Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا حددت أغسطس موعداً لتحرير "جنوبها"

الرئيس البولندي السابق يدعو إلى تقسيم روسيا وخفض سكانها إلى 50 مليون نسمة

كييف تسعى لتحرير الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها القوات الروسية في جنوب البلاد (رويترز)

أثارت التصريحات التي أدلى بها الرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا حول ضرورة تقسيم روسيا وخفض عدد قاطنيها من الروس إلى 50 مليون نسمة، سخرية وإدانة كثيرين من ممثلي العاصمة الروسية على المستويات كافة، الرسمية منها والشعبية. وجاء ذلك مواكباً للتصريحات التي كشف فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن خطة قال إنها تستهدف "تحرير" المناطق الأوكرانية الجنوبية، فيما حدد أغسطس (آب) المقبل موعداً لهذه العملية العسكرية في الوقت نفسه الذي تواصل فيه كييف الرسمية شكواها من تأخر الإمدادات العسكرية والنقص في العتاد والذخيرة، إلى حين الانتهاء من جهودها الرامية إلى زيادة تعداد قواتها المسلحة حتى مليون مقاتل.

في معرض حديثه لعدد من الصحف الأجنبية ومنها "وول ستريت جورنال" الأميركية، و"التايمز" البريطانية، كشف وزير الدفاع الأوكراني ألكسي ريزنيكوف عن تكليف الرئيس زيلينسكي بشأن الاستعداد لتحرير الأراضي الأوكرانية التي استولت عليها القوات الروسية في جنوب البلاد. وذلك في الوقت الذي أدلى فيه ريزنيكوف بعدد من التصريحات، تضمنت كثيراً من الشكوى جراء ما تكبدته القوات الأوكرانية المسلحة من خسائر في العتاد والأرواح. وكانت مصادر أوكرانية تحدثت عن خسائر كبيرة في الأرواح تتكبدها قواتها المسلحة، في الوقت الذي تبدو فيه عاجزة عن تعويض هذه الأعداد من خلال التعبئة واستدعاء الاحتياطي. وفي هذا الصدد تجنح الأجهزة الرسمية صوب مختلف السبل من أجل تحقيق هذه المهمة، وكانت أوكرانيا منعت الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 سنة من مغادرة البلاد.

وعلى الرغم من صعوبة تلك المهمة كشف وزير الدفاع الأوكراني عن أن بلاده تعتزم بحلول آب (أغسطس) المقبل دعم القوات الأوكرانية التي يبلغ عددها اليوم قرابة 700 ألف عنصر من الضباط والجنود، بـ 300 ألف آخرين من قوات الحرس الوطني والشرطة وحرس الحدود، بما يوفر جيشاً تعداده مليون جندي من أفراد القوات القتالية المزودة بأحدث العتاد والأسلحة الغربية، وبما يفي بمتطلبات "تحرير" المناطق الساحلية والأراضي التي استولت عليها القوات الروسية منذ بداية العمليات العسكرية في 24 فبراير (شباط) الماضي، على حد قوله. 

وقد جاء ذلك في توقيت مواكب لما تتسم به تحركات النخب الأوروبية التي لطالما وقفت وراء دعم السلطات الأوكرانية قبل وخلال الأيام الأولى للحرب من اضطراب وتردد على وقع ارتفاع درجة المعارضة والاحتجاج من جانب الشعوب الأوروبية تحت وطأة ما تعيشه الأغلبية من مشكلات الطاقة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والمواصلات.

الجنسية الروسية

وتقول المصادر الروسية إن الأشهر القليلة الماضية شهدت هجرة أوكرانية معاكسة من بلدان الجوار الأوروبية إلى روسيا، وهو ما قد يكون تفسيراً لما أصدره الرئيس فلاديمير بوتين من تعليمات ومراسيم تقضي بالعمل من أجل تبسيط إجراءات منح الجنسية الروسية إلى الأوكرانيين والسكان الدائمين من أوكرانيا إلى جانب مواطني "جمهوريتي" دونيتسك ولوغانسك. وذلك ما سارع إلى الاحتجاج عليه الرئيس الأوكراني الذي قال، إن مثل هذه الخطوات تتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية. وما يزيد من حدة "الأزمة" غير المعلنة ما كشفت عنه مصادر روسية وأوروبية حول وقوع كثير من الأسلحة الغربية الحديثة في أيدي "عصابات التجارة غير المشروعة" للأسلحة.

ونقلت وكالة "نوفوستي" عن قسطنطين غافريلوف رئيس الوفد الروسي للمحادثات بشأن الأمن العسكري والحد من التسلح في فيينا، تصريحاته حول "أن كثيراً من الأسلحة التي يجري إرسالها إلى أوكرانيا وجدت طريقها بالفعل الآن إلى السوق السوداء، وتذهب إلى الشرق الأوسط". وأضاف، "هناك خطر انتشار الأسلحة الصغيرة الخفيفة من منطقة الصراع، بخاصة الصواريخ الأميركية المحمولة الموجهة المضادة للدبابات (جافلين) وغيرها من المنظومات المضادة للدبابات، وكذلك منظومات الدفاع الجوي المحمولة" في إشارة إلى صواريخ "ستينغر" الأميركية. وذلك فضلاً عما يسقط في حوزة القوات الروسية والفصائل العسكرية التابعة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، ومنها وحسب تصريحات المصادر الرسمية، الذي لم يجر استخدامه بعد في العمليات القتالية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن اللافت في هذا الصدد أنه في الوقت الذي يواصل فيه الرئيس الأوكراني الشكوى من النقص في الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية الغربية الحديثة، كشف مكتب الأمن الاقتصادي الأوكراني عن كثير من حقائق إعادة بيع الأسلحة والمساعدات الإنسانية الواردة من الغرب. ونقلت صحيفة "غازيتا رو" الإلكترونية عن دينيس موناستيرسكي وزير الداخلية الأوكرانية ما قاله حول "التحقيق في حوالى 250 حالة سرقة للمساعدات الإنسانية في البلاد"، إلى جانب ما كشف عنه مكتب الأمن الاقتصادي الأوكراني من حالات بيع المساعدات الإنسانية والمنتجات العسكرية. وذكر فاديم ميلنيك مدير مكتب الأمن الاقتصادي الأوكراني حسب تقارير قناة "أوكرانيا 24" التلفزيونية، إن البضائع العسكرية تباع نقداً وهو ما جرى إثباته، مشيراً إلى فتح حوالى 12 قضية جنائية، ومنها ما يتعلق بسرقة السيارات والوقود والأدوية والسترات الواقية من الرصاص والمواد الغذائية المعدة للجيش الأوكراني. حتى الأسلحة "الدقيقة" التي يتجاوز سعرها ملايين الدولارات تباع وتشترى لقاء ما يزيد قليلاً على الـ 100 ألف دولار. 

تحرير المناطق الجنوبية

ومن هنا يتساءل كثيرون في موسكو عن القدرات التي يمكن أن تستند إليها أوكرانيا في تهديداتها حول تحرير المناطق الساحلية الجنوبية التي تخضع لسيطرة القوات الروسية، وهي التي تعيش مثل هذه "الكوارث الاقتصادية". كما بادر كثير من المسؤولين الموالين لموسكو في هذه المناطق بتفنيد ودحض كل ما يقال حول احتمالات عودة هذه المناطق إلى التبعية المباشرة أو غير المباشرة لكييف. وقد بادر كيريل ستريموسوف نائب رئيس الإدارة العسكرية والمدنية لمقاطعة خيرسون، بإصدار بيان وصف فيه المخططات التي من المفترض أن يضطر المواطنون فيها إلى مغادرة مدينة خيرسون بـ "محاولة الإيقاع بسكان المنطقة في شرك الخداع والتضليل". وأضاف "نحن نبني روسيا في مدينة خيرسون ولن يخيفنا أحد أبداً"، بحسب تعبيره. 

ومن جانبه أصدر فلاديمير روجوف رئيس إدارة مقاطعة زابوروجيه بياناً وصف فيه التصريحات حول "ما يُزعم أنه يتم التحضير لهجوم مضاد" بأنه مظهر من مظاهر الذعر من منظور أن "نظام كييف يعاني خسائر وهزائم فادحة على خط المواجهة، في حين تقام حياة سلمية في الأراضي التي حررها الجيش الروسي والشعب لا يريد العودة تحت سيطرة أوكرانيا مرة أخرى ويرى مستقبله حصرياً في روسيا". أما على المستوى الفيدرالي في موسكو فقد وصف سيرغي تسيكوف، عضو لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الاتحاد تصريحات كييف بأنها "هجوم نفسي غير كفء". وقال "إن الهجوم المضاد، حتى لو تقرر في كييف، لن يكون له أي تأثير"، مؤكداً أن السلطات الأوكرانية تحاول بث الذعر بين السكان المدنيين. ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عنه قوله، "أنا متأكد من أن مقاطعتي خيرسون وزابوروجيه لن تظلا تحت السيطرة المستمرة لجيشنا وحسب، بل ستصبحان أيضاً جزءاً من الاتحاد الروسي، وذلك نظراً لأنهم سبق وأعربوا بأنفسهم مراراً عن رغبتهم في ذلك".

وعلى القدر نفسه من "الاستخفاف" الذي لقيته دعوة زيلينسكي إلى الاستعداد لتحرير المناطق الجنوبية من أوكرانيا، استقبلت موسكو ما صدر من تصريحات عن ليخ فاليسا الرئيس البولندي السابق يدعو فيها شعوب روسيا إلى الانتفاضة وتقسيم روسيا بما يمكن معه تخفيض عدد سكانها من المواطنين الروس إلى 50 مليون نسمة. وفيما بادر دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين إلى الإعلان أن تصريحات فاليسا حول "الحاجة إلى تقليص عدد الروس"، لا يمكن أن تؤثر في سيادة الاتحاد الروسي، سخر فلاديمير جباروف النائب الأول لرئيس لجنة العلاقات الدولية لمجلس الاتحاد من هذه التصريحات بقوله، "إن المنصب الرفيع الذي شغله فاليسا ذات يوم، لم يضف إليه "لا ذكاء ولا حكمة".

أما الصحف الروسية فقد تناولت هذه التصريحات بكثير من التفاصيل على غرار ما كتبته صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" تحت عنوان "أحلام المتقاعدين". وأشارت الصحيفة الروسية الأوسع انتشاراً، إلى أن فاليسا الذي أعرب أخيراً عن شكواه من الافتقار إلى أبسط سبل العيش، عاد إلى محاولات استعادة شعبيته من خلال تصريحات معادية للروس، يدعو فيها إلى تقليص تعداد سكان روسيا إلى ثلث ما هو عليه الآن، على اعتبار أن "هذا العدد من الروس لن يشكل تهديداً للغرب". ولم يتوقف فاليسا عند هذا الحد فقد مضى إلى ما هو أبعد بدعوته إلى الإطاحة بالنظام السياسي القائم بقوله، "يجب علينا إما تغيير النظام السياسي لروسيا أو تقليص عدد سكانها إلى ما لا يقل عن 50 مليون نسمة من طريق تقسيم شعوبها". 

ومن جانبها توقفت بمزيد من التفاصيل صحيفة "كوميرسانت" الروسية عند ما أدلى به فاليسا، الحائز جائزة نوبل للسلام، من تصريحات إلى صحيفة " لو فيغارو" الفرنسية بخاصة ما يتعلق بما قاله حول "ضرورة تقطيع أوصال روسيا اليوم وليس غداً"، على اعتبار أن ذلك سوف يكون ضماناً للأمن العالمي. قال فاليسا إن "هناك 60 دولة تم ضمها، تماماً مثل الأوكرانيين اليوم. سيكون من الضروري تربية هذه الشعوب المرتبطة بروسيا". وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن الزعيم البولندي السابق أعرب في حديثه إلى الصحيفة الفرنسية عن أسفه لأنه لم يُسمح له بـ "الإطاحة بروسيا" في عهد الرئيس الأول لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، ميخائيل غورباتشوف. وأضاف "قلنا لبعضنا بعضاً، كان هناك ستالين، بريجنيف، لكن غورباتشوف جيد. لذلك، تركنا الروس وشأنهم. كان خطأنا. أردت أن أفعل غير ذلك، لكنهم لم يسمحوا لي بالقيام به". 

وكانت مصادر روسية كشفت في برنامج "أمسية مع سولوفيوف" على القناة الإخبارية الروسية الرسمية "روسيا-24"، عن حلم بولندي قديم حول إقامة الإمبراطورية البولندية الكبرى التي يقول البولنديون "إن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على الحيلولة دون تحقيق هذا الحلم". وثمة من يقول إن ما يتخذه الرئيس البولندي أندريه دودا من قرارات، ومنها قراره حول فتح الحدود البولندية مع أوكرانيا، خطوة على طريق تحقيق حلم امتداد الدولة البولندية من البلطيق حتى البحر الأسود. 

وفي استعراضها للحديث ذاته أشارت قناة "روسيا اليوم" في موقعها الإلكتروني الصادر بالروسية إلى أن فاليسا أعرب عن يقينه بضرورة "تغيير النظام السياسي في البلاد وتدبير انتفاضة للشعوب" المنضوية في إطار الدولة الروسية. وأضافت القناة الروسية ما قاله حول ضرورة "تقطيع أوصال" روسيا من أجل ضمان الأمن العالمي، فيما أشارت إلى اعتراف الرئيس البولندي السابق حول "أن الغرب مهتم بتوسيع دوائر النفوذ، لكنه يحقق ذلك بالأساليب الديمقراطية". وكان فاليسا سبق وطالب "بحل الاتحاد الأوروبي وإعادة تشكيله مرة أخرى مع استبعاد بولندا والمجر من قوام الكيان الجديد"، دون الإشارة إلى الأسباب التي دعته إلى الجنوح نحو مثل هذه الفكرة.

المزيد من تقارير