Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"خابية وقطران وخنشة" مغاربة يواجهون الحر بعادات الأجداد

تحذيرات متوالية تصدرها المديرية العامة للأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة

عادت أسر مغربية كثيرة إلى إحياء "عادات قديمة" لمواجهة القيظ والعطش (اندبندنت عربية)

في خضم موجة الحرارة المفرطة التي يشهدها المغرب منذ بداية فصل الصيف الحالي، عادت أسر كثيرة إلى إحياء "عادات قديمة" لمواجهة القيظ والعطش، على الرغم من وجود أجهزة حديثة تتيح التغلب على الحرارة والظمأ.

وتتوالى نشرات إنذارية تصدرها المديرية العامة للأرصاد الجوية من مستوى حر مرتفع (برتقالي أو أحمر)، تحذر من تداعيات موجة حرارة مفرطة في عدد من مناطق البلاد، تصل أحياناً إلى 47 درجة.

ومن هذه "العادات القديمة" التي عادت إلى الواجهة مع الحر الشديد، اللجوء إلى "الخابية" الطينية التي تخزن الماء وتمنحه مذاقاً جميلاً بإضافة مادة "القطران"، أو تبريد الفراش والأغطية، أو إلقاء الفواكه داخل سطل في البئر لتحافظ على طراوتها وبرودتها، خصوصاً في البوادي والأرياف، وغيرها من العادات و"الحيل الصيفية".

 

الطين والخابية

ويقبل المغاربة على شراء آنية خزفية طينية في الصيف من أجل وضع الماء فيها لمواجهة الحرارة، على الرغم من وجود أجهزة كهربائية حديثة وانتشار المبردات والثلاجات، غير أن للآنية الطينية مذاقاً خاصاً يتيح التغلب على الظمأ بـ"ألذ الطرق".

وتشتهر مناطق في المغرب بصناعة الفخار والخزف والآنية الطينية، خصوصاً مدن آسفي وسلا وفاس ومكناس أيضاً، حيث تنتشر ورشات لصناعة الخزف نظراً إلى التركيبة الأركيولوجية لهذه المناطق.

في هذا الصدد، قال محسن الدوالي، صاحب محل للخزف بمنطقة الولجة قرب مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية" إن صناعة الفخار التي تحول الطين إلى تحف جميلة تعتبر حرفة تاريخية تعود إلى عصور قديمة في البلاد.

ويشرح الدوالي أن الخابية إحدى أشهر المصنوعات الخزفية ذات الطابع التراثي الإبداعي، إلى جانب الطاجين والمجمر والجرة وغيرها من الآنية الطينية التي بات يقبل عليها كثيرون خصوصاً في فترات الحر.

وأضاف "يسأل الزبائن عن الخابية الطينية بشكل لافت، ليس فقط من أجل تأثيث المطبخ، بل أيضاً لتخزين الماء فيها، بحيث يحافظ الطين الأحمر الذي تصنع منه على برودة الماء ومذاقه يختلط بالماء، فيمنحه نكهة ليست موجودة في الثلاجات والآلات الحديثة".

القطران و"الخنشة"

وتلتقط خيط الحديث السيدة وردية جامي، في عقدها السادس، التي قالت في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إنها لا تستغني عن الخابية لتخزين الماء وتبريده، كما أنها تحافظ على عادات قروية قديمة عاشتها في أعوام الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

وأضافت أنها تحرص على طلاء الخابية بمادة القطران، وأيضاً الكأس الطيني الذي تشتريه، فيصبح الماء ذا مذاق خاص يبرد الجسم ويطفئ العطش أفضل من الثلاجة التي تحول الماء إلى ثلج من دون أدنى مذاق في الصيف.

ولا تتوقف السيدة وردية عند وضع القطران، بل تلجأ إلى عادة قديمة ورثتها عن آبائها وأجدادها، وهي كساء الخابية بكيس مصنوع من ألياف القنب الطبيعي يباع مع قوالب السكر، يُسمّى بـ"الخيش" أو "الخنشة".

وتشرح أن المغاربة كانوا يأخذون "خنشة" قوالب السكر تلك ويكسون بها الخابية ليصبح الماء أكثر برودة، في غياب أجهزة التبريد أيام زمان، مضيفة أن عدداً من الأسر ما زالوا يعتمدون هذه الطريقة حتى في وقتنا هذا، على الرغم من اندثار "خيش القنب" ووجوده في مناطق قليلة بالبلاد.

ومثل الخابية، هناك "الجرة" المصنوعة من الطين، التي تكون في العادة أصغر حجماً، والتي تصلح للأسرة قليلة الأفراد، وهي أيضاً تقوم بدور الخابية في مواجهة العطش بمذاق منعش وطازج أفضل بكثير من الثلاجات المعاصرة.

وتتجاوز عادة الاستعانة بالخابية التي تتحدى الحر والعطش حدود المطبخ أو المنزل، لتصبح إناء يؤثث حتى الفضاء العام والأزقة والحواري، حيث كان المغاربة في الأمس وإلى اليوم يضعون الخابيات في ملتقى الشوارع والأحياء لفائدة عابري السبيل العطشى.

 

دلو البئر

ومن العادات القديمة التي لا يزال سكان البادية محافظين عليها عند حلول فصل الصيف، وضع الفواكه في دلو يتم رميه إلى قاع البئر لكسب شيء من البرودة والحفاظ على الطابع الطازج لهذه الفواكه، التي قد تفسد بسبب الحرارة وغياب أجهزة التبريد.

ولا تزال الأسر في القرى والبوادي تستعمل هذه الطريقة في تبريد الفواكه والخضر، على الرغم من وجود الكهرباء وإمكانية اقتناء ثلاجات وأجهزة تبريد، وذلك لأنها طريقة لا تكلف مالاً، فيكفي وضع الفاكهة في الدلو لينزل إلى قاع البئر ويستخرج في المساء لتناول الفاكهة منعشة وطازجة وباردة.

وهناك طرق أخرى يستخدمها أهل المدن لمواجهة الحر في الليل، منها وضع أغطية السرير داخل كيس بلاستيكي وتركها في جهاز التبريد ساعات قبل استعمالها قبل النوم، وأيضاً وضع الأرز المجمد داخل جوارب قطنية، وذلك بين الفراش وغطاء السرير بهدف خفض درجة حرارة الجسم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نصائح طبية

في السياق ذاته، يوصي الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات الصحية، باستخدام نصائح بسيطة لإنقاذ حياة آلاف الناس جراء موجة الحرارة، منها الاغتسال بمياه الرشاش مرات عدة في اليوم من دون تجفيف الجسم بالفوط بعد الحمام، أو استعمال رشاش ماء لتبليل الجسم، خصوصاً الوجه والأطراف وجذع الجسم برذاذ بارد.

وينصح حمضي أيضاً بتناول وجبات خفيفة على مرات متعددة في اليوم والتركيز على الخضر والفواكه لمد الجسم بحاجاته من الماء والأملاح من دون إنهاكه.

كما يدعو إلى الحفاظ على برودة المنزل في أثناء النهار، وإغلاق النوافذ لمنع تدفق الحرارة المفرطة من الخارج إلى البيت، وفي حال عدم توافر نوافذ خشبية أو غيرها لمنع دخول الحرارة، يمكن تعويضها باستعمال ستائر أو أغطية أو بطانيات للنوافذ في وقت الحر.

وأثناء الليل، يتعين فتح النوافذ والباب لخلق تيار هوائي في الليل والصباح المبكر، عندما تكون درجة الحرارة الخارجية أقل من الداخلية، بحسب الباحث في المنظومة الصحية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات