مع تطور كرة القدم خلال السنوات الأخيرة من رياضة شعبية تحكمها الهواية والشغف ورغبات اللاعبين والجماهير إلى صناعة كبرى يعمل بها عشرات الآلاف ويتابعها مئات الملايين حول العالم، وتدر المليارات على المسابقات والاتحادات والأندية واللاعبين، تحول كل ما يخض اللعبة إلى طريق العلم والأنظمة الصارمة الساعية للاستفادة من كل الموارد المتاحة.
والآن ومع تعدد المسابقات وتلاحم المواسم يخوض لاعبو كرة القدم المحترفون عشرات المباريات سنوياً، لكن حينما يتعلق الأمر بنجوم الدوري الإنجليزي الممتاز الذي يعد المسابقة الأقوى في العالم، يصبح الأمر أكثر ضغطاً وصعوبة وحاجة إلى تفاصيل دقيقة تجعل اللاعبين في أفضل المستويات البدنية والذهنية لسنوات متتالية.
ويعد الطعام درة تاج الحياة الصحية لنجوم الدوري الإنجليزي الممتاز الحاليين، وما يفرقهم عن نجوم الدوري قبل 30 سنة حين كان بعضهم يتناول الوجبات السريعة في طريقه للتدريب، أو من اعتادوا شرب الكحوليات يومياً، مما أثر سلباً في أداءهم داخل الملعب أو سنوات ممارستهم للعبة.
وتتبع الأجهزة الفنية الحديثة أنظمة تغذية علمية صارمة للحفاظ على لياقة اللاعبين وسرعة تعافيهم بعد المباريات وتقليل فرص الإصابات إلى الحدود الدنيا، وكانت قرارات المدير الفني الجديد لمانشستر يونايتد إريك تن هاغ أحدث مثال على تطوير نظام التغذية لتعديل حال فريقه قبل انطلاق الموسم الجديد، من خلال حظر الكحول خلال أسابيع المباريات ووضع لائحة طعام جديدة للفريق ومنع أي لاعب من تناول الطعام خارج النادي.
وقال أستاذ التغذية الرياضية في المملكة المتحدة دون ماكلارين لصحيفة "ديلي ميل" إنه "يمكن للتغذية الصحيحة أن تحدث فرقاً بنسبة 10 في المئة على الأقل، لذلك أصبحت أكثر أهمية".
وبدأ ماكلارين رحلته الطويلة مع التغذية الرياضية منتصف تسعينيات القرن الماضي، وهو العصر الذي بدأت فيه كرة القدم في الاهتمام الحقيقي بالنظم الغذائية للاعبين، وعمل حتى عام 2015 كمستشاراً للتغذية في أندية ليفربول وإيفرتون ومانشستر سيتي وبولتون.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف ماكلارين أن الأندية الإنجليزية وكذلك الأندية الكبرى في أوروبا وحول العالم باتت تفتخر بمرافقها المجهزة على أحدث وأعلى المستويات لتقديم الطعام للاعبين طول فترات وجودهم في مراكز التدريب.
وتتحكم معلومات وتفاصيل عدة في أنظمة تغذية اللاعبين التي يتم تفصيلها لكل لاعب على حدة، ويكون على علم مسبق بأنواع وكميات الطعام الذي سيتناوله يومياً قبل دخول مطعم النادي أو إعداد الوجبات في منزله.
ويتم التخطيط لطعام جميع اللاعبين بالتعاون بين خبراء التغذية وعلماء الرياضة وطهاة الأندية، ويكون التحديد المسبق لأنظمة التغذية بحسب أيام الأسبوع وعوامل أخرى مثل طول ووزن كل لاعب ومركزه وحجم السعرات المطلوب إدخاله إلى جسده، سواء للحفاظ على وزنه أو زيادته أو إنقاصه وعبء التدريبات الواقع على اللاعب، وأخيراً الفترة التي تفصل اليوم عن أيام المباريات.
وسلط تقرير "ديلي ميل" الضوء على أصناف الطعام التي يتناولها لاعبو الأندية الإنجليزية، مشيراً إلى أن وجبة الإفطار غالباً ما تتاح خلالها مجموعة واسعة من الحبوب والخبز والزبادي والعصائر وغيرها من المشروبات الساخنة، إضافة إلى الوجبات الخفيفة الموصى بها في الأنظمة الغذائية الخاصة التي يُعدها فريق الطهاة.
وتعتبر مشروبات القهوة التي تعدها الماكينات من الخيارات الشائعة بين اللاعبين، بخاصة قبل التدريب.
ويوصي بعض المدربين لاعبيهم بالانتهاء من تناول الطعام قبل ساعتين على الأقل من بدء التدريب لضمان إتمام عملية الهضم بالكامل.
وبعد التدريب يتم تقديم الوجبات الكبيرة التي تحوي الدجاج والأسماك أو الأطباق النباتية جنباً إلى جنب مع الخضراوات ومصادر الكربوهيدرات مثل المعكرونة والرز والبطاطا.
وأحياناً تضاف مكونات أخرى مثل شرائح اللحم وسمك السلمون أو سمك القد الأسود أو العسل والخردل، كما تتوفر الفواكه والمكسرات ومشروبات الفيتامينات والأعشاب وشاي الفاكهة عند الطلب.
وخلال الموسم الماضي نشر بن تشيلويل لاعب تشيلسي صورة لوجبة غداء زميله رييس جيمس المكونة من الدجاج والمعكرونة والبروكلي والأناناس والفراولة والمايونيز.
وخلال ساعات ابتعاد اللاعبين من الأندية أو فترات الراحة خلال الموسم أو خارجه، تقع مسؤولية الحفاظ على الأنظمة الغذائية على كاهل اللاعبين، بخاصة أن بعض الأندية تفرض عقوبات متفاوتة الشدة على اللاعبين الذين يخرقون الأنظمة الغذائية ويتسببون في تغير أوزانهم المطلوبة أو الشكل الأمثل لأجسادهم.
وأصبحت بعض الأندية تقدم خدمة الوجبات الجاهزة للاعبيها وأسرهم لضمان بقاء اللاعبين في إطار الطعام الصحي والحدود المثلى للكميات والسعرات، بل وتمنح بعض الأندية دورات طبخ للاعبين وأسرهم.
وتلجأ معظم الأندية للتكنولوجيا لمساعدتها على ضبط أنظمة تغذية اللاعبين، ومن بين الأندية الأكثر تطوراً وتشدداً في هذا المجال نوريتش الذي أطلق تطبيقاً خاصاً للاعبين والموظفين لمتابعة وجباتهم المخصصة وتعليمات ونصائح للطهي وصولاً إلى أدق التفاصيل مثل الزيوت المناسبة للاستخدام.
ويلجأ بعض النجوم مثل هاري كين وإيميل سميث رو ورييس جيمس للطهاة الشخصيين المقيمين الذين يعملون بالتنسيق مع خبراء التغذية في الأندية.
ولم تعد الأندية تراقب أوزان لاعبيها أسبوعياً كما كان في السابق، بل أصبح الأمر كل ثلاثة أيام وأحياناً كل صباح، بل ويتم فحص باقي المؤشرات مثل نسب الدهون والعضلات والماء شهرياً للتأكد من سير اللاعبين على الطريق الصحيح.