Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا تغيب الجامعات المغربية عن التصنيفات العالمية؟

وزير التعليم العالي يتذرع بضعف الموازنة المرصودة ومطالبات بإعادة هيكلة البحث العلمي

الجامعات المغربية تسجل غيابا دائما عن التصنيفات العالمية (أ ف ب)

يسعى المغرب جاهداً إلى تحسين ترتيب جامعاته في التصنيفات العالمية لأفضل المؤسسات الجامعية، بالنظر إلى "فشله" في التموقع ضمن قائمة الأحسن طيلة أعوام متتالية.

ودق مهتمون ناقوس الخطر في شأن ترتيب الجامعات المغربية بتصنيفات دولية ذات مصداقية ومهنية وغيابه عن التصنيف الدولي "شنغهاي 2022" الذي تصدره مؤسسة "شنغهاي رانكينغ كونسلتنسي" منذ عام 2003.

وفي وقت تؤكد فيه وزارة التعليم العالي المغربية حرصها وسعيها الحثيث إلى الدخول في تلك التصنيفات، يرى خبراء أن التصنيف الدولي يعتمد معايير معينة يصعب على الجامعات تحقيقها بين عشية وضحاها لأسباب موضوعية.

جدوى السياسات العمومية

وغابت الجامعات المغربية عن آخر تصنيف لـ"شنغهاي" الشهير في لائحة ألف جامعة هي الأفضل عبر العالم لعام 2022، وهو الغياب المتكرر منذ أعوام عدة، إذ لم تستطع أية جامعة تسجيل حضورها في هذه القائمة الدولية.

غياب الجامعات المغربية عن التصنيفات العالمية شكل موضوع أسئلة أحزاب سياسية وجهتها إلى وزير التعليم العالي ومنها حزب "التقدم والاشتراكية" الذي وصف غياب الجامعات المغربية بأنه "مخجل وصادم".

وعزا الحزب السياسي المذكور خيبته من غياب الجامعات المغربية عن التصنيفات إلى أن هذه المؤسسات تحظى بإمكانات مادية وبشرية مهمة، ما يدعو إلى التساؤل عن جدوى السياسات العمومية المنفذة في هذا القطاع.

وربط الحزب الموجود في المعارضة بين التصنيفات المتدنية للجامعات المغربية وما سماه "منظومة تعليمية معطوبة ما زالت تبحث عن ذاتها منذ عقود".

وتطالب أحزاب مغربية بتمكين الطلبة وهيئات التدريس من المستلزمات الضرورية لأجل الارتقاء بالجامعة الوطنية، فضلاً عن تجاوز أعطاب مسارات الإصلاح السابقة.

الفرص متاحة

وزير التعليم العالي عبداللطيف ميرواي قال في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن الجامعات المغربية ليست جامدة بل متحركة ومتفاعلة مع محيطها، كما مع التصنيفات الدولية، بالتالي فهي مدركة لضرورة تحسين ترتيبها بين الجامعات عبر العالم وأكد أنه على الرغم من غياب الجامعات المغربية عن بعض التصنيفات العالمية، لكن هذا لا يعني أبداً أنها متدنية بل هي مؤسسات تعليمية متطورة، بعضها دخل عدداً من التصنيفات الدولية مثل جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة القاضي عياض بمراكش وغيرهما.

وشدد ميرواي على أن الجامعات المغربية تمتلك من الفرص والإمكانات المستقبلية ما يتيح لها الوجود في أرقى التصنيفات الدولية، مبرزاً أن إحدى العراقيل التي تقف في طريق الجامعات تتمثل في الموازنة المرصودة لها التي لا تتجاوز 14 مليار درهم في السنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبدو أن الحكومة المغربية أدركت آثار هذا الغياب عن التصنيفات الدولية للجامعات فعقدت في بداية شهر سبتمبر (أيلول) الحالي منتدى QS بأفريقيا لتقاسم التجارب والأفكار بين قادة الجامعات في أكثر من 30 دولة في القارة السمراء وخارجها.

وكان الهدف من المنتدى الدولي المذكور بناء علامة أفريقية في التعليم العالي والتركيز على نقاط القوة والفرص لإعادة تصور المستقبل والبحث في مقاييس البيانات الخاصة بجودة الخدمة ومختلف أساليب وإجراءات جودة خدمة "QS".

معايير صعبة

ويقول المحجوب أدريوش وهو عامل تربوي وباحث في سوسيولوجيا التربية إن غياب الجامعات المغربية عن التصنيف الدولي "شنغهاي 2022" الذي تصدره مؤسسة "شنغهاي رانكينغ كونسلتنسي" منذ 2003 لم يكن مفاجئاً للمهتمين والفاعلين لظروف موضوعية وأخرى ذاتية، وتابع في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن هذا التصنيف الدولي يعتمد مجموعة من المعايير يصعب أحياناً تحقيقها بين عشية وضحاها، فمعيار مثل عدد الفائزين من الطلبة والأساتذة بجائزة "نوبل" ليس سهلاً، واستطرد أن "السياسات المتبعة في إصلاح التعليم العالي غير رشيدة وغير عقلانية مثل سن ’نظام البكالوريوس‘ قبل عامين ليتم العمل به هذه السنة عوضاً عن نظام إجازة ماسترز أو دكتوراه لتسهيل حركية الطلبة المغاربة في المؤسسات الدولية، لكن فجأة تم التخلي عنه".

وشرح أن التصنيف يعتمد أيضاً على معيار الأداء الأكاديمي وكفاءة البحوث العلمية والمواد الدراسية التي تقدم في الجامعة وعدد الباحثين لكل أستاذ وحجم الأبحاث العلمية والدراسات التي نشرت في المجلات العالمية والاستفادة من دعم المانحين والقطاع الخاص.

العناية بالقرارات التربوية

وأوضح أدريوش أن الباحثين المغاربة في العلوم الاجتماعية والإنسانية لا يقبلون على النشر بشكل كبير، إذ إن 5 .47 في المئة منهم لم ينشروا سوى نص واحد على مدى 17 عاماً، فيما نشر خمسة في المئة منهم 17 نصاً بمعدل نص واحد كل عام"، مشيراً إلى أن أربعة حقول دراسية تستحوذ على اهتمام المؤلفين المغاربة في المجال هي المجتمع والقانون والتاريخ والإسلام، بحيث استحوذت على 50 في المئة من الإنتاج الفكري المغربي، فيما ظلت اللغة الفرنسية مستعملة في حقلين اثنين هما الاقتصاد والتدبير.

أما بالنسبة إلى لغة الإنتاجات الفكرية في العلوم الاجتماعية والإنسانية، فيقول "معظمها يتم باللغة العربية (72.40 في المئة) واللغة الفرنسية لم تعد تمثل سوى 24.07 في المئة، فيما الإنتاج باللغة الإنجليزية شبه غائب".

ووفق أدريوش "يتعين للخروج من عنق الزجاجة، إعادة النظر في طريقة اتخاذ القرارات التربوية والعمل على هيكلة البحث العلمي في شكل أقطاب مع هيكلة وتنصيب مؤسسة المجلس الوطني للبحث العلمي، وأيضاً مساهمة الرأسمال الوطني في البحث العلمي داخل الجامعات أو خارجها"، لافتاً إلى أن "جامعة هارفارد الأولى عالمياً أوقافها فقط فاقت 53 مليار دولار أي ما يعادل نصف الناتج المحلي الخام السنوي للمغرب في عام كامل".

وذهب أدريوش إلى أن اختزال التعليم وربطه مباشرة بالشغل بمثابة اختزال الحياة في "الصراع من أجل البقاء" وهو ما سيلغي قيمة التعليم المعرفية التي أصبح يتحكم فيها منطق المقاولات وقيمة الجامعة وينتج تفكيراً جديداً عنوانه الانتهازية.

المزيد من العالم العربي