Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ينتظر الملك تشارلز الثالث في الحكم؟

"ملك المناخ" المستقبلي يتسلّم مقاليد السلطة فيما تمرّ المملكة المتّحدة بوقت عصيب ويرزح العالم تحت عبء الريبة وعدم الاستقرار

الملك تشارلز يخلف والدته الملكة إليزابيث الثانية بالتربّع على عرش بريطانيا  (رويترز)

نشر موقع "ڤوكس" الإخباري في 8 سبتمبر (أيلول) مستذكراً كلمة الملك تشارلز، الذي كان أميراً في حينها، خلال المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخي (كوب 26) والذي عقد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، عندما حذّر قادة دول العالم معتبراً أن القمّة هي بمثابة الفرصة الأخيرة لحل أزمة المناخ وإنقاذ العالم من تداعيات التغيير المناخي وانعدام التنوّع البيئي الحيوي.

منذ ذلك الحين وحتى في السنوات السابقة له، كان لتشارلز مواقف مماثلة تبنّى فيها الدفاع عن القضايا البيئية رغم أنه من غير المعتاد أن يقوم شخص في مثل منصبه بذلك. واليوم، وفيما يخلف والدته الملكة إليزابيث الثانية بالتربّع على عرش بريطانيا، قد يكون من بين أبرز الشخصيات التي تناصر البيئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتجدر الإشارة إلى أن الملكة توفيت يوم الخميس في بالمورال الاسكتلندية. وفي وقت سابق من اليوم عينه، وفي خطوة غير اعتيادية، صدر بيان عن القصر الملكي جاء فيه: "الأطباء قلقون على صحة جلالة الملكة وأوصوا ببقائها تحت الإشراف الطبي". توفيت إليزابيث الثانية عن عمر يناهز 96 عاماً.

وأورد موقع "ڤوكس" الإخباري أنه بوفاة والدته أصبح تشارلز ملك بريطانيا، إلا أن حفل التتويج لن يقام قبل مرور أشهر عدّة، رغم أن صفته كملك تلقائية.

وبوصفه الملك، يترأس تشارلز دولة بريطانيا، ودول أخرى في الكومنولث، بما في ذلك أستراليا وكندا وجزر الباهاما. في عام 2018، عينت الملكة تشارلز رئيساً للكومنولث الذي يتألف من المملكة المتحدة بالإضافة إلى مجموعة من 53 دولة تجمعها روابط ثقافية أو سياسية.

 

لقد كان تشارلز صاحب أطول مدة لوراثة العرش، ولطالما كانت مواقفه والقضايا التي يدافع عنها والفضائح التي نسبت إليه تحت المجهر طوال حياته. وعلى الرغم من توليه المزيد والمزيد من الواجبات الملكية في الأشهر الأخيرة، إلا أن الأمر لا يقلل من أهمية انتقال الخلافة إليه. فمن المتوقّع أن تمرّ المملكة بفترات من الريبة وعدم الاستقرار على كلّ من الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي.

يستهلّ الملك تشارلز عهده فيما تمرّ المملكة المتّحدة بوقت عصيب ويرزح العالم تحت عبء الريبة وعدم الاستقرار. لقد خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وهي تحاول ترسيخ مكانتها في العالم. ويعتبر هذا الخروج امتحان لوحدة المملكة نفسها، تماماً كما تولت رئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس منصبها وسط تفاقم التضخم وأزمات الطاقة والحرب المستمرة في أوكرانيا.

لطالما كانت الملكية البريطانية أداة للقوة الناعمة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن المرجح أن يكون لتشارلز الذي انتظر 70 عاماً وجهات نظر خاصة به حول كيفية استخدام قوته الناعمة ونفوذه. وقد يقدم سجله في الحقل العام فكرةً عن الشكل الذي سيتخذه حكمه. قد يكون مبدأ الملك الجديد الحرص على استمرارية النظام الملكي فحسب.

الأمير تشارلز... "ملك البيئة المنتظر"

لدى الملك تشارلز سجل في الحقل العام يعود إلى 70 عامًا. لقد تعرض لفضائح بالطبع، بما في ذلك انفصاله عن الأميرة ديانا. كما تبنى علناً قضايا على غرار الدفاع عن صيد الثعالب والطب البديل والزراعة العضوية. أمضت صحيفة "غارديان" 10 سنوات في محاولة نشر مذكرات كتبها تشارلز إلى وزراء الحكومة، للضغط من أجل قضايا مختلفة. تتضمن ما سمي بـ "مذكرات العنكبوت" كل شيء بدءاً من الطلب لإنهاء الصيد غير القانوني لسمكة باتاغونيا إلى الدعوة لزيادة عتاد القوات في العراق.

من ناحية أخرى، تعكس شخصيته في المجال العام صورةً عن الملك الذي سيكون. يبرز دفاعه عن البيئة بشكل ملفت للنظر، حتى أنه سمي بالملك البيئي المنتظر إذ يحاول بشدة تأسيس منصة عالمية جديدة للنظام الملكي البريطاني.

وأضاف موقع "ڤوكس" الإخباري أنه ثمة العديد من الأسئلة حول الشكل الذي ستبدو عليه هذه القيادة، ولكن تشارلز يتمتع بالكثير من المصداقية عالمياً، أقلّه في خصوص هذه قضية المناخ العالمية، حيث كان يحذر من تغير المناخ منذ التسعينيات. يكمن التحدي في أن الملك تشارلز ليس لديه أي قوة سياسية فعلية، وبهدف معالجة أزمة تغير المناخ، ستحتاج الحكومات إلى اتخاذ خيارات وإجراءات سياسية صارمة. لكن يمكن للنظام الملكي أيضاً الاعتماد على قوته الناعمة لمحاولة الدفاع عن العمل في مجال المناخ.

التغييرات والتحديات العديدة التي يواجهها تشارلز

قد يكون تشارلز ملك المناخ. لكن سيتعين عليه أيضاً أن يثبت النظام الملكي ضمن مكانة بريطانيا على الصعيد العالمي.

الملكية البريطانية مؤسسة سياسية، لكنها تعلو فوق المسائل السياسية. تأخذ العائلة المالكة هذا الأمر على محمل الجد، حتى عندما يستخدمون نفوذهم لمحاولة تحقيق أهداف بريطانيا فهم يشعرون أنه من المهم الحفاظ على استمرار نظام الحكم، وبالتالي، ثمة واجب تجاه الأمة والشعب البريطاني.

يتولى تشارلز أيضاً منصب رئيس الكومنولث، وهي مجموعة متباينة من الدول التي لا تربطها سوى علاقات غير وثيقة مع بريطانيا. لقد استثمرت الملكة إليزابيث في دورها كقائدة للكومنولث، وفي نقله إلى تشارلز إشارة إلى أنها تريده أن يستمر. ولكن ثمة أيضاً الكثير من الحسابات التاريخية العالقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بتاريخ بريطانيا الإمبراطوري وانخراطها في تجارة الرقيق. لذا، قررت بعض البلدان التي لا تزال تعترف بالنظام الملكي، مثل بربادوس، مؤخرًا عزل إليزابيث كرئيسة للدولة، ومن المرجح أن تفعل ذلك دول أخرى مثل جامايكا.

ما إذا كان الملك تشارلز يستطيع - أو ينبغي - الحفاظ على دوره كرئيس للكومنولث هو أحد الأسئلة التي من المحتمل أن يواجهها. لقد زار بربادوس حتى بعدما عزلت الملكة كرئيسة لهذه الدولة، في إشارة إلى أن النظام الملكي لا يزال يرى قيمة في علاقات الكومنولث هذه. ولكن إن فكرة الكومنولث هذه جاءت من الملكة نفسها وبمجرد رحيلها يمكن أن ينهار.

يكتسب هذا الأمر أهمية سيما أن المملكة تعيد تحديد هويتها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. روجت حكومة المحافظين لفكرة "بريطانيا العالمية" في عالم ما بعد بريكست، وهي فكرة تعيد فيها المملكة المتحدة تأكيد قوتها ونفوذها خارج الاتحاد الأوروبي. وهذا يشمل الصفقات التجارية مع بقية دول العالم، ولكن أيضاً دعمها القوي لأوكرانيا.

ثم هناك مسألة بريطانيا نفسها. لعبت الملكية تقليدياً دوراً في تعزيز روابط «البريطانية» - أي بين إنجلترا واسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية.

لكن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أدى إلى توتر بعض العلاقات داخل المملكة المتحدة إذ أعاد إلى الواجهة مسألة استقلال اسكتلندا. لقد أثار أسئلة صعبة بشأن وضع إيرلندا الشمالية وجعل إعادة توحيدها أكثر احتمالًا. حتى ويلز شهدت دعماً متزايداً للاستقلال.

إن تفكك الاتحاد ليس وشيكًا، وعلى الأرجح لن يحصل خلال عهد تشارلز، لكن سيتعين عليه التعامل معه. ثمة حقيقة واحدة مشتركة يجمع عليها البريطانيون هي الملكة؛ والسؤال المطروح الآن هو ما إذا كان بإمكان الملك تشارلز الثالث أن يلعب دوراً موحداً مماثلاً.

تتراكم هذه التحديات في زمن تعصف بأوروبا حالة عدم استقرارٍ لم تشهدها منذ عقود. لقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا ورد الغرب عليه إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية وتكلفة المعيشة التي نتجت عن انتشار جائحة كورونا وخروج المملكة المتحدة. ولكن في ظلّ هذه التحديات، قد لا يتغير النظام الملكي البريطاني كثيرًا. أما الشكل الذي سيتخذه عهد الملك تشارلز، والقضايا التي سيناصرها، فسيحددها الضغط الذي سيواجهه للحفاظ على ارتباط البريطانيين بالنظام الملكي.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات