Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ثلاثة سيناريوهات قد تحدد مصير رئيس الحكومة البريطانية

الطامحون إلى زعامة حزب المحافظين يعلمون أنهم يكسبون نقاط إضافية من نواب الحزب وناشطيه لإظهارهم الشجاعة الكافية لإعلان استقالتهم، لكن إذا فشل الانقلاب الحكومي فإن مستقبلهم السياسي قد يتداعى

سيحاول بوريس جونسون يائساً التمسك بوزراء آخرين، مع العلم أن فقدان واحد أو اثنين من كبار الشخصيات سيوجه له ضربة قاضية لمسيرته السياسية (غيتي).

يبدو أن انقلاباً حكومياً ضد بوريس جونسون في طور التنفيذ بعد الاستقالة الدرامية لكل من وزير الخزانة ريشي سوناك وساجد جاويد الذي كان وزيراً سابقاً للخزانة أيضاً.

إن كابوس جونسون يكمن في أن آخرين قد يلحقون [بسوناك وجاويد] مما يجعل من الصعب عليه أن يمضي جريحاً كرئيس للوزراء، بغض النظر عن قدر تردده في إعلان استعداده على الاستقالة.

لقد ساد طوال يوم الثلاثاء في الخامس من يوليو (تموز) في حي ويستمنستر الحكومي وسط لندن جواً ينذر بـ "نهاية العالم"، فيما كان وزراء موالون سابقاً لجونسون ونواب محافظون جالسون على المقاعد الخلفية في البرلمان كانوا قد دعموا رئيس الوزراء لدى خضوعه الشهر الماضي لامتحان الثقة بقيادته، يقولون في أوساطهم الخاصة إنهم لا يمكنهم الدفاع عما لا يمكن الذود عنه بعد سوء إدارة رئيس الوزراء لفضيحة "كريس بينشر" [Chris Pincher].

نواب المقاعد الخلفية رفعوا حدة مطالباتهم وزراء الحكومة بالاستقالة من أجل الاطاحة بجونسون، لكن هؤلاء جميعهم متفقون على أن فرص تطور الأمور في هذا الاتجاه لا تزال ضعيفة في المدى القريب.

والآن لقد قام كل من وزير الخزانة ووزير الصحة بالاستجابة لتلك الضغوط وبادرا إلى إعلان استقالتهما، ويعتبر الرجلان حلفاء لدى كل منهما طموحات في شغل منصب رئيس الحكومة.

مما لا شك فيه أن من تبقى من حلفاء جونسون سيعتقدون أن خطوة سوناك وجاويد تصب في إطار الإعداد لخلافته، وكان سوناك في الماضي الرجل الثاني بعد جاويد على رأس وزارة الخزانة البريطانية، ونجح في الفوز بترفيع مفاجئ إلى منصب وزير المالية عندما استقال جاويد في العام 2020 بعد خسارته في نزاع على السلطة ضد دومينيك كامينغز كبير مستشاري رئيس الوزراء جونسون في حينه.

لقد كان كل من سوناك وجاويد شديدي القسوة في رسالتي استقالتهما التي يقول مقربون منهما إنها لم تكن استقالة منسقة، وإن كان قد تم الإعلان عنها بعد ظهور جونسون في مقابلة متلفزة واجه فيها الانتقادات الموجهة إليه، نافياً كذبه بخصوص "فضيحة بينشر"، وقال سوناك في رسالة الاستقالة إن نهج عمل الحكومة "لم يكن يتم بشكل سوي وبمهنية وجدية"، فيما قال جاويد في استقالته إن الجمهور "يستحق وعن وجه حق أن تكون حكومتهم نزيهة"، مضيفاً أنه وبقيادة جونسون ينظر إلى حزب المحافظين على أنه حزب لا يتمتع بشعبية ولا يتحلى بالكفاءة [اللازمة].

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثلاثة سيناريوهات تلوح حالياً في أفق الأزمة الحكومية، أولاً أن أي استقالات إضافية من شأنها إجبار جونسون على قبول مسألة أنه سيكون عاجزاً عن تشكيل حكومة تكون ذات صدقية.

نائب رئيس الحكومة دومينيك راب يبدو عاقد النية على البقاء إلى جانب رئيس الحكومة، وجونسون سيسعى حثيثاً إلى جذب مزيد من الوزراء إلى معسكره لأنه يعلم أن خسارة وزير أو وزيرين إضافيين من كبار أعضاء الحكومة قد يؤشر إلى نهايته.

في الأغلب فإن استقالة سوناك وجاويد هي مجرد مقدمة لما ستؤول إليه الأمور، فالوزراء الآخرين الذين لديهم طموحات بتولي رئاسة الحكومة ومن ضمنهم الوزيرة ليز تراس ووزير الدفاع بن والاس ووزير التعليم [سابقاً ووزير الخزانة الجديد] نديم زهاوي، إضافة إلى الوزيرة بيني موردانت قد يكونون بصدد تقويم ما هو الأفضل لهم (مصالحهم الشخصية) وما يخدم ومصلحة الحزب والبلاد. (حتى الآن يبدو أن تراس ووالاس ملتزمين الوقوف إلى جانب جونسون تماماً كما قرر كل من مايكل غوف وبريتي باتيل).  

إن الطامحين بزعامة الحزب يعلمون أنهم قد يكسبون نقاطاً إضافية [مزيداً من الدعم يعزز فرصهم] من نواب الحزب وناشطيه لإظهارهم الشجاعة الكافية لإعلان استقالتهم، لكن إذا فشل الانقلاب الحكومي فإن مستقبلهم السياسي قد يتأذى، إذ ستتم محاسبتهم على عدم وفائهم عبر انضمامهم إلى مؤامرة الإطاحة بالملك.

حتى عشية يوم الثلاثاء كان أحد الأسباب الذي يجعل أعضاء الحكومة مترددين في التحرك ضد جونسون هو عرف حزبي يقول "إن من يمسك بالخنجر لن يكسب التاج" [في إشارة إلى فوزه بالسلطة بعد تسببه في الإطاحة بالزعيم] كان مايكل هيزيلتاين هو من تحدى زعامة رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر عام 1990، لكن جون ميجور نجح في خلافتها (وليس هيزيلتاين)، وهذا الأمر قاعدة لا تصيب على الدوام، إذ كانت مارغريت تاتشر فازت بزعامة حزب المحافظين عام 1975 بعدما تحلت بالشجاعة وقامت في تحدي رئيس الحكومة في تلك الفترة إدوارد هيث (ثم نجحت في قيادة الحزب بعد الإطاحة به).

إن لجنة 1922 الناظمة لعمل نواب حزب المحافظين في البرلمان يمكنها أن تلعب دوراً في الإطاحة بجونسون حتى من دون الحاجة إلى إجراء تصويت جديد على الثقة برئيس الوزراء، يمكن لغراهام برايدي رئيس اللجنة أن يعلم رئيس الحكومة أنه خسر دعم معظم نواب الحزب، وفي التصويت الأخير قال 148 نائباً محافظاً إنهم فقدوا الثقة بجونسون، ويجب انحياز 32 نائباً ضد رئيس الوزراء كي يخسر هذا الأخير ثقة معظم نواب حزبه، وعندها يمكن لبرايدي أن يتدخل إذا لاحظ أن أغلبية من أصل 360 نائباً محافظاً في البرلمان يطالبون بإجراء تصويت جديد على الثقة بجونسون.

السيناريو الثاني هو أن ينجح جونسون في الحؤول دون حصول موجة استقالات جديدة، وعندها سيتطلع جونسون إلى بدء الإجازة البرلمانية المتوقع أن تبدأ في الـ 21 من يوليو (تموز) [كفترة لا يمكن خلالها استمرار محاولات الإطاحة به].

إن استقالة كل من سوناك وجاويد قد تشجع المستائين من حزب المحافظين الراغبين في فرض تصويت جديد على الثقة قبل حلول موعد العطلة البرلمانية، وهو أمر في المستطاع تحقيقه إذا تم تغيير القواعد الناظمة، وحالياً القاعدة تحظر أن يتعرض الزعيم الحالي لأكثر من عملية تصويت واحدة على الثقة فيه خلال فترة الـ 12 شهراً، لكن جونسون قد يتمكن من الصمود حتى موعد العطلة البرلمانية وهو ما سيمنحه فرصة للتنفس وصد أي مساعِ إلى طرح الثقة فيه على التصويت قبل بدء الموسم البرلماني الجديد مطلع سبتمبر (أيلول)، وحينها قد يسعى جونسون إلى تأخير عملية التصويت تلك إلى ما بعد انعقاد مؤتمر الحزب السنوي العام الذي سيلتئم مطلع أكتوبر (تشرين الأول) في برمينغهام، على أمل أن يلقى موقفه في ذلك الوقت دعماً غريزياً [الولاء بالفطرة] من ناشطي حزب المحافظين.

إن الخطر التالي الذي من شأنه تهديد بقاء جونسون قد يأتي على شكل تحقيق تجريه "لجنة الامتيازات في مجلس العموم[ Commons privileges committee  ]بمسألة ما إذا كان جونسون قد كذب على البرلمان بخصوص فضيحة "بارتي غايت" [المعروفة بحفلات مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت إبان إغلاق كورونا]. وإذا كتبت لجونسون النجاة بعد ذلك التحقيق فإن نتائج الانتخابات المحلية المقبلة في مايو (أيار) العام المقبل من شأنها أن توفر لخصوم جونسون أملهم الأخير للإطاحة به قبل موعد الانتخابات العامة المقبلة والتي من المقرر إجراؤها وفق أجندة قيادة حزب المحافظين في شهر مايو (أيار) من العام 2024.

السيناريو الثالث هو أن ينجح الناجي الكبير [جونسون] على الرغم من كل التطورات في البقاء في منصبه حتى موعد خوضه الانتخابات العامة المقبلة، وعندها وبعدما أظهر حزبه عجزاً في قدرته على الإطاحة به من منصبه، سيحصل المقترعون على فرصتهم.

تلك اللحظة تبدو اليوم بعيدة للغاية، وسيكون من الصعب جداً على جونسون بلوغها.

سوناك وجاويد الرجلان اللذان قاما بالخطوة لإسقاط جونسون هما من هواة أفلام "ستار وارز" Star Wars السينمائية، وهما سيتمكنان من الاستنتاج قريباً إذا كانت خطوتهما تلقى دعم بقية حزب المحافظين أم لا.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من