Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف ستنتهي معركة بايدن مع الكونغرس حول تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب؟

وزارة الخارجية الأميركية وعدد من المراكز البحثية في واشنطن يعتقدان أن الآثار المترتبة على هكذا خطوة قد تأتي بنتائج عكسية للغاية

رفض بايدن تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب أول إعلان واضح من إدارته بأن الأمر سيضر أكثر مما ينفع (رويترز)

عكس موقف الرئيس الأميركي جو بايدن الرافض تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب، أول إعلان واضح من إدارته بأن التصنيف سيضر أكثر مما ينفع، لكن هذا سيزيد من حدة التوتر بين الإدارة وأعضاء الكونغرس من الحزبين، الذين يدفعون منذ فترة طويلة لإقرار هذا التصنيف عبر إصدار تشريع، على الرغم من تحذير موسكو من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى قطع العلاقات الأميركية- الروسية، فما التداعيات المحتملة وراء تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، وما المبررات وراء تمسك كل طرف بموقفه، وكيف يمكن أن تنتهي المعركة؟

على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، هو الشخص الوحيد الذي يمكنه تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، فإن التصريح القاطع من الرئيس بايدن كان بمثابة أمر نهائي بعدم وصم الكرملين بهذه التسمية، ما يقلل من احتمالات معاناة روسيا من أشد العقوبات الممكنة التي تطبق بالفعل على الدول الأربع المصنفة في القائمة السوداء للخارجية الأميركية وهي: كوريا الشمالية، وسوريا، وكوبا، وإيران.

صدام مستمر

لكن موقف الإدارة الأميركية يصطدم بشكل مباشر مع جهود مستمرة تزايدت وتيرتها منذ يونيو (حزيران) الماضي، حينما زار أوكرانيا عضوان جمهوريان بارزان في مجلس الشيوخ هما السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال والسيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، ودعا كلاهما إدارة بايدن إلى تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، رداً على غزوها أوكرانيا، قائلين إنهما سيدفعان الكونغرس إلى تمرير مشروع قانون يُصدر هذا التصنيف، سواء كان ذلك بدعم من بايدن أم لا، وفي يوليو (تموز)، أبلغت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي الوزير بلينكن أنه إذا لم يضع روسيا على القائمة السوداء للإرهاب، فإن الكونغرس سيفعل ذلك.

وبالفعل، أصدر مجلس الشيوخ بالإجماع قراراً غير ملزم يحث بلينكن على اتخاذ الخطوة، وتلا ذلك تقديم خمسة أعضاء في مجلس النواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي مشروع قانون يفرض هذا التصنيف رسمياً على روسيا، في رسالة مفادها أن الكونغرس قد يتولى الأمور بنفسه إذا كانت وزارة الخارجية غير راغبة في تصنيف روسيا.

تحدي الكونغرس

وعلى الرغم من تصريح بايدن الحاسم، تحدى النائب الديمقراطي توم مالينويسكي، وهو أحد المشرعين الخمسة، موقف الإدارة قائلاً في تصريح لموقع "ناشيونال سيكيوريتي"، إنه وآخرين سيدفعون مشروع القانون إلى الأمام بغض النظر عن موقف الرئيس، لأنه لا ينبغي حماية روسيا من هذا التصنيف الذي تستحقه، بالنظر إلى مخالفاتها العديدة في أوكرانيا، واستخدامها مجموعة "فاغنر"، ودعمها المتطرفين العنيفين الآخرين، على حد قوله.

ووفقاً لمارك تمنيكي الباحث في مركز "أوراسيا" التابع للمجلس الأطلسي في واشنطن، فقد تعرضت الخارجية الأميركية لضغوط واسعة تعززها فكرة أن الوقت حان لتصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب، على اعتبار أن هذا من شأنه أن يرسل رسالة قوية إلى موسكو، ويضعف من قدرة الكرملين على تمويل غزو أوكرانيا، ويعتقدون أن روسيا ستصبح من الناحية الفنية مؤهلة لهذا التصنيف بعدما تم توثيق ما يعتبرونه جرائم حرب ارتكبها الجيش الروسي في أوكرانيا منذ بدء الهجوم في 24 فبراير (شباط)، وتخضع حالياً لعدد من التحقيقات الدولية الجارية، كما انضمت ست دول إلى أوكرانيا في توصيف الغزو الروسي على أنه عمل من أعمال الإبادة الجماعية، بما في ذلك القتل الجماعي للمدنيين في بوتشا، وقصف أهداف مدنية مثل مراكز التسوق والمستشفيات.

لكن وزارة الخارجية الأميركية وعدداً من المراكز البحثية في واشنطن تعتقد أن الآثار المترتبة على التصنيف قد تأتي بنتائج عكسية للغاية، ما قد يؤدي إلى تضييق مساحة الدبلوماسية عندما تحين لحظة عقد محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا، وقد يؤدي ذلك أيضاً إلى توترات شديدة الخطورة من شأنها أن تعيق الجهود المتعددة الأطراف لمعالجة حالات الصراع والأزمات الإنسانية في جميع أنحاء العالم. لكن كيف يتم تصنيف البلدان دولاً راعية للإرهاب، ولماذا يعد هذا أمراً مهماً؟

كيف تُصنف الدول راعية للإرهاب؟

فوض الكونغرس الأميركي وزير الخارجية سلطة تقديرية كبيرة لتصنيف دولة ما راعية لأعمال الإرهاب الدولي، ويتطلب ذلك أن يتخذ وزير الخارجية قراراً بأن دولة ما، قدمت دعماً متكرراً لأعمال الإرهاب الدولي، ومع ذلك لا تُحدد القوانين الثلاثة التي تمنح سلطة التصنيف تعريفاً شاملاً للإرهاب الدولي، على الرغم من توافر تشريعات أخرى تقدم فكرة عن المعايير التي تنطبق عليها هذه الحالات، لكن لا يوجد شرط يلزم وزير الخارجية بتصنيف كل دولة تفي بهذه المعايير في قائمة الدول الراعية للإرهاب الدولي في وقت معين.

وبالنظر إلى المرونة التي أوجدها هذا الإطار القانوني، أصبحت الاعتبارات السياسية والسياسية المحلية الداخلية في الولايات المتحدة، بما في ذلك بعض الاعتبارات غير المرتبطة بمكافحة الإرهاب، لها تأثير كبير في قرار التصنيف، إذ يعتبر تصنيف كوبا على أساس الصلات المشكوك فيها بالإرهاب مثالاً على ذلك.

أهمية التصنيف

وتكتسب عملية تصنيف الدول راعية للإرهاب أهمية كبيرة من الناحيتين القانونية والسياسية، ولهذا السبب تتجنب واشنطن عادة إدراج الدول التي تربطها بها علاقات متعددة الأوجه، فالدول الأربع المدرجة في قائمة الإرهاب، تشترك كلها في أن الولايات المتحدة ليست لديها علاقات دبلوماسية أو تجارية رسمية معها، وفي الحالات الأربع، سبقت العلاقات السيئة للغاية عملية التصنيف، الذي كان مصدراً إضافياً للخلاف.

وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، فإن تصنيف الدولة الراعية للإرهاب، يفرض ضوابط على تصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج المدنية والعسكرية، ويمنع مبيعات الأسلحة الأميركية والمساعدات الخارجية، ويقيد الوصول إلى تخفيف عبء الديون والتمويل الدولي، كما تفرض قيوداً أخرى، غير محددة في القوانين، ولكنها في حالات أخرى تزامنت مع عقوبات شديدة تنتهي بتطبيقها على الاقتصاد والسكان في الدولة المدرجة، ويمكن أن يؤدي هذا التصنيف إلى تطبيق قوانين عقوبات متنوعة أخرى تعاقب الكيانات والأفراد الذين ينخرطون في أنواع معينة من التجارة مع الدولة الخاضعة للعقوبات.

نزع الحصانة السيادية

وفي حين يحمي قانون الحصانة السيادية الأجنبية بشكل عام الدول الأجنبية من رفع دعاوى ضدها في المحاكم الأميركية، فإن القانون الأميركي ينتزع هذه الحصانة من الدول الراعية للإرهاب، ويجوز للمواطنين الأميركيين وكذلك موظفي الحكومة الأميركية والمتعاقدين معها وأعضاء الخدمة العسكرية، مقاضاة هذه الدول على جرائم مدرجة، مثل التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء واحتجاز الرهائن،  فإذا انتصر لهم القضاء، يمكنهم المطالبة بتعويضات يحصلون عليها من الأصول المجمدة أو المحظور التعامل فيها للدولة المصنفة راعية للإرهاب.

وعلى سبيل المثال، كانت التعويضات السابقة كبيرة، إذ أمرت إحدى المحاكم إيران بدفع ما يقرب من تسعة مليارات دولار لضحايا تفجير ثكنات مشاة البحرية الأميركية في لبنان، كما صدر حكم ضد كوريا الشمالية، تدفع بمقتضاه أكثر من 500 مليون دولار لعائلة طالب احتجز كرهينة وعذبته وقتلته خارج نطاق القضاء.

وصمة عار

إضافة إلى هذه العقوبات، يمكن أن يؤدي التصنيف إلى مجموعة من التأثيرات الغامضة، بخاصة أن الإدراج يشكل وصمة عار أكبر من العقوبات الأخرى، إذ تشعر العديد من الشركات والمنظمات غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، بالقلق إزاء أي مشاركة مع أو في دولة معينة مصنفة راعية للإرهاب، وبغض النظر عن التداعيات القانونية، فإن مخاطر السمعة المرتبطة بدولة تصنفها الولايات المتحدة رسمياً على أنها تدعم الإرهاب، تعد عالية جداً، لدرجة أن العديد من الشركات تبتعد عن الدول التي تحمل هذه الصفة من دون التحقيق في الجوانب الفنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى سبيل المثال، رفضت الشركات إعادة التعامل مع السودان (الذي تم تصنيفه دولة راعية للإرهاب من 1993 إلى 2020) حتى بعد أن رفعت واشنطن العقوبات الاقتصادية الشاملة عام 2017 كجزء من جهد واع للسماح لها بزيادة نشاطها في السودان.

تعقيدات رفع التصنيف

وعلاوة على ذلك، يميل تصنيف الدول إلى البقاء لفترة طويلة، ويرجع ذلك جزئياً، إلى أن إلغاء تصنيف بلد ما كدولة راعية للإرهاب يمكن أن يكون عملية مشحونة سياسياً بمتطلبات صارمة، ويتطلب الأمر من الرئيس الأميركي تقديم تقرير إلى قادة الكونغرس يؤكد أن الدولة المعنية، إما خضعت لتغيير جوهري في القيادة والسياسة، وتوقفت عن دعم أعمال الإرهاب الدولي، وقدمت تأكيدات أنها لن تحرض على مثل هذه الأعمال في المستقبل، أو أن هذه الدولة، امتنعت عن دعم الإرهاب الدولي خلال الأشهر الستة السابقة وتقديم تأكيدات أنها لن تستأنف دعمها في المستقبل.

ومن تعقيدات رفع التصنيف أيضاً أنه يمكن للكونغرس إلغاء التصنيف، ولكن فقط من خلال تقديم قرار مشترك، يمكن للرئيس أن يوافق عليه، أو أن يستخدم حق النقض ضده، ويمكن للكونغرس التغلب على حق النقض الرئاسي، لكن ذلك يتطلب أغلبية الثلثين في كلا المجلسين، وهو عائق مرتفع للغاية، وبالنظر إلى تجارب الإدارات السابقة، فقد أزال تصنيف كل من كوبا والعراق والسودان وليبيا من القائمة بدعم من الكونغرس، على الرغم من أن إدارة دونالد ترمب وضعت كوبا في القائمة مرة أخرى عام 2021.

أداة قوية

ولهذا، فإن تصنيف الدول راعية للإرهاب يعد أداة قوية لها آثار اقتصادية شديدة، ولذلك يرى المدافعون عن تصنيف الولايات المتحدة لروسيا دولة راعية للإرهاب، أن ذلك قد يكون الأداة الوحيدة القوية بما يكفي للتأثير على سلوك الرئيس فلاديمير بوتين، وأن الولايات المتحدة يجب أن تستخدم كل سلاح في ترسانتها غير العسكرية لمعاقبة روسيا على أفعالها في أوكرانيا، كما يأمل كثيرون أنه في حال عدم توفر سبل المساءلة، يمكن أن تكون الطرق القانونية التي يفتحها التصنيف للمدعين في المحاكم الأميركية، خطوة أولى نحو ضمان العدالة للضحايا.

ويضيف المؤيدون للتصنيف إلى إمكانية شمول سلوك القوات الروسية في أماكن أخرى مثل سوريا ودعمها دولة مصنفة راعية للإرهاب، وكذلك دعم الانفصاليين في منطقة دونباس شرق أوكرانيا منذ عام 2014، وما يُزعم من قيام عملاء روس بتسميم أعداء سياسيين في الخارج، واستخدام روسيا مجموعة "فاغنر"، وهي شركة أمنية خاصة متهمة بارتكاب أعمال عنف ضد المدنيين في ليبيا والسودان وأماكن أخرى، لتعزيز أهداف سياسة روسيا الخارجية، فضلاً عن سلوكها في متابعة الحروب في الشيشان وجورجيا.

أسباب التردد والرفض

ويرى مارك تمنيكي الباحث في مركز "أوراسيا" أن هناك عدداً من الأسباب وراء تردد إدارة جو بايدن في تطبيق تصنيف الدولة الراعية للإرهاب على روسيا، إذ تشمل هذه المخاوف أن التصنيف سيكون له تأثير سلبي على شركاء الولايات المتحدة وحلفائها الذين يواصلون الحفاظ على مصالح تجارية كبيرة في روسيا، ولهذا نرى أن بلينكن قلل من أهمية هذه القضية من خلال اقتراح أن العديد من العقوبات المرتبطة بالتصنيف من شأنها أن تكرر الإجراءات المعمول بها بالفعل.

ويحذر المعارضون تصنيف روسيا كدولة راعية للإرهاب، من أن ذلك سيقلل بشكل كبير من نطاق المشاركة الدبلوماسية المستقبلية مع موسكو، بخاصة بعدما حذر مدير إدارة أميركا الشمالية بوزارة الخارجية الروسية ألكسندر دارشيف من عواقب تمرير هذه المبادرة التشريعية قائلاً، إن هذا سيعني أن واشنطن ستعبر نقطة اللاعودة، وقد يؤدي إلى خفض أو قطع العلاقات الدبلوماسية الثنائية، والأكثر إثارة للقلق هو احتمال أن يعتبر الرئيس بوتين هذه الخطوة بمثابة دعوة علنية لتغيير الحكومة الروسية لأن أحد المسارات القانونية للإلغاء يتمثل في تغيير قيادة الدولة المصنفة راعية للإرهاب.

ضرر دولي

ومن المتوقع أن يعيق إدراج روسيا دولة راعية للإرهاب التعاون الدولي في الصراع العالمي وإدارة الأزمات، فإضافة إلى المناخ المتوتر في مجلس الأمن بسبب تدهور علاقات القوى العظمى والهجوم الروسي على أوكرانيا، قد يؤدي التصنيف غير المسبوق لعضو دائم في مجلس الأمن إلى تعقيدات أكثر، ومن المحتمل أن تؤدي إلى إضعاف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي الهيئة التي لعبت دوراً فعالاً في احتواء الصراعات التي اندلعت بعد حل الاتحاد السوفياتي، وقد تصبح مفاوضات السلام متعدد الأطراف حيث يكون لروسيا والغرب مصلحة مشتركة في الاستقرار، معرضة للخطر مثل المحادثات حول مولدوفا، ومناقشات جنيف الدولية حول جورجيا، والمفاوضات حول ناغورنو قره باغ، والحوار الذي تقوده الأمم المتحدة بشأن ليبيا وسوريا ومالي.

وقد تكون لهذا التصنيف عواقب مؤلمة على موسكو، تخلق حواجز جديدة أمام مشاركة روسيا مع العالم الخارجي، إضافة إلى فرض قيود إضافية على التفاعل الاقتصادي الأميركي مع روسيا، وهذا من شأنه أن يضغط على الشركات الدولية التي لا تزال تمارس الأعمال التجارية في روسيا، وبالنظر إلى حجم الاقتصاد الروسي، الذي يتجاوز بشكل كبير اقتصاد البلدان المدرجة الآن على قائمة الدول الراعية للإرهاب، فإن صدمات مثل هذا التطور للاقتصاد العالمي الهش بالفعل قد تكون شديدة، وبخاصة على شركاء روسيا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي (أرمينيا وبيلاروس وكازاخستان وقيرغيزستان) الذين يشعرون بقلق بالغ من أن يؤدي هذا التصنيف إلى انهيار الاتحاد ومنطقة التجارة الحرة داخله، الأمر الذي قد يؤدي إلى زعزعة استقرار دول آسيا الوسطى وأرمينيا، ويمكن أن يهز جورجيا وتركيا وحتى بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تتمتع اقتصاداتها بصلات قوية بالاقتصاد الروسي.

التداعيات على حرب أوكرانيا

ويشير الباحثان ديلاني سايمون ومايكل حنا من مجموعة الأزمة الدولية في واشنطن إلى عدم وجود دلائل توحي إلى أن تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب سيثني موسكو عن مسارها الحالي في أوكرانيا أو في أي مكان آخر، إذ تعاني روسيا بالفعل من عقوبات واسعة وشاملة أدانتها الدول الغربية، وحملت هيئات متعددة الأطراف الكرملين المسؤولية عن الحرب، وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب محتملة، وعلى الرغم من أن الرغبة في إيجاد طرق جديدة للضغط على موسكو لإنهاء الحرب أو ردعها عن ارتكاب المزيد من المآسي أمر مفهوم تماماً، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن تصنيفها دولة راعية للإرهاب يمكن أن يغير شيئاً.

وعلى العكس من ذلك، من الممكن أن يكون لهذا التصنيف تأثير سلبي كبير، لا سيما إذا وصل الطرفان إلى النقطة التي يكونان فيها مستعدين لمحادثات سلام وراغبين في إزالة العقوبات، إذ يتوقع أن يكون التزامن في تخفيف العقوبات مع شروط اتفاقية سلام مستقبلية صعباً للغاية، لكن تصنيف روسيا دولة راعية للإرهاب سيضيف عقبة كبيرة، ترغب معها روسيا في إلغائها كجزء من أي صفقة بسبب رمزيتها، التي ستجعل إلغاءها صعباً بالنسبة للولايات المتحدة.

وقد يكون لفتح الباب أمام المحاكم الأميركية لرفع دعاوى قضائية ضد روسيا آثار سلبية على نزاع أوكرانيا، حيث من المرجح أن تصر روسيا في إطار اتفاق سلام على إلغاء تجميد بعض أصولها إن لم يكن كلها، لكن هذه العملية ستكون أكثر تعقيداً، وربما مستحيلة، إذا صدرت أحكام قضائية متعلقة بهذه الأصول أو كان التقاضي مستمراً، وقد تصبح الأصول الروسية المجمدة مسيسة مع قيام أصحاب المصلحة الأميركيين بالضغط من أجل صرفها للضحايا الأميركيين بدلاً من خدمة صفقة سلام محتملة أو خطة إعادة الإعمار، كما أن تقديم تعويضات للمواطنين الأميركيين من الأصول الروسية المجمدة يمكن أن يحرم الضحايا الأوكرانيين من مصدر للتعويضات المستقبلية أو التعويضات التي قد يتم منحها كجزء من اتفاق سلام أو من قبل محكمة دولية.

وعلاوة على ذلك، فإن التصنيف قد يجعل من الصعب على الجهات الفاعلة المشاركة ضمن ترتيبات معينة مثل الصفقة المدعومة من الأمم المتحدة التي وقعتها أوكرانيا وروسيا أخيراً لتسهيل صادرات الحبوب إلى دول مختلفة حول العالم، كما يمكن تقويض هذه الترتيبات إذا كانت الشركات ومنظمات الإغاثة تخشى أن يؤدي حمل أو توزيع سلع من مصادر روسية إلى تعريضها لمخاطر قانونية وسياسية.

من ينتصر؟

وفي ظل هذه المدخلات المتشابكة، قد يصعب على كثيرين من المشرعين الديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ المضي قدماً في مشروع القانون الذي يدفع به المشرعون الخمسة في مجلس النواب، ومن المرجح ألا تقره لجنة العلاقات الخارجية، وحتى إذا تطورت الأحداث بشكل درامي في أوكرانيا لمصلحة الروس، وتم تمرير القانون في مجلس النواب، فسيكون من الصعب تمريره في مجلس الشيوخ، الذي يتطلب 60 صوتاً لتمريره، وحتى إذا حدثت المعجزة، فمن المرجح أن يستخدم الرئيس بايدن "فيتو" رئاسياً لتعطيله وهو ما يتطلب الحصول على أغلبية الثلثين في المجلس لتجاوزه، الأمر الذي يبدو غاية في الصعوبة، إن لم يكن مستحيلاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات