Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أطفال التوحد" في غزة يواجهون الخوف والتهميش بالسباحة

عددهم 3500 ووزارة الصحة تصنفهم كمضطربين لا مرضى بحاجة إلى رعاية طبية

انتابت الطفل سعيد رجفة وبدت حركاته لا إرادية عندما اقترب من حوض السباحة، لكن تدخل مدربه لتشجيعه على تأدية تمرينه العلاجي خفف دقات قلبه الخائفة، فقام مستعداً للقفز داخل المياه.

فكرة السباحة لم تكن سهلة على سعيد خصوصاً أنه يعاني اضطراب "طيف التوحد" منذ ولادته، ويحتاج إلى دعم كبير وتدريب طويل حتى يتمكن من تأدية مهارات العوم والغوص، التي تعد أحد أساليب العلاج العالمية المستخدمة لاندماج الأطفال المصابين بالتوحد مع المجتمع.

ما هو "طيف التوحد"؟

تعرف منظمة الصحة العالمية "طيف التوحد" بأنه مجموعة من الاضطرابات التطورية الإنمائية التي تصيب الجهاز العصبي المركزي وتؤدي إلى خلل مباشر في وظائف المخ ما يؤثر على الإدراك السمعي والبصري وعلى مختلف نواحي النمو، كما يؤدي إلى عجز في التحصيل اللغوي واللعب والتواصل الاجتماعي وتظهر أعراضه عادة في سن الرضاعة قبل بلوغ الطفل ثلاث سنوات، وتختلف حدة الأعراض وخطورتها من طفل إلى آخر بحسب قدرة الطفل على الاتصال مع المحيطين به وتطوير علاقات متبادلة معهم.

داخل حوض المسبح اختلف المشهد كلياً وتراجع خوف سعيد وبدأ يلعب مع الأطفال المحيطين به، حيث يمررون إلى بعضهم كرات ملونة في أجواء حماسية يتطاير فيها رذاذ الماء وتتعالى أصوات ضحكاتهم. بصعوبة في النطق يقول، "هذه المرة الأولى التي أسبح فيها وحدي داخل المياه وأتمكن من الغوص على عمق مترين".

منذ نحو شهرين يعمل مدربون متخصصون على تعليم أطفال "طيف التوحد" تدريبات خاصة حول أساسات السباحة والتحرك داخل الماء، إضافة لإشراكهم في بعض الألعاب الاجتماعية الأخرى التي من شأنها تحسين طرق تواصل المتوحدين مع أفراد المجتمع، ويجري ذلك ضمن أنشطة علاجية تقدم لهم في مخيم صيفي تحت إشراف متخصصين اجتماعيين لدراسة مدى نجاح العلاج بالسباحة مع هذه الفئة.

ويعد هذا النوع من العلاج إحدى الطرق التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية، وبحسب تقاريرها فإن هذه المهارات تحسن القدرات العقلية والبصرية والبدنية للمصابين باضطراب "طيف التوحد".

الماء أفضل طرق العلاج

تقول الأخصائية الاجتماعية صفاء نصار إن السباحة والألعاب المائية لأطفال "طيف التوحد" تنفذ للمرة الأولى في غزة، وخلالها عملنا على إخراج الطفل من بيئته العادية إلى بيئة جديدة توفر له العلاج والترفيه في وقت واحد وتأتي الخطوة ضمن بروتوكول علاجي معتمد دولياً.

وتضيف "نظام العلاج بالسباحة يضاهي العلاج الموضعي والطبيعي واللغوي لدى هؤلاء الأطفال، إذ يجعلهم يشعرون بالأمان ويشجعهم على الاستقلال بالحركة ويدفعهم نحو المشاركة الاجتماعية ويجعلهم يدركون قدرتهم على التأثير في محيطهم".

وبينت نصار أنهم دربوا الأطفال على تمارين مائية خفيفة تشمل آليات التنفس وتحريك الأقدام والأيدي بما تتناسب مع القدرات العقلية والإدراكية للمتوحدين، إلى جانب نشاطات يدوية أخرى تعتمد على الرسم والتلوين وأشغال بسيطة ليندمجوا مع المجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير نصار إلى أن السباحة تساعد الطفل على تطوير مهاراته المعرفية والإدراكية والحركية وتزيد من لياقة أجهزة الجسم المختلفة خصوصاً القلب والأوعية الدموية، كما تعمل على تنظيم عملية التنفس وتحسين الصوت والنطق، ويعد استخدام الماء وسيلة لتقوية العضلات القادرة على الحركة.

فرط في الحركة وعدم قدرة على التواصل البصري وتنفيذ الأوامر وعدم تركيز وانتباه، تلك العلامات الأولى التي لفتت نظر والدة سعيد إلى إصابة طفلها بـ"طيف التوحد". تقول "ظهرت بعض الأعراض المبدئية عليه في السنة الأولى من عمره وتطورت حالته حتى السنة الرابعة، فقد بدا منطوياً لا يستطيع الانخراط مع أقرانه عند اللعب أو الاستجابة للنداء والحوار، فضلاً عن سلوكه الغريب في اللعب".

لكنها تشير إلى أنه بعد تلقي الأنشطة المائية بات أفضل من ناحية التواصل الاجتماعي والبصري، ولاحظت أن استجابته زادت بشكل إيجابي مع المهدئات العصبية التي كتبها له العاملون الصحيون.

تهميش وحقوق ضائعة

في جميع الأراضي الفلسطينية لا يوجد اهتمام رسمي بأطفال "طيف التوحد"، ولا تقدم لهم المؤسسات الحكومية أية خدمات رعاية أو تأهيل في حين يحصل المصابون بالاضطراب على الرعاية في مركز خاص واحد.

ولا توجد إحصائية رسمية لعدد أطفال التوحد، لكن بيانات غير حكومية تشير إلى أن عددهم يقدر بنحو 3500 حالة في غزة، بينما توضح بيانات منظمة الصحة العالمية أن من بين كل ثمانية مواليد يصاب طفل واحد بالتوحد.

يقول مصطفى عابد المتخصص في مجال التربية الخاصة، إن العمليات التأهيلية المقدمة للأطفال المصابين بالتوحد على مستوى قطاع غزة تعد من الخدمات النادرة، مما يترتب عليه قلة الوعي المجتمعي برعايتهم وينعكس ذلك على تقبلهم في المجتمع.

وعلى الرغم من أن القانون الفلسطيني في شأن حقوق المعوقين نص على توفير متطلبات الحياة للمتوحدين، فإن وزارة الصحة الفلسطينية بررت ذلك على موقعها الإلكتروني بأنها ما زالت تصنف "طيف التوحد" على أنه اضطرابات وليس مرضاً بحاجة إلى رعاية طبية.

وجاء في القانون أن "للمعوق المصاب بعجز كلي أو جزئي خلقي أو غير خلقي بشكل مستقر في أي من حواسه أو قدراته الجسدية أو النفسية أو العقلية إلى المدى الذي يحد من إمكانية تلبية متطلبات حياته العادية في ظروف أمثاله من غير المعوقين، حق التمتع بالحياة الحرة والعيش الكريم والخدمات المختلفة شأنه شأن غيره من المواطنين، له الحقوق نفسها وعليه واجبات في حدود ما تسمح به قدراته وإمكاناته، ولا يجوز أن تكون الإعاقة سبباً يحول دون تمكن المعوق من الحصول على تلك الحقوق".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات