة في كل مرة، ولكن هل كان هنالك سبب وجيه وراء اختياراتها هذه؟ وما القصة الحقيقية وراء ملابسها المشرقة بالألوان؟

ترى لتصدق

جواب هذه الأسئلة تقدمه لنا الملكة شخصياً من خلال شعارها الذي اشتهرت به "عليك أن ترى حتى تصدق". ويقال إن الملكة أرادت التأكد من كونها مرئية كيفما تحركت أثناء نشاطاتها، كما أوضحت كونتيسة ويسيكس صوفي هيلين جونز في الفيلم الوثائقي The Queen at 90 الذي صدر في عيد ميلاد الملكة الـ90، وضم مقابلات مع أفراد العائلة المالكة، أن الملكة بحاجة إلى التميز حتى يتمكن الناس من قول "رأيت الملكة"، أو أن يقول أحدهم إنه رأى جزءاً من قبعة الملكة أثناء مرورها، بخاصة في المناسبات كثيفة الحشود.

وأضافت الكونتيسة أن "إدراك مدى سعادة الناس بحضورهم لرؤية الملكة ومشاهدة المتعة المطلقة التي ترتسم على وجوههم عندما يتمكنون من إلقاء التحية على الملكة أمر يثلج الصدر ويبعث على الحميمية حقاً، فمجرد نظرة أو إيماءة أو ابتسامة أو مرحباً تجعلهم سعداء للغاية".

وتقول الخبيرة الملكية ديزي مكاندرو إنه بسبب حجم الملكة الصغير نسبياً قد يكون من الصعب في بعض الأحيان تمييزها بين الحشود خلال المناسبات المهمة، لهذا كان من المفيد أن تحتل الألوان الزاهية خزانة ملابسها، إضافة إلى أنه تفضيل شخصي لدى الملكة. وعلى رغم أن الملكة لم ترغب يوماً في أن تبدو وكأنها ترتدي ألواناً كئيبة، فإنها تعتقد أن الأمر الرئيس يتعلق بالظهور والتميز، وبالتأكيد كلما زاد الحشد، كلما كانت الملابس أكثر إشراقاً.

ألوان مشبعة

وما يميز الملكة حقاً في اختياراتها اللونية أنها كانت تراعي التدرجات اللونية بدقة متنقلة بسلاسة بين درجات الباستيل الزاهية، وصولاً إلى درجات أكثر إشباعاً من اللون ذاته، إذ يندر أن تجد صورة للملكة بألوان داكنة أو باهتة، فقد اختارت هذا التوجه البصري في وقت مبكر من حكمها، إذ ارتدت عام 1963 أثناء حضورها مع دوق إدنبرة حدثاً في لندن ثوباً مرجاني اللون مع أحجار اللؤلؤ. وفي يوم الاحتفال بيوبيلها الفضي، السابع من يونيو (حزيران) 1977، ارتدت فستاناً وردياً فضفاضاً مع سترة وقبعة متناسقة خلال جولة مع رعاياها. وفي زيارة لسور الصين العظيم في أواخر الثمانينيات ارتدت بزة أرغوانية، أما في رحلتها الرسمية إلى ريكيافيك عاصمة أيسلندا أوائل التسعينيات اختارت الملكة إطلالة خضراء زاهية، كما حضرت نهاية التسعينيات عرض Royal Variety Performance في برمنغهام هيبودروم مرتدية بلوزة مطرزة ملونة بألوان عدة، الفوشيا والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي والموف والذهبي، مع تنورة ذهبية مقلمة، كما ارتدت الملكة أثناء زيارتها القاعدة البحرية عام 2021، بزة حمراء ذات ياقة سوداء مع قبعة تحمل زهرة حمراء والأمثلة كثيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللون المفضل

ولطالما حيرت الملكة متابعيها الراغبين بمعرفة أي الألوان تفضل أكثر، فقد أظهر تحليل أجرته مجلة Vogue عام 2012 أن الملكة كانت ترتدي اللون الأزرق في أغلب الأحيان في ذلك العام، على رغم أن مكاندرو قالت في وقت سابق من العام ذاته إنها تعتقد أن الملكة أصبحت تتوجه أكثر إلى اللون الوردي والأحمر الآن، كما قالت إن الملكة أصبحت في الآونة الأخيرة تفضل اللون الأخضر الليموني أيضاً لأنه من المحتمل أن تلقيها لكثير من الثناء أسهم في اقتناعها بارتدائه.

وعلى رغم ما عرفت به الملكة من ولعها بالألوان فإن هناك لوناً واحداً يقال إن الملكة لم ترتده على الإطلاق. فبحسب كاتب السيرة الملكية روبرت هاردمان علقت الملكة يوماً قائلة، "لا يمكنني ارتداء البيج أبداً لأنه لن يعرفني أحد". ووفقاً للمؤلف البريطاني كانت الملكة ترتدي ألواناً محايدة عندما تكون مسترخية في المنزل فقط، بعيداً من المناسبات العامة التي تتطلب قواعد لباس أكثر ذكاءً.

أما كبيرة مزيني الملكة التي بدأت العمل لدى العائلة المالكة منذ عام 1994 أنغيلا كيلي، فأوضحت في كتابها "الوجه الآخر للعملة" الصادر عام 2019 أن اللون هو المفتاح، إذ يجب أن يناسب اللون المختار كلاً من الملكة والمناسبة، لذلك الألوان النابضة بالحياة ستؤدي دورها بشكل جيد خلال ساعات النهار، فهي تميزها عن الحشود لتظل مرئية للمهنئين القادمين لرؤيتها.

وكتبت كيلي أن عديداً من الملابس صممت باستخدام أقمشة محلية وأحزمة قماشية تم شراؤها أثناء السفر، وأحياناً أخرى باستخدام الأقمشة الموهوبة للعائلة.

التفاصيل تتبع الحدث

كما أخذ بعين الاعتبار مناخ إنجلترا الذي يتطلب وجود مظلة في حال أمطرت السماء بشكل مفاجئ. وهنا تقول كيلي إنه كانت لدى الملكة أيضاً مجموعة من المظلات ذات الخامة الشفافة التي تضمن بقاء الملكة مرئية قدر الإمكان، حتى في أكثر الظروف رطوبة، وتحمل كل واحدة منها تقليمات لونية مختلفة لتتناسب مع إطلالاتها.

وأضافت كيلي أن الملكة كانت تحب أيضاً تنسيق قبعاتها لتتطابق مع باقي إطلالتها أولاً، ولتتناسب كذلك مع المناسبة المتعلقة بكل حدث، على سبيل المثال، عندما تزور مدرسة أو مركزاً للأطفال، فإنها ترتدي دائماً لوناً مشرقاً ومبهجاً يبعث على المرح مع قبعة ذات تفاصيل جاذبة للأطفال كالريش أو الزهور أو مزينة بالشرائط، بينما تفضل عند زيارتها داراً لرعاية المسنين، ارتداء لون قوي واضح المعالم مع قبعة منتظمة، لمساعدة ضعاف البصر على رؤيتها.

حقائبها تتحدث عنها

وكما لم يكن تفضيلها الألوان الزاهية مجرد اتباع للموضة، كذلك كان هنالك سبب خفي وراء حمل الملكة إليزابيث حقيبة طوال الوقت. فمن الصعب أن تعثر على صورة للملكة من دون حقيبة، حتى يقال إنها تمتلك أكثر من 200 واحدة، ولكن وراء هذه الحقائب أكثر مما تراه العين من أناقة ودقة في التنسيق، فقد كشف تقرير لصحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية، نقلاً عن كتاب الكاتب والصحافي المتخصص بالشؤون الملكية فيل دامبير، أن الملكة كانت تستخدم حقيبتها لإرسال إشارات ورسائل سرية إلى موظفيها في المناسبات العامة تمكنها من الخروج من المحادثات في أي وقت تشاء عند شعورها بالملل أو الإرهاق أو لمجرد رغبتها بإنهاء حديث ما. فتوصل الملكة من خلال الإيماءات الصغيرة الخفية شيفرات لموظفيها تساعدهم في تتبع مزاجها خلال موقف ما، بحيث ترتبط كل نقلة بأمر معين، فتستطيع الملكة إيصال رسالة فحواها أنها شعرت بالملل من حديث ما وترغب بإنهائه حالاً، بمجرد نقلها حقيبتها من مكانها الطبيعي على ذراعها اليسرى إلى ذراعها اليمنى أثناء حديثها مع شخص ما. أما في حال أرادت الإنقاذ في أسرع وقت ممكن من مواجهة غير مريحة بالنسبة إليها، ستكتفي بوضع حقيبتها على الأرض.

ويمكن لموقع حقيبتها على طاولة العشاء أن يحدد مزاجها فكانت تضعها على الطاولة في حال رغبتها بالمغادرة وإنهاء الحدث في الدقائق الخمس القادمة، أما في حال رغبتها في التعبير عن سعادتها بإجراء محادثة طويلة مع ضيفها كانت تتركها على الكرسي طالبة عدم الإزعاج.

وبالنسبة إلى ما تحتفظ به الملكة في حقيبتها، تقول سالي بيدل سميث، وهي واحدة من كتاب السيرة الملكية إن الأشياء التي تحملها الملكة لا تختلف كثيراً عما تحمله النساء العاديات، مرآة وأحمر شفاه وأقراص أو مستحلبات النعناع ونظارات للقراءة.

وأخيراً، لا شك أن زي الملكة المنظم أسهم في وضع معيار لأزياء الشخصيات النسائية في الحياة السياسية والدبلوماسية، وأن طريقتها في توظيف ملابسها لحشد الأمة هي اليوم جزء من الإرث الذي خلفته.

المزيد من منوعات