Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب... لعدم المغالاة في احتفالات عيد العرش

"للاحتفال بهذه المناسبة السعيدة بطريقة عادية من دون أي مظاهر إضافية أو خاصة"

ينفرد المغرب بطقوس خاصة في احتفالاته الملكية (رويترز)

على بُعد أسابيع من ذكرى عيد العرش في المغرب، أعلن بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، أن الاحتفالات بالذكرى العشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش ستجري وفق العادات والتقاليد المعتمدة. ودعا البلاغ "مختلف المؤسسات والهيئات والفعاليات الوطنية إلى تخليد هذه المناسبة السعيدة بطريقة عادية، من دون أي مظاهر إضافية أو خاصة".

احتفالات مبالغ فيها

أعاد البلاغ الصادر عن القصر الملكي إلى واجهة النقاش، المظاهر المصاحبة للاحتفال بعيد العرش التي غالباً ما ترصد لها بعض المؤسسات ميزانية مهمة بحسب مصادر اعتبرت أن "الاحتفالات المبالغ فيها" لا تناسب الوضعية الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها البلاد".

في هذا السياق، اعتبر المحلل السياسي حفيظ الزهري دعوة القصر الملكي للاحتفال بعيد العرش بطريقة عادية دعوة إلى عدم المغالاة والإسراف، ترشيداً للنفقات العمومية من جهة، ومن جهة ثانية إشارة سياسية واضحة من أعلى سلطة في البلاد إلى أن هناك تأسيساً لعهدٍ جديد تميزه علاقة وطيدة بين الحاكم والمحكوم، مبنية على الاحترام والتقدير بعيداً من المزايدات السياسية، بحكم أنه عيد لكل المغاربة من دون استثناء".

وقال الدكتور محمد بشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة إن إقدام القصر الملكي على إعادة النظر في بعض الإجراءات المصاحبة للاحتفال بعيد العرش، نابع من حرص الملك على الالتفات إلى قضايا المواطن وتحديات التنمية، وحمل المغرب بمؤسساته على الانخراط في عجلة التحديث والتغيير، وسط الحفاظ على أصالة الثقافة المغربية ومكوناتها التي تميز المغرب وسرّ قوته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

العرش والشعب

وأضاف بشاري "كان العرش دائماً والإسلام ركيزتين أساسيتين في ضمان وحدة واستقرار المغرب، لذلك كلّ تطورٍ يقع في المملكة، يتوجب أن يراعي هاتين الركيزتين، مضيفاً أنّ فكرة الاحتفال بعيد العرش منبثقة من الشعب، تجديداً لبيعة الأجداد للعرش العلوي".

الزهري من جانبه اعتبر أن عيد العرش من الأعياد الوطنية التي تحظى بأهمية خاصة لدى الشعب المغربي لما لها من رمزية كبيرة يُعَبر من خلالها عن تجديد البيعة لعاهل البلاد وما يرافق ذلك من طقوس ومراسيم وحفلات خاصة وعامة، تجعل من هذا العيد عيداً غير عادي. وتابع أنه من الناحية السياسية، عيد العرش هو بمثابة فرصة لتجديد البيعة من قبل أبناء الشعب، على اعتبار أنه مناسبة احتفالية لها جذورها التاريخية في المغرب منذ قيام الدولة.

طقوس البيعة

ويتفرد المغرب بطقوس خاصة، تختلف عمّا هو معمول به في باقي الأنظمة العربية والإسلامية، وحتى الغربية التي ترتكز على نظام ملكي، ومن بين الطقوس التي لم يطرأ تغيير كبير عليها، حفل الولاء الذي لا يزال يحتفظ به المغرب منذ أكثر من 12 قرناً، إذ كانت هيئة من العلماء تبايع الملوك في المغرب، واستمرت مع الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، ومع الملك الحالي محمد السادس.

وقال عبد الحق المريني، الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن "حفل الولاء التقليدي، الذي يُقام كل سنة في هذه المناسبة، كان يُنظم تاريخياً في عيدي الفطر والأضحى، وقد جعله الراحل الحسن الثاني، مرّة واحدة في السنة عند حلول عيد العرش ابتداء من السبعينيات من القرن الماضي، يحضره ممثلو الجهات والأقاليم ونوابها ورجال السلطة والمسؤولون عن القطاعات كافة.

وأوضح المريني أن هذا "القرار الملكي له مغزى عميق، لأن عيد العرش ليس في الحقيقة إلا احتفالاً بذكرى يوم البيعة، يوم التشبث بالثوابت الوطنية التاريخية".

المبايعة والمشور السعيد

في هذه المناسبة، جرت العادة أن يلبس الملك لباساً تقليدياً، ويمتطي الخيل، ويتوجه إلى الشارع الرئيس المجاور للقصر الذي يُسمى بـ "المشور السعيد"، ويتبعه خدام القصر والفرسان، ثم تجري تأدية تحية الولاء للملك، ويردد مقدم الحفل عبارات مشهورة للمبايعة كل سنة في الموعد ذاته، ويصطف المبايعون للملك بترتيب معين يكون محدداً سلفاً لتقديم الولاء له ومبايعته بطريقة تقليدية.

خطاب العرش وتأدية القَسم

وفي ذكرى الاحتفال بعيد العرش، يقام حفل يعطي فيه الملك أوسمة ملكية لبعض الشخصيات الوطنية والأجنبية، تقديراً لجهودها وعملها، ثم يلقي الملك خطاب العرش، فيختار موضوعاً يستأثر باهتمام الشعب المغربي، كما يذكّر الملك في خطابه بحصيلة الإصلاحات التي تحققت في السنة، ويوبّخ مؤسسات دستورية ارتكبت أخطاء ما، سواء الحكومة أو البرلمان، أو منتخبو الجهات والبلديات.

ويأتي بعد ذلك العشاء الملكي وتأدية القسم، الذي تجري فيه دعوة كبار أركان الدولة من السفراء والوزراء والأجانب من شتى المجالات، الثقافية والاقتصادية والسياسية إلى حفل عشاء ملكي فاخر. وفي اليوم التالي، يلقي الملك خطاباً بصفته رئيس أركان القوات المسلحة الملكية، ثم يؤدي الضباط الخريجون القسم أمامه، ويستعرضون التحيات العسكرية، وبعدها يترأس الأمير مولاي رشيد مأدبة عشاء للاحتفال بالضباط.

تخفيف من مظاهر البروتوكول

ومنذ توليه مقاليد الحكم في البلاد، بدا ملك المغرب متحرراً من الالتزام بعادات البلاط الملكي، وفي هذا الصدد يقول بشاري إنه سبق للملك محمد السادس أن اتخذ إجراءات عدة للتخفيف من ثقل مظاهر البروتوكول كتقبيل اليد أو الركوع، إلى تخصيص مصاريف إقامة الاحتفالات الوطنية، بما فيها احتفالات عيد العرش، لإنجاز مشاريع اجتماعية وتشجيع التنمية المستدامة مع الحفاظ على روح الطقوس المتبعة في عهد أسلافه .

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات