Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تخفف الخيارات الغذائية الفردية من الاحترار العالمي؟

تنتج الأنظمة ما يزيد على ثلث الانبعاثات من الغازات الدفيئة ولكل فرد بصمته الكربونية الخاصة

يسهم نمط الغذاء الذي يتبعه البشر بشكل كبير في التغير المناخي (Unsplash)

يبدو أن العلاقة بين الإنسان والغذاء تحتاج إلى إعادة نظر في ضوء التطورات الحالية، إذ أصبح من الحكمة مع التوسع المعرفي الهائل إدراك دور الفرد وكيفية تأثيره في مجتمعه وبلده والعالم ككل، بخاصة مع هذا التشابك اليومي مع مواضيع وأحداث العالم.

وقد يخفى على بعضهم مدى تأثير أنظمتنا الغذائية في المناخ ومن ثم تأثيره في الغذاء نفسه كقيمة غذائية، وربما يحتاج الأمر هنا إلى إعادة نظر والبدء في تحمل المسؤولية الاجتماعية ووضع قضايا المناخ على قائمة الاهتمامات اليومية كل على حدة.

وهنا تقول عالمة الأنثروبولوجيا كارول كونيهان في كتابها "أنثروبولوجيا الطعام والجسد"، إن الطعام نتاج تنظيم المجتمع ومرآته، سواء على أوسع المستويات أو أكثرها حميمية، وإنه مرتبط بكثير من أنواع السلوك كما يحمل معان لا نهاية لها، وهو كالمنشور الزجاجي الذي يمتص الضوء ويحلله، إذ يمتص الطعام مجموعة من الظواهر الثقافية ويعكسها.

المسؤولية الاجتماعية

تتسبب عملية إنتاج الغذاء بنسب غير قليلة من الانبعاثات الحرارية، فبعيداً من نمط الحياة العام وطرق استهلاك الموارد الطبيعية والمياه والطاقة واستخدام الأجهزة الإلكترونية والمنتجات المتنوعة وعلى رأسها الألبسة، واستخدام المواصلات البرية والجوية وغيرها، يسهم نمط الغذاء الذي يتبعه البشر بشكل كبير في التغير المناخي، إذ لا يمكن غض النظر بأي شكل من الأشكال عن تأثير الأفراد في البيئة، سواء على نطاق محلي ضيق أو على نطاق أوسع، وصولاً إلى التأثير العالمي، وقد بدأت الدعوات تتصاعد ليتحمل الأفراد مسؤوليتهم الاجتماعية، والسؤال هل هناك فعلاً مسؤولية فردية في ما يتعلق بالتهديدات المناخية الحالية؟ وهل يمكن للسلوكيات على مستوى الفرد الواحد أن تسهم في التخفيف من الاحترار العالمي؟ وهل يسهم تغيير نمط حياتك الغذائي في التأثير على المناخ؟

حصة الثلث

وفي السعي العالمي إلى خفض نسبة الانبعاثات الكربونية تلوح بشكل خجول قضية الغذاء، وما يعكس كل من إنتاجه ونقله وتوزيعه من تأثيرات في المناخ، وفي تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، قدرت انبعاثات النظام الغذائي بنحو 18 مليار طن (34 في المئة) من مكافئ ثاني أكسيد الكربون عام 2015، أي أن الأنظمة الغذائية تنتج ما يزيد على ثلث الانبعاثات العالمية من غازات الاحتباس الحراري التي تشمل الزراعة واستخدام الأراضي وعمليات الإنتاج والتوزيع.

وتمثل الثروة الحيوانية 31 في المئة من نسبة الانبعاثات الخاصة بالغذاء، إذ تسهم تربية الحيوانات بغرض إنتاج اللحوم والألبان والبيض والمأكولات البحرية في الانبعاثات بطرق عدة، فالماشية مثلاً تنتج غاز الميثان من خلال عملياتها الهضمية، وبحسب الإحصاءات فقد أنتجت الماشية مثل الأبقار والأغنام والماعز 179 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون من غاز الميثان بسبب عملية التخمر المعوي في الولايات المتحدة عام 2019.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويمثل إنتاج المحاصيل 27 في المئة من الانبعاثات المسؤول عنها الغذاء، و21 في المئة منها تأتي من إنتاج المحاصيل للاستهلاك البشري المباشر، وستة في المئة من إنتاج الأعلاف الحيوانية، وهذا يشمل عناصر مثل إطلاق أكسيد الـ "نيتروز" من استخدام الأسمدة وانبعاث غاز الميثان من إنتاج الرز وثاني أكسيد الكربون من الآلات الزراعية.

ويمثل استخدام الأراضي 24 في المئة من هذا النوع من الانبعاثات، كما تسهم سلاسل التوريد وما تشمله من معالجة الأغذية والنقل والتعبئة والبيع بالتجزئة بنسبة 18 في المئة، ولذلك يفترض كثيرون أن تناول الطعام المحلي هو المفتاح لنظام غذائي منخفض الكربون.

البصمة الكربونية والنظام الغذائي

لكل فرد بصمته الكربونية الخاصة، وهي تمثل الكمية الإجمالية للغازات الدفيئة الناتجة بشكل مباشر وغير مباشر من أفعالنا وسلوكياتنا وأنشطتنا اليومية، أي إسهاماتنا البيئية بشكل عام، ويمثل الغذاء ما بين 10 و30 في المئة من البصمة الكربونية للأسرة، وبذلك تتركز المسؤولية بشكل أساس في تقليل البصمة الكربونية الخاصة بك عبر انتهاج خيارات غذائية داعمة، بالتركيز على الأطعمة الصديقة للبيئة والأنماط الغذائية المستدامة وتقليل إهدار الطعام، وبالتالي تقليل نفايات الطعام التي تفرز بعد تحللها غاز الميثان، والاهتمام بالزراعة المنزلية العضوية ودعم الأطعمة المحلية والعيش في منازل صغيرة، إذ تسهم جميع هذه الخيارات في خفض الانبعاثات الكربونية.

كما يقلل النظام الغذائي النباتي بشكل كبير البصمة الكربونية للفرد، فالبصمة الكربونية في المنتجات النباتية أقل منها في البروتينات الحيوانية، لذلك يعد تناول كميات أقل من اللحوم وتقليل استهلاك البروتين الحيواني بالاستعانة بالبروتين النباتي، وكذلك تقليل منتجات الألبان، من أنجع الطرق في هذا الخصوص، كما أن التحول إلى لحوم ذات كثافة كربونية أقل يمكن أن يكون له تأثير كبير أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة