Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تختلف مركبة القمر الأميركية الحالية "أوريون" عن سابقتها "أبولو"؟

سفينة "ناسا" الفضائية الجديدة المقرر إرسالها إلى القمر تبدو شبيهة كثيراً بمركبة "أبولو" الفضائية من حقبة الستينيات، لكنها تستفيد من نصف قرن من التقدم التكنولوجي

تصوير فني لمركبة "ناسا" الفضائية "أوريون" (ناسا)

عام 1969، انطلق رواد الفضاء الثلاثة الذين كانوا على متن "أبولو 11"، نيل أرمسترونغ ومايكل كولينز وباز ألدرين  من كيب كانافيرال بفلوريدا بواسطة صاروخ "ساتورن 5" الضخم، وهم مثبتون في المركبة الفضائية "أبولو" التي اتخذت شكل كبسولة، وكان أرمسترونغ وألدرين على وشك أن يصبحا أول شخصين يسيران على القمر.

وعلى الرغم من أن "ناسا" لم تعلن بعد من سيذهب في الرحلة الجديدة، تأمل وكالة الفضاء بكل تأكيد في إرسال رائدي فضاء جديدين إلى سطح القمر في وقت ما من عام 2025 خلال بعثة "أرتيميس 3"، إذ إن "أرتيميس" Artemis هو برنامج "ناسا" الجديد لاستكشاف القمر، وسينطلق أفراد الطاقم الثلاثة في عملية لا تختلف كثيراً عن تلك التي أطلقت رواد الفضاء في "أبولو" إذ ستستخدم صاروخاً كبيراً منفرداً، يعرف باسم "نظام الإطلاق الفضائي" Space Launch System الخاص بـ"ناسا" وسيحلقون في مركبتهم الفضائية الشبيهة بالكبسولة "أوريون" Orion .

ومن المقرر اختبار إطلاق الصاروخ الجديد المخصص للقمر بالترافق مع "أوريون" في 29 أغسطس (آب)، إذا سمح الطقس بذلك.

لكن على الرغم من أوجه التشابه الهندسية الواضحة، تعد "أوريون" مركبة فضائية مختلفة تماماً عن "أبولو"، وتنطوي على مهمة مختلفة عن بعثة "أبولو" ولو تداخلت معها، ففي حين أن "أبولو" استهدفت القمر فقط، تتوقع "ناسا" من "أوريون" أن تحلق إلى القمر وما بعده.

إليكم مقارنة بين المركبتين الفضائيتين التابعتين لـ"ناسا".

ما هو تاريخ "أبولو" وتطورها بالمقارنة مع "أوريون"؟

بدأ تطوير المركبة الفضائية "أبولو" عام 1961 من قبل شركة "نورث أميريكان أفياشن" North American Aviation، وهي التي بنت المركبة الفضائية لمصلحة "ناسا".

وطورت المركبة الفضائية خصيصاً للمهمات الموجهة إلى القمر والرحلات الاختبارية التي سبقتها، لكن التصاميم المبكرة بنيت على فكرة أن المركبة الفضائية "أبولو" ستهبط على القمر، وعندما انتقلت "ناسا" إلى فكرة استخدام وحدة قمرية منفصلة، أنتجت نسخة ثانية من المركبة "أبولو" التي يمكن أن تلتحم مع مركبة فضائية أخرى، واستخدمت هذه النسخة في بعثات برنامج "أبولو" إلى القمر، بما في ذلك "أبولو 11" عام 1969.

 

 

تطوير المركبة الفضائية "أوريون" سبق برنامج "أرتيميس" الذي بدأ عام 2017. وبدأت "لوكهيد مارتن" تصميم "أوريون" لمصلحة برنامج "كونستيليشن" Constellation  التابع لـ"ناسا" عام 2004. وكونها جزءاً من "كونستيليشن"، كانت "أوريون" تهدف لنقل رواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية والقمر والمريخ.

وألغى الرئيس باراك أوباما برنامج "كونستيليشن" عام 2010، لكن "أوريون" ضمت إلى برنامج "أرتيميس"، واحتفظت بمهماتها الواسعة، على عكس "أبولو"، وكان المقصود من "أوريون" أن تطير إلى وجهات فضائية عميقة غير القمر، بما في ذلك المريخ.

ما هي أوجه المقارنة الخارجية بين "أوريون" و"أبولو"؟

كانت المركبة الفضائية "أبولو" في الشكل مخروطاً أبتر، مخروطاً برأس مسطح، وبلغ وزن المركبة حوالى 12800 باوند (5806 كيلوغرامات) من دون وقود وبلغ طولها 11 قدماً وخمسة إنشات (حوالى 3.5 متر) وقطرها 12 قدماً و10 إنشات عند القاعدة (3.9 متر)، مما أدى إلى حجم داخلي قابل للسكن يبلغ 366 قدماً مكعبة (10.3 متر مكعب)، وهو ما يكفي لاستيعاب ثلاثة رواد فضاء من دون مرحاض.

وتشترك "أوريون" في الشكل مع "أبولو"، على الرغم من أنها أكثر تسطحاً قليلاً، وهي أثقل وأوسع من "أبولو"، ويبلغ وزن "أوريون" 19 ألف باوند (8618 كيلوغراماً) ويبلغ طولها 10 أقدام و10 إنشات (3.3 متر) وقطرها 16 قدماً وست إنشات عند القاعدة (خمسة أمتار)، ويترجم هذا إلى حجم داخلي أكثر اتساعاً يبلغ 692 قدماً مكعبة (19.6 متر مكعب)، وهذا يكفي لاستيعاب أربعة إلى ستة رواد فضاء، ليس فقط مع مرحاض صغير، بل أيضاً آلة تمرين وملجأ لرواد الفضاء أثناء حالات التعرض للإشعاع الشمسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتستخدم كل من "أبولو" و"أوريون" المادة ذاتها على الدروع الحرارية الواقية "أفكوت"، وهي راتينغ فينولي [مادة مقاومة للحرارة] تتضمن أليافاً من السيليكا محقونة في بنية من الأشكال السداسية، وواقي الحرارة في "أوريون" مستخدم بطريقة أكثر تطوراً وهو مصمم ليتحمل أكثر مقارنة بدرع "أبولو" أثناء العودة بسرعة عالية عبر الغلاف الجوي إلى الأرض.

واستخدمت "أبولو" شكلاً مبكراً من القيادة الآلية الرقمية، لكنه كان محدوداً بتكنولوجيا الحوسبة العائدة إلى الستينيات، وبدلاً من مجموعة واسعة من المفاتيح والأزرار الصلبة التي شوهدت في "أبولو"، تستخدم المركبة الفضائية "أوريون" أدوات تحكم رقمية في قمرة القيادة الزجاجية الشبيهة بتلك الخاصة بطائرة "بوينغ 787 دريملاينر"، ووصفت "ناسا" جهاز الكمبيوتر الخاص بـ"أوريون" بأنه أقوى أربعة آلاف مرة من ذلك الذي حملته "أبولو".

وتضم كل من "أبولو" و"أوريون" وحدات خدمة، وهي أسطوانات تقبع عليها المركبة الفضائية الشبيهة بالكبسولة وتحتوي على الدفع الرئيس والأنظمة الأخرى.

وبلغ طول وحدة الخدمة الخاصة بـ"أبولو" 25 قدماً (7.6 متر) تقريباً، بما في ذلك فوهة صاروخها ذو المحرك الواحد "إيه جاي 10-137"، وحملت الوحدة الوقود والمادة المؤكسدة للمحرك، الوسيلة الرئيسة لتصحيح المسار الرئيس لـ"أبولو"، ووفرت الطاقة الكهربائية بواسطة خلايا وقود تستخدم الأوكسجين والهيدروجين السائلين في وحدة الخدمة.

أما وحدة الخدمة الخاصة بـ"أوريون" فتعرف رسمياً باسم "وحدة الخدمة الأوروبية" وبنتها وكالة الفضاء الأوروبية. يبلغ طولها حوالى 13 قدماً (حوالى أربعة أمتار) وتستخدم محرك نظام المناورة المداري العائد إلى عصر مكوك الفضاء بوصفه نظام الدفع الرئيس الخاص بها.

 

 

وعلى النقيض من وحدة الخدمة الخاصة بـ"أبولو"، تستخدم "وحدة الخدمة الأوروبية" ألواحاً شمسية وبطاريات لتوليد الطاقة بدلاً من خلايا الوقود، وهي تنتج طاقة أكبر مقارنة مع وحدة الخدمة العائدة إلى عصر "أبولو"، لكنها تحمل أيضاً بعض القيود التشغيلية، إذ اقتصرت نوافذ الإطلاق المحددة من قبل "ناسا" لإطلاق الرحلة الاختبارية الوشيكة المسماة "أرتيميس 1" والخاصة بـ"أوريون" على الـ29 من أغسطس والثاني من سبتمبر (أيلول) والخامس من سبتمبر لأن محاذاة الأرض والقمر والشمس في الأيام الواقعة بين هذه التواريخ لا تمكن الألواح الشمسية من أن تتلقى ضوءاً كافياً وبسرعة كافية لتوفير الطاقة الضرورية لنجاح البعثة.

ما هي أوجه المقارنة بين "أبولو" و"أوريون" على صعيد خصائص مهماتهما؟

أطلقت "أبولو" على متن صاروخ "ساتورن 5" الضخم الذي كان قوياً بالقدر الكافي لحمل المركبة الفضائية "أبولو" ووحدة الخدمة ومركبة الهبوط على القمر في طلقة واحدة، وبمجرد أن وصلت المركبة الفضائية "أبولو" إلى المدار حول الأرض، التحمت مع مركبة الهبوط على القمر، ثم اتجهت إلى القمر.

وبعدما نزل رائدا فضاء إلى القمر في مركبة الهبوط على القمر تاركين قائد البعثة على متن المركبة الفضائية "أبولو"، عاودا الانطلاق إلى مدار القمر والتحما مع "أبولو" ثم قفلا عائدين إلى الأرض.

أما "أوريون" التي ستنطلق على متن الصاروخ "نظام الإطلاق الفضائي"، فستطير في مسار مماثل إلى القمر من ضمن البعثة "أرتيميس 3"، لكنها لن تحمل معها مركبتها الخاصة بالهبوط على القمر، وتعاقدت "ناسا" مع "سبايس إكس" SpaceX لبناء "نظام الهبوط البشري" Human Landing System، وهو نسخة معدلة من المركبة الفضائية "سبايس إكس ستارشيب" Starship. وستلتحم "أوريون" مع "ستارشيب"، وستحمل الأخيرة رائدي فضاء إلى سطح القمر وإلى الأرض.

وستركب البعثة "أرتيميس 4" "البوابة القمرية" Lunar Gateway، وهي محطة فضائية في مدار حول القمر، وستشهد بعثات "أرتيميس" المستقبلية التحام "أوريون" مع البوابة حتى يتمكن رواد الفضاء من استخدامها كمحطة قبل النزول إلى سطح القمر على متن "ستارشيب" أو مركبات الهبوط الأخرى على القمر.

ما الذي حدث للمركبة الفضائية "أبولو"؟

على الرغم من بناء عدد من مركبات "أبولو" الفضائية خصيصاً للطيران إلى القمر، إلا إن بعضاً منها استخدم لنقل رواد فضاء إلى أولى المحطات الفضائية التابعة لـ"ناسا"، وهي "سكايلاب" Skylab في أوائل السبعينيات، وحلقت آخر مركبات "أبولو" عام 1975  ضمن مشروع "أبولو- سويوز" Apollo-Soyuz الذي شهد التحام مركبات فضائية تحمل رواد فضاء من "ناسا" وأخرى تحمل رواد فضاء سوفيات ومصافحة أعضاء الفريقين بعضهم بعضاً أثناء وجودهم في المدار.

ماذا ينتظر المركبة الفضائية "أوريون" في المرحلة المقبلة؟

في حين أن "أبولو" باتت حرفياً من التاريخ، تبدأ قصة "أوريون" للتو.

من المفترض إطلاق صاروخ "نظام الإطلاق الفضائي" التابع لـ"ناسا" في 29 أغسطس، حاملاً "أوريون" إلى الفضاء باتجاه القمر في رحلة تجريبية غير مأهولة، هي البعثة "أرتيميس 1". وستشهد البعثة طيران المركبة الفضائية "أوريون" إلى القمر وحوله وبعده قبل أن تعود إلى الأرض بعد 42 يوماً من إطلاقها لاختبار الدرع الحرارية والمظلات التي تعمل بها المركبة الفضائية، لتهبط في نهاية المطاف في المحيط الهادئ.

وإذا سارت الأمور على ما يرام، تخطط "ناسا" لإجراء تحليق قمري مماثل مع طاقم بشري عام 2024 في البعثة "أرتيميس 2"، وستشهد "أرتيميس 3" المقرر إجراؤها عام 2025، نزول بشر على القمر مرة أخرى.

بعد ذلك، ليس مستقبل "أوريون" محسوماً، لكن "ناسا" تعتزم الاستمرار في إرسال المركبة الفضائية في مزيد من البعثات إلى الفضاء العميق، وعلى أقل تقدير، تخطط "ناسا" لإرسال بعثات باسم "أرتيميس" حتى أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، وبناء محطة فضائية في مدار حول القمر ومساكن بعيدة الأجل على سطح القمر، حيث يستطيع رواد الفضاء اختبار تكنولوجيات وإجراءات خاصة بالهدف البعيد الأجل للوكالة الفضائية، الوصول إلى المريخ.

نشر في اندبندنت بتاريخ 28 أغسطس 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم