Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سر الصمود الأوكراني

كيف وحدت حكومة لا مركزية أطراف البلاد

متطوعون في تشيرنيهيف، أوكرانيا، أبريل (نيسان) 2022 (زهرة بنسمرا/ رويترز)

في أوائل مارس (آذار)، سقطت مدينة ميليتوبول الأوكرانية في أيدي القوات الروسية. وكانت هذه المدينة الناطقة بالروسية إلى حد بعيد مكاناً يأمل الكرملين في أن تلقى قواته الترحيب فيه بوصفها جاءت لتحريره. وفي أعقاب الاستيلاء على المدينة، اختطفت القوات الروسية عمدة المدينة إيفان فيودوروف، وهو روسي اللسان. ووزعت الحكومة الأوكرانية شريط فيديو يظهر فيه فيودوروف معصوب العينين أثناء جره إلى خارج مكتبه. وقد أدى ذلك إلى تظاهرات حاشدة للمطالبة بإطلاق العمدة. وفعلاً أُطلق سراحه في نهاية المطاف، وأشاد به الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كبطل، كما صار رمزاً للشجاعة في وجه العدوان الروسي.

لم يكُن جميع رؤساء البلديات محظوظين كما فيدوروف. ففي قرية موتيجين في ضواحي كييف، تعرضت أولغا سوخينكو، وهي العمدة، مع عائلتها للتعذيب والقتل على أيدي القوات الروسية لأنهم رفضوا التعاون. وبعد احتلال القرية لمدة شهر، سحبت روسيا قواتها منها. وواجهت القوات الروسية في أنحاء أوكرانيا مقاومة عنيدة، إذ التفّ المواطنون ليس فقط لدعم زيلينسكي في كييف ولكن أيضاً للدفاع عن عمدات بلداتهم ومجالسهم البلدية المنتخبة. ولهذا السبب، أصبح العالم يعرف أسماء عدد من المدن الأوكرانية، بما في ذلك خاركيف وخيرسون ولفيف وماريوبول وبوتشا وهوستومل وإربين، التي شهدت جرائم حرب يندى لها الجبين. وفي خيرسون، التي هي تحت السيطرة الروسية منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر، أظهر تفجير مقهى قريب من مقر القيادة الروسية أن حركة مقاومة لا تزال حية ونشيطة هناك. وتحصل هجمات حرب العصابات الأوكرانية في مناطق أخرى محتلة من قبل الروس، أيضاً، لا سيما حول خيرسون.

وإن هذا الإحساس القوي بالهوية المدنية المحلية هو أحد المصادر الرئيسة لقوة أوكرانيا. إنه العمود الفقري لـ[قدرة] البلاد على الدفاع عن نفسها، كما أنه يساعد على تفسير سبب الاستعداد الكامل لدى كثرٍ من الأوكرانيين، خصوصاً الناطقين منهم بالروسية، للدفاع عن مجتمعاتهم ضد الغزو الروسي. وليس من قبيل الصدفة أن الحكومات المحلية تتمتع بقدر كبير من السلطة. الإصلاحات نحو اللامركزية لعبت دوراً محورياً في بناء الوحدة الوطنية، وقد تم تبنّيها في أعقاب ثورة "الميدان" [ساحة الاستقلال] عام 2014، التي أطاحت حكومة فيكتور يانوكوفيتش المدعومة من قبل الروس وباتت تُعرف باسم "ثورة الكرامة". توزيع السلطة أسهم في خلق تماسك اجتماعي أكبر من خلال تغيير علاقة الهويات الإثنية المتنافسة من التنافس الصفري الذي يؤدي إلى خسارة أحد الأطراف إلى التنافس الإيجابي الذي يخلق الفخر المجتمعي. وجود حكومة أقل مركزية أعطى الأوكرانيين إحساساً بأنهم يسهمون في بناء بلادهم.

والمفارقة أن أوكرانيا قد عززت دولتها من خلال توزيع السلطة. وجرى بناء الشرعية السياسية في أوكرانيا من قبل مواطنين من القاعدة فما فوق، وينبغي على أوكرانيا أن تواصل تركيزها على المستوى المحلي في الوقت الذي تنظر في قضية إعادة بناء البلاد عندما تنتهي الحرب.

 

 

لم يكن الوضع هكذا على الدوام

على الرغم من أن الديمقراطية كانت علامة فارقة لأوكرانيا منذ نيلها الاستقلال عام 1991، فإن السلطة غالباً ما كانت تتركز في أيدي قلة من الأشخاص. وبحلول عام 2014، كانت البلاد غارقة في الفساد. فقد تحكمت الأوليغارشية بالأحزاب السياسية وبوسائل الإعلام. هكذا، وبعد مرور عقدين على الاستقلال تحولت أوكرانيا إلى واحدة من أكثر دول أوروبا فقراً. واعتقد عدد من الأوكرانيين، لا سيما الشباب منهم، أن إقامة علاقات أقوى مع أوروبا والابتعاد عن روسيا من شأنهما أن يولّدا الازدهار والقطيعة مع الماضي.

في ذلك الوقت، كانت حكومة يانوكوفيتش تمثل كل الآفات التي تعاني منها أوكرانيا. وقد رمزت مزرعة النعام والمرحاض المصنوع من ذهب في القصر الرئاسي إلى التعفن الذي ترسخت جذوره في أوساط النخبة السياسية. وعام 2014، أوقف يانوكوفيتش الجهود الرامية إلى توقيع اتفاقية شراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، وسعى بدلاً من ذلك إلى الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي الأوراسي المدعوم من جانب روسيا. وأثار هذا التصرف تظاهرات واسعة النطاق، التي صارت في نهاية الأمر حركة "الميدان". ووصلت الاحتجاجات في كييف وفي أنحاء البلاد إلى ذروتها في "ثورة الكرامة" عام 2014، التي أدت إلى خلع يانوكوفيتش وفراره إلى موسكو، حيث لا يزال يعيش حتى اليوم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن بذور العمل الجماعي المحلي الذي أثبت أهميته المحورية في الحرب الحالية، غُرست عام 2014، في حين أنه من الشائع أن نفترض بأن ثورة "الميدان" انحصرت في الساحة المركزية في كييف، عاصمة أوكرانيا، فإن الثورة انتشرت في عشرات المدن في أنحاء المناطق الأوكرانية، تحدى فيها المواطنون الحكومات المحلية، داعين إلى [قيام] أوكرانيا غربية الهوى. وتسارعت تلك العملية بعدما غزت روسيا شبه جزيرة القرم وضمتها إليها لاحقاً. وطورت المجتمعات المحلية والمجتمع المدني ممارسات ومنظمات جديدة من أجل مساعدة الأوكرانيين المهجّرين داخلياً، ومكافحة المعلومات الروسية المضلّلة، وتنظيم [عملية تقديم] مساعدات لوجستية للجيش الأوكراني.

وفي أعقاب حركة "الميدان"، سعى الأوكرانيون إلى إصلاح حكومتهم وجعلها أكثر استجابة لتطلعات الناس. ونشأ جيل جديد من السياسيين الذين دعوا إلى وضع حد للفساد المستشري. وركزت الإصلاحات على الحاجة إلى عمليات شراء [للمؤسسات الحكومية] تكون أكثر شفافية وخضوعاً للمساءلة وأقل مركزية. وآمن المواطنون أن بالاستخدام الكفوء للموارد والموازنات على المستوى المحلي من شأنه أن يحسّن مكانة البلاد. وشعر الأوكرانيون بالعجز عن القضاء على الأوليغارشيين، غير أنهم كانوا قادرين على تولي الحكم المحلي بأنفسهم.

تعالوا لنتوحد معاً

كان طريق أوكرانيا إلى اللامركزية خلّاقاً وفريداً. وبدلاً من أن تأتي اللامركزية من فوق، سمح قانون جديد عام 2015 للمجتمعات أن تنظم نفسها بنفسها بشكل طوعي في وحدات محلية جديدة سُمّيت بـ"هرومادا" hromadas [مجتمعات]. وعلى الرغم من وجود بعض المشكلات الصغيرة المؤقتة في البداية (لم تشكّل كل البلدات والقرى ’مجتمعاتها‘ على الفور)، فقد ظهر مزيد من "المجتمعات" في أنحاء البلاد بشكل تدريجي.

ورسخت الانتخابات الخاصة بهذه "المجتمعات" عامي 2015 و2020 هذا الإصلاح باعتبار أن الناس كانوا ينتخبون رؤساء بلدياتهم والقيادة المحلية ضمن حدود مجتمعاتهم المحلية الجديدة.

قبل إجراء هذه الإصلاحات، كان القسط الأكبر من الإيرادات التي يجري جمعها، يذهب إلى الحكومة المركزية. أما الآن، فإن 60 في المئة من الإيرادات المحلية تبقى على المستوى المحلي. هكذا، فإن اللامركزية في أوكرانيا غيّرت الحكم بالكامل من خلال السماح للسلطات المحلية بالاحتفاظ بمزيد من الموارد وإنفاقها بشكل مثمر أكثر على البنية التحتية ورفاه المجتمع. إن نشاطات كهذه كانت في السابق تخضع لسيطرة الحكومة المركزية، التي كانت غير كفوءة، إن لم تكُن فاسدة.

وإلى جانب القدرة على التحكم بالإيرادات، طرحت أوكرانيا عمليات وضع الموازنات التشاركية التي سمحت للمواطنين بأن يكون لهم رأي أكبر في كيفية إنفاق الموارد. وأظهر تحليل لهذه الإصلاحات من جانب كلية كييف للاقتصاد أن "المجتمعات" جمعت ضرائب محلية بشكل أكبر بكثير مما جُمع منها قبل عملية الإصلاح. وكان هذا يعني أن السلطات المحلية كانت تنفق أكثر على البنية التحتية وأن المواطنين تمتعوا برقابة أكبر على ماهية البنية التحتية التي يجري بناؤها.

وقد بيّنت بحوث وجود زيادة في دخل الفرد في المناطق السكانية التي شكلت "المجتمعات" (هرومادا)، مقارنة بغيرها من الوحدات الإدارية في الفترة ذاتها. وكان هذا التأثير أقوى في "المجتمعات" الأصغر وهو ما خالف توقعات عديد من السياسيين ممن يفضلون بصورة اعتيادية الوحدات الإدارية الأكبر. وأدى ذلك إلى جعل الناس أكثر فخراً ورضا عن الخدمات المحلية، كما أسهم في خلق قدر أكبر من الدعم للإصلاح بعينه.

وكشفت استطلاعات الرأي أنه في عام 2020، اعتبر 59 في المئة من المشاركين أن هذا الإصلاح كان ذا قيمة كبيرة. وعلاوة على هذا، قال 19 في المئة من المشاركين في استطلاعات عام 2015 إن حياتهم تحسّنت بسبب الإصلاح، فإن هذه النسبة ارتفعت إلى 59 في المئة عام 2020. وخلاصة القول هي إن الحكم المحلي غيّر كيفية رؤية المواطنين لدولتهم تغييراً كاملاً.

دفاع المتطوعين

أطلقت حركة "الميدان" العنان للمجتمع المدني الأوكراني النابض بالحياة. وتعاظمت قوة التحرك نحو اللامركزية في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم ومقاطعتي لوغانسك ودونيتسك عام 2014، ما أزاح الستار عن كيفية تسبب الفساد وضعف الدولة في تدهور القوات المسلحة الأوكرانية، التي كان أداؤها ضعيفاً جرّاء التدريب المتواضع الذي تلقته وافتقارها إلى الأسلحة والدروع. وإذ أدركوا مدى الضعف الذي كان الجيش يعاني منه، أخذ الأوكرانيون زمام المبادرة بأيديهم وشكلوا ألوية متطوعين. وكانت هذه الميليشيات المحلية قادرة على الدفاع عن الأراضي لأنها تشكّلت من متطوعين كانوا يقاتلون من أجل مجتمعاتهم. وإدراكاً منه لمدى قوتها [الميليشيات] والحاجة إلى إصلاح القوات المسلحة، دمج بيترو بوروشينكو، الذي كان رئيس البلاد حينذاك، هذه الوحدات اللامركزية، ذاتية التنظيم، في وزارة الدفاع من خلال فرع جديد [تم إنشاؤه لاستيعابها و] أُطلق عليه اسم قوات الدفاع المحلية Territorial Defense Force.

وفي يناير (كانون الثاني)، وبينما كان الروس يحشدون على حدود أوكرانيا على مرأى ومشهد من العالم أجمع، دخلت القوانين الجديدة بشأن المقاومة الوطنية حيّز التنفيذ. وقدمت هذه القوانين، التي وقّعها زيلينسكي في صيف عام 2021، نظاماً لتحضير سكان البلاد من أجل المقاومة الوطنية. وسُمح بإخضاع مقاتلي المقاومة المدنية في البلاد للتدريب وبتجهيزهم من أجل حرب محتملة وذلك في وقت سابق للغزو الروسي. وبموجب إعادة التنظيم، جرى تشجيع المدنيين ممن كانت لهم تجربة عسكرية محدودة، أو معدومة، على الانضمام إلى هذه القوات المحلية التي كان سيجري الإشراف عليها من قبل أعضاء الخدمة النظامية.

وبعد الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط)، فعّل زيلينسكي  هذه الوحدات وبدأ توزيع الأسلحة على المتطوعين في أنحاء البلاد. وهناك اليوم 110 آلاف شخص في قوات الدفاع هذه. وبفضل القدرة على حشد [المقاتلين] بسرعة وعلى وضع الاستراتيجيات محلياً، لعبت هذه [الوحدات] دوراً فاعلاً في الدفاع عن بلدات ومدن ضد القوات الروسية.

أنفِق محلياً

يُظهر النموذج الأوكراني أن الجمع بين الديمقراطية واللامركزية يمكنه أن يقوي الحكومة المركزية، حتى حينما تنتقل السلطة بعيداً كنها. ومن المهم بشكل خاص إدراك ذلك، فيما تبدأ أوكرانيا بالتفكير بشأن مهمتها الضخمة المتعلقة بإعادة البناء عندما تنتهي الحرب.

وتعمل الحكومات والجهات المانحة المتعددة الأطراف، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، على تطوير خطط طموحة لإعادة إعمار أوكرانيا. ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك دور للحكومات المحلية في عمليات تصميم هذه الخطط وتطبيقها. لقد فشلت الولايات المتحدة في جهودها لإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع في العراق وفي أفغانستان في السنوات الأخيرة، وذلك لأنها عملت من خلال هياكلها التنظيمية الخاصة، من نوع فرق إعادة الإعمار الإقليمية. ونادراً أشركت فرق من هذا النوع صناع قرار محليين في نشاطاتها. وفي غالب الأحيان، اعتمدت واشنطن على جيوش جرارة من المتعهدين والمنظمات غير الحكومية من أجل تنفيذ هذا العمل، الأمر الذي تمخض عن إنشاء هياكل حكم ضعيفة وموازية أقامها المانحون. واشتملت هذه على هيئات التخطيط على مستوى المقاطعة والمحافظات، فضلاً عن مجالس تنمية مجتمعية بإدارة المانحين التي قوّض وجودها المرونة المحلية.

عززت أوكرانيا دولتها من خلال توزيع السلطة

يجب أن تكون الحكومات المحلية محور جهود إعادة إعمار أوكرانيا. وتشير الأدلة المبكرة إلى أن الفعل على المستوى المحلي يكون متجاوباً بشكل أكبر من الجهود الوطنية أو حتى الدولية مع معظم المسائل. كما أن المتطوعين المحليين أسرع بكثير في تأمين التمويل المحلي، وينفقون قدراً ضئيلاً على النفقات العامة، ويمكنهم أيضاً أن يعملوا انطلاقاً من نقاط أقرب إلى خطوط المواجهة الأمامية باعتبارهم يتمتعون بمعرفة أفضل محلياً من المنظمات الدولية.

وفي كثير من مجتمعات ما بعد الصراع، نتجت من عمليات ضخ كبيرة من المساعدات الخارجية مشاريع غير عملية أنشأها المانحون الذين لديهم أموال وموارد أكثر مما يتوافر عند الحكومات المحلية. ويخلق هذا فرصة لمشاريع إعادة البناء للدخول وإضعاف مؤسسات الحكم المحلي، ليس فقط من خلال اجتذاب أفضل المواهب وحرمانها منها، بل أيضاً عن طريق إعطاء الأجانب دوراً أكبر في ما يحصل للمجتمعات من الناس الذين يعيشون فيها. وهذا يثير الاستياء في أوساط السكان الذين لا دور لهم في ممارسة الرقابة على هذه المشاريع الأجنبية، الأمر الذي يعتبر مفارقة في بلاد خاضت حرباً في سبيل وضع حد للهيمنة الأجنبية.

إن من الضروري للغاية أن يتعلم المانحون الدوليون من إخفاقات إعادة الإعمار في الماضي ويعملوا من أجل دعم "المجتمعات" الأوكرانية وغيرها من أشكال الإدارة الحكومية المحلية باعتبارها قادرة على المساعدة في إعادة الإعمار. إن الأخيرة ليست منزهة عن الخطأ، غير أنها من خلال الوفاء بوعودها، رفعت درجة الرضا والثقة بالقيادة المحلية عن طريق ضمان إنفاق الموارد على من هو في أمس الحاجة إليها.

وخلافاً لمشاريع المانحين التي تأتي وتذهب، فإن هذه السلطات عرضة للمساءلة من قبل المواطنين الأوكرانيين وستبقى موجودة بينهم حين ينقشع الدخان. لقد حشدت هذه المجتمعات المواطنين لدحر الهجوم الروسي، وهي تستطيع أن تساعد أيضاً على ولادة أوكرانيا من جديد.

تيموفي بريك، رئيس كلية كييف للاقتصاد. وكان باحثاً زائراً في جامعة ستانفورد عام 2018 وفي جامعة نيويورك بين عامي 2019 و2020.

جينيفر بريك مورتازاشفيلي هي المديرة المؤسسة لمركز الحوكمة والأسواق، والأستاذة المساعدة في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية في جامعة بيتسبرغ.

مترجم عن "فورين أفيرز" يونيو (حزيران) 2022

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل