Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء في أوروبا رغم تقديرات تراجع الطلب

تعطل الإمدادات من روسيا والحاجة إلى ملء مخزونات الشتاء يرفعان التوقعات المتشائمة من زيادات جديدة

لا تزيد سعة ضخ الغاز عبر "نورد ستريم 1" عن نسبة 20 في المئة من الطاقة الاستيعابية المعتادة (أ ف ب)

تقترب أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا من التضاعف عشر مرات في نحو عام، مع ارتفاعها مجدداً إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، بعد ما بدا من تراجع طفيف في الطلب أثار موجة تفاؤل باحتمال توقف منحى صعود أسعار الغاز والكهرباء في أوروبا وبريطانيا.

وعزز ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في العقود تسليم الأشهر المقبلة منذ بداية الأسبوع تقديرات متشائمة من استمرار ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء أكثر من المتوقع سابقاً حتى نهاية هذا العام، وكان ذلك السبب الرئيس وراء رفع تقديرات زيادة معدلات التضخم بشدة، لتتجاوز في بريطانيا 18 في المئة قبل نهاية العام، و10 في المئة بكثير من دول أوروبا.

ومع تضاعف أسعار الغاز الطبيعي أكثر من ست مرات العام الماضي، أي قبل الحرب في أوكرانيا، زادت منذ بداية هذا العام بنحو أربع مرات إضافية بسبب الضغط الروسي على أوروبا بتقليل الإمدادات، وأيضاً العقوبات الغربية المفروضة على موسكو وتعني تقليل اعتماد أوروبا على واردات الطاقة الروسية.

وصباح الخميس الـ25 من أغسطس (آب)، وصلت أسعار الغاز الطبيعي في بريطانيا وأوروبا إلى مستويات قياسية جديدة، كما وصل سعر الغاز بسوق الجملة في بريطانيا تسليم الشهر المقبل إلى أكثر من سبعة دولارات (ستة جنيهات إسترلينية) للوحدة الحرارية (ثيرم)، وهو أعلى سعر على الإطلاق للغاز الطبيعي في بريطانيا.

ووصلت أسعار الغاز في بورصة تداول العقود في أمستردام بهولندا، التي تعد المعيار القياسي للأسعار في أوروبا صباح اليوم الخميس، إلى ما يقارب 320 دولاراً (320 يورو) للميغاواط/ ساعة، بزيادة أكثر من ستة في المئة صباح الخميس فقط، بعد ارتفاع تلك الأسعار بأكثر من 10 في المئة منذ بداية الأسبوع.

الضغط الروسي

جاء الارتفاع الصاروخي في أسعار الغاز الطبيعي على خلفية التحسب لفصل الشتاء وحاجة الدول الأوروبية إلى ملء مخزونات الغاز لديها لتلبية الاستهلاك في الأشهر المقبلة، وكانت تلك المخزونات تراجعت بأكثر من النصف نتيجة السحب منها لتعويض النقص المتكرر في إمدادات الغاز التي توفرها شركة "غازبروم" الروسية للدول الأوروبية، وكذلك نتيجة العقوبات الأوروبية الأخيرة التي تضمنت الحزمة السادسة منها قبل أسابيع خفض الاعتماد بشدة على واردات الطاقة من روسيا.

ولم تتمكن الدول الأوروبية التي تعتمد بشدة على الغاز الروسي، من توفير حاجاتها من الغاز من السوق الفورية أو شراء شحنات الغاز الطبيعي المسال عالي السعر أصلاً، هذا في الوقت الذي تحتاج إلى مزيد من الكميات لزيادة مستويات مخزوناتها من الغاز.

وعلى الرغم من أنه ساد تفاؤل قصير بأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي سيعني تراجع الطلب على الطاقة، فإن الضغوط الأخيرة بخرت ذلك التفاؤل وعادت التوقعات باستمرار ارتفاع أسعار الغاز والطاقة عموماً بالتالي استمرار ارتفاع معدلات التضخم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفاقم من مشكلة الغاز في أوروبا وارتفاع الأسعار أكثر هذا الأسبوع إعلان شركة "غازبروم" عملية صيانة غير مجدولة لخط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1" الذي يوصل الغاز إلى أوروبا عبر ألمانيا ويمتد تحت مياه بحر البلطيق، وأعلنت الشركة أن وحدة الضغط الرئيسة للخط بحاجة إلى صيانة عاجلة، لذا سيتوقف ضخ الغاز عبره من الـ31 من أغسطس وحتى الثاني من سبتمبر (أيلول)، وبعد ذلك ستعاود الضخ بمعدل 33 مليون متر مكعب يومياً، "ما لم تظهر أي عيوب أو أعطال أخرى".

يذكر أن الشركة قامت بعملية صيانة دورية مجدولة في محطات الخط قبل أسابيع تسببت في توقف إمدادات الغاز عبره لمدة 10 أيام، واشتكت روسيا وقتها من أن العقوبات الغربية لا تسمح بإصلاح وتجديد التوربينات، واضطرت كندا إلى إقرار إعفاء موقت واستثنائي من العقوبات لتتمكن شركة "سيمنز إنرجي" من نقل أحد التوربينات من كندا إلى الشركة الروسية، لكن عملية النقل تعطلت في ألمانيا بسبب إجراءات العقوبات المعقدة، وقالت "غازبروم" وقتها إن خمساً من التوربينات الثمانية على الخط تحتاج إلى صيانة أو إصلاح وليس توربيناً واحداً.

منذ ذلك الحين، لا تزيد سعة الضخ عبر "نورد ستريم 1" عن نسبة 20 في المئة من الطاقة الاستيعابية المعتادة، وهو ما اعتبرته ألمانيا وغيرها من دول أوروبا استخداماً روسياً لسلاح الغاز في صراعها مع أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا.

مشكلات الكهرباء وتعطل مصانع

المشكلة في نقص إمدادات الغاز الطبيعي وارتفاع أسعاره أن ذلك يؤثر في توفر الكهرباء على الشبكات الأوروبية وارتفاع أسعارها بشدة، بخاصة مع توقف بعض محطات الطاقة التي تعمل بالوقود النووي نتيجة إما عمليات صيانة وإصلاح كما في فرنسا والسويد، أو ارتفاع درجة حرارة مياه الأنهار وهبوط مستوياتها، التي تحتاج إليها تلك المحطات لتبريد المفاعلات النووية فيها، أو اضطرار بعض الدول إلى إخراج محطات طاقة انتهى عمرها الافتراضي كما في ألمانيا وبريطانيا.

ويخشى بعض المهتمين من أن تشهد أوروبا وبريطانيا فترات انقطاع للتيار الكهربائي خلال الأشهر المقبلة ستؤثر في الأسر داخل البيوت، وأيضاً في كثير من قطاعات الاقتصاد التي لا يمكنها الاستغناء عن الكهرباء ولو للحظات، فضلاً عن الارتفاع الصاروخي لأسعار الكهرباء بالجملة، ما أدى إلى زيادة تكلفة فواتير الاستهلاك المنزلي للأسر، ولجأت بعض الدول، كما في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا، إلى تقديم الدعم المالي المباشر للمواطنين لمواجهة ارتفاع تكلفة فواتير الطاقة، بينما في بريطانيا تعاني ملايين الأسر من ارتفاع التكلفة ربما أكثر من دول أوروبا ومن دون دعم حكومي للمواطنين.

لا يقتصر تأثير نقص إمدادات الغاز الطبيعي وارتفاع أسعاره في توليد الطاقة الكهربائية، بل إن القطاعات التي تعتمد على الغاز مباشرة مثل مصانع الصلب والسماد إما قللت إنتاجها أو أغلقت أبوابها وتوقفت عن العمل تماماً.

ويمتد ذلك التأثير إلى قطاعات مختلفة مثل الزراعة، كما يقول "مجلس تنمية الزراعة والبيئة النباتية البريطاني" في تقرير له الأربعاء الماضي، وبحسب التقرير ارتفعت أسعار الأسمدة في بريطانيا بنسبة 158 في المئة في يوليو (تموز) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2021، ويضيف التقرير أن ارتفاع أسعار الأسمدة ونقص محاصيل الحبوب حول العالم بسبب الظروف المناخية غير المواتية سيؤدي إلى مزيد من ارتفاع أسعار الغذاء والمنتجات الزراعية، ما يسهم في زيادة معدلات التضخم ربما أكثر من التوقعات الحالية المرتفعة أساساً.

اقرأ المزيد