Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بوجلود" مغاربة يرتدون جلود الأضاحي لجلب الحظ

احتفالات تقليدية في شوارع المغرب بعد عيد الأضحى ويستغل البعض هذه المناسبات بطريقة سلبية لتصفية الحسابات والتحرش

"بيلماون"، "بوجلود"، "بولبطاين"، تسميات ثلاثة لاحتفال واحد ينتشر خصوصاً في المناطق الأمازيغية جنوب المغرب، ويستمر بضعة أيام بعد عيد الأضحى.
ويمكن تلخيص احتفالات "بوجلود" في قيام عدد من الشباب بارتداء جلود الأضاحي بعد غسلها وتجفيفها وخياطتها، ثم التجول وهم يرتدون أقنعة في طقوس شعبية في شوارع وأزقة المدينة، يضربون المارة بظلف أو ساق الخروف، حيث يعتقد البعض أن الشخص المضروب سينال الحظ و"البركة".
وبعد منع تنظيم احتفالات "بوجلود" لمدة سنتين متتاليتين (2020 و2021) بسبب جائحة كورونا، عادت هذه الطقوس الاحتفالية من جديد، ولو بشكل أقل توهجاً وانتشاراً، في عيد الأضحى الذي احتفل به المغاربة يوم الأحد 10 يوليو (تموز) الحالي.
وتحيد احتفالات "بوجلود" أحياناً عن مسارها الاستعراضي الأصلي، لتتحول إلى سلوكيات شخصية شاذة أحياناً من طرف عدد من الشباب المقنعين، الذين يجدونها فرصة سانحة إما لتصفية الحسابات الشخصية أو من أجل السرقة أو حتى التحرش جنسياً بالفتيات والنساء.

مراحل الاحتفال

وتشتهر مناطق عدة في المغرب، لا سيما مناطق سوس الأمازيغية، مثل مدن إنزكان، وأيت ملول، و"الدشيرة الجهادية" الواقعة قرب مدينة أغادير في الجنوب، بتنظيم احتفالات "بوجلود" خصوصاً بعد أذان المغرب وحتى وقت متأخر من الليل.
ويقول عمران أمحضي، الناشط المحلي بمدينة الدشيرة، عن مراحل الاحتفال بـ"بيلماون" (كلمة أمازيغية) أو "بوجلود" (أي صاحب الجلود) بالعامية المغربية، إن جمع جلود الخرفان والماعز من طرف الشباب يتم في مساء اليوم الأول من عيد الأضحى. ويضيف أمحضي بأن المغاربة صاروا يرمون جلود الخرفان (الهيدورة)، ويمنحونها لمن يطلبها منهم، ولم يعودوا يحتفظون بها كما في السابق، لعدة اعتبارات منها توفر مفروشات تؤثث البيت تغني عن فرو الخروف، وأيضاً العناء الذي يكبده تنظيف "الهيدورة".
ويكمل المتحدث ذاته بأنه بعد جمع أعداد كبيرة من "الهيدورات"، يتم الشروع في تنظيفها وحكها ثم خياطتها لتتناسب مع أجساد المشاركين في طقوس "بيلماون"، لتنطلق الاحتفالات في اليوم الثاني من العيد وتستمر أربعة أيام، وقد تصل أحياناً إلى أسبوع كامل في بعض المناطق التي لا تزال تحافظ على خصوصية "بيلماون".
 


المضروب محظوظ

وشدد الناشط المهتم بالتراث المحلي على أن الاحتفال بـ"بيلماون" يمكن قسمته إلى اثنين، الاحتفال الأصلي الذي كان يعتمد على تجول الشباب مرتدين فرو الخرفان في الشوارع والأحياء، والسكان يصطفون في جنبات الطرقات للتفرج على "موكب أصحاب الجلود".
ويستطرد المتحدث ذاته بأن الشباب كانوا يجوبون شوارع المدينة أو القرية في أجواء احتفالية، والنساء يصفقن ويطلقن الزغاريد، والرجال يرددون أهازيج أمازيغية تحث مرتدي جلود الخرفان على مواصلة الاحتفال.
ووفق المتحدث ذاته، فإن هذا النوع من الاحتفال هو الأصلي الذي كان معروفاً ومنتشراً في مناطق سوس، لكن هناك احتفال ثان، يحمل فيه الشباب أجزاء من الخروف، إما ساقاً أو ظلفاً أو ما شابه ذلك، ويضعون أقنعة على وجوههم، ويجرون خلف المارة والمتفرجين، يضربونهم بها.
وتبعاً للمصدر عينه، يسود اعتقاد عند البعض بأنه إذا تعرض الشخص للضرب من طرف "بوجلود" فإنه سيكون محظوظاً ويعيش في بركة وخير ونماء بعيداً من الأمراض والأسقام، مبرزاً أن "هذا اعتقاد شعبي لا أصل له، ويدخل ضمن الخرافات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سرقة وتحرش

هذا التحول في سياق الاحتفالات الشعبية بـ"بوجلود" رافقته سلوكيات لا أخلاقية أيضاً، وهو ما تحدث عنه عبد الله تاكوشت، وهو ناشط محلي كان يشارك في احتفالات سابقة، إذ قال إنه تخلى عن الحضور في هذه الطقوس الكرنفالية "بعد أن انحرف الاحتفال عن فرجته البريئة، وصار فرصةً لتصفية الحسابات بين المتخاصمين، أو حتى التحرش الجنسي".

وتابع المتحدث بأنه شاهد بأم عينه كيف كان بعض المشاركين في "بوجلود" يتركون الاحتفال جانباً، ويسعون إلى ضرب أشخاص بأعينهم، من دون أن يتمكن هؤلاء من التعرف إلى المتعدين عليهم كونهم يضعون أقنعة على وجوههم بدعوى الاحتفال الكرنفالي. وأضاف أن "الأمر صار أشبه بفضاء فوضوي أحياناً عندما ترى أحداً من مرتدي جلود الخرفان يهرول صوب فتاة بعينها ليضربها، وهو يتعمد إما إيذاءها أو التحرش الجنسي بها، وكل هذا يتم بزعم الاحتفالات الشعبية".

سلوكيات مرفوضة

وتابع المتحدث ذاته بأن "كل هذه السلوكيات لا يقبلها سكان المناطق الأمازيغية نظراً إلى طابعهم الأخلاقي المحافظ، كما أنها تصرفات تسيء إلى التراث المحلي"، مبرزاً أن "هناك جمعيات تحذر من انحراف احتفالات بوجلود، الذي يهدد باستمرارية هذه الطقوس التراثية في المستقبل".

ولاحظ المتحدث ذاته أن "مثل هذه السلوكيات التي اخترقت احتفالات بوجلود تكون أكثر في المدن التي تشهد مثل هذه الاحتفالات، ولكنها تقل وتكاد تغيب عن الاحتفالات التي تعرضها البوادي والقرى"، معللاً ذلك بـ"التحرر" الذي يكون عند شباب المدينة مقارنةً مع نظرائهم في الأرياف.
ووفق تاكوشت فإنه "يتعين أن تعود احتفالات بوجلود إلى أصلها الحقيقي، وتراعي خصوصيات المناطق الأمازيغية بالدرجة الأولى"، قبل أن يستدرك بأنه "يمكن تطويرها أيضاً من خلال إقحام أفكار أو مبادرات خلاقة تشرف عليها الجمعيات المحلية لتحافظ على أصل هذا الاحتفال الشعبي مع محاولة عصرنته ليساير تطلعات جيل الشباب الحالي".

المزيد من منوعات