Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصادم هادرون الكبير يعود إلى العمل ويكشف ثلاثة جسيمات نووية غرائبية

المنظمة الأوروبية للبحوث تتوقع اكتشاف المزيد من التركيبات الفائقة الصغر التي تتشكل منها المكونات الأساسية للذرة

رسم توضيحي لجسيم "بنتاكوارك" الجديد (سيرن)

ثمة ثلاثة جسيمات نووية فائقة الصغر كشف عنها في جنيف أخيراً علماء الفيزياء المنوطة بهم مهمة مراقبة البيانات المستقاة من تجربة يتعاون في إنجازها عدد كبير من خبراء "مُصادِم الهادرونات الكبير" Large Hadron Collider. وتسمى التجربة "بيوتي" [حرفياً، "الجمال" Beauty. ويشار إليها بحرف "بي" الذي تبدأ به تلك الكلمة بالإنجليزية]. وبالتالي، يشار إلى تلك التجربة أيضاً بـ"إلى آتش سي بي" LHCb، أو "مُصادِم الهادرونات الكبير بي".

[تشير التسمية إلى أنها دراسة تشمل نوع من الجسيمات يسمى "كوارك الجمال" Quark B أو "بيوتي كوارك". تجدر الإشارة إلى أن الكوارك هو فئة من الجسيمات الفائقة الصغر تتألف منها المكونات الداخلية للذرة، خصوصاً البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة. وهنالك أنواع عدة من الكواركات].

وكذلك أشار الإعلان الآنف الذكر الذي صدر في جنيف عن الجسيمات الثلاثة التي وصفت بأنها غرائبية، إلى أنها لم تكن معروفة سابقاً ما يعني أنها تشكل إضافة إلى قائمة متزايدة من الجسيمات المتناهية الصغر التي تتشكّل منها الذرات، وبالتالي مجمل المادة المعروفة في الكون.

[يطلق العلماء مصطلح هادرون على المُكوّنات الدقيقة داخل الذرة. وحينما تنفجر الذرة، يخرج منها طاقة كبرى إضافة إلى أنها تتفتت. وفي حالها قبل الانفجار، تتألف الذرة من إلكترونات تدور حول نواة فيها بروتونات ثقيلة بشحنة كهربائية إيجابية ونيوترونات ثقيلة بشحنة كهربائية متعادلة. وحينما تنفجر الذرة، تتفكك مكوناتها إلى "الفتافيت" التي كوّنتها، أي الجسيمات الفائقة الصغر التي توصف بأنها جسيمات تحت الذرية. ويعتقد بأن الكوارك بأنواعه المختلفة، هو المُكوّن الفائق الصغر في الذرة. وهنالك مكوّنات تشبهه وأصغر منه، لعل أشهرها هو "بوزون هيغز". وفي "مُصادِم هادرون الكبير، يجري تفتيت الذرات، مع إبقائها تحت سيطرة حقول مغناطيسية ضخمة، فتخرج طاقة كبيرة مختلطة مع سيول من الجسيمات الفائقة الصغر التي تعود، حين تبرد الطاقة، إلى الاندماج مع بعضها بعضاً، ويشبه ذلك ما يعتقد العلماء أنه حصل بعد لحظة "الانفجار الكبير" حين ابتدأ الكون في التشكل. وفي تجارب "مُصادِم هادرون" الذي يدرس الطاقة النووية أيضاً، يجري دفع نوع ما من المكونات الفائقة الصغر إلى سرعة تقارب سرعة الضوء، كي تتصادم مع بعضها، مع مراقبة ما ينجم عن ذلك. ويعني ذلك أن "مُصادِم هادرون الكبير" يدرس الطاقة الذرية والنووية بأنواعها كافة، والمادة بتكويناتها المختلفة. واستكمالاً، يشمل عمل ذلك المُصادِم المادة المضادة وطاقتها، وكذلك المادة المظلمة والطاقة المظلمة أيضاً].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطراداً، شملت الجسيمات الغرائبية الثلاثة المكتشفة حديثاً، التي تطرقت إليها بالتفاصيل ندوة عُقدت يوم الثلاثاء الماضي، مكوّن نووي سُميَّ "بنتاكوارك"pentaquark  [يعني أنه مكوّن من خمسة كوراكات، ليس بالضرورة أنها من النوع نفسه] لم يسبق للعلماء معرفته من قبل. وكذلك ضمت تلك القائمة أول زوجين معروفين من جسيمات "تتراكوارك" tetraquark يتألّف كل منهما من أربعة كواركات ينتميان إلى نوع جديد كلياً من الكواركات.

تحت الأرض في المنطقة الحدودية بين فرنسا وسويسرا قرب جنيف، تجري تجربة "الجمال" لـ"مُصادِم الهادرونات الكبير"، علماً أنها واحدة من أربع تجارب كبيرة يتولاها "مُصادِم الهادرون الكبير" في "سيرن"Cern  [الاسم المختصر لـ"المنظمة الأوروبية للبحوث النووية"]، المتخصص في دراسة الفروق الطفيفة بين المادةmatter  و"المادة المضادة"antimatter  من خلال دراسة الكواركات. ["المادة المضادة" في الفيزياء الذرية هي "مادة" تحمل مواصفات معاكسة للمادة التي نعرفها التي يتألف الكون كله منها. يُعتقد أن تصادم المادة والمادة المضادة يؤدي إلى فنائهما مع خروج طاقة ضخمة من تصادمهما. وكذلك يعتقد العلماء أن "الانفجار العظيم" تضمن خروج مفاجئ لطاقة لا متناهية، سرعان ما أخذت في الابتراد، فتكوّن منها المادة والمادة المضادة. وقد صارت الصورة أكثر تعقيداً مع اكتشاف المادة المظلمة والطاقة المظلمة].

وتذكيراً، إن الكواركات جسيمات أولية [تسهم في تكوين التراكيب التي تتألف منها الذرة] تأتي عموماً في ست "نكهات" [لأن هنالك أنواعاً وفئات من الجسيمات الأولية، يستعمل العلماء مصطلح "نكهة" في الإشارة إليها. ومثلاً، هنالك ستة نكهات للكواركات]، هي "فوق" و"تحت" و"ساحر" (شارم) و"غريب" و"قمة" و"قعر"، وتحمل خصائص داخلية مختلفة كالشحنة الكهربائية والكتلة والدوران.

يشرح العلماء في "المنظمة الأوروبية للبحوث النووية"، أن الكواركات تتحد معاً في مجموعات من جسيمين وثلاثة جسيمات منها لتشكيل هادرونات، وأكثرها ثباتاً البروتونات والنيوترونات التي تشكل نواة الذرات.

في حالات نادرة، تتحد الكواركات أيضاً في جسيمات من أربعة كواركات، أو "تتراكواركات" tetraquarks، وخمسة كواركات أو "بنتاكواركات" pentaquarks، وهي ما يشكّل الهادرونات "الغرائبية" [يعني ذلك أنها تتمتع بتركيب غير تقليدي].

وفي حين أن النظريات بشأن هذه الجسيمات الغرائبية قد وُضِعَتْ في الماضي، قبل حوالي 60 عاماً، يشير الباحثون إلى إن هذه الجسيمات قد رصدت من طريق تجربة "الجمال" في "مُصادِم الهادرونات الكبير" [تعتبر تلك التجربة واحدة من ثمانية تجارب أساسية ينهض بها مُصادِم هادرون. وتتمحور حول "كوارك بي" المُسمّى بكوارك القعر أو كوارك الجمال]، وتجارب أخرى جرت منذ وقت قريب نسبياً، أي أنها حدثت خلال العشرين عاماً الماضية تقريباً.

 

وكذلك أوضح علماء في "سيرن" إن معظم ما اكتشف في أوقات سابقة من التراكيب الرباعية والخماسية للكواركات، أي "تتراكوارك" و"بنتاكوارك" توالياً، جاءت من اتحادات لكوارك من نوع "ساحر" (شارم)، وكوارك المادة المُضادة من النوع نفسه، أي كوارك مُضاد ساحر، "أنتي شارم كوارك". ويُضاف إلى التراكيب الرباعية والخماسية للكواركات التي اكتشفت في أوقات سابقة، نوعين أو ثلاثة تراكيب مُشابهة تتألف من كواركات من أنواع "فوق" و"تحت" أو "غريب"، أو أنها تكوّنت مما يوازي تلك الأنواع من كواركات المادة المُضادة، أي "أنتي كوارك".

واستطراداً، لكل نوع أو نكهة من الكواركات هنالك كوارك أو نكهة مُضادة [بمعنى أنها تنتمي إلى المادة المُضادة]. ولا تختلف كواركات المادة المُضادة عن كواركات المادة المعروفة، إلا في بعض خواصها كالشحنة الكهربائية، إذ يكون للكوارك المضاد الطاقة الكهربائية التي يملكها الكوارك لكنها تعاكسها في طبيعتها. [إذا كانت شحنة كوارك إيجابية تكون الشحنة سلبية لدى الكوارك المُضاد الموازي له].

في السنتين الماضيتين، اكتشف الباحثون "تتراكوارك" مكوناً من إثنين من "كوارك ساحر" واثنين من "كوارك ساحر مضاد"، كذلك عثروا على مجموعتين من التراكيب الرباعية المفتوحة للكوراكات [تشير كلمة "مفتوح" إلى تركيبة تتألف من مجموعات متنافرة من الكواركات]، قوامها "كوارك مضاد ساحر"، و"كوارك علوي"، و"كوارك سفلي"، و"كوارك مضاد غريب".

ووفق منسق قسم الفيزياء في تجربة "الجمال" لـ"مُصادِم الهادرونات الكبير"، نيلز تونينغ، "كلما خضنا علميات تحليل أكثر، وجدنا مزيداً من أنواع الهادرونات الغرائيبة. نشهد فترة من الاكتشاف تشبه فترة الخمسينيات من القرن العشرين، حينما بدأ اكتشاف ما سُميّ "حديقة حيوان الجسيمات" من الهادرونات [تشبيه يقصد منه الإشارة إلى التنوّع الكبير في الجسيمات التي تندرج تحت تصنيف الهادرون] وقادت في النهاية إلى نموذج الكوارك quark model في تصنيف الهادرونات التقليدية خلال ستينيات القرن العشرين. في الواقع، إننا بصدد إنشاء "حديقة حيوان الجسيمات 2.0".

في العام الماضي، وجد الباحثون أيضاً أول مثل على الإطلاق من الـ"تتراكوارك الساحر المفتوح المزدوج" مع كواركين من نوع "ساحر" و"كوارك مضاد علوي" و"كوارك مضاد سفلي".

وفق العلماء، تسمية "ساحر مفتوح" تعني أن الجسيم يحتوي على كوارك ساحر من دون وجود كوراك مُكافئ له، أو "كوارك مضاد ساحر".

في النتائج الأكثر حداثة المشار إليها آنفاً، تحدث العلماء في جنيف عن أنواع جديدة من تراكيب الهادرونات الغرائبية.

تتمثّل إحدى تلك الأنواع في تركيبة كواركات خماسية ("بنتاكوارك")، مكونة من "كوارك ساحر" و"كوارك مضاد ساحر" و"كوارك علوي" و"كوارك سفلي" و"كوارك غريب". وتمثّل تلك المجموعة أول تركيبة خماسية للكواركا تحتوي على "كوارك غريب".

وتجسد النوع الثاني في تركيبة رباعية من الكواركات ("تتراكوارك") تحمل شحنة كهربائية مضاعفة، وهي تركيبة "تتراكوارك مفتوح" مكون من "كوارك ساحر"، و"كوارك مضاد غريب"، و"كوارك علوي" و"كوارك مضاد سفلي".

وقد رصد العلماء هذه التركيبة الرباعية مترافقة مع تركيبة نظيرة لها لكنها محايدة في شحنتها الكهربائية.

وأخيراً، خلص المتحدث باسم تجربة "الجمال" لـ"مُصادِم الهادرونات الكبير" كريس باركس، إلى أن "العثور على أنواع جديدة من تراكيب الكواركات الرباعية والخماسية، وكذلك قياس خصائصها، سيساعد واضعي النظريات على تطوير نموذج موحد بشأن الهادرونات الغرائبية، وطبيعتها الدقيقة الغامضة جداً. كذلك ستساعد في التوصل إلى فهم أفضل للهادرونات التقليدية".

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 6 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من علوم