Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مناورات مشتركة بين دمشق و"قسد" وروسيا تستعرض في "المتوسط"

تتعدى كونها رسالة تحذير لأنقرة بغية ثنيها عن شن عمليتها في شمال سوريا

مناورات في شمال سوريا بموازاة مناورات بحرية في غربها برعاية روسية (اندبندنت عربية)

بعد مرور سنتين تقريباً من دون أن تشهد خطوط التماس السورية أي أحداث أو متغيرات على خريطة النفوذ، سواء بالتقدم أو التراجع للقوات المسيطرة، تحولت تلك البرودة بعد الحرب الروسية - الأوكرانية في فبراير (شباط) الماضي، إلى السخونة، لا سيما في شمال البلاد حيث جرت مناوشات بين تركيا وفصائل كردية مسلحة.
إلا أن التطور اللافت للنظر كان إجراء مناورات مشتركة بين الجيش السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) التي تسيطر على الجزء الشمالي الشرقي من البلاد. ويُعد هذا الحدث العسكري الذي جرى برعاية روسية، الأول من نوعه، منذ اعلان "الإدارة الذاتية الكردية" انفصالها عن دمشق في أعقاب اندلاع الانتفاضة الشعبية في العام 2011. ووُضعت التدريبات البرمائية، التي أجريت في محيط ريف حلب، ضمن إطار ما وصفته وكالة "روسفسنا" الروسية (Rusvesna) بـ "ردع العدوان التركي"، عبر التدريب على اجتياز حواجز مائية بأسلوب تكتيكي روسي التخطيط وبمشاركة آليات من الجيش الروسي والجيش النظامي وقوات "قسد".

رسائل بالجملة لأنقرة

في غضون ذلك، يرى مراقبون للواقع الميداني في شمال شرقي سوريا أن المناورات تتعدى كونها رسالة تحذير لأنقرة بهدف ثنيها عن إطلاق عملية عسكرية بشكل مفاجئ في شمال سوريا، بل إنه تغيّر في التكتيك الروسي واستقطاب للقوات الكردية بهدف التقارب مع الحكومة السورية بعد سلسلة لقاءات كانت طي الكتمان طيلة الفترة السابقة، حتى انطلقت المناورات في أواخر يوليو (تموز) الماضي.
ويرجح باحثون في المجال العسكري أن التقارب الحاصل بين "قسد" والنظام السوري، لن يدوم طويلاً، فلكل طرف أهدافه المرحلية والاستراتيجية. وصرح الناشط السياسي والحقوقي، رضوان العلي أن "الرعاية الروسية التي تهدف إلى استقطاب الكرد، هي مصلحة يشترك فيها الجميع، لكن ثمة خلط للأوراق في هذه البقعة من الأرض السورية، علاوةً على تعقيد المشهدَين السياسي والميداني". وأضاف "يوجد خمسة جيوش أجنبية تقاتل في سوريا وفصائل وميلبشيات وتسميات لمجموعات طائفية وسياسية وغيرها، عدا عن داعش الذي يعاود النهوض، وأتصور أن التحالف المرحلي بين دمشق وقسد لن يفلح وإن حدث للمرة الأولى بينهما فهو بمساعٍ روسية لكسب الأكراد، لكن مصير هذا التحالف الانهيار مع أول احتكاك".
كما رأى رضوان العلي في الوقت ذاته أن "الانفصاليين الكرد يحاولون الحفاظ على ما وصلوا إليه بعد عسكرة فصائلهم في أعقاب عام 2013 ونزف دماء أبنائهم وهم يلاحقون تنظيم داعش ويحاربونه على امتداد شريط مناطقهم في الشمال السوري، الأمر الذي يتناقض مع مسعى الحكومة في دمشق ذات التصميم على إعادة كل شبر من أراضيها السليبة دونما الاعتراف حتى بالكونفيدرالية التي يطرحها بعض الفرقاء من المكون الكردي كصورة للنظام السياسي في سوريا مستقبلاً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


روسيا والمتوسط الهائج

إزاء تلك التحركات وعرابها الروسي شمالاً، كان لذراعه الثقيلة في البحر المتوسط، غرب سوريا قوتها أيضاً، ففي وقت كانت تُدار المناورات المشتركة بين الأكراد ودمشق شمالاً، كان الأسطول الروسي ينفذ مناوراته مع جيش النظام على الشواطئ السورية بالذخيرة الحية شاركت فيه كافة صنوف القوات البرية والبحرية والجوية، وكل أنواع القوات الاختصاصية لتحاكي طبيعة معركة حقيقية.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بحضور رئيس هيئة الأركان بالجيش السوري، العماد عبد الكريم إبراهيم وقائد القوات الروسية العاملة في سوريا، العماد أول ألكسندر تشايكو اللذين اطلعا مع كبار الضباط من البلدين على عمليات هجوم ضد نقاط محصّنة للعدو مع اقتحام مانع مائي بمشاركة الطيران الحربي.

هذه المناورة في المتوسط لها دلالات واسعة في ظل تزايد تصاعد الدخان في الحرب الأوكرانية، والتصعيد بين موسكو والدول الغربية، بالإضافة إلى حروب الغاز التي تشتعل من جهة إثر وقف الامدادات الروسية إلى أوروبا، إضافة إلى حرب إمداد القمح بين كييف وموسكو. ويرى متابعون في ذلك رسالة من الروس إلى الدول المعادية لهم.

وثيقة الكرملين

كل ذلك يأتي مع إقرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يوم الأحد 31 يوليو (تموز) الفائت، العقيدة البحرية الروسية، التي تحدد ملامح التحديات والمخاطر التي تواجهها القوة البحرية الروسية. ونشرت المنصة الحكومية الروسية في الأول من أغسطس (آب) الحالي، وثيقة تضم تفاصيل العقيدة التي تحمل تبدلاً هاماً واتساعاً لأهداف الكرملين في البحار الدولية.
وكشفت الوثيقة عن المركز اللوجستي الذي حظيت به روسيا في مدينة طرطوس السورية حيث "سيتم إنشاء مراكز مماثلة في بلدان عدة بمنطقة البحر المتوسط على أساس دائم، انطلاقاً من اتفاق الوجود في سوريا. وإنشاء وتطوير مراكز دعم لوجستية أخرى للأسطول على أراضي دول أخرى في المنطقة".
ونصت هذه الوثيقة أيضاً على "تطوير العلاقات مع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ذات البحار المجاورة والمساحات البحرية بما في ذلك البحر المتوسط والبحر الأحمر"، بالإضافة إلى رسم خطط لإنشاء قواعد عسكرية بحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي وعدّتها أولوية بالنسبة للسياسة البحرية الوطنية للاتحاد الروسي في الحفاظ على الوجود البحري الروسي في منطقة الخليج العربي.
ووسط هذه التطورات يرى متابعون أن "الكرملين يدفع بكل ما أوتي من قوة لترتيب أوراق المنطقة محلياً وإقليمياً على المستوى العربي، وبعدما كسب قاعدة حربية في طرطوس، بالإضافة إلى قاعدة حميميم" في ريف اللاذقية، بدأ يحاول كسب ورقة الكرد ما استطاع شمالاً. يأتي ذلك بعد إرسال طائرات في مطار القامشلي في أول وجود له هناك في هذا العام".

المزيد من تقارير