Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حيوانات القارة القطبية الجنوبية مهددة بسموم أبدية

ارتفعت مستويات تلك الملوثات بشدة في أقصى بقاع العالم

تفحص فريق البحاثة الثلوج المضغوطة بغية قياس مستويات المركبات السامة فيها (هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا)

أفاد علماء بأن القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا) شهدت زيادة كبيرة في مركبات كيماوية صناعية سمّية يشار إليها بمصطلح مواد كيماوية "أبدية" forever chemicals، إذ باتت تلك السموم تجد طريقها إلى الطبيعة من المقالي غير اللاصقة والملابس المقاومة للماء وغيرها، ما من شأنه أن يضر بالحياة البرية في المنطقة من قبيل طيور البطريق والفقمات والحيتان.

وفق الخبراء، تشكل تلك المواد السامة التي جرى تطويرها كي تحل بديلاً عن الـ"كلوروفلوروكربون"Chlorofluorocarbons  (اختصاراً CFCs ) المستخدمة في صناعة الثلاجات، إذ يعرف عن مواد الـ"كلوروفلوروكربون" أنها تتسبب بانحسار مستويات الأوزون، ما يجعل المواد البديلة عنها أحد المصادر المحتملة لتلوث جديد نسبياً. [يشكل الأوزون غلافاً يعمل على حماية الأرض من أشعة الشمس المباشرة، إذ يردّها إلى الفضاء الخارجي].

ويتعامل الخبراء مع تلك القارة الواقعة في أقصى جنوب الأرض، علماً أنها واحدة من أكثر الأماكن النائية على وجه المعمورة، باعتبارها مؤشراً عالمياً إلى الصناعات الكيماوية [أي أنها مؤشر عن مدى مأمونيتها بيئياً].

عموماً، تُستخدم "المواد المشبعة بالفلوروألكيل والبولي فلورو ألكيل طويلة السلسلة" (اختصاراً PFCAs) المعروفة باسم "المواد الكيماوية الأبدية" لأنها لا تتحلل بشكل طبيعي في البيئة، في صناعة طلاءات غير لاصقة [تستعمل في صنع أدوات الطهو والأفران وغيرها]، إضافة إلى استعمالها في صنع مركبات تحول دون امتصاص الملابس للماء والرغوات المستعملة في مكافحة الحرائق.

واستطراداً، يندرج "حمض البيرفلوروكتانويك" (اختصاراً PFOA) بين تلك المواد، لكنه للأسف يتراكم في السلاسل الغذائية ويعتبرا مسمّاً للإنسان، لا سيما بعدما تبين أنه يتسبب بضعف في الجهاز المناعي ويؤدي إلى العقم.

في دراسة جديدة نشرتها مجلة " إنفايرومنتال ساينس أند تكنولوجي" [العلوم البيئية والتكنولوجيا] Environmental Science & Technology، وجد العلماء الذين تفحصوا عينات من الثلج المضغوط في شرق القارة القطبية الجنوبية، أن مستويات الملوثات ارتفعت بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية.

وكذلك يندرج "حمض البيرفلوروبوتانويك" (اختصاراً  PFBA) ضمن أكثر المواد الكيماوية وفرة من بين السموم التي يراقبها العلماء حتى الآن. وارتفعت تركيزاته جداً بين عامي 2000 تقريباً و2017 وهو تاريخ أخذ العينات.

تذكيراً، فُرض حظر شبه كامل على "حمض البيرفلوروكتانويك" في 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

في المقابل، أبلغ البروفيسور كريسبين هالسول من "جامعة لانكستر" في المملكة المتحدة الذي أشرف على الدراسة، "إندبندنت" أنه ليس ثمة ما يؤشر إلى تراجع في مستويات "حمض البيرفلوروكتانويك" في البيئة.

وبحسب البروفيسور هالسول، "من المثير للقلق أن المواد الكيماوية ما زالت تجد طريقها إلى البيئة على الرغم من التشريعات الطوعية والدولية التي ترمي إلى حظر استخدام ’حمض البيرفلوروكتانويك‘".

ولكن لم يُثبت حتى الآن، وفق البروفيسور هالسول، إذا كانت هذه السموم تضر بالحياة البرية والبحرية في القارة القطبية الجنوبية. في المقابل، وُجدت أدلة كثيرة على أن مواد كيماوية في المنطقة القطبية الشمالية تلحق الضرر بالطيور، إضافة إلى أنه عُثر على بقايا المواد كيماوية في الحيوانات التي تستوطن القارة المتجمدة الجنوبية.

ووفق البروفيسور هالسول، "أمكننا أن نثبت أن القطب الجنوبي يشكل مقياساً عالمياً لصناعة المواد الكيماوية".

وفي ذلك الصدد، زعم قطاع الصناعات الكيماوية بأنه انتقل إلى نهج أكثر مسؤولية ومراعاة للبيئة والإنسان عبر التحول قبل عقدين من الزمن إلى استخدام مواد كيمياوية ذات سلسلة أقصر، علماً أنها تطرح أضراراً أقل من نظيرتها الطويلة السلسلة. وبحسب البروفيسور هالسول، "ما زلنا نعثر على أدلة عن وجود بعض تلك المواد [في القطب المتجمد الجنوبي]، وازداد بعض المواد الكيماوية القصيرة السلسلة بشكل لافت".

ولكن مع ذلك، لم تختفِ المواد الكيماوية السابقة للأسف، وانضمت إليها كميات متزايدة من المواد الأحدث ظهوراً.

كذلك يعتقد الباحثون أن المواد الكيماوية تنبعث في مواقع التصنيع الصناعية، ثم تنتهي إلى التحلل تحت ضوء الشمس. وترسبت نتيجة تساقط الثلوج على مر السنين، ما أوجد سجلاً تاريخياً محصوراً الآن في الثلج المتكدس في القطب الجنوبي.

وفي سياق متصل، أشارت مديرة قسم العلوم في "هيئة المسح البريطانية لأنتاركتيكا" آنا جونز إلى أن "هذه النتائج تشكل تذكيراً واقعياً بأن أنشطتنا الصناعية تطرح عواقب على الصعيد العالمي. تحمل القارة القطبية الجنوبية، البعيدة جداً من العمليات الصناعية، أدلة على نشاط بشري يطرح نفسه هنا نتيجة انبعاثات تصدر على بعد آلاف الأميال. يمثل الثلج والجليد في القارة المتجمدة الجنوبية أرشيفين [سجلين] بالغي الأهمية يبرزان تأثيرنا الذي يسبب تغيرات في كوكبنا".

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 31 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من بيئة