Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ستؤثر سياسة أردوغان الخارجية في نتائج الانتخابات؟

يبذل الرئيس التركي جهداً بالغاً لاغتنام كل فرصة تتيح له العثور على أموال ساخنة وفتح مساحة لنفسه

اتخذت حكومة أنقرة خطوات مفاجئة لتحسين العلاقات مع السعودية ومصر وإسرائيل (أ ف ب)

بعد أن وصل الرئيس رجب طيب أردوغان إلى طريق مسدود داخل تركيا بدأ يبحث أخيراً عن طرق للتنفس في الخارج، ومع اقتراب موعد الانتخابات استمر أردوغان في رسم متعرجات في السياسة الخارجية من خلال التحركات التي اتخذها لإطالة عمر حكومته، وعلى رأسها العلاقات مع روسيا.

بطبيعة الحال، أثار التواصل التركي المتزايد مع روسيا في قمة سوتشي وخلال محادثات شنغهاي هواجس لدى الغرب والساسة في الداخل على حد سواء، مما يوحي بأن أنقرة سقطت في حالة من عدم اليقين من أجل إنقاذ الانتخابات.

يبذل أردوغان جهداً بالغاً لاغتنام كل فرصة تتيح له العثور على أموال ساخنة وفتح مساحة لنفسه، وسيحاول الصمود أمام التحديات التي يواجهها من خلال الاستمرار في سياسات المد والجزر اليومية حتى الانتخابات.

هذه هي الطريقة التي يمكننا بها تقييم تحركات السياسة الخارجية الأخيرة للحكومة التركية، على سبيل المثال، عندما شاركت أنقرة في قمة "الناتو" بمدريد فسر المعلقون تصرفاتها على أنها "عادت إلى محورها"، ثم عندما التقى أردوغان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي رجعوا ليرددوا عبارة "أنقرة تغير المحور".

هذه المحاور ليست من النوع الذي يمكن التحول عنها بين ليلة وضحاها، وإذا حاولت تركيا فعل ذلك فستخسر الحقوق التي اكتسبتها لمدة 50 عاماً، وسينقلب نظامها العسكري رأساً على عقب، حيث إن البنية التحية العسكرية بالكامل تم تكييفها في هذه المدة الطويلة مع نظام حلف شمال الأطلسي.

أستطيع القول إن حزب العدالة والتنمية سيقوم خلال الأشهر العشرة المقبلة، أي حتى الانتخابات، بهذا المد والجزر، لكن لن تكون هذه إجراءات جوهرية في نهاية المطاف.

لهذا السبب، فإن هذه التحركات الأخيرة هي تلك التي يأمل حزب العدالة والتنمية على المدى القصير الحصول من خلالها على بعض المكاسب من أجل البقاء في السلطة.

قد تكون هذه المكاسب اقتصادية أو يكون الغرض منها هو رفع اليد في المساومة مع الغرب، وبعبارة أخرى، يجرب رئيس "حزب العدالة والتنمية" كل خياراته في وقت واحد.

لذلك فإن هذه السياسات الازدواجية لا تعني أن تركيا ستتحول عن محورها، بل هي جهود يبذلها حزب العدالة والتنمية للبقاء في السلطة.

ويمكن القول إن الرئيس أردوغان يحاول فتح مساحة لنفسه من خلال الاستفادة من الثغرات في النظام العالمي، لكن من الواضح أن البيئة الدولية اليوم مهما تركت مساحة للتسربات فإنها لم تفتح بالكامل مجالاً من الاتساع الذي يرغب فيه أردوغان.

ومع ذلك علينا أن نعترف بأن الصفقة التي توصلت إليها تركيا مع روسيا وأوكرانيا بشأن تمرير الحبوب إلى الأسواق الدولية هي مهمة للغاية، والجميع يعترف بأهمية الدور التركي في ذلك.

وعلى أية حال، لو لم تكن تركيا متوسطة في هذه العملية، لما كان من الممكن فتح هذا الممر، لأن تركيا هي التي تسيطر على الطريق وبهذا المعنى فقد قدمت إسهاماً إيجابياً للغاية، واكتسبت تقديراً ليس فقط من حلفائها الغربيين الذين دعموا أوكرانيا، ولكن بطريقة ما من روسيا أيضاً. وقد مهدت هذه الصفقة الطريق أمام موسكو لإرسال بضائعها هي أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتأثير اتفاقية الحبوب هذه على وجه الخصوص انعكس على استطلاعات الرأي بزيادة قدرها نحو ثلاثة في المئة بأصوات حزب العدالة والتنمية. وكانت هذه الزيادة هي كل ما يهدف إليه أردوغان من وراء هذه التحركات، وقد تحقق له ذلك.

حتى السياسة الخارجية التي من حقها أن تدور في فلك المصالح العليا للدولة والشعب، فإن أردوغان يحاول أن يوظفها في جلب المصالح لشخصه وحزبه.

ويتداول في الكواليس أن هناك مليارات الدولارات ستأتي من دول الخليج للتغلب على الأزمة الاقتصادية.

وكما ذكرنا في المقال السابق، فإن روسيا زادت من حصتها في محطة "آكويو" النووية مقابل 15 مليار دولار، وبالفعل أثرت هذه العملة التي جاءت من موسكو إيجاباً في نسبة الاحتياطات من العملة الصعبة.

كما وقعت أنقرة اتفاقيات مقايضة بقيمة 28 مليار دولار مع الإمارات والصين وقطر وكوريا الجنوبية.

لكن طالما استمرت السياسة الاقتصادية الحالية، فأنا بصراحة لا أعتقد أن تركيا ستكون قادرة على إنقاذ نفسها من المتاعب.

بمعنى آخر، ليس من الممكن تجاوز هذه المشكلات بالتدابير قصيرة المدى.

من ناحية أخرى، اتخذت حكومة أنقرة خطوات مفاجئة لتحسين العلاقات مع السعودية ومصر وإسرائيل.

كما تخطط الحكومة أيضاً لعملية صغيرة على الأراضي السورية، خصوصاً في منبج وتل رفعت، في الوقت الذي تبحث فيه عن إمكانية الاتصال مع بشار الأشد، وكأنها نسيت أن جميع سياساتها التي اتبعتها تجاه الحرب السورية التي بدأت عام 2011 كانت خطأ.

وفي هذه الأيام أرسلت سفينة الحفر المسماة "عبد الحميد خان" إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، لكننا نعلم أن ذلك ليس له هدف إلا الدعاية للحكومة بأنها لا تزال تدافع عن حقوق البلد في شرق المتوسط.

هذه هي خطط الرئيس رجب طيب أردوغان، لكن الرياح الدولية لا تهب على حسب هواه، فقد حصلت أمور لم يخطط لها الرئيس ولن يستطيع التحكم فيها.

وكالة التصنيف الائتماني الدولية "موديز" (Moodys) خفضت التصنيف الائتماني لتركيا من B2"" إلى "B3"، وأكدت أن النظرة المستقبلية للتصنيف "متوقف"، وأصبح هذا أدنى تصنيف ائتماني لتركيا في تاريخها.

وبالفعل لم يعد لدى المعارضة التركية أي سبب أو عذر لعدم الانتصار في الانتخابات، ومع ذلك إذا لم تتمكن من العمل بشكل مشترك وتقديم الحلول للجمهور، فستعاني تركيا وجيرانها من سلطة أردوغان لولاية أخرى.

هذا يعني أن الأزمات والحروب والمد والجزر ستستمر، لقد سئم بلدي وجيراننا في المنطقة من هذا الوضع.

المزيد من تحلیل