Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الفنون" تتنفس في بيئة التعليم السعودية

مقرر دراسي يدرسه الطلاب هذا العام لأول مرة منذ عقود في تاريخ البلاد

يشمل منهج الفنون ثلاثة فروع من الفنون التشكيلية والرقمية والأدائية (الصورة تخضع لحقوق الملكية الفكرية- من مهرجان العودة للرياض)

أجهضت السعودية كثيراً من الأفكار المتشددة بعد إعلانها عن رؤيتها 2030 لتشهد تحولات تاريخية طاولت جوانب واسعة من بينها التعليم.

فبعد تحريم الفنون بأشكالها المتعددة فتحت دور السينما وأقيمت الحفلات الغنائية والمهرجانات السينمائية الدولية، كما استحدثت وزارة التعليم السعودية منهج الفنون ضمن المناهج الدراسية للطلاب والطالبات للمرة الأولى هذا العام.

وتناول المنهج الدراسي "الفنون" الفن التشكيلي والتصويري والتراثي الشعبي بعد حقبة من الزمن كان التصوير فيه من المحرمات، مبررة ذلك بأن الثقافة الفنيـة إحـدى أهـم ركائز التربية المعاصرة لماتحققه من تنمية لعديد من مهارات القرن الحادي والعشرين مثل "التفكير الناقد، وحـل المشكلات، ومهارات الاتصال والتشارك، والابتكار والإبداع، ومهارات الثقافة الرقمية".

واستقبلت الفصول الدراسية في البلاد اليوم الأحد 28 أغسطس (آب) نحو ستة ملايين طالب وطالبة في مختلف المراحل الدراسية، بعد قضاء إجازة هي الأقصر من نوعها بعد انتهاج سياسة تعليمية جديدة، أفرزت سياسات جديدة مثل تقسيم العام الدراسي إلى ثلاثة فصول بدلاً من اثنين.

تفاصيل المنهج

ويسهم كـتـاب الـفـنـون فـي برنامج التعليم الثانوي في تقديـم معارف وخبـرات متكاملة وشاملة لثلاثة فروع من الفنون التشكيلية والرقمية والأدائية، بهدف تهيئة وإعداد جيل من المبدعين والمبدعات علمياً وثقافياً ومهنياً، مزودين بالمهارات اللازمة للنجاح في العمل والحياة، وفـرق العمل في تحقيق خطط البلاد التنموية.

ويهدف هذا المنهـج إلى إنتاج مشـاريع فصليـة تعاونية ذات قيمة نفعيـة وجمالية تحقق متطلبات سوق العمل وتسهم في دخولهم فيه مستقبلاً.

 

ومن أهداف المنهج، حسب التعليم، التعرف على المنجـــزات الفنيـــة فـــي الحضـــارات المختلفـــة والاسـتفادة مـــن المنجز الفني الإنساني عبـــر التاريخ، وربط الفنون بحياة المتعلمين، وتعريفهم بأهمية الفن للإنسان ودوره في المجتمع، وفهم دور الفن في توجيه السـلوك الجمالي للفرد والمجتمع، والمحافظة على البيئة، والنمو الاقتصادي وعلاقته بالصناعة والتسويق، وإحياء التراث والفلكلور الشعبي والفني ونقله بما يخدم المجتمع ويؤصل التراث، وإتاحة الفرصة للمتعلم لممارسة نقد وتذوق الأعمال الفنية، وتنمية التفكير الإبداعي (الطاقة والمرونة والأصالة) من خلال الأنشطة الفنية.

"تقبل الآخر"

 تقول الوزارة إن المقرر يلبي حاجات ورغبات المتعلم من خلال إنتاج أعمال فنية متنوعة، ومواكبة التطور التقني والمخترعات الحديثة في مجال الفنون الَرقمية والغرافيك، وتعزيـــز قيـــم التعاون وتقبل الآخرين، والعمل بروح الجماعة من خلال دمج المتعلمين في الأنشطة الفنية، وإنتـــاج مشـــروع فصلي يتضمن اسـتخدام نوعين على الأقل من أنواع الفن التشــكيلي، والَرقمي والأدائي.

وتناول المنهج الفنون البصرية ومنها (الفن التشكيلي) بأنواعه الرسم والنحت والطباعة والأشكال الفنية، إضافة إلى (الفن الرقمي)، كما تناول الفنون الأدائية وتاريخ الفنون عامة وتطورها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن المنهج استشهد بكثير من الأعمال الفنية لأشهر الفنانين من جميع العصور التاريخية، إلا أنه لم يغفل الفنانين السعوديين، إذ استشهد بصور بعض الفنون التي برزت في الآونة الأخيرة كعمل (جدارية البوليفارد) في مدينة الرياض للفنانة نورة السعيدان كنموذج لفن الغرافيتي على الجدران، وملصق الفيلم السينمائي (حد الطبار) للمخرج السينمائي عبدالعزيز الشلاحي كتصميم انفوغرافيك، في خطوة لدعم الفنانين السعوديين.

وأكد الأديب السعودي جعفر الشايب أن منهج الفنون خطوة مهمة في التعليم كون دور الفنون في الحياة العامة أمراً ملموساً في مختلف النواحي، وانعكاساته على حياة الأفراد وأنماط سلوكهم بالتالي قدرتهم على التفاعل الإيجابي مع متطلبات الحياة وجودتها.

وأضاف "يبدأ الاهتمام بالفنون (بمختلف أشكالها) منذ الصغر بتوفير بيئات تقدر الفن وتعززه وتغذيه في زوايا ودفائن نفوس أبناء وبنات المجتمع وتنمو هذه المشاعر والأحاسيس معهم، فتتشكل حاسة التذوق لجمال الفنون وتنمو وتنتشر في المجتمع، من هنا فإن إدراج مقرر الفنون ضمن المناهج الدراسية للتعليم الثانوي يعد من الخطوات المهمة جداً في هذا المجال فهو يتيح فرصاً للتعرف إلى المنجزات الفنية لمختلف الحضارات".

تنمية الذائقة الجمالية

واعتبر أن فهم دور الفن في توجيه السلوك الجمالي في المجتمع،  وتنمية الفكر الإبداعي ومواكبة تطور الفنون عالمياً مهمة كذلك، إلا أن الأهم من ذلك كله في نظره "ترسيخ قيم قبول الآخر والحد من حالة التشدد ضد المختلف لكون الفن يشكل لغة عالمية للتفاهم والترابط الإنساني".

وأفاد بأن وجود منهج الفنون يشكل أداة مهمة للطالب لفتح آفاق ذهنه نحو مختلف التعبيرات والأشكال الفنية التي قد يلمسها ويراها حوله دون أن يعيرها اهتماماً، ومن بينها الفنون الأدائية والتراثية، كما أنه يسهم في تشكل حاسة نقدية للطالب حول الفنون ويجعله مندفعاً للتعرف إلى مختلف أشكالها والاهتمام بمتابعتها.

 

من جهته، أوضح المؤرخ الدكتور علي الدرورة أن الفنون ثقافة يجب المحافظة عليها بتدريسها، خصوصاً وأن السعودية فيها فنون متعددة تتنوع بامتداد رقعتها الجغرافية وهذه المساحة أعطت تنوعاً فنياً ينعكس على الموسيقى والأداء الحركي.

وبخصوص الفنون الشعبية أكد الدرورة أنها إرث ثقافي ممتد عبر القرون الخوالي تم توارثها كابراً عن كابر حتى وصلت إلى الجيل المعاش.

وأثيرت نقاشات عدة فور إعلان السعودية إقرار الموسيقى وبقية الفنون في مناهجها العام الماضي، إلا أن تطبيق الوعود على الأرض هذا العام، وفق ما كشف عنه مقرر "الفنون" المدرسي، برهن على جدية الوزارة في الوفاء بوعودها.

المزيد من ثقافة