Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الديزل المغشوش في غزة أزمة ثلاثية الأبعاد

يستهلك الفلسطينيون 12 مليون ليتر من المحروقات شهرياً والأسعار تعد الأعلى عربياً

يخلط الديزل مع زيوت السيارات الأمر الذي يسبب تعطل محركات المركبات (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

يعود إلى الواجهة أخيراً ملف غش وخلط المحروقات بما فيها الديزل المخصص لتشغيل المركبات والمولدات، نتيجة الارتفاع في أسعار البضائع والمحروقات في غزة، الأمر الذي تسبب في تعطل عدد من السيارات التي استخدمت هذا النوع من الوقود. وتخوف المتخصصون البيئيون من حدوث كوارث قد ينتج منها أمراض وتلوثات خطيرة.

مزج الديزل

ووفقاً للمعلومات المتوافرة، فإنه يجري خلط المحروقات وبالتحديد الديزل بزيوت نباتية أو نفطية، وعادة يجري مزج الوقود بـ "زيت 10" ومادة "وايت سبيريت" أو زيت الهيدروليك، ويجري ذلك بنسب مدروسة.

ويقول رجائي وهو أحد العاملين في المجال، إنهم يخلطون الهيدروليك الذي يعد زيتاً خفيفاً جداً ويسمى بالمائع الهيدروليكي، بنسبة 30 في المئة مع الديزل، الأمر الذي لا يؤثر في محرك المركبات، لأن هذا الزيت يعد وسيطاً، تنتقل بواسطته القوة في الآلات الهيدروليكية. ويستخدم هذا الزيت للسيارات الكبيرة والقديمة، لكن نتيجة للظروف في غزة باتت السيارات الحديثة تستخدمه.

وبحسب المعلومات تتم عملية المزج داخل قطاع غزة من قبل التجار الموردين للبترول أو من قبل أصحاب محطات التعبئة، بالتالي يكون الضحية صاحب المركبة الذي يملأ خزان وقود السيارة بالديزل المغشوش ما يؤثر في غرفة الاحتراق محدثاً خللاً في أدائها.

كان يقضي رأفت رحلة له في مركبته متنقلاً بين المدن في غزة، توقفت سيارته فجأة خمس مرات، لكن بعد فحص ذاتي لم يتبين له وجود أي أعطاب، وبعد الاستعانة بميكانيكي تبين أن أحد الرشاشات أصابها عطل بسبب سير العربة على ديزل مغشوش.

قضى الميكانيكي نحو ساعتين في إصلاح العربة، التي كانت أيضاً بحاجة إلى تغيير فلاتر بسبب اتساخها الشديد من الديزل المخلوط بزيوت ثقيلة من شأنها أن تتسبب في تعطيل محرك السيارة.

ارتفاع الأسعار سبب الغش

بالعادة، تستورد غزة المحروقات من إسرائيل عبر معبر كرم أبو سالم وتفرض عليه ضريبتين، الأولى تجبيها السلطة الفلسطينية والثانية تحصلها الجهات الحكومية في غزة (تسيطر عليها حركة حماس)، وكذلك من مصر عبر معبر رفح وتفرض عليه ضريبة تحصل للجهات الحكومية في القطاع.

في غزة، حوالى 75 ألف سيارة مسجلة لدى وزارة النقل والمواصلات بحسب إحصاءات عام 2018، ويشمل العدد المركبات الخاصة والعمومية والحكومية والتجارية، وتسير نحو 70 في المئة من العربات على الديزل بينما البقية على البنزين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول سعيد وهو صاحب محطة تعبئة وقود سيارات، إنه من الصعب جداً أن يكتشف السائق الديزل المخلوط بمواد أخرى، ولا أحد يمكنه تمييزه عن النقي إلا التجار والعاملون في المجال، وفقط عن طريق اللمس وتركه لمدة طويلة حتى يتصفى، وبالعادة لا يتم كشف هذا الوقود مغشوش إلا بعد سير المركبات لمسافات طويلة ولمدة أسبوع بأقل تقدير.

كوارث اقتصادية ولا قانون يحمي

شهرياً يقدر استهلاك المركبات في غزة نحو 12 مليون ليتر من المحروقات (ديزل وبنزين)، فيما يوجد في القطاع ما يزيد على 160 محطة تعبئة وقود. وتعد أسعار المحروقات في قطاع غزة الأعلى عربياً وفلسطينياً، إذ يقدر ثمن الليتر الواحد من الديزل الصافي بنحو 2.3 دولار أميركي، وبالقيمة نفسها يباع الديزل المغشوش، أي أن صافي الأرباح تكون للتجار ولا يشعر المستهلك بأي فرق في الثمن.

ويقول الاستشاري في قضايا الاقتصاد والتنمية رائد حلس، إن عملية خلط الديزل تعتبر غشاً تجارياً يترتب عليه خسائر اقتصادية، نتيجة تسببها في عطل محركات السيارات، وتحمل أصحابها خسائر هم في غنى عنها، إضافة إلى الأضرار الصحية والبيئية، وهذا الأمر يستدعي من الجهات الحكومية مراقبة حالات الغش والخلط والتفتيش على المحطات، وعمل محاضر غش ومحاسبتهم، عن طريق سن قانون للمحروقات ينظم العمل في المجال، ويحد من ظاهرة الغش ويتفادى الخسائر الاقتصادية والصحية والبيئية المترتبة.

فعلياً لا توجد في القانون الفلسطيني أية مادة تنظم قطاع المحروقات، ولكن تحاول المباحث المتخصصة في المجال رصد حالات الغش من خلال تنفيذ جولات ميدانية من شأنها ضبط السوق الاستهلاكية، وفي حال جرى ضبط أية مخالفات في مواصفات الديزل المباع فإن حكومة غزة تفرض غرامة عقابية تصل إلى 10 آلاف دولار.

محاولة للحد من الغش

ويقول نائب مدير هيئة البترول في وزارة المالية في غزة يحيى العطار، إنه على الرغم من وجود معلومات حول خلط المواد النفطية، إلا أنه لا يوجد لديهم محاضر ضبط لمحطات تقوم بالخلط، لكن لتقييد هذا العمل فرضت الإدارة العامة للجمارك زيادة على التعلية الجمركية على الزيوت البترولية والمواد النفطية المستخدمة في الخلط، وبهذه الخطوة باتت تكلفة سعر ليتر الديزل الصافي تقارب ثمن مواد الخلط المستخدمة في الغش، وهكذا أصبح الخلط غير مجد لدى محطات الوقود التي تلجأ إلى هذا الإجراء.

من ناحية أخرى، نفى رئيس جمعية أصحاب شركات البترول والغاز أحمد الحلو، خلط الديزل أو البنزين بأي مشتقات بترولية أخرى، وقال "هذا الإجراء كان قديماً، والآن غير موجود بسبب ارتفاع أسعار الزيوت المستعملة في الخلط".

ويشير الحلو إلى أن وجود أعطاب أصابت المركبات في غزة أخيراً تعود إلى سبب تدني جودة الديزل المستورد، لافتاً إلى أنهم لاحظوا تسرب مادة سوداء منه لا يعلمون سببها، تؤدي إلى تعطيل محركات وأجهزة المركبات ومحطات البترول والبنزين.

من ناحية صحية، يقول استشاري أمراض التنفس جهاد البابا إن الغازات المنبعثة من المركبات التي تعمل بوقود الديزل المخلوط تسبب التهابات وسرطانات خبيثة في الجهاز التنفسي والرئة والحنجرة، وتكلف الدولة أموالاً طائلة لعلاجها.

المزيد من بيئة